وَلَوْ) التَّعَاطِي (مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ عَلَى الْأَصَحِّ) فَتْحٌ وَبِهِ يُفْتِي فَيْضٌ. (إذَا لَمْ يُصَرِّحْ مَعَهُ) مَعَ التَّعَاطِي (بِعَدَمِ الرِّضَا) فَلَوْ دَفَعَ الدَّرَاهِمَ وَأَخَذَ الْبَطَاطِيخَ وَالْبَائِعُ يَقُولُ: لَا أُعْطِيهَا بِهَا لَمْ يَنْعَقِدْ كَمَا لَوْ كَانَ بَعْدَ عَقْدٍ فَاسِدٍ خُلَاصَةٌ وَبَزَّازِيَّةٌ وَصَرَّحَ فِي الْبَحْرِ بِأَنَّ الْإِيجَابَ وَالْقَبُولَ بَعْدَ عَقْدٍ فَاسِدٍ لَا يَنْعَقِدُ بِهِمَا الْبَيْعُ قَبْلَ مُتَارَكَةِ الْفَاسِدِ
ــ
[رد المحتار]
فِي الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ مِنْ أَنَّ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ فَهُوَ خِلَافُ الْمَشْهُورِ كَمَا فِي الْبَحْرِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ التَّعَاطِي مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ) صُورَتُهُ أَنْ يَتَّفِقَا عَلَى الثَّمَنِ ثُمَّ يَأْخُذَ الْمُشْتَرِي الْمَتَاعَ، وَيَذْهَبَ بِرِضَا صَاحِبِهِ مِنْ غَيْرِ دَفْعِ الثَّمَنِ، أَوْ يَدْفَعَ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ لِلْبَائِعِ ثُمَّ يَذْهَبَ مِنْ غَيْرِ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ، فَإِنَّ الْبَيْعَ لَازِمٌ عَلَى الصَّحِيحِ، حَتَّى لَوْ امْتَنَعَ أَحَدُهُمَا بَعْدَهُ أَجْبَرَهُ الْقَاضِي وَهَذَا فِيمَا ثَمَنُهُ غَيْرُ مَعْلُومٍ أَمَّا الْخُبْزُ وَاللَّحْمُ، فَلَا يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى بَيَانِ الثَّمَنِ ذَكَرَهُ فِي الْبَحْرِ. وَالْمُرَادُ فِي صُورَةِ دَفْعِ الثَّمَنِ فَقَطْ أَنَّ الْمَبِيعَ مَوْجُودٌ مَعْلُومٌ لَكِنَّ الْمُشْتَرِيَ دَفَعَ ثَمَنَهُ وَلَمْ يَقْبِضْهُ ط.
وَفِي الْقُنْيَةِ دَفَعَ إلَى بَائِعِ الْحِنْطَةِ خَمْسَةَ دَنَانِيرَ لِيَأْخُذ مِنْهُ حِنْطَةً، وَقَالَ: لَهُ بِكَمْ تَبِيعُهَا؟ فَقَالَ: مِائَةٌ بِدِينَارٍ فَسَكَتَ الْمُشْتَرِي، ثُمَّ طَلَبَ مِنْهُ الْحِنْطَةَ لِيَأْخُذهَا فَقَالَ: الْبَائِعُ غَدًا أَدْفَعُ لَكَ وَلَمْ يَجْرِ بَيْنَهُمَا بَيْعٌ، وَذَهَبَ الْمُشْتَرِي فَجَاءَ غَدًا لِيَأْخُذَ الْحِنْطَةَ، وَقَدْ تَغَيَّرَ السِّعْرُ فَعَلَى الْبَائِعِ أَنْ يَدْفَعَهَا بِالسِّعْرِ الْأَوَّلِ قَالَ: - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: وَفِي هَذِهِ الْوَاقِعَةِ أَرْبَعُ مَسَائِلَ: إحْدَاهَا الِانْعِقَادُ بِالتَّعَاطِي. الثَّانِيَةُ: الِانْعِقَادُ فِي الْخَسِيسِ وَالنَّفِيسِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ. الثَّالِثَةُ: الِانْعِقَادُ بِهِ مِنْ جَانِبٍ وَاحِدٍ. الرَّابِعَةُ: كَمَا يَنْعَقِدُ بِإِعْطَاءِ الْمَبِيعِ يَنْعَقِدُ بِإِعْطَاءِ الثَّمَنِ. اهـ.
قُلْتُ: وَفِيهَا مَسْأَلَةٌ خَامِسَةٌ أَنَّهُ يَنْعَقِدُ بِهِ وَلَوْ تَأَخَّرَتْ مَعْرِفَةُ الْمُثَمَّنِ لِكَوْنِ دَفْعِ الثَّمَنِ قَبْلَ مَعْرِفَتِهِ بَحْرٌ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَنْعَقِدْ) أَيْ وَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ عَادَةَ السُّوقَةِ أَنَّ الْبَائِعَ إذَا لَمْ يَرْضَ بِرَدِّ الثَّمَنِ أَوْ يَسْتَرِدَّ الْمَتَاعَ وَإِلَّا يَكُونُ رَاضِيًا بِهِ، وَيَصِحُّ خَلْفُهُ لَا أُعْطِيهَا تَطْيِيبًا لِقَلْبِ الْمُشْتَرِي فَإِنَّهُ مَعَ هَذَا لَا يَصِحُّ الْبَيْعُ قُنْيَةٌ. مَطْلَبٌ الْبَيْعُ بِالتَّعَاطِي (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ كَانَ) أَيْ الْبَيْعُ بِالتَّعَاطِي بَعْدَ عَقْدٍ فَاسِدٍ، وَعِبَارَةُ الْخُلَاصَةِ اشْتَرَى رَجُلٌ مِنْ وَسَائِدِي وَسَائِدِ وَوُجُوهَ الطَّنَافِسِ، وَهِيَ غَيْرُ مَنْسُوجَةٍ بَعْدُ وَلَمْ يَضْرِبَا لَهُ أَجَلًا لَمْ يَجُزْ، فَلَوْ نَسَجَ الْوَسَائِدَ وَوُجُوهَ الطَّنَافِسِ وَسَلَّمَ إلَى الْمُشْتَرِي لَا يَصِيرُ هَذَا بَيْعًا بِالتَّعَاطِي؛ لِأَنَّهُمَا يُسَلِّمَانِ بِحُكْمِ ذَلِكَ الْبَيْعِ السَّابِقِ، وَأَنَّهُ وَقَعَ بَاطِلًا. اهـ.
وَعِبَارَةُ الْبَزَّازِيَّةِ وَالتَّعَاطِي إنَّمَا يَكُونُ بَيْعًا إذَا لَمْ يَكُنْ بِنَاءً عَلَى بَيْعٍ فَاسِدٍ أَوْ بَاطِلٍ سَابِقٍ أَمَّا إذَا كَانَ بِنَاءً عَلَيْهِ فَلَا. اهـ.
(قَوْلُهُ: لَا يَنْعَقِدُ بِهِمَا الْبَيْعُ قَبْلَ مُتَارَكَةِ الْفَاسِدِ) يَتَفَرَّعُ عَلَيْهِ مَا فِي الْخَانِيَّةِ: لَوْ اشْتَرَى ثَوْبًا شِرَاءً فَاسِدًا ثُمَّ لَقِيَهُ غَدًا فَقَالَ: قَدْ بِعْتنِي ثَوْبَكَ هَذَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَقَالَ: بَلَى فَقَالَ: قَدْ أَخَذْتُهُ فَهُوَ بَاطِلٌ، وَهَذَا عَلَى مَا كَانَ قَبْلَهُ مِنْ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ، فَإِنْ كَانَا تَتَارَكَا الْبَيْعَ الْفَاسِدَ فَهُوَ جَائِزٌ الْيَوْمَ. اهـ.
قُلْتُ: لَكِنْ فِي النِّهَايَةِ وَالْفَتْحِ وَغَيْرِهِمَا عِنْدَ قَوْلِ الْهِدَايَةِ وَمَنْ بَاعَ صُبْرَةَ طَعَامٍ كُلَّ قَفِيزٍ بِدِرْهَمٍ إلَخْ الْبَيْعُ بِالرَّقْمِ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّ فِيهِ زِيَادَةَ جَهَالَةٍ تَمَكَّنَتْ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ وَهِيَ جَهَالَةُ الثَّمَنِ بِرَقْمٍ لَا يَعْلَمُهُ الْمُشْتَرِي، فَصَارَ بِمَنْزِلَةِ الْقِمَارِ وَعَنْ هَذَا قَالَ: شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ، وَإِنْ عَلِمَ بِالرَّقْمِ فِي الْمَجْلِسِ لَا يَنْقَلِبُ ذَلِكَ الْعَقْدُ جَائِزًا، وَلَكِنْ إنْ كَانَ الْبَائِعُ دَائِمًا عَلَى الرِّضَا فَرَضِيَ بِهِ الْمُشْتَرِي يَنْعَقِدُ بَيْنَهُمَا عَقْدٌ بِالتَّرَاضِي. اهـ. وَعَبَّرَ فِي الْفَتْحِ بِالتَّعَاطِي، وَالْمُرَادُ وَاحِدٌ وَسَيَأْتِي أَيْضًا فِي بَابِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ أَنَّ بَيْعَ الْآبِقِ لَا يَصِحُّ، وَأَنَّهُ لَوْ بَاعَهُ ثُمَّ عَادَ وَسَلَّمَهُ يَتِمُّ الْبَيْعُ فِي رِوَايَةٍ وَظَاهِرُ الرِّوَايَةِ أَنَّهُ لَا يَتِمُّ قَالَ: فِي الْبَحْرِ هُنَاكَ وَأَوَّلُوا الرِّوَايَةَ الْأُولَى بِأَنَّهُ يَنْعَقِدُ بَيْعًا بِالتَّعَاطِي. اهـ. وَظَاهِرُ هَذَا عَدَمُ اشْتِرَاطِ مُتَارَكَةِ الْفَاسِدِ، وَقَدْ يُجَابُ عَلَى بُعْدٍ بِحَمْلِ الِاشْتِرَاطِ عَلَى مَا إذَا كَانَ التَّعَاطِي بَعْدَ الْمَجْلِسِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute