وَيَجِبُ عَلَى الْحَاكِمِ أَمْرُ الْمُرْتَشِي بِرَدِّ الرِّشْوَةِ عَلَى الرَّاشِي غِبَّ الدَّعْوَى الشَّرْعِيَّةِ. الْكُلُّ مِنْ فَتَاوَى الْمُصَنِّفِ.
قُلْت: لَكِنْ سَيَجِيءُ فِي الْوَصَايَا وَمَرَّ أَيْضًا أَنَّ لِلْمُتَوَلِّي أَجْرَ مِثْلِ عَمَلِهِ فَتَنَبَّهْ.
لَوْ وَقَفَ عَلَى فُقَرَاءِ قَرَابَتِهِ لَمْ يَسْتَحِقَّ مُدَّعِيهَا وَلَوْ وَلِيًّا لِصَغِيرٍ إلَّا بِبَيِّنَةٍ عَلَى فَقْرِهِ وَقَرَابَتِهِ مَعَ بَيَانِ جِهَتِهَا، فَإِذَا -
ــ
[رد المحتار]
وَأَمَّا مِثْلُ الدَّجَاجِ فَيَجِبُ رَدُّهُ عَلَى أَصْحَابِهِ، وَهُوَ مَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: وَيَجِبُ عَلَى الْحَاكِمِ أَمْرُ الْمُرْتَشِي بِرَدِّ الرِّشْوَةِ عَلَى الرَّاشِي. مَطْلَبٌ فِيمَا يُسَمَّى خِدْمَةً وَتَصْدِيقًا فِي زَمَانِنَا
نَعَمْ إنْ كَانَ مَا يَأْخُذُهُ مِنْهُمْ تَكْمِلَةُ أَجْرِ الْمِثْلِ يَجِبُ صَرْفُهُ فِي مَصَارِفِ الْوَقْفِ وَذَلِكَ كَمَا يَقَعُ فِي زَمَانِنَا كَثِيرًا أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ إذَا كَانَ لَهُ كَدَكٌ أَوْ كِرْدَار فِي دُكَّانٍ أَوْ عَقَارٍ لَا يَسْتَأْجِرُ إلَّا بِدُونِ أَجْرِ الْمِثْلِ، وَيَدْفَعُ لِلنَّاظِرِ دَرَاهِمَ تُسَمَّى خِدْمَةً لِأَجْلِ أَنْ يَرْضَى النَّاظِرُ بِالْإِجَارَةِ الْمَذْكُورَةِ، فَهِيَ فِي الْحَقِيقَةِ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ فَلَوْ قُلْنَا يَرُدُّهَا عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ يَلْزَمُ ضَرَرُ الْوَقْفِ وَلَا تَحِلُّ لِلنَّاظِرِ لِأَنَّهُ عَامِلٌ لِلْوَقْفِ بِمَا شَرَطَهُ لَهُ الْوَاقِفُ، أَوْ الْقَاضِي س وَقَدْ صَرَّحُوا أَيْضًا بِأَنَّ النَّاظِرَ إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ أَخْذُ الْأُجْرَةِ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ وَظَفِرَ بِمَالِ الْمُسْتَأْجِرِ فَلَهُ أَخْذُ قَدْرِ الْأُجْرَةِ مِنْهُ فَهَذِهِ الْخِدْمَةُ إنْ كَانَتْ رِشْوَةً لَا يَجِبُ رَدُّهَا عَلَى الرَّاشِي حَيْثُ لَمْ يُمْكِنْهُ أَخْذُ أُجْرَةِ الْمِثْلِ مِنْهُ بَلْ عَلَيْهِ صَرْفُهَا فِي مَصَارِفِ الْوَقْفِ، وَبِهَذَا عُلِمَ حُكْمُ مَا يَفْعَلُهُ النُّظَّارُ فِي زَمَانِنَا مِنْ أَخْذِهِمْ مَا يُسَمُّونَهُ تَصْدِيقًا فِيمَا إذَا مَاتَ صَاحِبُ الْكَدَكِ أَوْ الْكِرْدَارِ فَيَأْخُذُ النَّاظِرُ مِنْ وَرَثَتِهِ دَرَاهِمَ لِيُصَدِّقَ لَهُمْ عَلَى انْتِقَالِ ذَلِكَ إلَيْهِمْ، وَكَذَا إذَا اشْتَرَى أَحَدَ ذَلِكَ يَأْخُذُ مِنْ الْمُشْتَرِي دَرَاهِمَ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ تَكْمِلَةَ أَجْرِ الْمِثْلِ، فَأَخْذُهُ جَائِزٌ إنْ صَرَفَهُ فِي مَصَارِفِهِ وَإِلَّا فَلَا وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ عَلَى الْحَاكِمِ إلَخْ) لَمْ أَجِدْهُ فِي نُسْخَتِي مِنْ فَتَاوَى الْمُصَنِّفِ (غِبِّ الدَّعْوَى الشَّرْعِيَّةِ) الْغِبُّ بِالْكَسْرِ عَاقِبَةُ الشَّيْءِ كَمَا فِي الْقَامُوسِ ط، وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ يَجِبُ لِأَنَّ وُجُوبَ الْحُكْمِ عَلَى الْحَاكِمِ بَعْدَ الدَّعْوَى الشَّرْعِيَّةِ فَإِذَا ادَّعَى الرَّاشِي عَلَى الْمُرْتَشِي بِمَا دَفَعَهُ إلَيْهِ، وَثَبَتَ ذَلِكَ وَجَبَ عَلَى الْحَاكِمِ أَمْرُ الْمُرْتَشِي بِرَدِّ الرِّشْوَةِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ: قُلْت لَكِنْ إلَخْ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي فَتَاوَاهُ: لَيْسَ لِلْمُتَوَلِّي أَخْذُ زِيَادَةٍ عَلَى مَا قَرَّرَهُ لَهُ الْوَاقِفُ. قُلْت: وَالْجَوَابُ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِيمَنْ شَرَطَ لَهُ الْوَاقِفُ شَيْئًا مُعَيَّنًا: وَمَا سَيَجِيءُ فِي الْوَصَايَا وَمَرَّ أَيْضًا عَقِبَ مَسْأَلَةِ الْجَامِكِيَّةِ فِيمَنْ نَصَبَهُ الْقَاضِي، وَلَمْ يَشْرِطْ لَهُ الْوَاقِفُ كَمَا قَدَّمْنَاهُ، لَكِنْ قَدَّمْنَا أَيْضًا عَنْ أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ بَحْثًا أَنَّ الْأَوَّلَ لَوْ عَيَّنَ لَهُ الْوَاقِفُ أَقَلَّ مِنْ أَجْرِ الْمِثْلِ، فَلِلْقَاضِي أَنْ يُكْمِلَ لَهُ أَجْرَ الْمِثْلِ بِطَلَبِهِ فَهَذَا مُقَيِّدٌ لِإِطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ هُنَاكَ.
مَطْلَبٌ فِي أَحْكَامِ الْوَقْفِ عَلَى فُقَرَاءِ قَرَابَتِهِ (قَوْلُهُ: لَوْ وَقَفَ عَلَى فُقَرَاءِ قَرَابَتِهِ إلَخْ) سَيَأْتِي تَفْسِيرُ الْقَرَابَةِ، وَالْفَقْرِ فِي آخِرِ الْفَصْلِ الْآتِي، وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ وَقَفَ عَلَى فُقَرَاءِ قَرَابَتِهِ فَجَاءَ رَجُلٌ وَادَّعَى أَنَّهُ مِنْ أَقْرِبَاءِ الْوَاقِفِ، وَهُوَ فَقِيرٌ كُلِّفَ أَنْ يُبَرْهِنَ عَلَى الْفَقْرِ وَأَنَّهُ مِنْ أَقَارِبِ الْوَاقِفِ وَأَنَّهُ لَا أَحَدَ تَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ، وَيُنْفِقُ عَلَيْهِ، وَالْفَقْرُ وَإِنْ كَانَ أَمْرًا أَصْلِيًّا يَثْبُتُ بِظَاهِرِ الْحَالِ، لَكِنْ الظَّاهِرُ يَكْفِي لِلدَّفْعِ لَا لِلِاسْتِحْقَاقِ، وَإِنَّمَا شُرِطَ عَدَمُ الْمُنْفِقِ لِأَنَّهُ بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ يُعَدُّ غَنِيًّا فِي بَابِ الْوَقْفِ، وَشُرِطَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute