فَلَهُ الرُّجُوعُ؛ لِأَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ بِخِلَافِ الْخُلْعِ وَالْعِتْقِ عَلَى مَالٍ حَيْثُ يَتَوَقَّفُ اتِّفَاقًا فَلَا رُجُوعَ؛ لِأَنَّهُ يَمِينٌ نِهَايَةٌ
(وَأَمَّا الْفِعْلُ فَالتَّعَاطِي) وَهُوَ التَّنَاوُلُ قَامُوسٌ. (فِي خَسِيسٍ وَنَفِيسٍ) خِلَافًا لِلْكَرْخِيِّ
ــ
[رد المحتار]
خُوَاهَرْ زَادَهْ فِي مَبْسُوطِهِ الْكِتَابُ وَالْخِطَابُ سَوَاءٌ إلَّا فِي فَصْلٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ حَاضِرًا فَخَاطَبَهَا بِالنِّكَاحِ، فَلَمْ تُجِبْ فِي مَجْلِسِ الْخِطَابِ، ثُمَّ أَجَابَتْ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ، فَإِنَّ النِّكَاحَ لَا يَصِحُّ وَفِي الْكِتَابِ إذَا بَلَغَهَا وَقَرَأَتْ الْكِتَابَ وَلَمْ تُزَوِّجْ نَفْسَهَا مِنْهُ فِي الْمَجْلِسِ الَّذِي قَرَأَتْ الْكِتَابَ فِيهِ، ثُمَّ زَوَّجَتْ نَفْسَهَا فِي مَجْلِسٍ آخَرَ بَيْنَ يَدَيْ الشُّهُودِ، وَقَدْ سَمِعُوا كَلَامَهَا وَمَا فِي الْكِتَابِ يَصِحُّ النِّكَاحُ؛ لِأَنَّ الْغَائِبَ إنَّمَا صَارَ خَاطِبًا لَهَا بِالْكِتَابِ وَالْكِتَابُ بَاقٍ فِي الْمَجْلِسِ الثَّانِي فَصَارَ بَقَاءُ الْكِتَابِ فِي مَجْلِسِهِ وَقَدْ سَمِعَ الشُّهُودُ مَا فِيهِ فِي الْمَجْلِسِ الثَّانِي بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ تَكَرَّرَ الْخِطَابُ مِنْ الْحَاضِرِ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ فَأَمَّا إذَا كَانَ حَاضِرًا فَإِنَّمَا صَارَ خَاطِبًا لَهَا بِالْكَلَامِ، وَمَا وُجِدَ مِنْ الْكَلَامِ لَا يَبْقَى إلَى الْمَجْلِسُ الثَّانِي وَإِنَّمَا سَمِعَ الشُّهُودُ فِي الْمَجْلِسِ الثَّانِي أَحَدَ شَطْرَيْ الْعَقْدِ. اهـ.
وَحَاصِلُهُ: أَنَّ قَوْلَهُ تَزَوَّجْتُكَ بِكَذَا إذَا لَمْ يُوجَدْ قَبُولٌ يَكُونُ مُجَرَّدَ خِطْبَةٍ مِنْهُ لَهَا، فَإِذَا قَبِلَتْ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ لَا يَصِحُّ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَتَبَ ذَلِكَ إِلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا لَمَّا قَرَأَتْ الْكِتَابَ ثَانِيًا وَفِيهِ قَوْلُهُ تَزَوَّجْتُكِ بِكَذَا، وَقَبِلَتْ عِنْدَ الشُّهُودِ صَحَّ الْعَقْدُ كَمَا لَوْ خَطَبَهَا بِهِ ثَانِيًا: وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْبَيْعَ كَذَلِكَ وَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ الْهِدَايَةِ فَتَأَمَّلْ. ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ قِرَاءَةَ الْكِتَابِ صَارَتْ بِمَنْزِلَةِ الْإِيجَابِ مِنْ الْكَاتِبِ، فَإِذَا قَبِلَ الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ فِي الْمَجْلِسِ، فَقَدْ صَدَرَ الْإِيجَابُ، وَالْقَبُولُ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ فَلَا حَاجَةَ إلَى قَوْلِهِ إلَّا إذَا كَانَ بِكِتَابَةٍ أَوْ رِسَالَةٍ، نَعَمْ بِالنَّظَرِ إلَى مَجْلِسِ الْكِتَابَةِ يَصِحُّ فَإِنَّهُ لَمَّا كَتَبَ بِعْتُكَ لَمْ يَلْغُ بَلْ تَوَقَّفَ عَلَى الْقَبُولِ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْقَبُولُ مُتَوَقِّفًا عَلَى قِرَاءَةِ الْكِتَابِ فَافْهَمْ. (قَوْلُهُ: فَلَهُ الرُّجُوعُ) لَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ الْمُوجِبَ لَهُ الرُّجُوعُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ، فَإِنَّ الْإِيجَابَ إذَا كَانَ بَاطِلًا فَلَا مَعْنَى لِلرُّجُوعِ عَنْهُ بَلْ الْمُرَادُ أَنَّ الْمُوجِبَ لَهُ الرُّجُوعُ قَبْلَ قَبُولِ الْحَاضِرِ، قَالَ: فِي الْمِنَحِ: ثُمَّ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ لَا يَتَوَقَّفُ شَطْرُ الْعَقْدِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ مِنْ الْعَاقِدِ الرُّجُوعُ عَنْهُ، وَلَا يَجُوزُ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ؛ لِأَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ وَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ يَتَوَقَّفُ كَالْخُلْعِ وَالْعِتْقِ عَلَى مَالٍ لَا يَصِحُّ الرُّجُوعُ، وَيَصِحُّ التَّعْلِيقُ بِالشَّرْطِ لِكَوْنِهِ يَمِينًا مِنْ جَانِبِ الزَّوْجِ وَالْمَوْلَى، مُعَارَضَةً مِنْ جَانِبِ الزَّوْجَةِ وَالْعَبْدِ. اهـ. ح. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يَمِينٌ) أَيْ مِنْ جَانِبِ الزَّوْجِ وَالْمَوْلَى وَذَلِكَ أَنَّ الْيَمِينَ بِغَيْرِ اللَّهِ - تَعَالَى - ذِكْرُ الشَّرْطِ وَالْجَزَاءِ، وَالْخَلْعُ وَالْعِتْقُ تَعْلِيقُ الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ بِقَبُولِ الْمَرْأَةِ وَالْعَبْدِ وَهُمَا مِنْ جَانِبِ الْمَرْأَةِ وَالْعَبْدِ مُعَاوَضَةٌ فَحَيْثُ كَانَ يَمِينًا مِنْ جَانِبِ الزَّوْجِ وَالْمَوْلَى امْتَنَعَ الرُّجُوعُ وَتَمَامُهُ فِي الْعَزْمِيَّةِ.
(قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْفِعْلُ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ أَمَّا الْقَوْلُ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ التَّنَاوُلُ قَامُوسٌ) قَالَ: فِي الْبَحْرِ: وَهَكَذَا فِي الصِّحَاحِ وَالْمِصْبَاحِ، وَهُوَ إنَّمَا يَقْتَضِي الْإِعْطَاءَ مِنْ جَانِبٍ وَالْأَخْذَ مِنْ جَانِبٍ لَا الْإِعْطَاءَ مِنْ الْجَانِبَيْنِ كَمَا فَهِمَ الطَّرَسُوسِيُّ أَيْ حَيْثُ قَالَ: إنْ حَقِيقَةَ التَّعَاطِي وَضْعُ الثَّمَنِ وَأَخْذُ الْمُثَمَّنِ عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا مِنْ غَيْرِ لَفْظٍ، وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْإِعْطَاءِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْمُعَاطَاةِ وَهِيَ مُفَاعَلَةٌ اهـ. قُلْتُ: وَقَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ لَفْظٍ يُفِيدُ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْفَتْحِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: بِعْتُكَهُ بِأَلْفٍ فَقَبَضَهُ الْمُشْتَرِي وَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا كَانَ قَبْضُهُ قَبُولًا، وَلَيْسَ مِنْ بَيْعِ التَّعَاطِي، خِلَافًا لِمَنْ جَعَلَهُ مِنْهُ فَإِنَّ التَّعَاطِيَ لَيْسَ فِيهِ إيجَابٌ بَلْ قَبْضٌ بَعْدَ مَعْرِفَةِ الثَّمَنِ. (قَوْلُهُ: فِي خَسِيسٍ وَنَفِيسٍ) النَّفِيسُ مَا كَثُرَ ثَمَنُهُ كَالْعَبْدِ وَالْخَسِيسُ مَا قَلَّ ثَمَنُهُ كَالْخُبْزِ وَمِنْهُمْ مَنْ حَدَّ النَّفِيسَ بِنِصَابِ السَّرِقَةِ فَأَكْثَرَ وَالْخَسِيسَ بِمَا دُونَهُ وَالْإِطْلَاقُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ ط عَنْ الْبَحْرِ. قُلْتُ: لَيْسَ فِي الْبَحْرِ قَوْلُهُ: " وَالْإِطْلَاقُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ "، نَعَمْ ذَكَرَهُ فِي شُمُولِ التَّعَاطِي لِلْخَسِيسِ وَالنَّفِيسِ، فَقَالَ: وَهُوَ الصَّحِيحُ الْمُعْتَمَدُ. (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِلْكَرْخِيِّ) فَإِنَّهُ قَالَ: لَا يَنْعَقِدُ إلَّا فِي الْخَسِيسِ ط عَنْ الْقُهُسْتَانِيِّ وَمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute