وَلَوْ ضَمَّ الْقَاضِي لِلْقَيِّمِ ثِقَةً أَيْ نَاظِرَ حِسْبَةٍ هَلْ لِلْأَصِيلِ أَنْ يَسْتَقِلَّ بِالتَّصَرُّفِ لَمْ أَرَهُ وَأَفْتَى الشَّيْخُ الْأَخُ أَنَّهُ إنْ ضَمَّ إلَيْهِ الْخِيَانَةَ لَمْ يَسْتَقِلَّ وَإِلَّا فَلَهُ ذَلِكَ وَهُوَ حَسَنٌ نَهْرٌ وَفِي فَتَاوَى مُؤَيَّدِ زَادَهْ مَعْزِيًّا لِلْخَانِيَّةِ وَغَيْرِهَا لَيْسَ لِلْمُشْرِفِ التَّصَرُّفُ بَلْ الْحِفْظُ
ــ
[رد المحتار]
فِي تَنْقِيحِهَا وَذَكَرْتُ فِيهِ تَفْصِيلًا أَخْذًا مِنْ الْقَوَاعِدِ الْمَذْهَبِيَّةِ، وَهُوَ أَنَّهُ إذَا ادَّعَى آخَرُ الْأَرْشَدِيَّةَ قَبْلَ الْحُكْمِ بِهَا لِلْأَوَّلِ، وَتَعَارَضَتْ الْبَيِّنَتَانِ اشْتَرَكَا فِي التَّوْلِيَةِ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ أَفْعَلَ التَّفْضِيلِ يَنْتَظِمُ الْوَاحِدَ وَالْأَكْثَرَ وَلِأَنَّهُ لَا سَبِيلَ إلَى تَرْجِيحِ إحْدَى الْبَيِّنَتَيْنِ عَلَى الْأُخْرَى قَبْلَ الْحُكْمِ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ وَقَصُرَ الزَّمَنُ لَا تُسْمَعُ الثَّانِيَةُ لِتَرَجُّحِ الْأُولَى بِالْحُكْمِ بِهَا فَتَلْغُو الثَّانِيَةُ، وَأَمَّا إذَا طَالَ بِحَيْثُ يُمْكِنُ أَنْ يَصِيرَ الثَّانِي أَرْشَدَ فَكَذَلِكَ إلَّا إذَا شَهِدَتْ الثَّانِيَةُ بِأَنَّ صَاحِبَهَا صَارَ الْآنَ أَرْشَدَ مِنْ الْأَوَّلِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ اهـ ثُمَّ رَأَيْت التَّصْرِيحَ بِذَلِكَ فِي فَتَاوَى الشَّيْخِ قَاسِمٍ حَيْثُ قَالَ: إذَا قَامَتْ بَيِّنَةٌ أُخْرَى بِالْأَرْشَدِيَّةِ لِغَيْرِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ تَصْرِيحِهَا بِأَنَّ هَذَا أَمْرٌ تَجَدَّدَ، وَذَكَرَ قَبْلَهُ أَنَّ الشَّهَادَةَ بِالْأَرْشَدِيَّةِ تَحْتَاجُ أَنْ يَكُونَ الْأَوْلَادُ وَأَوْلَادُ الْأَوْلَادِ مَعْلُومِينَ مَحْصُورِينَ، لِيَكُونَ الْمَشْهُودُ لَهُ أَرْشَدَ مِنْ غَيْرِهِمْ
(قَوْلُهُ: وَلَوْ ضَمَّ الْقَاضِي لِلْقَيِّمِ ثِقَةً) تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِ الشَّارِحِ: لَيْسَ لِلْقَاضِي عَزْلُ النَّاظِرِ بِمُجَرَّدِ شِكَايَةِ الْمُسْتَحِقِّينَ، أَنَّهُ يَضُمُّهُ إلَيْهِ إذَا طَعَنَ فِي أَمَانَتِهِ بِدُونِ إثْبَاتِ خِيَانَةٍ وَإِلَّا عَزَلَهُ وَتَقَدَّمَ تَمَامُ الْكَلَامِ عَلَيْهِ هُنَاكَ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَهُ ذَلِكَ) قَدْ يُقَالُ إنَّهُ إذَا ضَمَّهُ إلَيْهِ لِلطَّعْنِ فِي أَمَانَتِهِ وَكَانَ لِلْأَصِيلِ الِاسْتِقْلَالُ بِالتَّصَرُّفِ لَمْ يَبْقَ فَائِدَةٌ لِضَمِّهِ إلَيْهِ إلَّا أَنْ يُصَوَّرَ فِيمَا إذَا ضَمَّهُ إلَيْهِ إعَانَةً لَهُ لَا لِطَعْنٍ وَلَا لِخِيَانَةٍ تَأَمَّلْ. مَطْلَبٌ لَيْسَ لِلْمُشْرِفِ التَّصَرُّفُ
(قَوْلُهُ: لَيْسَ لِلْمُشْرِفِ التَّصَرُّفُ) بَلْ لَهُ الْحِفْظُ لِأَنَّ التَّصَرُّفَ فِي مَالِ الْوَقْفِ مُفَوَّضٌ إلَى الْمُتَوَلِّي خَانِيَّةٌ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحِفْظِ حِفْظُ مَالِ الْوَقْفِ عِنْدَهُ لَكِنْ قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَهَذَا يَخْتَلِفُ بِحَسَبِ الْعُرْفِ فِي مَعْنَى الْمُشْرِفِ اهـ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَوْ تُعُورِفَ تَصَرُّفُهُ مَعَ الْمُتَوَلِّي اُعْتُبِرَ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرَادَ بِالْحِفْظِ مُشَارَفَتُهُ لِلْمُتَوَلِّي عِنْدَ التَّصَرُّفِ لِئَلَّا يَفْعَلَ مَا يَضُرُّ وَيُؤَيِّدُهُ مَا ذَكَرُوهُ فِي مُشْرِفِ الْوَصِيِّ، فَفِي الْخَانِيَّةِ قَالَ الْإِمَامُ الْفَضْلِيُّ يَكُونُ الْوَصِيُّ أَوْلَى بِإِمْسَاكِ الْمَالِ، وَلَا يَكُونُ الْمُشْرِفُ وَصِيًّا وَأَثَرُ كَوْنِهِ مُشْرِفًا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَصَرُّفُ الْوَصِيِّ إلَّا بِعِلْمِهِ وَفِي أَدَبِ الْأَوْصِيَاءِ عَنْ فَتَاوَى الْخَاصِّيِّ، وَبِقَوْلِ الْفَضْلِيِّ يُفْتَى، وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ الْوَقْفَ يَسْتَقِي مِنْ الْوَصِيَّةِ وَمَسَائِلُهُ تُنْزَعُ مِنْهَا، وَعَنْ هَذَا أَفْتَى فِي الْحَامِدِيَّةِ بِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُتَوَلِّي التَّصَرُّفُ فِي أُمُورِ الْوَقْفِ، بِدُونِ إذْنِ الْمُشْرِفِ وَاطِّلَاعِهِ. مَطْلَبٌ الْقَيِّمُ وَالْمُتَوَلِّي وَالنَّاظِرُ بِمَعْنَى وَاحِدٍ
وَفِي الْخَيْرِيَّةِ إنْ كَانَ النَّاظِرُ بِمَعْنَى الْمُشْرِفِ فَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ الْوَصِيَّ لَا يَتَصَرَّفُ إلَّا بِعِلْمِ الْمُشْرِفِ وَفِيهَا سُئِلَ فِي وَقْفٍ لَهُ نَاظِرٌ وَمُتَوَلٍّ هَلْ لِأَحَدِهِمَا التَّصَرُّفُ بِلَا عِلْمِ الْآخَرِ أَجَابَ لَا يَجُوزُ وَالْقَيِّمُ وَالْمُتَوَلِّي وَالنَّاظِرُ فِي كَلَامِهِمْ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. اهـ.
قُلْت: هَذَا ظَاهِرٌ عِنْدَ الْإِفْرَادِ أَمَّا لَوْ شَرَطَ الْوَاقِفُ مُتَوَلِّيًا وَنَاظِرًا عَلَيْهِ كَمَا يَقَعُ كَثِيرًا، فَيُرَادُ بِالنَّاظِرِ الْمُشْرِفُ وَعَنْ هَذَا أَجَبْتُ فِي حَادِثَةٍ بِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُتَوَلِّي الْإِيجَارُ، بِلَا عِلْمِ النَّاظِرِ، خِلَافًا لِمَا فِي الْفَتَاوَى الرَّحِيمِيَّةِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ آجَرَ الْمُتَوَلِّي إجَارَةً شَرْعِيَّةً بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ لَا يَمْلِكُ النَّاظِرُ مُعَارَضَتَهُ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْمُشْرِفِ تَأَمَّلْ. وَأَفْتَى فِي الْإِسْمَاعِيلِيَّة بِأَنَّهُ لَيْسَ لِلنَّاظِرِ مُعَارَضَةُ الْمُتَوَلِّي إلَّا أَنْ يُثْبِتَ أَنَّ نِظَارَتَهُ بِشَرْطِ الْوَاقِفِ. اهـ.
قُلْت: وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ لَوْ نَصَبَهُ الْقَاضِي نَاظِرًا عَلَى الْمُتَوَلِّي لِثُبُوتِ خِيَانَتِهِ لَمْ يَسْتَقِلَّ الْمُتَوَلِّي بِالصَّرْفِ كَمَا مَرَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute