لَكِنْ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: إنْ بَدَأَ الْبَائِعُ فَقَبِلَ الْمُشْتَرِي بِنَعَمْ لَمْ يَنْعَقِدْ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِتَحْقِيقٍ وَبِعَكْسِهِ صَحَّ؛ لِأَنَّهُ جَوَابٌ وَفِي الْقُنْيَةِ نَعَمْ بَعْدَ الِاسْتِفْهَامِ كَهَلْ بِعْتَ مِنِّي بِكَذَا بِيعَ إنْ نَقَدَ الثَّمَنَ؛ لِأَنَّ النَّقْدَ دَلِيلُ التَّحْقِيقِ
وَلَوْ قَالَ: بِعْته فَبَلِّغْهُ يَا فُلَانُ فَبَلَّغَهُ غَيْرُهُ جَازَ فَلْيُحْفَظْ. (وَلَا يَتَوَقَّفُ شَطْرُ الْعَقْدِ فِيهِ) أَيْ الْبَيْعِ (عَلَى قَبُولِ غَائِبٍ) فَلَوْ قَالَ بِعْتُ فُلَانًا الْغَائِبَ فَبَلِّغْهُ فَقَبِلَ لَمْ يَنْعَقِدْ (اتِّفَاقًا) إلَّا إذَا كَانَ بِكِتَابَةٍ أَوْ رِسَالَةٍ فَيُعْتَبَرُ مَجْلِسُ بُلُوغِهَا.
(كَمَا) لَا يَتَوَقَّفُ. (فِي النِّكَاحِ عَلَى الْأَظْهَرِ) خِلَافًا لِلثَّانِي،
ــ
[رد المحتار]
فِيمَا لَوْ قَالَ: اشْتَرَيْتُ مِنْكَ هَذَا بِأَلْفٍ فَقَالَ: نَعَمْ. اهـ. وَنَحْوَهُ فِي الْفَتْحِ.
(قَوْلُهُ: لَكِنْ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ إلَخْ) وَمِثْلُهُ مَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة بِعْتُ مِنْكَ هَذَا بِأَلْفٍ فَقَالَ: الْمُشْتَرِي قَدْ فَعَلْتُ، فَهَذَا بَيْعٌ وَلَوْ قَالَ: نَعَمْ لَا يَكُونُ بَيْعًا وَذَكَرَ فِي فَتَاوَى سَمَرْقَنْدِيِّ أَنَّ مَنْ قَالَ: لِغَيْرِهِ اشْتَرَيْت عَبْدَكَ هَذَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَقَالَ: الْبَائِعُ قَدْ فَعَلْتُ، أَوْ قَالَ: نَعَمْ أَوْ قَالَ: هَاتِ الثَّمَنَ صَحَّ الْبَيْعُ وَهُوَ الْأَصَحُّ. اهـ. فَهَذَا أَيْضًا صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَا يَكُونُ قَبُولًا مِنْ الْمُشْتَرِي. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَيْسَ بِتَحْقِيقٍ) ؛ لِأَنَّ قَوْلَ الْمُشْتَرِي نَعَمْ تَصْدِيقٌ لِقَوْلِ الْبَائِعِ بِعْتُكَ، وَلَا يَتَحَقَّقُ الْبَيْعُ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ بِعْتُكَ، بِخِلَافِ قَوْلِ الْبَائِعِ نَعَمْ بَعْدَ قَوْلِ الْمُشْتَرِي اشْتَرَيْتُ؛ لِأَنَّهُ جَوَابٌ لَهُ فَكَأَنَّهُ قَالَ: نَعَمْ اشْتَرَيْتَ مِنِّي وَالشِّرَاءُ يَتَوَقَّفُ عَلَى سَبْقِ الْبَيْعِ هَذَا مَا ظَهَرَ لِي فَتَأَمَّلْهُ. (قَوْلُهُ: وَفِي الْقُنْيَةِ إلَخْ) اسْتِدْرَاكٌ أَيْضًا عَلَى الْمَتْنِ بِأَنَّهُ يَكُونُ إيجَابًا أَيْضًا كَمَا نَبَّهْنَا عَلَيْهِ وَعِبَارَتُهَا كَمَا فِي الْبَحْرِ: كَهَلْ بِعْتَ مِنِّي بِكَذَا أَوْ هَلْ اشْتَرَيْتَ مِنِّي بِكَذَا إلَخْ وَظَاهِرُهُ أَنَّ نَقْدَ الثَّمَنِ قَائِمٌ مَقَامَ الْقَبُولِ؛ لِأَنَّ نَعَمْ بَعْدَ الِاسْتِفْهَامِ إيجَابٌ فَقَطْ، فَكَانَ النَّقْدُ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ أَخَذْتُهُ أَوْ رَضِيتُ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْقَبُولِ أَنْ يَكُونَ قَوْلًا كَمَا نَقَلْنَاهُ سَابِقًا عَنْ الْفَتْحِ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ: بِعْتُهُ إلَخْ) الْمُنَاسِبُ ذِكْرُ هَذَا الْفَرْعِ عَقِبَ قَوْلِهِ الْآتِي إلَّا إذَا كَانَ بِكِتَابَةٍ أَوْ رِسَالَةٍ، وَوَجْهُ الْجَوَازِ مَا نُقِلَ عَنْ الْمُحِيطِ أَنَّهُ حِينَ قَالَ: بَلِّغْهُ فَقَدْ أَظْهَرَ مِنْ نَفْسِهِ الرِّضَا بِالتَّبْلِيغِ فَكُلُّ مَنْ بَلَّغَهُ كَانَ التَّبْلِيغُ بِرِضَاهُ فَإِنْ قَبِلَ صَحَّ الْبَيْعُ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَتَوَقَّفُ) أَيْ بَلْ يَبْطُلُ ح. (قَوْلُهُ: شَطْرُ الْعَقْدِ) الْمُرَادُ بِهِ الْإِيجَابُ الصَّادِرُ أَوَّلًا. (قَوْلُهُ: فِيهِ) أَيْ الْبَيْعِ احْتِرَازٌ عَنْ الْخُلْعِ وَالْعِتْقِ كَمَا يَأْتِي. (قَوْلُهُ: فَبَلَغَهُ) أَيْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَأْمُرَ أَحَدًا بِتَبْلِيغِهِ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ أَمَّا لَوْ أَمَرَ أَحَدًا بِهِ فَبَلَّغَهُ وَقَبِلَ يَصِحُّ وَلَوْ كَانَ الْمُبَلِّغُ غَيْرَ الْمَأْمُورِ كَمَا مَرَّ آنِفًا. (قَوْلُهُ: إلَّا إذَا كَانَ بِكِتَابَةٍ أَوْ رِسَالَةٍ) صُورَةُ الْكِتَابَةِ أَنْ يَكْتُبَ أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ بِعْتُ عَبْدِي فُلَانًا مِنْكَ بِكَذَا فَلَمَّا بَلَغَهُ الْكِتَابُ قَالَ: فِي مَجْلِسِهِ ذَلِكَ اشْتَرَيْتُ تَمَّ الْبَيْعُ بَيْنَهُمَا: وَصُورَةُ الْإِرْسَالِ أَنْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيَقُولَ الْبَائِعُ بِعْتُ هَذَا مِنْ فُلَانٍ الْغَائِبِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَاذْهَبْ يَا فُلَانُ وَقُلْ لَهُ فَذَهَبَ الرَّسُولُ فَأَخْبَرَهُ بِمَا قَالَ: فَقَبِلَ الْمُشْتَرِي فِي مَجْلِسِهِ ذَلِكَ، وَفِي النِّهَايَةِ وَكَذَا هَذَا فِي الْإِجَارَةِ وَالْهِبَةِ وَالْكِتَابَةِ بَحْرٌ. قُلْتُ: وَيَكُونُ بِالْكِتَابَةِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ فَإِذَا كَتَبَ اشْتَرَيْتُ عَبْدَكَ فُلَانًا بِكَذَا فَكَتَبَ إلَيْهِ الْبَائِعُ قَدْ بِعْتُ فَهَذَا بَيْعٌ كَمَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
(قَوْلُهُ: فَيُعْتَبَرُ مَجْلِسُ بُلُوغِهَا) إي بُلُوغِ الرِّسَالَةِ أَوْ الْكِتَابَةِ قَالَ: فِي الْهِدَايَةِ: وَالْكِتَابَةُ كَالْخِطَابِ وَكَذَا الْإِرْسَالُ حَتَّى اُعْتُبِرَ مَجْلِسُ بُلُوغِ الْكِتَابَةِ وَأَدَاءِ الرِّسَالَةِ. اهـ. وَفِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَقَالَ: شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ مِنْ مَبْسُوطِهِ: كَمَا يَنْعَقِدُ النِّكَاحُ بِالْكِتَابَةِ يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ وَسَائِرُ التَّصَرُّفِ بِالْكِتَابَةِ أَيْضًا. وَذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute