للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَنْوَاعًا أَرْبَعَةً: نَافِذٌ مَوْقُوفٌ فَاسِدٌ بَاطِلٌ، وَمُقَايَضَةٌ صَرْفٌ سَلَمٌ مُطْلَقٌ مُرَابَحَةٌ تَوْلِيَةٌ، وَضِيعَةٌ مُسَاوَمَةٌ. (هُوَ) لُغَةً: مُقَابَلَةُ شَيْءٍ بِشَيْءٍ مَالًا أَوْ لَا

ــ

[رد المحتار]

هُوَ الْحَدَثُ إنْ اُعْتُبِرَ مِنْ حَيْثُ هُوَ فَهُوَ أَرْبَعَةٌ: نَافِذٌ إنْ أَفَادَهُ الْحُكْمُ لِلْحَالِ، وَمَوْقُوفٌ إنْ أَفَادَهُ عِنْدَ الْإِجَازَةِ، وَفَاسِدٌ إنْ أَفَادَهُ عِنْدَ الْقَبْضِ، وَبَاطِلٌ إنْ لَمْ يُفِدْ أَصْلًا وَإِنْ اُعْتُبِرَ مِنْ حَيْثُ تَعَلُّقُهُ بِالْمَبِيعِ فَهُوَ أَرْبَعَةٌ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يَقَعَ عَلَى عَيْنٍ بِعَيْنٍ، أَوْ ثَمَنٍ بِثَمَنٍ، أَيْ يَكُونُ الْمَبِيعُ فِيهِ مِنْ الْأَثْمَانِ: أَيْ النُّقُودِ، أَوْ ثَمَنٍ بِعَيْنٍ، أَوْ عَيْنٍ بِثَمَنٍ، وَيُسَمَّى الْأَوَّلُ مُقَايَضَةً، وَالثَّانِي صَرْفًا، وَالثَّالِثُ سَلَمًا، وَلَيْسَ لِلرَّابِعِ اسْمٌ خَاصٌّ، فَهُوَ بَيْعٌ مُطْلَقٌ. وَإِنْ اُعْتُبِرَ مِنْ حَيْثُ تَعَلُّقُهُ بِالثَّمَنِ أَوْ بِمِقْدَارِهِ فَهُوَ أَرْبَعَةٌ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ بِمِثْلِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ مَعَ زِيَادَةٍ فَمُرَابَحَةٌ، أَوْ بِدُونِ زِيَادَةٍ فَتَوْلِيَةٌ، أَوْ أُنْقِصَ مِنْ الثَّمَنِ فَوَضِيعَةٌ، أَوْ بِدُونِ زِيَادَةٍ وَلَا نَقْصٍ فَمُسَاوَمَةٌ، وَزَادَ فِي الْبَحْرِ خَامِسًا وَهُوَ الْإِشْرَاكُ: أَيْ أَنْ يُشْرِكَ غَيْرَهُ فِيمَا اشْتَرَاهُ: أَيْ بِأَنْ يَبِيعَهُ نِصْفَهُ مَثَلًا، وَتَرَكَهُ الشَّارِحُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ خَارِجٍ عَنْ الْأَرْبَعَةِ وَقَدْ يُعْتَبَرُ مِنْ حَيْثُ تَعَلُّقُهُ بِوَصْفِ الثَّمَنِ كَكَوْنِهِ حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا، وَبِمَا قَرَّرْنَاهُ ظَهَرَ لَكَ أَنَّ قَوْلَهُ بِاعْتِبَارِ كُلٍّ مِنْ الْبَيْعِ وَالْمَبِيعِ لَيْسَ الْمُرَادُ اعْتِبَارَ الْمَبِيعِ وَحْدَهُ أَيْ بِدُونِ تَعَلُّقِ بَيْعٍ بِهِ، حَتَّى يَرِدَ أَنَّهُ إذَا أُرِيدَ كُلٌّ مِنْهُمَا بِانْفِرَادِهِ يَلْزَمُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ، فَإِنَّ جَمْعَ الْبَيْعِ بَاقِيًا عَلَى مَصْدَرِيَّتِهِ نَظَرًا إلَى أَنْوَاعِهِ حَقِيقَةٌ، بِخِلَافِ جَمْعِهِ مَنْقُولًا إلَى اسْمِ الْمَفْعُولِ فَإِنَّهُ مَجَازٌ.

وَوَجْهُ عَدَمِ الْوُرُودِ أَنَّ الْمُرَادَ جَمْعُهُ بِاعْتِبَارِ حَقِيقَتِهِ، لَكِنْ نَظَرًا إلَى ذَاتِهِ مُنْفَرِدًا أَوْ مُتَعَلِّقًا بِغَيْرِهِ لَا مَنْقُولًا إلَى اسْمِ الْمَفْعُولِ فَافْهَمْ. (قَوْلُهُ: أَنْوَاعًا أَرْبَعَةٌ) خَبَرُ الْكَوْنِ، وَقَوْلُهُ: نَافِذٌ إلَخْ، بَيَانٌ لِلْأَنْوَاعِ الْأَرْبَعَةِ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الثَّلَاثَةِ عَلَى طَرِيقِ اللَّفِّ وَالنَّشْرِ الْمُرَتَّبِ، وَقَدْ عَلِمْتَ بَيَانَهَا. ثُمَّ إنَّ تَقْسِيمَ الْأَوَّلِ إلَى مَا ذُكِرَ هُوَ مَا مَشَى عَلَيْهِ فِي الْحَاوِي، وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْمَوْقُوفَ مِنْ قِسْمِ الصَّحِيحِ، وَهُوَ أَحَدُ طَرِيقَيْنِ لِلْمَشَايِخِ، وَهُوَ الْحَقُّ. وَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَهُ قَسِيمًا لِلصَّحِيحِ وَعَلَيْهِ مَشَى الزَّيْلَعِيُّ فَإِنَّهُ قَسَّمَهُ إلَى صَحِيحٍ وَبَاطِلٍ وَفَاسِدٍ وَمَوْقُوفٍ، وَتَمَامُ تَحْقِيقِهِ فِي أَوَّلِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ مِنْ الْبَحْرِ، وَيَأْتِي قَرِيبًا اسْتِثْنَاءُ بَيْعِ الْمُكْرَهِ (قَوْلُهُ: هُوَ لُغَةً مُقَابَلَةُ شَيْءٍ بِشَيْءٍ) أَيْ عَلَى وَجْهِ الْمُبَادَلَةِ وَلَوْ عَبَّرَ بِهَا بَدَلَ الْمُقَابَلَةِ لَكَانَ أَوْلَى كَمَا فَعَلَ الْمُصَنِّفُ فِيمَا بَعْدُ، وَظَاهِرُهُ شُمُولُ الْإِجَارَةِ؛ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ شَيْءٌ بِاعْتِبَارِ الشَّرْعِ أَنَّهَا مَوْجُودَةٌ حَتَّى صَحَّ الِاعْتِيَاضُ عَنْهَا بِالْمَالِ، وَكَذَا بِاعْتِبَارِ اللُّغَةِ تَأَمَّلْ. مَطْلَبٌ فِي تَعْرِيفِ الْمَالِ وَالْمِلْكِ وَالْمُتَقَوِّمِ (قَوْلُهُ: مَالًا أَوْ لَا) إلَخْ، الْمُرَادُ بِالْمَالِ مَا يَمِيلُ إلَيْهِ الطَّبْعُ وَيُمْكِنُ ادِّخَارُهُ لِوَقْتِ الْحَاجَةِ، وَالْمَالِيَّةُ تَثْبُتُ بِتَمَوُّلِ النَّاسِ كَافَّةً أَوْ بَعْضِهِمْ، وَالتَّقَوُّمُ يَثْبُتُ بِهَا وَبِإِبَاحَةِ الِانْتِفَاعِ بِهِ شَرْعًا؛ فَمَا يُبَاحُ بِلَا تَمَوُّلٍ لَا يَكُونُ مَالًا كَحَبَّةِ حِنْطَةٍ وَمَا يُتَمَوَّلُ بِلَا إبَاحَةِ انْتِفَاعٍ لَا يَكُونُ مُتَقَوِّمًا كَالْخَمْرِ، وَإِذَا عُدِمَ الْأَمْرَانِ لَمْ يَثْبُتْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا كَالدَّمِ بَحْرٌ مُلَخَّصًا عَنْ الْكَشْفِ الْكَبِيرِ.

وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمَالَ أَعَمُّ مِنْ الْمُتَمَوَّلِ؛ لِأَنَّ الْمَالَ مَا يُمْكِنُ ادِّخَارُهُ وَلَوْ غَيْرَ مُبَاحٍ كَالْخَمْرِ، وَالْمُتَقَوِّمُ مَا يُمْكِنُ ادِّخَارُهُ مَعَ الْإِبَاحَةِ، فَالْخَمْرُ مَالٌ لَا مُتَقَوِّمٌ، فَلِذَا فَسَدَ الْبَيْعُ بِجَعْلِهَا ثَمَنًا، وَإِنَّمَا لَمْ يَنْعَقِدْ أَصْلًا بِجَعْلِهَا مَبِيعًا؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ غَيْرُ مَقْصُودٍ بَلْ وَسِيلَةٌ إلَى الْمَقْصُودِ، إذْ الِانْتِفَاعُ بِالْأَعْيَانِ لَا بِالْأَثْمَانِ، وَلِهَذَا اُشْتُرِطَ وُجُودُ الْمَبِيعِ دُونَ الثَّمَنِ، فَبِهَذَا الِاعْتِبَارِ صَارَ الثَّمَنُ مِنْ جُمْلَةِ الشُّرُوطِ بِمَنْزِلَةِ آلَاتِ الصُّنَّاعِ وَتَمَامُ تَحْقِيقِهِ فِي فَصْلِ النَّهْيِ مِنْ التَّلْوِيحِ. وَمِنْ هَذَا قَالَ: فِي الْبَحْرِ: ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْبَيْعَ وَإِنْ كَانَ مَبْنَاهُ عَلَى الْبَدَلَيْنِ لَكِنَّ الْأَصْلَ فِيهِ الْمَبِيعُ دُونَ الثَّمَنِ؛ وَلِذَا تُشْتَرَطُ

<<  <  ج: ص:  >  >>