هَذَا وَيَرِدُ عَلَى التَّعْرِيفَيْنِ مَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة: لَوْ خَرَجَا مَعًا صَحَّ الْبَيْعُ، لَكِنْ فِي الْقُهُسْتَانِيِّ: لَوْ كَانَا مَعًا لَمْ يَنْعَقِدْ كَمَا قَالُوا فِي السَّلَامِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ مَا فِي الْأَشْبَاهِ تَكْرَارُ الْإِيجَابِ مُبْطِلٌ لِلْأَوَّلِ إلَّا فِي عِتْقٍ وَطَلَاقٍ عَلَى مَالٍ،
ــ
[رد المحتار]
فَحُكْمُهُ أَنْ يُمْلَكَ بِالْقَبْضِ حَيْثُ كَانَ مُخْتَارًا رَاضِيًا بِحُكْمِهِ، أَمَّا عِنْدَ عَدَمِ الرِّضَا بِهِ فَلَا. اهـ. مَنَارٌ وَشَرْحُهُ لِصَاحِبِ الْبَحْرِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَلَمْ يَنْعَقِدْ مَعَ الْهَزْلِ الَّذِي هُوَ مِنْ مَدْخُولِ الْعِلَّةِ غَيْرُ صَحِيحٍ لِمُنَافَاتِهِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ مُنْعَقِدٌ لِصُدُورِهِ مِنْ أَهْلِهِ فِي مَحَلِّهِ، لَكِنَّهُ يُفْسِدُ الْبَيْعَ لِعَدَمِ الرِّضَا بِالْحُكْمِ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى نَفْيِ الِانْعِقَادِ الصَّحِيحِ أَوْ يَتَمَشَّى عَلَى الْبَحْثِ الَّذِي ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ وَيَنْبَغِي إلَخْ. اهـ. قُلْتُ: قَدْ صَرَّحَ فِي الْخَانِيَّةِ وَالْقُنْيَةِ بِأَنَّهُ بَيْعٌ بَاطِلٌ وَبِهِ يَتَأَيَّدُ مَا بَحَثَهُ فِي شَرْحِ الْمَنَارِ وَكَثِيرًا مَا يُطْلِقُونَ الْفَاسِدَ عَلَى الْبَاطِلِ كَمَا سَتَعْرِفُهُ فِي بَابِهِ، لَكِنْ يَرِدُ عَلَى بُطْلَانِهِ أَنَّهُمَا لَوْ أَجَازَهُ جَازَ وَالْبَاطِلُ لَا تَلْحَقُهُ الْإِجَازَةُ، وَأَنَّ الْبَاطِلَ مَا لَيْسَ مُنْعَقِدًا أَصْلًا، وَالْفَاسِدَ مَا كَانَ مُنْعَقِدًا بِأَصْلِهِ لَا بِوَصْفِهِ، وَهَذَا مُنْعَقِدٌ بِأَصْلِهِ؛ لِأَنَّهُ مُبَادَلَةُ مَالٍ بِمَالٍ دُونَ وَصْفِهِ؛ وَلِذَلِكَ أَجَابَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ بِحَمْلِ مَا فِي الْخَانِيَّةِ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْبُطْلَانِ الْفَسَادُ كَمَا فِي حَاشِيَةِ الْحَمَوِيِّ وَتَمَامُهُ فِيهَا. قُلْتُ: وَهَذِهِ أَوْلَى لِمُوَافَقَتِهِ لِمَا فِي كُتُبِ الْأُصُولِ مِنْ أَنَّهُ فَاسِدٌ. وَأَمَّا عَدَمُ إفَادَتِهِ الْمِلْكَ بِالْقَبْضِ فَلِكَوْنِهِ أَشْبَهَ الْبَيْعَ بِالْخِيَارِ لَهُمَا، وَلَيْسَ كُلُّ فَاسِدٍ يُمْلَكُ بِالْقَبْضِ؛ وَلِذَا قَالَ: فِي الْأَشْبَاهِ: إذَا قَبَضَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ فَاسِدًا مَلَكَهُ إلَّا فِي مَسَائِلَ: الْأُولَى لَا يَمْلِكُهُ فِي بَيْعِ الْهَازِلِ كَمَا فِي الْأُصُولِ. الثَّانِيَةُ: لَوْ اشْتَرَاهُ الْأَبُ مِنْ مَالِهِ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ أَوْ بَاعَهُ لَهُ كَذَلِكَ فَاسِدًا لَا يَمْلِكُهُ بِالْقَبْضِ حَتَّى يَسْتَعْمِلَهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. الثَّالِثَةُ لَوْ كَانَ مَقْبُوضًا فِي يَدِ الْمُشْتَرِي أَمَانَةً لَا يَمْلِكُهُ بِهِ. اهـ.
وَذَكَرَ الشَّارِحُ مَسْأَلَةَ بَيْعِ الْهَزْلِ قُبَيْلَ الْكَفَالَةِ وَذَكَرهَا الْمُصَنِّفُ مَتْنًا فِي الْإِكْرَاهِ. .
(قَوْلُهُ: وَيَرِدُ عَلَى التَّعْرِيفَيْنِ) أَيْ تَعْرِيفَيْ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ حَيْثُ قَيَّدَ الْإِيجَابَ بِكَوْنِهِ أَوَّلًا وَالْقَبُولَ بِكَوْنِهِ ثَانِيًا ط. (قَوْلُهُ: لَكِنْ فِي الْقُهُسْتَانِيِّ إلَخْ) وَمِثْلُهُ فِي التَّجْنِيسِ لِصَاحِبِ الْهِدَايَةِ. (قَوْلُهُ: كَمَا قَالُوا فِي السَّلَامِ) أَيْ لَوْ رَدَّ عَلَى الْمُسَلِّمِ مَعَ السَّلَامِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْإِعَادَةِ. (قَوْلُهُ: وَعَلَى الْأَوَّلِ) أَيْ وَيَرِدُ عَلَى التَّعْرِيفِ الْأَوَّلِ حَيْثُ قُيِّدَ بِكَوْنِهِ أَوَّلًا، وَالْمُعْتَبَرُ فِي التَّكْرَارِ هُوَ الثَّانِي. وَالْجَوَابُ أَنَّ الْإِيجَابَ الْأَوَّلَ لَمَّا بَطَلَ صَارَ الثَّانِي أَوَّلًا فِي التَّحْقِيقِ، عَلَى أَنَّ كُلًّا مِنْ الْإِيجَابَيْنِ أَوَّلٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْقَبُولِ أَفَادَهُ ط. (قَوْلُهُ: تَكْرَارُ الْإِيجَابِ) أَيْ قَبْلَ الْقَبُولِ. (قَوْلُهُ: مُبْطِلٌ لِلْأَوَّلِ) وَيَنْصَرِفُ الْقَبُولُ إلَى الْإِيجَابِ الثَّانِي، وَيَكُونُ بَيْعًا بِالثَّمَنِ الْأَوَّلِ بَحْرٌ، وَصَوَابُهُ بِالثَّمَنِ الثَّانِي كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَيُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي. (قَوْلُهُ: إلَّا فِي عِتْقٍ وَطَلَاقٍ عَلَى مَالٍ) لَمْ يَذْكُرْ فِي الْأَشْبَاهِ الطَّلَاقَ بَلْ ذَكَرَهُ فِي الْبَحْرِ. وَقَدْ اعْتَرَضَ الْبِيرِيُّ عَلَى الْأَشْبَاهِ حَيْثُ اقْتَصَرَ عَلَى الْعِتْقِ مَعَ أَنَّ الْوَلْوَالِجِيَّ ذَكَرَ الطَّلَاقَ أَيْضًا، وَذَكَرَ أَنَّهُ رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُمَا كَالْبَيْعِ، وَأَنَّ مَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَصَحُّ. اهـ. وَفِي الْبِيرِيِّ أَيْضًا عَنْ الذَّخِيرَةِ قَالَ: لِغَيْرِهِ بِعْتُكَ هَذَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ ثُمَّ قَالَ: بِعْتُكَهُ بِمِائَةٍ دِينَارٍ فَقَالَ: الْمُشْتَرِي قَبِلْتُ انْصَرَفَ قَبُولُهُ إلَى الْإِيجَابِ الثَّانِي وَيَكُونُ بَيْعًا بِمِائَةِ دِينَارٍ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: لِعَبْدِهِ أَنْتَ حُرٌّ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ أَنْتَ حُرٌّ عَلَى مِائَةِ دِينَارٍ فَقَالَ: الْعَبْدُ قَبِلْتُ لَزِمَهُ الْمَالَانِ. وَالْفَرْقُ أَنَّ الْإِيجَابَ الثَّانِيَ رُجُوعٌ عَنْ الْإِيجَابِ الْأَوَّلِ، وَرُجُوعُ الْبَائِعِ قَبْلَ قَبُولِ الْمُشْتَرِي عَامِلٌ؛ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ: رَجَعْتُ عَنْ ذَلِكَ قَبْلَ قَبُولِ الْمُشْتَرِي يَعْمَلُ رُجُوعُهُ، وَإِذَا عَمِلَ رُجُوعُهُ بَطَلَ الْإِيجَابُ الْأَوَّلُ وَانْصَرَفَ الْقَبُولُ إلَى الْإِيجَابِ الثَّانِي. أَمَّا رُجُوعُ الْمَوْلَى عَنْ إيجَابِ الْعِتْقِ لَيْسَ بِعَامِلٍ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ: رَجَعْتُ عَنْ ذَلِكَ لَا يَعْمَلُ رُجُوعُهُ؛ لِأَنَّ إيجَابَ الْعِتْقِ بِالْمَالِ تَعْلِيقٌ بِالْقَبُولِ، وَالرُّجُوعُ فِي التَّعْلِيقَاتِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute