وَمَحَلُّهُ الْمَالُ.
وَحُكْمُهُ ثُبُوتُ الْمِلْكِ.
وَحِكْمَتُهُ نِظَامُ بَقَاءِ الْمَعَاشِ وَالْعَالَمِ.
وَصِفَتُهُ: مُبَاحٌ مَكْرُوهٌ حَرَامٌ وَاجِبٌ.
وَثُبُوتُهُ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ وَالْقِيَاسِ
(فَالْإِيجَابُ) هُوَ: (مَا يُذْكَرُ أَوَّلًا مِنْ كَلَامِ) أَحَدِ (الْمُتَعَاقِدَيْنِ) وَالْقَبُولُ مَا يُذْكَرُ ثَانِيًا مِنْ الْآخَرِ سَوَاءٌ كَإِنْ بِعْت أَوْ اشْتَرَيْت
ــ
[رد المحتار]
الْآتِيَةِ فِي أَوَّلِ بَابِ خِيَارِ الشَّرْطِ، فَقَدْ صَارَتْ جُمْلَةُ الشَّرَائِطِ سِتَّةً وَسَبْعِينَ. اهـ.
مُلَخَّصًا أَيْ؛ لِأَنَّ شَرَائِطَ الِانْعِقَادِ أَحَدَ عَشَرَ عَلَى مَا قَالَهُ أَوَّلًا وَشَرَائِطَ النَّفَاذِ اثْنَانِ، وَشَرَائِطَ الصِّحَّةِ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ صَارَتْ ثَمَانِيَةٌ وَثَلَاثِينَ، وَهِيَ كُلُّهَا شَرَائِطُ اللُّزُومِ مَعَ زِيَادَةِ الْخُلُوِّ مِنْ الْخِيَارَاتِ، لَكِنْ بِذَلِكَ تَصِيرُ الْجُمْلَةُ سَبْعَةً وَسَبْعِينَ، نَعَمْ تَنْقُصُ ثَمَانِيَةً عَلَى مَا قُلْنَا مِنْ أَنَّ الصَّوَابَ أَنَّ شَرَائِطَ الِانْعِقَادِ تِسْعَةٌ فَيَسْقُطُ مِنْهَا اثْنَانِ، وَمِنْ شَرَائِطِ الصِّحَّةِ اثْنَانِ، وَمِنْ شَرَائِطِ اللُّزُومِ أَرْبَعَةٌ فَتَصِيرُ الْجُمْلَةُ تِسْعَةً وَسِتِّينَ نَعَمْ يُزَادُ فِي شُرُوطِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ إذَا لَمْ يُرِيَاهُ الْإِشَارَةَ إلَيْهِ أَوْ إلَى مَكَانِهِ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ، وَسَيَأْتِي تَمَامُ الْكَلَامِ عَلَيْهِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَشَرْطُ الصِّحَّةِ مَعْرِفَةُ قَدْرِ مَبِيعٍ وَثَمَنٍ.
(قَوْلُهُ: وَمَحَلُّهُ الْمَالُ) فِيهِ نَظَرٌ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْخَمْرَ مَالٌ مَعَ أَنَّ بَيْعَهُ بَاطِلٌ فِي حَقِّ الْمُسْلِمِ، فَكَانَ عَلَيْهِ إبْدَالُهُ بِالْمُتَقَوِّمِ وَهُوَ أَخَصُّ مِنْ الْمَالِ كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ، فَيَخْرُجُ مَا لَيْسَ بِمَالٍ أَصْلًا كَالْمَيْتَةِ وَالدَّمِ، وَمَا كَانَ مَالًا غَيْرَ مُتَقَوِّمٍ كَالْخَمْرِ فَإِنَّ ذَلِكَ مَحَلٌّ لِلْبَيْعِ.
(قَوْلُهُ: وَحُكْمُهُ ثُبُوتُ الْمِلْكِ) أَيْ فِي الْبَدَلَيْنِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا فِي بَدَلٍ، وَهَذَا حُكْمُهُ الْأَصْلِيُّ، وَالتَّابِعُ وُجُوبُ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ، وَوُجُوبُ اسْتِبْرَاءِ الْجَارِيَةِ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَمِلْكُ الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا، وَثُبُوتُ الشُّفْعَةِ لَوْ عَقَارًا، وَعِتْقُ الْمَبِيعِ لَوْ مُحَرَّمًا مِنْ الْبَائِعِ بَحْرٌ، وَصَوَابُهُ مِنْ الْمُشْتَرِي.
(قَوْلُهُ: وَحِكْمَتُهُ نِظَامُ بَقَاءِ الْمَعَاشِ وَالْعَالَمِ) حَقُّهُ أَنْ يَقُولَ: بَقَاءُ نِظَامِ الْمَعَاشِ إلَخْ فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى خَلَقَ الْعَالَمَ عَلَى أَتَمِّ نِظَامٍ وَأَحْكَمَ أَمْرَ مَعَاشِهِ أَحْسَنَ إحْكَامٍ، وَلَا يَتِمُّ ذَلِكَ إلَّا بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ إذَا لَا يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يَعْمَلَ لِنَفْسِهِ كُلَّ مَا يَحْتَاجُهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا اشْتَغَلَ بِحَرْثِ الْأَرْضِ وَبَذْرِ الْقَمْحِ وَخِدْمَتِهِ وَحِرَاسَتِهِ وَحَصْدِهِ وَدِرَاسَتِهِ وَتَذْرِيَتِهِ وَتَنْظِيفِهِ وَطَحْنِهِ وَعَجْنِهِ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى أَنْ يَشْتَغِلَ بِيَدِهِ مَا يَحْتَاجُ ذَلِكَ مِنْ آلَاتِ الْحِرَاثَةِ وَالْحَصْدِ وَنَحْوِهِ فَضْلًا عَنْ اشْتِغَالِهِ فِيمَا يَحْتَاجُهُ مِنْ مَلْبَسٍ وَمَسْكَنٍ فَاضْطُرَّ إلَى شِرَاءِ ذَلِكَ، وَلَوْلَا الشِّرَاءُ لَكَانَ يَأْخُذُهُ بِالْقَهْرِ أَوْ السُّؤَالِ إنْ أَمْكَنَ، وَإِلَّا قَاتَلَ صَاحِبَهُ عَلَيْهِ، وَلَا يَتِمُّ مَعَ ذَلِكَ بَقَاءُ الْعَالَمِ.
(قَوْلُهُ: مُبَاحٌ) هُوَ مَا خَلَا عَنْ أَوْصَافِ مَا بَعْدَهُ. (قَوْلُهُ: مَكْرُوهٌ) كَالْبَيْعِ بَعْدَ النِّدَاءِ فِي الْجُمُعَةِ. (قَوْلُهُ: حَرَامٌ) كَبَيْعِ خَمْرٍ لِمَنْ يَشْرَبُهَا. (قَوْلُهُ: وَاجِبٌ) كَبَيْعِ شَيْءٍ لِمَنْ يُضْطَرَّ إلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: وَالسُّنَّةِ) فَإِنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بَاعَ وَاشْتَرَى وَأَقَرَّ أَصْحَابَهُ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا. (قَوْلُهُ: وَالْقِيَاسُ) عِبَارَةُ الْبَحْرِ وَالْمَعْقُولِ اهـ.
ح؛ لِأَنَّهُ أَمْرٌ ضَرُورِيٌّ يَجْزِمُ الْعَقْلُ بِثُبُوتِهِ كَبَاقِي الْأُمُورِ الضَّرُورِيَّةِ الْمُتَوَقِّفِ عَلَيْهَا انْتِظَامُ مَعَاشِهِ وَبَقَائُهُ فَافْهَمْ.
(قَوْلُهُ: فَالْإِيجَابُ إلَخْ) هَذِهِ الْفَاءُ الْفَصِيحَةُ وَهِيَ الْمُفْصِحَةُ عَنْ شَرْطٍ مُقَدَّرٍ: أَيْ إذَا أَرَدْتُ مَعْرِفَةَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ الْمَذْكُورَيْنِ. وَفِي الْفَتْحِ: الْإِيجَابُ الْإِثْبَاتُ لُغَةً لِأَيِّ شَيْءٍ كَانَ، وَالْمُرَادُ هُنَا إثْبَاتُ الْفِعْلِ الْخَاصِّ وَالدَّالِّ عَلَى الرِّضَا الْوَاقِعِ أَوَّلًا سَوَاءٌ وَقَعَ مِنْ الْبَائِعِ أَوْ مِنْ الْمُشْتَرِي، كَأَنْ يَبْتَدِئَ الْمُشْتَرِي فَيَقُولَ اشْتَرَيْتُ مِنْكَ هَذَا بِأَلْفٍ، وَالْقَبُولُ الْفِعْلُ الثَّانِي، وَإِلَّا فَكُلٌّ مِنْهُمَا إيجَابٌ: أَيْ إثْبَاتٌ فَسَمَّى الثَّانِيَ بِالْقَبُولِ تَمْيِيزًا لَهُ عَنْ الْإِثْبَاتِ الْأَوَّلِ؛ وَلِأَنَّهُ يَقَعُ قَبُولًا وَرِضًا بِفِعْلِ الْأَوَّلِ اهـ. (قَوْلُهُ: وَالْقَبُولُ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ فَالْقَبُولُ بِالْفَاءِ، فَهُوَ تَفْرِيعٌ عَلَى تَعْرِيفِ الْإِيجَابِ؛ وَلِذَا قَالَ: الْمُصَنِّفُ لَمَّا ذَكَرَ أَنَّ الْإِيجَابَ مَا ذُكِرَ أَوَّلًا عُلِمَ أَنَّ الْقَبُولَ هُوَ مَا ذُكِرَ ثَانِيًا مِنْ كَلَامِ أَحَدِهِمَا أَفَادَهُ ط. (قَوْلُهُ: مَا يُذْكَرُ ثَانِيًا مِنْ الْآخَرِ) أَيْ مِنْ الْعَاقِدِ الْآخَرِ وَالتَّعْبِيرُ بِ يُذْكَرُ لَا يَشْمَلُ الْفِعْلَ، وَعَرَّفَهُ فِي الْفَتْحِ بِأَنَّهُ الْفِعْلُ الثَّانِي كَمَا مَرَّ، وَقَالَ: لِأَنَّهُ أَعَمُّ مِنْ اللَّفْظِ، فَإِنَّ مِنْ الْفُرُوعِ مَا لَوْ قَالَ: كُلُّ هَذَا الطَّعَامِ بِدِرْهَمٍ فَأَكَلَهُ تَمَّ الْبَيْعُ وَأَكْلُهُ حَلَالٌ، وَالرُّكُوبُ وَاللُّبْسُ بَعْدَ قَوْلِ الْبَائِعِ ارْكَبْهَا بِمِائَةٍ وَالْبَسْهُ بِكَذَا رِضًا بِالْبَيْعِ.