للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْ لِأَحَدِهِمْ فَهُوَ أَوْلَى وَلَوْ مُشْتَرَكًا يَنْبَغِي صَرْفُهُ لِلْمَيِّتِ. جَازَ تَيَمُّمُ جَمَاعَةٍ مِنْ مَحَلٍّ وَاحِدٍ.

حِيلَةُ جَوَازِ تَيَمُّمِ مَنْ مَعَهُ مَاءُ زَمْزَمَ وَلَا يَخَافُ الْعَطَشَ أَنْ يَخْلِطَهُ بِمَا يَغْلِبُهُ أَوْ يَهَبُهُ عَلَى وَجْهٍ يَمْنَعُ الرُّجُوعَ.

(وَنَاقِضُهُ نَاقِضُ الْأَصْلِ) وَلَوْ غُسْلًا،

ــ

[رد المحتار]

إمَامًا، لَكِنْ فِي السِّرَاجِ أَنَّ الْمَيِّتَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ غَسْلَهُ يُرَادُ لِلتَّنْظِيفِ وَهُوَ لَا يَحْصُلُ بِالتُّرَابِ. اهـ تَأَمَّلْ. ثُمَّ رَأَيْت بِخَطِّ الشَّارِحِ عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ أَنَّ الْأَوَّلَ أَصَحُّ وَأَنَّهُ جَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْخُلَاصَةِ وَغَيْرُهُ. اهـ. وَفِي السِّرَاجِ أَيْضًا لَوْ كَانَ يَكْفِي لِلْمُحْدِثِ فَقَطْ كَانَ أَوْلَى بِهِ؛ لِأَنَّهُ يَرْفَعُ حَدَثَهُ (قَوْلُهُ فَهُوَ أَوْلَى) ؛ لِأَنَّهُ أَحَقُّ بِمِلْكِهِ سِرَاجٌ (قَوْلُهُ يَنْبَغِي صَرْفُهُ لِلْمَيِّتِ) أَيْ يَنْبَغِي لِكُلٍّ مِنْهُمْ أَنْ يَصْرِفَ نَصِيبَهُ لِلْمَيِّتِ حَيْثُ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ لَا يَكْفِيهِ نَصِيبُهُ، وَلَا يُمْكِنُ الْجُنُبَ وَلَا غَيْرَهُ أَنْ يَسْتَقِلَّ بِالْكُلِّ؛ لِأَنَّهُ مَشْغُولٌ بِحِصَّةِ الْمَيِّتِ، وَكَوْنُ الْجَنَابَةِ أَغْلَظَ لَا يُبِيحُ اسْتِعْمَالَ حِصَّةِ الْمَيِّتِ فَلَمْ يَكُنْ الْجُنُبُ أَوْلَى، بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ الْمَاءُ مُبَاحًا فَإِنَّهُ حَيْثُ أَمْكَنَ بِهِ رَفْعُ الْجَنَابَةِ كَانَ أَوْلَى فَافْهَمْ.

[تَتِمَّةٌ] قَالَ فِي الْمِعْرَاجِ: وَالْأَبُ أَوْلَى مِنْ ابْنِهِ لِجَوَازِ تَمَلُّكِهِ مَالَ ابْنِهِ. اهـ (قَوْلُهُ جَازَ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَصِرْ مُسْتَعْمَلًا، إنَّمَا الْمُسْتَعْمَلُ مَا يَنْفَصِلُ عَنْ الْعُضْوِ بَعْدَ الْمَسْحِ قِيَاسًا عَلَى الْمَاءِ شَرْحُ الْمُنْيَةِ. وَنَحْوُهُ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ النَّهْرِ، وَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي الْحِلْيَةِ فَافْهَمْ.

(قَوْلُهُ وَلَا يَخَافُ الْعَطَشَ) إذْ لَوْ خَافَهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى حِيلَةٍ لِاشْتِغَالِهِ بِحَاجَتِهِ الْأَصْلِيَّةِ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ عَطَشَ غَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ الْقَافِلَةِ كَعَطَشِهِ وَإِنْ كَانَ لَا يَسْقِيهِمْ مِنْهُ، إذْ لَوْ اُضْطُرَّ أَحَدُهُمْ إلَيْهِ وَجَبَ دَفْعُهُ لَهُ فِيمَا يَظْهَرُ، وَلِذَا جَازَ لَهُ قِتَالُهُ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ بِمَا يَغْلِبُهُ) أَيْ بِشَيْءٍ يُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ مَاءً مُطْلَقًا كَمَاءِ وَرْدٍ أَوْ سُكَّرٍ مَثَلًا (قَوْلُهُ أَوْ يَهَبَهُ) أَيْ مِمَّنْ يَثِقُ بِأَنَّهُ يَرُدُّهُ عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ عَلَى وَجْهٍ يَمْنَعُ الرُّجُوعَ) كَذَا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ، لِقَوْلِ قَاضِي خَانْ: إنَّ قَوْلَهُمْ الْحِيلَةُ أَنْ يَهَبَهُ مِنْ غَيْرِهِ وَيُسَلِّمَهُ لَيْسَ بِصَحِيحٍ عِنْدِي؛ لِأَنَّهُ إذَا تَمَكَّنَ مِنْ الرُّجُوعِ كَيْفَ يَجُوزُ لَهُ التَّيَمُّمُ؟ قَالَ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ: وَهُوَ الْفِقْهُ بِعَيْنِهِ، وَالْحِيلَةُ الصَّحِيحَةُ أَنْ يَخْلِطَهُ إلَخْ.

قُلْت: لَكِنْ يَدْفَعُ هَذَا قَوْلُهُ: عَلَى وَجْهٍ يَمْنَعُ الرُّجُوعَ، أَيْ بِأَنْ تَكُونَ الْهِبَةُ بِشَرْطِ الْعِوَضِ. وَأَيْضًا فَقَدْ أَجَابَ فِي الْفَتْحِ بِأَنَّ الرُّجُوعَ فِي الْهِبَةِ مَكْرُوهٌ وَهُوَ مَطْلُوبُ الْعَدَمِ شَرْعًا، فَيَجُوزُ أَنْ يُعْتَبَرَ الْمَاءُ مَعْدُومًا فِي حَقِّهِ لِذَلِكَ وَإِنْ قَدَرَ عَلَيْهِ. قَالَ فِي الْحِلْيَةِ، وَهُوَ الْحَسَنُ.

أَقُولُ: عَلَى أَنَّ الرُّجُوعَ فِي الْهِبَةِ يَتَوَقَّفُ عَلَى الرِّضَا أَوْ الْقَضَاءِ. لَكِنْ قَدْ يُقَالُ: إنَّهُ مَا وَهَبَهُ إلَّا لِيَسْتَرِدَّهُ وَالْمَوْهُوبُ مِنْهُ لَا يَمْنَعُهُ إذَا طَلَبَهُ الْوَاهِبُ وَذَلِكَ يَمْنَعُ التَّيَمُّمَ. وَالْجَوَابُ: أَنَّهُ يَسْتَرِدُّهُ بِهِبَةٍ أَوْ شِرَاءٍ لَا بِالرُّجُوعِ فَلَا يَلْزَمُ الْمَكْرُوهَ، وَالْمَوْهُوبَ مِنْهُ إذَا عَلِمَ بِالْحِيلَةِ يَمْتَنِعُ مِنْ دَفْعِهِ لِلْوُضُوءِ، تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ وَنَاقِضُهُ نَاقِضُ الْأَصْلِ إلَخْ) أَيْ مَا جَعَلَ التَّيَمُّمَ بَدَلًا عَنْهُ مِنْ وُضُوءٍ أَوْ غُسْلٍ. وَاعْلَمْ أَنَّ كُلَّ مَا نَقَضَ الْغُسْلَ مِثْلُ الْمَنِيِّ نَقَضَ الْوُضُوءَ وَيَزِيدُ الْوُضُوءُ بِأَنَّهُ يَنْتَقِضُ بِمِثْلِ الْبَوْلِ، فَالتَّعْبِيرُ بِ نَاقِضُ الْوُضُوءِ كَمَا فِي الْكَنْزِ يَشْمَلُ نَاقِضَ الْغُسْلِ، فَيُسَاوِي التَّعْبِيرَ بِنَاقِضِ الْأَصْلِ كَمَا فِي الْبَحْرِ.

وَاعْتَرَضَهُ الْمُصَنِّفُ فِي مِنَحِهِ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ وَإِنْ نَقَضَ تَيَمُّمَ الْوُضُوءِ كُلُّ مَا نَقَضَ الْغُسْلَ، لَكِنْ لَا يَنْقُضُ تَيَمُّمَ الْغُسْلِ كُلُّ مَا نَقَضَ الْوُضُوءَ؛ لِأَنَّهُ إذَا تَيَمَّمَ عَنْ جَنَابَةٍ ثُمَّ بَالَ مَثَلًا فَهَذَا نَاقِضٌ لِلْوُضُوءِ لَا يَنْتَقِضُ بِهِ تَيَمُّمُ الْغُسْلِ بَلْ تَنْتَقِضُ طَهَارَةُ الْوُضُوءِ الَّتِي فِي ضِمْنِهِ، فَتَثْبُتُ لَهُ أَحْكَامُ الْحَدَثِ لَا أَحْكَامُ الْجَنَابَةِ فَقَدْ وُجِدَ نَاقِضُ الْوُضُوءِ وَلَمْ يَنْتَقِضُ تَيَمُّمُ الْجَنَابَةِ، فَظَهَرَ أَنَّ التَّعْبِيرَ بِنَاقِضِ الْأَصْلِ أَوْلَى مِنْ نَاقِضِ الْوُضُوءِ لِشُمُولِهِ التَّيَمُّمَ عَنْ الْحَدَثَيْنِ فَأَيْنَ الْمُسَاوَاةُ؟ ،. اهـ لَكِنْ فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ فِي الْمِنَحِ حَذْفُ الْمُضَافِ مِنْ بَعْضِ الْمَوَاضِعِ فَذَكَرْنَاهُ لِيَزُولَ الِاشْتِبَاهُ فَافْهَمْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>