للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفِي مُعِينِ الْمُفْتِي لِلْمُصَنِّفِ مَعْزِيًّا للولوالجية: عِمَارَةٌ فِي أَرْضٍ بِيعَتْ فَإِنْ بِنَاءً أَوْ أَشْجَارًا

ــ

[رد المحتار]

بِمُقَابَلَةِ دَرَاهِمَ يَدْفَعُهَا لِلْمُتَوَلِّي أَوْ الْمَالِكِ الْعَلَّامَةُ الْمُحَقِّقُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ أَفَنْدِي الْعِمَادِيُّ صَاحِبُ هَدِيَّةِ ابْنِ الْعِمَادِ وَقَالَ: فَلَا يَمْلِكُ صَاحِبُ الْحَانُوتِ إخْرَاجَهُ وَلَا إجَارَتَهَا لِغَيْرِهِ مَا لَمْ يَدْفَعْ لَهُ الْمَبْلَغَ الْمَرْقُومَ، فَيُفْتِي بِجَوَازِ ذَلِكَ

لِلضَّرُورَةِ

قِيَاسًا عَلَى بَيْعِ الْوَفَاءِ الَّذِي تَعَارَفَهُ الْمُتَأَخِّرُونَ احْتِيَالًا عَلَى الرِّبَا إلَخْ. قُلْتُ: وَهُوَ مُقَيَّدٌ أَيْضًا بِمَا قُلْنَا إذَا كَانَ يَدْفَعُ أَجْرَ الْمِثْلِ، وَإِلَّا كَانَتْ سُكْنَاهُ بِمُقَابَلَةِ مَا دَفَعَهُ مِنْ الدَّرَاهِمِ عَيْنَ الرِّبَا كَمَا قَالُوا: فِيمَنْ دَفَعَ لِلْمُقْرِضِ دَارًا لِيَسْكُنَهَا أَوْ حِمَارًا لِيَرْكَبَهُ إلَى أَنْ يَسْتَوْفِيَ قَرْضَهُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ أُجْرَةُ الدَّارِ أَوْ الْحِمَارِ عَلَى أَنَّ مَا يَأْخُذُهُ الْمُتَوَلِّي مِنْ الدَّرَاهِمِ يَنْتَفِعُ بِهِ لِنَفْسِهِ، فَلَوْ لَمْ يَلْزَمْ صَاحِبَ الْخُلُوِّ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِلْمُسْتَحِقِّينَ يَلْزَمُ ضَيَاعُ حَقِّهِمْ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَا قَبَضَهُ الْمُتَوَلِّي صَرَفَهُ فِي عِمَارَةِ الْوَقْفِ، حَيْثُ تَعَيَّنَ ذَلِكَ طَرِيقًا إلَى عِمَارَتِهِ وَلَمْ يُوجَدْ مَنْ يَسْتَأْجِرُهُ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ مَعَ دَفْعِ ذَلِكَ الْمَبْلَغِ اللَّازِمِ لِلْعِمَارَةِ، فَحِينَئِذٍ قَدْ يُقَالُ بِجَوَازِ سُكْنَاهُ بِدُونِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ لِلضَّرُورَةِ وَمِثْلُ ذَلِكَ يُسَمَّى فِي زَمَانِنَا مَرْصَدًا كَمَا قَدَّمْنَاهُ فِي الْوَقْفِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.

بَقِيَ طَرِيقُ مَعْرِفَةِ أَجْرِ الْمِثْلِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: فِيهِ إنَّا نَنْظُرُ إلَى مَا دَفَعَهُ صَاحِبُ الْخُلُوِّ لِلْوَاقِفِ أَوْ الْمُتَوَلِّي عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ وَإِلَى مَا يُنْفِقُهُ فِي مَرَمَّةِ الدُّكَانِ وَنَحْوِهَا فَإِذَا كَانَ النَّاسُ يَرْغَبُونَ فِي دَفْعِ جَمِيعِ ذَلِكَ لِصَاحِبِ الْخُلُوِّ وَمَعَ ذَلِكَ يَسْتَأْجِرُونَ الدُّكَانَ بِمِائَةٍ مَثَلًا، فَالْمِائَةُ هِيَ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَلَا يُنْظَرُ إلَى مَا دَفَعَهُ هُوَ إلَى صَاحِبِ الْخُلُوِّ السَّابِقِ مِنْ مَالٍ كَثِيرٍ طَمَعًا فِي أَنَّ أُجْرَةَ هَذِهِ الدُّكَانِ عَشَرَةٌ مَثَلًا كَمَا هُوَ الْوَاقِعُ فِي زَمَانِنَا؛ لِأَنَّ مَا دَفَعَهُ مِنْ الْمَالِ الْكَثِيرِ لَمْ يَرْجِعْ مِنْهُ نَفْعٌ لِلْوَقْفِ أَصْلًا بَلْ هُوَ مَحْضُ ضَرَرٍ بِالْوَقْفِ، حَيْثُ لَزِمَ مِنْهُ اسْتِئْجَارُ الدُّكَانِ بِدُونِ أُجْرَتِهَا بِغَبَنٍ فَاحِشٍ، وَإِنَّمَا يُنْظَرُ إلَى مَا يَعُودُ نَفْعُهُ إلَى الْوَقْفِ فَقَطْ كَمَا ذَكَرْنَا. نَعَمْ جَرَتْ الْعَادَةُ أَنَّ صَاحِبَ الْخُلُوِّ حِينَ يَسْتَأْجِرُ الدُّكَانَ بِالْأُجْرَةِ الْيَسِيرَةِ يَدْفَعُ لِلنَّاظِرِ دَرَاهِمَ تُسَمَّى خِدْمَةً هِيَ فِي الْحَقِيقَةِ تَكْمِلَةُ أُجْرَةِ الْمِثْلِ أَوْ دُونَهَا، وَكَذَا إذَا مَاتَ صَاحِبُ الْخُلُوِّ أَوْ نَزَلَ عَنْ خُلُوِّهِ لِغَيْرِهِ يَأْخُذُ النَّاظِرُ مِنْ الْوَارِثِ أَوْ الْمَنْزُولِ لَهُ دَرَاهِمَ تُسَمَّى تَصْدِيقًا فَهَذَا تُحْسَبُ مِنْ الْأُجْرَةِ أَيْضًا، وَيَجِبُ عَلَى النَّاظِرِ صَرْفُهَا إلَى جِهَةِ الْوَقْفِ كَمَا قَدَّمْنَا فِي كِتَابِ الْوَقْفِ فِي مَسْأَلَةِ الْعَوَائِدِ الْعُرْفِيَّةِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

[تَنْبِيهٌ] ذَكَرَ السَّيِّدُ مُحَمَّدٌ أَبُو السُّعُودِ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الْأَشْبَاهِ: أَنَّ الْخُلُوَّ يَصْدُقُ بِالْعَيْنِ الْمُتَّصِلِ اتِّصَالَ قَرَارٍ وَبِغَيْرِهِ وَكَذَا الْجَدَكُ الْمُتَعَارَفُ فِي الْحَوَانِيتِ الْمَمْلُوكَةِ وَنَحْوِهَا كَالْقَهَاوِي تَارَةً يَتَعَلَّقُ بِمَا لَهُ حَقُّ الْقَرَارِ كَالْبِنَاءِ بِالْحَانُوتِ وَتَارَةً يَتَعَلَّقُ بِمَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ. وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ كَالْخُلُوِّ فِي الْحُكْمِ بِجَامِعِ وُجُودِ الْعُرْفِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا، وَالْمُرَادُ بِالْمُتَّصِلِ اتِّصَالَ قَرَارٍ مَا وُضِعَ لَا لِيَفْصِلَ كَالْبِنَاءِ وَلَا فَرْقَ فِي صِدْقِ كُلٍّ مِنْ الْخُلُوِّ وَالْجَدَكُ بِهِ، وَبِالْمُتَّصِلِ لَا عَلَى وَجْهِ الْقَرَارِ كَالْخَشَبِ الَّذِي يُرَكَّبُ بِالْحَانُوتِ لِوَضْعِ عِدَّةِ الْحَلَّاقِ مَثَلًا، فَإِنَّ الِاتِّصَالَ وُجِدَ لَكِنْ لَا عَلَى وَجْهِ الْقَرَارِ، وَكَذَا يَصْدُقَانِ بِمُجَرَّدِ الْمَنْفَعَةِ الْمُقَابِلَةِ لِلدَّرَاهِمِ، لَكِنْ يَنْفَرِدُ الْجَدَكُ بِالْعَيْنِ الْغَيْرِ الْمُتَّصِلَةِ أَصْلًا كَالْبَكَارِجِ وَالْفَنَاجِينِ بِالنِّسْبَةِ لِلْقَهْوَةِ وَالْمِقَشَّةِ وَالْفُوَطِ بِالنِّسْبَةِ لِلْحَمَّامِ وَالشُّونَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلْفُرْنِ وَبِهَذَا الِاعْتِبَارِ يَكُونُ الْجَدَكُ أَعَمَّ. بَقِيَ لَوْ كَانَ الْخُلُوُّ بِنَاءً أَوْ غِرَاسًا بِالْأَرْضِ الْمُحْتَكَرَةِ أَوْ الْمَمْلُوكَةِ يَجْرِي فِيهِ حَقُّ الشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا اتَّصَلَ بِالْأَرْضِ اتِّصَالَ قَرَارٍ الْتَحَقَ بِالْعَقَارِ. اهـ.

قُلْتُ: مَا ذَكَرَهُ مِنْ جَرَيَانِ الشُّفْعَةِ فِيهِ سَهْوٌ ظَاهِرٌ لِمُخَالَفَتِهِ الْمَنْصُوصَ عَلَيْهِ فِي كُتُبِ الْمَذْهَبِ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فَافْهَمْ.

هَذَا غَايَةُ مَا تَحَرَّرَ لِي فِي مَسْأَلَةِ الْخُلُوِّ فَاغْتَنِمْهُ فَإِنَّهُ مُفْرَدٌ وَقَدْ أَوْضَحْنَا الْفَرْقَ فِي بَابِ مِشَدِّ الْمَسْكَةِ مِنْ تَنْقِيحِ الْفَتَاوَى الْحَامِدِيَّةِ بَيْنَ الْمِشَدِّ وَالْخُلُوِّ وَالْجَدَكِ وَالْقِيمَةِ وَالْمَرْصَدِ الْمُتَعَارَفَةِ فِي زَمَانِنَا إيضَاحًا لَا يُوجَدُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ الْكِتَابِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الْمَلِكِ الْوَهَّابِ. .

(قَوْلُهُ: وَفِي مُعِينِ الْمُفْتِي إلَخْ) أَفَادَ بِهِ أَنَّ الْخُلُوَّ إذَا لَمْ يَكُنْ عَيْنًا قَائِمَةً

<<  <  ج: ص:  >  >>