للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنْ قَيَّدَهُ بِفُقَرَائِهِمْ يُعْتَبَرُ الْفَقْرُ وَقْتَ وُجُودِ الْغَلَّةِ وَهُوَ الْمُجَوِّزُ لِأَخْذِ الزَّكَاةِ، فَلَوْ تَأَخَّرَ صَرْفُهَا سِنِينَ لِعَارِضٍ فَافْتَقَرَ الْغَنِيُّ وَاسْتَغْنَى الْفَقِيرُ شَارَكَ الْمُفْتَقِرُ وَقْتَ الْقِسْمَةِ الْفَقِيرَ وَقْتَ وُجُودِ الْغَلَّةِ وَلِأَنَّ الْغَلَّاتِ إنَّمَا تُمْلَكُ حَقِيقَةً بِالْقَبْضِ وَطُرُوِّ الْغِنَى وَالْمَوْتُ لَا يُبْطِلُ مَا اسْتَحَقَّهُ،

ــ

[رد المحتار]

مَطْلَبٌ يُعْتَبَرُ فِي لَفْظِ الْقَرَابَةِ الْمَحْرَمِيَّةُ وَالْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ وَقَالَ: وَيَدْخُلُ فِيهِ الْمَحَارِمُ وَغَيْرُهُمْ مِنْ أَوْلَادِ الْإِنَاثِ وَإِنْ بَعُدُوا عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ تُعْتَبَرُ الْمَحْرَمِيَّةُ وَالْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ لِلِاسْتِحْقَاقِ اهـ قُلْت: وَقَوْلُ الْإِمَامِ هُوَ الصَّحِيحُ كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ وَغَيْرِهِ، وَعَلَيْهِ الْمُتُونُ فِي كِتَابِ الْوَصَايَا، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا لَمْ يَقُلْ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ لِأَنَّهُمْ قَالُوا: لَوْ قَالَ: عَلَى أَقَارِبِي أَوْ أَقْرِبَائِي أَوْ أَرْحَامِي أَوْ أَنْسَابِي لَا يَكُونُ لِأَقَلَّ مِنْ اثْنَيْنِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَعِنْدَهُمَا يُطْلَقُ عَلَى الْوَاحِدِ أَيْضًا. قَالَ: فِي شَرْحِ دُرَرِ الْبِحَارِ وَشَرْحِ الْمَجْمَعِ الْمَلَكِيِّ عَنْ الْحَقَائِقِ إذَا ذَكَرَ مَعَ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ الْأَقْرَبَ فَالْأَقْرَبَ لَا يُعْتَبَرُ الْجَمْعُ اتِّفَاقًا لِأَنَّ الْأَقْرَبَ اسْمٌ فَرْدٌ خَرَجَ تَفْسِيرًا لِلْأَوَّلِ وَيَدْخُلُ فِيهِ الْمَحْرَمُ وَغَيْرُهُ، وَلَكِنْ يُقَدَّمُ الْأَقْرَبُ لِصَرِيحِ شَرْطِهِ اهـ وَنَحْوُهُ فِي الذَّخِيرَةِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَيَّدَهُ بِفُقَرَائِهِمْ) أَمَّا لَوْ قَالَ: مَنْ افْتَقَرَ مِنْهُمْ، قَالَ مُحَمَّدٌ: تَكُونُ لِمَنْ كَانَ غَنِيًّا مِنْهُمْ ثُمَّ افْتَقَرَ وَنَفَيَا اشْتِرَاطَ تَقَدُّمِ الْغِنَى، وَلَوْ قَالَ: مَنْ احْتَاجَ مِنْهُمْ فَهِيَ لِكُلِّ مَنْ يَكُونُ مُحْتَاجًا وَقْتَ وُجُودِ الْغَلَّةِ، سَوَاءٌ كَانَ غَنِيًّا ثُمَّ احْتَاجَ أَوْ كَانَ مُحْتَاجًا مِنْ الْأَصْلِ وَمِثْلُهُ الْمِسْكِينُ وَالْفَقِيرُ إسْعَافٌ.

(قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُجَوِّزُ لِأَخْذِ الزَّكَاةِ) أَيْ الْفَقْرُ هُنَا هُوَ الْمُجَوِّزُ إلَخْ لَكِنْ ذَكَرَ فِي الْإِسْعَافِ بَعْدَهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ وَلَدَ غَنِيٍّ تَجِبُ نَفَقَتُهُ عَلَيْهِ لَا يَدْخُلُ فِي الْوَقْفِ، بَلْ قَدَّمْنَا فِي الْفُرُوعِ عِنْدَ قَوْلِهِ، لَوْ وَقَفَ عَلَى فُقَرَاءِ قَرَابَتِهِ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ أَحَدٌ تَجِبُ نَفَقَتُهُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ يُعَدُّ غَنِيًّا فِي بَابِ الْوَقْفِ، وَذَكَرَ فِي الْإِسْعَافِ أَنَّ الْأَصْلَ أَنَّ الصَّغِيرَ يُعَدُّ غَنِيًّا بِغِنَى أَبَوَيْهِ وَجَدَّيْهِ فَقَطْ وَالرَّجُلَ وَالْمَرْأَةَ بِغِنَى فُرُوعِهَا وَزَوْجِهَا فَقَطْ وَهَذَا مَذْهَبُ أَصْحَابِنَا قَالَ الْخَصَّافُ: وَالصَّوَابُ عِنْدِي إعْطَاؤُهُمْ وَإِنْ كَانَ تُفْرَضُ نَفَقَتُهُمْ عَلَى غَيْرِهِمْ، وَرَدَّهُ هِلَالٌ وَتَمَامُهُ فِيهِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ تَأَخَّرَ صَرْفُهَا سِنِينَ إلَخْ) لَوْ وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ فَاسْتِحْقَاقُ الْغَلَّةِ يُعْتَبَرُ يَوْمَ حُدُوثِ الْغَلَّةِ عَلَى قَوْلِ عَامَّةِ الْمَشَايِخِ لَا يَوْمَ الْوَقْفِ، فَالْمَوْجُودُ مِنْهُمْ يَوْمَ الْوَقْفِ وَالْمَوْلُودُ بَعْدَهُ سَوَاءٌ إذَا كَانَ مَوْجُودًا يَوْمَ حُدُوثِ الْغَلَّةِ، وَكَذَا لَوْ وَقَفَ عَلَى فُقَرَاءِ قَرَابَتِهِ، فَمَنْ كَانَ فَقِيرًا يَوْمَ حُدُوثِ الْغَلَّةِ يُعْطَى لَهُ وَلَوْ اسْتَغْنَى بَعْدَهُ أَوْ كَانَ غَنِيًّا قَبْلَهُ. اهـ. وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة: الْمُسْتَحِقُّ لِلْغَلَّةِ مَنْ كَانَ فَقِيرًا يَوْمَ تَجِيءُ الْغَلَّةُ عِنْدَ هِلَالٍ وَبِهِ نَأْخُذُ. وَفِي الْخَانِيَّةِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى ثُمَّ ذَكَرَ بَعْدَهُ أَنَّ الْخَصَّافَ يَعْتَبِرُ يَوْمَ الْقِسْمَةِ لَا يَوْمَ طُلُوعِ الْغَلَّةِ.

وَقَالَ: فِي الْفَتْحِ: وَفِي وَقْفِ الْخَصَّافِ لَوْ اجْتَمَعَتْ عِدَّةُ سِنِينَ بِلَا قِسْمَةٍ حَتَّى اسْتَغْنَى قَوْمٌ وَافْتَقَرَ آخَرُونَ ثُمَّ قُسِمَتْ يُعْطَى مَنْ كَانَ فَقِيرًا يَوْمَ الْقِسْمَةِ وَلَا أَنْظُرُ إلَى مَنْ كَانَ فَقِيرًا يَوْمَ الْغَلَّةِ ثُمَّ اسْتَغْنَى اهـ وَبِهَذَا ظَهَرَ لَك أَنَّ قَوْلَهُ شَارَكَ الْمُفْتَقِرَ وَقْتَ الْقِسْمَةِ إلَخْ لَا يَتَمَشَّى عَلَى قَوْلِ هِلَالٍ وَلَا عَلَى قَوْلِ الْخَصَّافِ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ مَنْ كَانَ غَنِيًّا وَقْتَ الْغَلَّةِ ثُمَّ افْتَقَرَ وَقْتَ الْقِسْمَةِ يَسْتَحِقُّ مَعَ مَنْ كَانَ غَنِيًّا وَقْتَ الْقِسْمَةِ فَقِيرًا وَقْتَ الْغَلَّةِ، وَاسْتِحْقَاقُ الْأَوَّلِ ظَاهِرٌ عَلَى قَوْلِ الْخَصَّافِ وَالثَّانِي عَلَى قَوْلِ هِلَالٍ فَالظَّاهِرُ أَنَّ الصَّوَابَ أَنْ يُقَالَ: لَا يُشَارِكُ بِلَا النَّافِيَةِ فَيَكُونُ كُلٌّ مِنْ الْمَسْأَلَتَيْنِ عَلَى قَوْلِ هِلَالٍ الْمُفْتَى بِهِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ فَلَوْ تَأَخَّرَ إلَخْ فَإِنَّهُ مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِهِ قَبْلَهُ يُعْتَبَرُ الْفَقْرُ وَقْتَ وُجُودِ الْغَلَّةِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الصِّلَاتِ إلَخْ) بِكَسْرِ الصَّادِ جَمْعُ صِلَةٍ، وَهُوَ تَعْلِيلٌ لِمَا فُهِمَ مِنْ اخْتِصَاصِ الِاسْتِحْقَاقِ بِمَنْ كَانَ فَقِيرًا وَقْتَ وُجُودِ الْغَلَّةِ بِنَاءً عَلَى مَا قُلْنَا مِنْ أَنَّ الصَّوَابَ لَا يُشَارِكُ بِلَا النَّافِيَةِ وَهَذَا مُؤَيِّدٌ لَهُ أَيْضًا وَبَيَانُ التَّعْلِيلِ حِينَئِذٍ أَنَّ مَنْ كَانَ فَقِيرًا وَقْتَ الْغَلَّةِ فِي هَذِهِ السِّنِينَ يَسْتَحِقُّ غَلَّةَ كُلِّ سَنَةٍ وَلَا يَصِيرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>