للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(لَا يَمْلِكُ الْإِجَارَةَ) وَلَا الدَّعْوَى لَوْ غُصِبَ مِنْهُ الْوَقْفُ

ــ

[رد المحتار]

الْمُدَّةِ، فَهُوَ أَنَّ مُدَّةَ إجَارَتِهِ قَائِمَةٌ لَمْ تَنْقَضِ، وَقَدْ عَرَضَ فِي أَثْنَائِهَا مَا يُسَوِّغُ الْفَسْخَ وَهُوَ الزِّيَادَةُ الْعَارِضَةُ، فَإِذَا قَبِلَهَا وَرَضِيَ بِدَفْعِهَا كَانَ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ لِزَوَالِ ذَلِكَ الْمُسَوِّغِ فِي أَثْنَاءِ مُدَّتِهِ، فَلَا يَسُوغُ فَسْخُهَا وَإِيجَارُهَا لِغَيْرِهِ، بَلْ تُؤَجَّرُ مِنْهُ بِالزِّيَادَةِ الْمَذْكُورَةِ إلَى تَمَامِ مُدَّتِهِ ثُمَّ يُؤْجِرُهَا نَاظِرُ الْوَقْفِ لِمَنْ أَرَادَ وَإِنْ قَبِلَ الْمُسْتَأْجِرُ الْأَوَّلُ الزِّيَادَةَ لِزَوَالِ عِلَّةِ الْأَحَقِّيَّةِ وَهِيَ بَقَاءُ مُدَّةِ إجَارَتِهِ إلَّا إذَا كَانَ لَهُ فِيهَا حَقُّ الْقَرَارِ فَهُوَ أَحَقُّ مِنْ غَيْرِهِ، وَلَوْ بَعْدَ تَمَامِ الْمُدَّةِ لِهَذِهِ الْعِلَّةِ الْأُخْرَى كَمَا عَلِمْت.

وَبِهَذَا ظَهَرَ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ لِأَرْضِ الْوَقْفِ وَنَحْوِهَا مِنْ حَانُوتٍ أَوْ دَارٍ، إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ فِيهَا حَقُّ الْقَرَارِ الْمُسَمَّى بِالْكِرْدَارِ لَا يَكُونُ أَحَقَّ بِالِاسْتِئْجَارِ بَعْدَ فَرَاغِ مُدَّةِ اسْتِئْجَارِهِ، سَوَاءٌ زَادَتْ أُجْرَةُ الْمِثْلِ أَوْ لَا، وَسَوَاءٌ قَبِلَ الزِّيَادَةَ أَوْ لَا خِلَافًا لِمَا يَفْهَمُهُ أَهْلُ زَمَانِنَا مِنْ أَنَّهُ أَحَقُّ مِنْ غَيْرِهِ مُطْلَقًا، وَيُسَمُّونَهُ ذَا الْيَدِ وَيَقُولُونَ: إنَّهُ مَتَى قَبِلَ الزِّيَادَةَ الْعَارِضَةَ لَا تُؤَجَّرْ لِغَيْرِهِ وَيَحْكُمُونَ بِذَلِكَ وَيُفْتُونَ بِهِ مَعَ كَوْنِهِ مُخَالِفًا لِمَا أَطْبَقَتْ عَلَيْهِ كُتُبُ الْمَذْهَبِ مِنْ مُتُونٍ وَشُرُوحٍ وَفَتَاوَى بَلْ مُسْتَنَدُهُمْ إطْلَاقُ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ هُنَا، وَهُوَ بَاطِلٌ قَطْعًا لِمَا عَلِمْت مِنْ أَنَّهُ مُصَوَّرٌ فِي زِيَادَةِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ قَبْلَ انْتِهَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ كَمَا هُوَ صَرِيحُ عِبَارَاتِهِمْ، وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِإِطْلَاقِهِ وَلَا يَخْفَى مَعَ ذَلِكَ مَا فِيهِ مِنْ الْفَسَادِ وَضَيَاعِ الْأَوْقَافِ حَيْثُ لَزِمَ مِنْ إبْقَاءِ أَرْضِ الْوَقْفِ بِيَدِ مُسْتَأْجِرٍ وَاحِدٍ مُدَّةً مَدِيدَةً تُؤَدِّيهِ إلَى دَعْوَى تَمَلُّكِهَا، مَعَ أَنَّهُمْ مَنَعُوا مِنْ تَطْوِيلِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ خَوْفًا مِنْ ذَلِكَ كَمَا عَلِمْته، وَهَذَا خُلَاصَةُ مَا ذَكَرْته فِي رِسَالَتِي الْمُسَمَّاةِ بِتَحْرِيرِ الْعِبَارَةِ فِيمَنْ هُوَ أَوْلَى بِالْإِجَارَةِ، وَبِمُرَاجَعَتِهَا يَظْهَرُ لَك الْعَجَبُ الْعُجَابُ وَتَقِفُ عَلَى حَقِيقَةِ الصَّوَابِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الْمُنْعِمِ الْوَهَّابِ

مَطْلَبٌ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ لَا يَمْلِكُ الْإِجَارَةَ

(قَوْلُهُ: لَا يَمْلِكُ الْإِجَارَةَ) لِأَنَّهُ يَمْلِكُ الْمَنَافِعَ بِلَا بَدَلٍ فَلَمْ يَمْلِكْ تَمْلِيكَهَا بِبَدَلٍ وَهُوَ الْإِجَارَةُ وَإِلَّا لَمَلَكَ أَكْثَرَ مِمَّا يَمْلِكُ بِخِلَافِ الْإِعَارَةِ ط (قَوْلُهُ: وَلَا الدَّعْوَى لَوْ غُصِبَ مِنْهُ الْوَقْفُ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ دَعْوَى الْعَيْنِ فَقَطْ، مَعَ أَنَّ دَعْوَى الْغَلَّةِ كَذَلِكَ فَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: ادَّعَى الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ أَنَّهُ وَقْفٌ عَلَيْهِ لَوْ ادَّعَاهُ بِإِذْنِ الْقَاضِي يَصِحُّ وِفَاقًا، وَبِغَيْرِ إذْنِهِ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ وَالْأَصَحُّ: أَنَّهُ لَا يَصِحُّ لِأَنَّ لَهُ حَقًّا فِي الْغَلَّةِ لَا غَيْرُ، فَلَا يَكُونُ خَصْمًا فِي شَيْءٍ آخَرَ وَلَوْ كَانَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ جَمَاعَةً فَادَّعَى أَحَدُهُمْ أَنَّهُ وَقَفَ بِغَيْرِ إذْنِ الْقَاضِي لَا يَصِحُّ رِوَايَةً وَاحِدَةً، وَمُسْتَحِقُّ غَلَّةِ الْوَقْفِ لَا يَمْلِكُ دَعْوَى غَلَّةِ الْوَقْفِ وَإِنَّمَا يَمْلِكُهُ الْمُتَوَلِّي اهـ مَطْلَبٌ فِي دَعْوَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ

فَأَفَادَ أَنَّ دَعْوَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ فِي الْغَلَّةِ كَدَعْوَى عَيْنِ الْوَقْفِ، لِسَكِنْ تَعْلِيلُهُ لِلْأَصَحِّ بِأَنَّ لَهُ حَقًّا فِي الْغَلَّةِ لَا غَيْرُ يُفِيدُ صِحَّةَ دَعْوَاهُ بِهَا، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ عَدَمَ سَمَاعِ دَعْوَاهُ فِي الْغَلَّةِ إذَا كَانَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِمْ جَمَاعَةً بِخِلَافِ مَا إذْ كَانَ وَاحِدًا وَادَّعَى بِهَا لِأَنَّهُ يُرِيدُ إثْبَاتَ حَقِّهِ فَقَطْ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ بَعْدُ: مَا مَرَّ، وَلَوْ كَانَ الْوَقْفُ عَلَى رَجُلٍ مُعَيَّنٍ قِيلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>