(إلَّا بِتَوْلِيَةٍ) أَوْ إذْنِ قَاضٍ وَلَوْ الْوَقْفُ عَلَى رَجُلٍ مُعَيَّنٍ عَلَى مَا عَلَيْهِ الْفَتْوَى عِمَادِيَّةٌ لِأَنَّ حَقَّهُ فِي الْغَلَّةِ لَا الْعَيْنِ
ــ
[رد المحتار]
يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمُتَوَلِّيَ بِغَيْرِ إطْلَاقِ الْقَاضِي إذْ الْحَقُّ لَا يَعْدُوهُ، وَيُفْتَى بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ لِأَنَّ حَقَّهُ أَخْذُ الْغَلَّةِ لَا التَّصَرُّفُ فِي الْوَقْفِ اهـ فَإِذَا كَانَ حَقُّهُ أَخْذَ الْغَلَّةِ وَغَصَبَهَا غَاصِبٌ، يَنْبَغِي أَنْ لَا يُتَرَدَّدَ فِي سَمَاعِ دَعْوَاهُ عَلَيْهِ لِيَصِلَ إلَى حَقِّهِ وَفِي فَتَاوَى الْحَانُوتِيِّ: وَالْحَقُّ أَنَّ الْوَقْفَ إذَا كَانَ عَلَى مُعَيَّنٍ تَصِحُّ الدَّعْوَى مِنْهُ، وَظَاهِرُ سَمَاعِهَا عَلَى عَيْنِ الْوَقْفِ أَيْضًا وَلِذَا قَالَ فِي نُورُ الْعَيْنِ إنَّ الْغَلَّةَ نَمَاءُ الْوَقْفِ فَبِزَوَالِ الْوَقْفِ تَزُولُ الْغَلَّةُ فَيَصِيرُ كَأَنَّ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ ادَّعَى شَطْرَ حَقِّهِ فَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ رِوَايَةُ الصِّحَّةِ هِيَ الْأَصَحَّ. اهـ. وَاسْتَشْهَدَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ لِهَذِهِ الرِّوَايَةِ بِعِدَّةِ مَسَائِلَ عَنْ الْخَصَّافِ.
قُلْت: وَكَذَا فِي الْإِسْعَافِ ادَّعَى أَحَدُ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ بَاعَ الْوَقْفَ مِنْ الْغَاصِبِ وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ وَبَرْهَنَ، أَوْ نَكَلَ الْآخَرُ يُقْضَى عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ وَيَشْتَرِي بِهَا ضَيْعَةً تُوقَفُ كَالْأَوَّلِ اهـ وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ الْمُحِيطِ: أَرْضٌ فِي يَدِ رَجُلٍ يَزْعُمُ أَنَّهَا مِلْكُهُ فَادَّعَى قَوْمٌ أَنَّهُ وَقَفَهَا عَلَيْهِمْ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُمْ، وَحَكَمْت عَلَيْهِ بِالْوَقْفِ، وَأَخْرَجْتُهَا مِنْ يَدِهِ قَالَ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تَصْرِيحٌ بِأَنَّ الدَّعْوَى مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ صَحِيحَةٌ. اهـ.
قُلْت: وَبَقِيَ مَا لَوْ ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى الْمُتَوَلِّي بِأَنَّهُ مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ، وَأَنَّ لَهُ حَقًّا فِي غَلَّةِ الْوَقْفِ أَوْ بِأَنَّ حَقَّهُ فِيهَا كَذَا أَكْثَرُ مِمَّا كَانَ يُعْطِيهِ، وَيَنْبَغِي عَدَمُ التَّرَدُّدِ أَيْضًا فِي سَمَاعِهَا لِأَنَّهُ يَزِيدُ مُجَرَّدَ إثْبَاتِ حَقِّهِ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي الْإِسْعَافِ لَوْ مَنَعَ الْوَاقِفُ أَهْلَ الْوَقْفِ مَا سُمِّيَ لَهُمْ فَطَالَبُوهُ بِهِ أَلْزَمَهُ الْقَاضِي بِدَفْعِ مَا فِي يَدِهِ مِنْ غَلَّتِهِ اهـ وَكَذَا مَا سَيَذْكُرُهُ الشَّارِحُ بَعْدَ صَفْحَةٍ عَنْ الْمُصَنِّفِ وَالْخَانِيَّةِ وَذَكَرَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ فِي الْفَصْلِ السَّادِسِ مِنْ الْوَقْفِ عِدَّةَ مَسَائِلَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ مِنْهَا: دَعْوَاهُ أَنَّهُ مِنْ فُقَرَاءِ الْقَرَابَةِ فَرَاجِعْهُ، وَسَيَذْكُرُ الْمُصَنِّفُ أَنَّ بَعْضَ الْمُسْتَحِقِّينَ يَنْتَصِبُ خَصْمًا عَنْ الْكُلِّ إذَا كَانَ أَصْلُ الْوَقْفِ ثَابِتًا وَهُوَ صَرِيحٌ فِي صِحَّةِ دَعْوَى أَحَدِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ، وَلَمْ يُقَيِّدُوهُ بِإِذْنِ الْقَاضِي فَيُحْمَلُ مَا مَرَّ مِنْ عَدَمِ سَمَاعِهَا رِوَايَةً وَاحِدَةً عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ أَصْلُ الْوَقْفِ ثَابِتًا، وَهَذَا مُؤَيِّدٌ لِمَا قُلْنَاهُ مِنْ صِحَّةِ دَعْوَاهُ عَلَى الْمُتَوَلِّي بِأَنَّهُ مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ أَوْ بِاسْتِحْقَاقِهِ فَتَأَمَّلْ هَذَا
وَاعْلَمْ: أَنَّ عَدَمَ مِلْكِهِ الدَّعْوَى فِي عَيْنِ الْوَقْفِ لَا يُنَافِي قَبُولَ الشَّهَادَةِ لِأَنَّهَا تُقْبَلُ حِسْبَةً وَإِنْ لَمْ تَصِحَّ الدَّعْوَى كَمَا سَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ قَرِيبًا وَيَأْتِي بَيَانُهُ بَلْ سَيَأْتِي مَتْنًا أَنَّهُ لَوْ بَاعَ دَارًا ثُمَّ ادَّعَى أَنِّي كُنْت وَقَفْتُهَا أَوْ قَالَ وَقْفٌ عَلَيَّ لَمْ يَصِحَّ وَلَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً قُبِلَتْ وَيَأْتِي تَمَامُ الْكَلَامِ عَلَيْهِ. مَطْلَبٌ إذَا كَانَ الْوَقْفُ عَلَى مُعَيَّنٍ قِيلَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمُتَوَلِّي
(قَوْلُهُ: إلَّا بِتَوْلِيَةٍ) أَيْ بِأَنْ يَكُونَ مُتَوَلِّيًا مِنْ قَبْلُ أَوْ يَنْصِبَهُ الْقَاضِي مُتَوَلِّيًا لِيَسْمَعَ دَعْوَاهُ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَفِيهَا أَيْضًا أَنَّهُ تَصِحُّ دَعْوَى الْوَاقِفِ (قَوْلُهُ: أَوْ إذْنِ قَاضٍ) بِالدَّعْوَى وَالْإِيجَارِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ وَقَفَ عَلَى رَجُلٍ مُعَيَّنٍ إلَخْ) هَذَا فِي الدَّعْوَى وَقَدْ عَلِمْت بَيَانَهُ وَأَمَّا فِي الْإِيجَارِ، فَلَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْعِمَادِيَّةِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ، بَلْ قَالَ: الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِمْ لَمْ يَمْلِكُوا إجَارَةَ الْوَقْفِ، وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ: لَوْ كَانَ الْأَجْرُ كُلُّهُ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ، بِأَنْ كَانَ لَا يَحْتَاجُ إلَى الْعِمَارَةِ، وَلَا شَرِيكَ مَعَهُ فِي الْغَلَّةِ، فَحِينَئِذٍ يَجُوزُ فِي الدُّورِ وَالْحَوَانِيتِ، وَأَمَّا الْأَرَاضِيِ فَإِنْ شَرَطَ الْوَاقِفُ تَقْدِيمَ الْعُشْرِ وَالْخَرَاجِ وَسَائِرِ الْمُؤَنِ، وَجَعَلَ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ الْفَاضِلَ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُؤَجِّرَهَا لِأَنَّهُ لَوْ جَازَ كَانَ كُلُّ الْأَجْرِ لَهُ بِحُكْمِ الْعَقْدِ، فَيَفُوتُ شَرْطُ الْوَاقِفِ، وَلَوْ لَمْ يَشْتَرِطْ يَجِبُ أَنْ يَجُوزَ وَيَكُونَ الْخَرَاجُ وَالْمُؤَنُ عَلَيْهِ اهـ وَنَحْوُهُ فِي الْإِسْعَافِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute