فَفِي بَيْعِ التَّعَاطِي بِالْأَوْلَى، وَعَلَيْهِ فَيُحْمَلُ مَا فِي الْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهَا عَلَى ذَلِكَ، وَتَمَامُهُ فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ الْفَوَائِدِ إذَا بَطَلَ الْمُتَضَمِّنُ بَطَلَ الْمُتَضَمَّنُ وَالْمَبْنِيُّ عَلَى الْفَاسِدِ فَاسِدٌ. (وَقِيلَ: لَا بُدَّ) فِي التَّعَاطِي (مِنْ الْإِعْطَاءِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ) قَالَهُ الطَّرَسُوسِيُّ، وَاخْتَارَهُ الْبَزَّازِيُّ. وَأَفْتَى بِهِ الْحَلْوَانِيُّ وَاكْتَفَى الْكَرْمَانِيُّ بِتَسْلِيمِ الْبَيْعِ مَعَ بَيَانِ الثَّمَنِ فَتَحَرَّرَ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ وَقَدْ عَلِمْتَ الْمُفْتَى بِهِ وَحَرَّرْنَا فِي شَرْحِ الْمُلْتَقَى صِحَّةَ الْإِقَالَةِ وَالْإِجَارَةِ وَالصَّرْفِ بِالتَّعَاطِي فَلْيُحْفَظْ.
ــ
[رد المحتار]
أَمَّا فِيهِ فَلَا يُشْتَرَطُ كَمَا هُنَا، وَالْفَرْقُ أَنَّهُ بَعْدَ الْمَجْلِسِ يَتَقَرَّرُ الْفَسَادُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَلَا بُدَّ مِنْ الْمُتَارَكَةِ أَمَّا فِي الْمَجْلِسِ، فَلَا يُقَرَّرُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَتَحْصُلَ الْمُتَارَكَةُ ضِمْنًا تَأَمَّلْ. وَيُحْتَمَلُ وَهُوَ الظَّاهِرُ أَنْ يَكُونَ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ وَانْظُرْ مَا يَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ وَفَسَدَ فِي الْكُلِّ فِي بَيْعٍ ثُلُثُهُ إلَخْ.
هَذَا وَمَا ذَكَرَهُ عَنْ الْحُلْوَانِيِّ فِي الْبَيْعِ بِالرَّقْمِ جَزَمَ بِخِلَافِهِ فِي الْهِنْدِيَّةِ آخِرَ بَابِ الْمُرَابَحَةِ، وَذَكَرَ أَنَّ الْعِلْمَ فِي الْمَجْلِسِ يُجْعَلُ كَابْتِدَاءِ الْعَقْدِ، وَيَصِيرُ كَتَأْخِيرِ الْقَبُولِ إلَى آخِرِ الْمَجْلِسِ وَبِهِ جَزَمَ فِي الْفَتْحِ هُنَاكَ أَيْضًا. (قَوْلُهُ: فَفِي بَيْعِ التَّعَاطِي بِالْأَوْلَى إلَخْ) مَأْخُوذٌ مِنْ الْبَحْرِ حَيْثُ قَالَ: فَفِي بَيْعِ التَّعَاطِي بِالْأَوْلَى، وَهُوَ صَرِيحُ الْخُلَاصَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ إنَّ التَّعَاطِيَ بَعْدَ عَقْدٍ فَاسِدٍ أَوْ بَاطِلٍ لَا يَنْعَقِدُ بِهِ الْبَيْعُ؛ لِأَنَّهُ بِنَاءً عَلَى السَّابِقِ، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ. اهـ. وَقَوْلُهُ: عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ أَيْ أَنَّ عَدَمَ الِانْعِقَادِ قَبْلَ مُتَارَكَةِ الْأَوَّلِ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ الشَّارِحِ، فَيُحْمَلُ مَا فِي الْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهَا عَلَى ذَلِكَ وَمُرَادُهُ بِمَا فِي الْخُلَاصَةِ مَا قَدَّمَهُ مِنْ قَوْلِهِ كَمَا لَوْ كَانَ بَعْدَ عَقْدٍ فَاسِدٍ، وَنَقَلْنَا عِبَارَتَهَا وَعِبَارَةَ الْبَزَّازِيَّةِ، وَلَيْسَ فِيهَا التَّقْيِيدُ بِمَا قَبْلَ مُتَارَكَةِ الْأَوَّلِ فَقَيَّدَهُ الشَّارِحُ بِهِ تَبَعًا لِلْبَحْرِ لِئَلَّا يُخَالِفَ كَلَامَ غَيْرِهَا فَافْهَمْ. (قَوْلُهُ: وَتَمَامُهُ فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ الْفَوَائِدِ) أَيْ فِي آخِرِ الْفَنِّ الثَّالِثِ، وَلَيْسَ فِيهِ زِيَادَةٌ عَلَى أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ فَلَعَلَّهُ أَرَادَ مَا كَتَبَ عَلَى الْأَشْبَاهِ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ أَوْ مَا أَشْبَهَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مِمَّا تَفَرَّعَ عَلَى الْأَصْلِ الْمَذْكُورِ. (قَوْلُهُ: إذَا بَطَلَ الْمُتَضَمِّنُ) بِالْكَسْرِ بَطَلَ الْمُتَضَمَّنُ بِالْفَتْحِ، فَإِنَّهُ لَمَّا بَطَلَ الْبَيْعُ الْأَوَّلُ بَطَلَ مَا تَضَمَّنَهُ مِنْ الْقَبْضِ إذَا كَانَ قَبْلَ الْمُتَارَكَةِ، قَالَ: ح: وَهُوَ بَدَلٌ مِنْ الْفَوَائِدِ بَدَلُ بَعْضٍ مِنْ كُلٍّ. اهـ.
ط وَفِي هَذِهِ الْقَاعِدَةِ بَحْثٌ سَنَذْكُرُهُ عِنْدَ الْكَلَامِ عَلَى بَيْعِ الثَّمَرَةِ الْبَارِزَةِ. (قَوْلُهُ: فَتَحَرَّرَ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ) هَذَا الِاخْتِلَافُ نَشَأَ مِنْ كَلَامِ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ، فَإِنَّهُ ذَكَرَ بَيْعَ التَّعَاطِي فِي مَوَاضِعَ، فَصَوَّرَهُ فِي مَوْضِعٍ بِالْإِعْطَاءِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ، فَفَهِمَ مِنْهُ الْبَعْضُ أَنَّهُ شَرْطٌ، وَصَوَّرَهُ فِي مَوْضِعٍ بِالْإِعْطَاءِ مِنْ أَحَدِهِمَا فَفَهِمَ الْبَعْضُ أَنَّهُ يَكْتَفِي بِهِ، وَصَوَّرَهُ فِي مَوْضِعٍ بِتَسْلِيمِ الْمَبِيعِ فَفَهِمَ الْبَعْضُ أَنَّ تَسْلِيمَ الثَّمَنِ لَا يَكْفِي بَحْرٌ عَنْ الذَّخِيرَةِ ط. (قَوْلُهُ: وَحَرَّرْنَا فِي شَرْحِ الْمُلْتَقَى إلَخْ) عِبَارَتَهُ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ الْإِقَالَةُ تَنْعَقِدُ بِالتَّعَاطِي أَيْضًا مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ عَلَى الصَّحِيحِ. اهـ. وَكَذَا الْإِجَارَةُ كَمَا فِي الْعِمَادِيَّةِ، وَكَذَا الصَّرْفُ كَمَا فِي النَّهْرِ مُسْتَدِلًّا عَلَيْهِ بِمَا فِيهِ التَّتَارْخَانِيَّة: اشْتَرَى عَبْدًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ عَلَى أَنَّ الْمُشْتَرِيَ بِالْخِيَارِ، فَأَعْطَاهُ مِائَةَ دِينَارٍ ثُمَّ فَسَخَ الْبَيْعَ، فَعَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ الصَّرْفُ جَائِزٌ وَيَرُدُّ الدَّرَاهِمَ، وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ الصَّرْفُ بَاطِلٌ وَهِيَ فَائِدَةٌ حَسَنَةٌ لَمْ أَرَ مَنْ نَبَّهَ عَلَيْهَا. اهـ. [تَتِمَّةٌ] طَالَبَ مَدْيُونَهُ فَبَعَثَ إلَيْهِ شَعِيرًا قَدْرًا مَعْلُومًا وَقَالَ: خُذْهُ بِسِعْرِ الْبَلَدِ وَالسِّعْرُ لَهُمَا مَعْلُومٌ كَانَ بَيْعًا وَإِنْ لَمْ يَعْلَمَاهُ فَلَا، وَمِنْ بَيْعِ التَّعَاطِي تَسْلِيمُ الْمُشْتَرِي مَا اشْتَرَاهُ إلَى مَنْ يُطَالِبُهُ بِالشُّفْعَةِ فِي مَوْضِعٍ لَا شُفْعَةَ فِيهِ، وَكَذَا تَسْلِيمُ الْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ إلَى الْمُوَكِّلِ بَعْدَ مَا أَنْكَرَ التَّوْكِيلَ وَمِنْهُ حُكْمُ مَا إذَا جَاءَ الْمُودِعُ بِأَمَةٍ غَيْرِ الْمُودَعَةِ، وَحَلَفَ حَلَّ لِلْمُودِعِ وَطْؤُهَا وَكَانَ بَيْعًا بِالتَّعَاطِي. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ لَوْ قَالَ: لِلْخَيَّاطِ لَيْسَتْ هَذِهِ بِطَانَتِي فَحَلَفَ الْخَيَّاطُ أَنَّهَا هِيَ وَسِعَهُ أَخْذُهَا، وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا كَانَتْ الْعَيْنُ لِلدَّافِعِ وَمِنْهُ لَوْ رَدَّهَا بِخِيَارِ عَيْبٍ وَالْبَائِعُ مُتَيَقِّنٌ أَنَّهَا لَيْسَتْ لَهُ فَأَخَذَهَا وَرَضِيَ بِهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute