للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْ شَرَطَ النَّظَرَ لِلْأَرْشَدِ فَالْأَرْشَدِ مِنْ أَوْلَادِهِ فَاسْتَوَيَا اشْتَرَكَا بِهِ أَفْتَى بِهِ الْمُنْلَا أَبُو السُّعُودِ مُعَلِّلًا بِأَنَّ أَفْعَلَ التَّفْضِيلِ يَنْتَظِمُ الْوَاحِدَ وَالْمُتَعَدِّدَ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَفِي النَّهْرِ عَنْ الْإِسْعَافِ شَرَطَهُ لِأَفْضَلِ أَوْلَادِهِ فَاسْتَوَيَا فَلِأَسَنِّهِمْ وَلَوْ أَحَدُهُمَا أَوْرَعَ وَالْآخَرُ أَعْلَمَ بِأُمُورِ الْوَقْفِ فَهُوَ أَوْلَى إذَا أُمِنَ خِيَانَتُهُ انْتَهَى جَوْهَرَةٌ وَكَذَا لَوْ شَرَطَ لِأَرْشَدِهِمْ كَمَا فِي نَفْعِ الْوَسَائِلِ

ــ

[رد المحتار]

قُلْت: لَكِنْ فِي الْإِسْعَافِ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ إذَا ذُكِرَ مَصْرِفٌ فِيهِمْ تَنْصِيصٌ عَلَى الْحَاجَةِ، فَهُوَ صَحِيحٌ وَإِنْ اسْتَوَى فِيهِ الْأَغْنِيَاءُ وَالْفُقَرَاءُ، فَإِنْ يُحْصَوْا صَحَّ وَإِلَّا بَطَلَ إلَّا إنْ كَانَ فِي لَفْظِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى الْحَاجَةِ عُرْفًا كَالْيَتَامَى فَالْوَقْفُ عَلَيْهِمْ صَحِيحٌ، وَيُصْرَفُ لِفُقَرَائِهِمْ فَإِذًا الضَّابِطُ يَقْتَضِي صِحَّةَ الْوَقْفِ عَلَى الزَّمْنَى وَالْعُمْيَانِ، وَقُرَّاءِ الْقُرْآنِ وَالْفُقَهَاءِ وَأَهْلِ الْحَدِيثِ، وَيُصْرَفُ لِفُقَرَائِهِمْ لِإِشْعَارِ الْأَسْمَاءِ بِالْحَاجَةِ اسْتِعْمَالًا لِأَنَّ الْعَمَى، وَالِاشْتِغَالَ بِالْعِلْمِ يَقْطَعُ عَنْ الْكَسْبِ، فَيَغْلِبُ فِيهِمْ الْفَقْرُ وَهُوَ أَصَحُّ مِمَّا سَيَأْتِي فِي بَابِ الْبَاطِلِ أَنَّهُ بَاطِلٌ عَلَى هَؤُلَاءِ اهـ وَمُقْتَضَاهُ: أَنَّهُ يَصِحُّ عَلَى الصُّوفِيَّةِ أَيْضًا لِأَنَّ الْفَقْرَ فِيهِمْ أَغْلَبُ مِنْ الْعُمْيَانِ بَلْ اصْطِلَاحُهُمْ تَسْمِيَتُهُمْ بِالْفُقَرَاءِ وَهَذَا إنْ كَانَتْ الْعِلَّةُ مَا ذُكِرَ وَإِلَّا فَفِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ الْإِمَامِ أَبِي الْيُسْرِ أَنَّ الصُّوفِيَّةَ أَنْوَاعٌ، فَمِنْهُمْ قَوْمٌ يَضْرِبُونَ بِالْمَزَامِيرِ، وَيَشْرَبُونَ الْخُمُورَ إلَى أَنْ قَالَ فِيهِمْ إذَا كَانُوا بِهَذِهِ الْمَثَابَةِ، كَيْفَ يَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَيْهِمْ اهـ فَأَفَادَ: أَنَّ الْعِلَّةَ أَنَّ مِنْهُمْ مَنْ لَا يَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَيْهِمْ، فَلَا يَكُونُ قُرْبَةً، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ لَا يَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَى هَذَا النَّوْعِ مِنْهُمْ إذَا عَيَّنَهُمْ الْوَاقِفُ، وَهَذَا وَإِنْ كَانَ خِلَافَ ظَاهِرِ الْعِبَارَةِ لَكِنَّهُ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى أَظْهَرُ لِأَنَّ لَفْظَ الصُّوفِيَّةِ إنَّمَا يُرَادُ بِهِ فِي الْعَادَةِ مَنْ كَانُوا عَلَى طَرِيقَةٍ مَرْضِيَّةٍ أَمَّا غَيْرُهُمْ، فَلَيْسُوا مِنْهُمْ حَقِيقَةً وَإِنْ سَمَّوْا أَنْفُسَهُمْ بِهَذَا الِاسْمِ فَإِذَا أُطْلِقَ الِاسْمُ لَا يَدْخُلُونَ فِيهِ، فَيَصِحُّ الْوَقْفُ وَيَسْتَحِقُّهُ أَهْلُ ذَلِكَ الِاسْمِ حَقِيقَةً، وَحِينَئِذٍ تَكُونُ عِلَّةُ الصِّحَّةِ مَا مَرَّ مِنْ غَلَبَةِ وَصْفِ الْفَقْرِ عَلَيْهِمْ فَاغْتَنِمْ هَذَا التَّحْرِيرَ

(قَوْلُهُ وَفِي النَّهْرِ عَنْ الْإِسْعَافِ إلَخْ) تَخْصِيصٌ لِمَا أَفْتَى بِهِ أَبُو السُّعُودِ (قَوْلُهُ: فَهُوَ أَوْلَى) أَيْ الْأَعْلَمُ بِأُمُورِ الْوَقْفِ أَوْلَى، وَمِثْلُهُ لَوْ اسْتَوَيَا فِي الدِّيَانَةِ وَالسَّدَادِ وَالْفَضْلِ وَالرَّشَادِ فَالْأَعْلَمُ بِأَمْرِ الْوَقْفِ أَوْلَى بَحْرٌ عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ. مَطْلَبٌ فِي شَرْطِ التَّوْلِيَةِ لِلْأَرْشَدِ فَالْأَرْشَدِ

(قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ شَرَطَهُ لِأَرْشَدِهِمْ) فَيُقَدَّمُ بَعْدَ الِاسْتِوَاءِ فِيهِ الْأَسَنُّ، وَلَوْ أُنْثَى كَمَا فِي الْإِسْعَافِ وَالْأَعْلَمُ بِأُمُورِ الْوَقْفِ، وَأَفْتَى فِي الْإِسْمَاعِيلِيَّة بِتَقْدِيمِ الرَّجُلِ عَلَى الْأُنْثَى وَالْعَالِمِ عَلَى الْجَاهِلِ: أَيْ بَعْدَ الِاسْتِوَاءِ فِي الْفَضِيلَةِ وَالرُّشْدِ، قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ الرُّشْدَ صَلَاحُ الْمَالِ، وَهُوَ حُسْنُ التَّصَرُّفِ وَفِيهِ عَنْ الْإِسْعَافِ، وَلَوْ قَالَ الْأَفْضَلُ فَالْأَفْضَلُ فَأَبَى الْأَفْضَلُ الْقَبُولَ، أَوْ مَاتَ يَكُونُ لِمَنْ يَلِيهِ عَلَى التَّرْتِيبِ ذَكَرَهُ الْخَصَّافُ وَقَالَ هِلَالٌ: الْقِيَاسُ أَنْ يُدْخِلَ الْقَاضِي بَدَلَهُ رَجُلًا مَا دَامَ حَيًّا، فَإِنْ مَاتَ صَارَتْ الْوِلَايَةُ لِمَنْ يَلِيهِ فِي الْفَضْلِ، وَلَوْ كَانَ الْأَفْضَلُ غَيْرَ مَوْضِعٍ أَقَامَ رَجُلًا مَقَامَهُ، وَإِذَا مَاتَ تَنْتَقِلُ لِمَنْ يَلِيهِ فِيهِ، وَإِذَا صَارَ أَهْلًا بَعْدَهُ تُرَدُّ الْوِلَايَةُ إلَيْهِ، وَكَذَا لَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ أَهْلٌ أَقَامَ الْقَاضِي أَجْنَبِيًّا إلَى أَنْ يَصِيرَ فِيهِمْ أَهْلٌ، وَلَوْ صَارَ الْمَفْضُولُ مِنْهُمْ أَفْضَلَ مِمَّنْ كَانَ أَفْضَلَهُمْ تَنْتَقِلُ الْوِلَايَةُ إلَيْهِ فَيُنْظَرُ فِي كُلِّ وَقْتٍ إلَى أَفْضَلِهِمْ كَالْوَقْفِ عَلَى الْأَفْقَرِ فَالْأَفْقَرِ اهـ مُلَخَّصًا. مَطْلَبٌ إذَا صَارَ غَيْرُ الْأَرْشَدِ أَرْشَدَ

قُلْت: وَبِهِ عُلِمَ عَدَمُ صِحَّةِ مَا أَفْتَى بِهِ فِي الْحَامِدِيَّةِ أَنَّهُ إذَا أَثْبَتَ أَحَدُهُمْ أَرْشَدِيَّتَهُ أَنَّهُ لَا تُقْبَلُ بَيِّنَةُ آخَرَ أَنَّهُ صَارَ أَرْشَدَ وَاسْتَنَدَ لِمَا فِي حَاوِي السُّيُوطِيّ أَنَّ الْعِبْرَةَ لِمَنْ فِيهِ هَذَا الْوَصْفُ فِي الِابْتِدَاءِ، لَا فِي الْأَثْنَاءِ، وَبَيَّنْت الْجَوَابَ عَنْهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>