للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جَازَ، وَإِنْ كِرَابًا أَوْ كُرَى أَنْهَارٍ أَوْ نَحْوَهُ مِمَّا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ بِمَالٍ وَلَا بِمَعْنَى مَالٍ لَمْ يَجُزْ اهـ. قُلْتُ: وَمُفَادُهُ أَنَّ بَيْعَ الْمَسْكَةِ لَا يَجُوزُ وَكَذَا رَهْنُهَا وَلِذَا جَعَلُوهُ الْآنَ فَرَاغًا كَالْوَظَائِفِ فَلْيُحَرَّرْ. اهـ. وَسَنَذْكُرُهُ فِي بَيْعِ الْوَفَاءِ.

ــ

[رد المحتار]

لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ (قَوْلُهُ جَازَ) تَرَكَ قَيْدًا ذَكَرَهُ فِي مُعِينِ الْمُفْتِي وَهُوَ قَوْلُهُ إذَا لَمْ يُشْتَرَطْ تَرْكُهَا. اهـ.

وَمِثْلُهُ فِي الْخَانِيَّةِ أَيْ لِأَنَّهُ شَرْطٌ مُفْسِدٌ لِلْبَيْعِ (قَوْلُهُ وَإِنْ كِرَابًا أَوْ كَرْيَ أَنْهَارٍ) فِي الْمُغْرِبِ: كَرَبَ الْأَرْضَ كَرْبًا قَلَّبَهَا لِلْحَرْثِ مِنْ بَابِ طَلَبَ وَكَرَيْت النَّهْرَ كَرْيًا حَفَرْته (قَوْلُهُ وَلَا بِمَعْنَى مَالٍ) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِهِ التُّرَابُ الْمُسَمَّى كَبْسًا وَهُوَ مَا تُكْبَسُ بِهِ الْأَرْضُ أَيْ تُطَمُّ وَتُسَوَّى فَتَأَمَّلْ: وَفِي ط وَهُوَ كَالسُّكْنَى فِي الْأَرْضِ الْمَوْقُوفَةِ بِطَرِيقِ الْخُلُوِّ وَكَالْجَدَكِ عَلَى مَا سَلَفَ. مَطْلَبٌ فِي بَيَانِ مِشَدِّ الْمَسْكَةِ (قَوْلُهُ وَمُفَادُهُ أَنَّ بَيْعَ الْمَسْكَةِ لَا يَجُوزُ) لِأَنَّهَا عِبَارَةٌ عَنْ كِرَابِ الْأَرْضِ وَكَرْيِ أَنْهَارِهَا سُمِّيَتْ مَسْكَةً لِأَنَّ صَاحِبَهَا صَارَ لَهُ مَسْكَةً بِهَا بِحَيْثُ لَا تُنْزَعُ مِنْ يَدِهِ بِسَبَبِهَا، وَتُسَمَّى أَيْضًا مِشَدَّ مَسْكَةٍ لِأَنَّ الْمِشَدَّ مِنْ الشِّدَّةِ بِمَعْنَى الْقُوَّةِ أَيْ قُوَّةُ التَّمَسُّكِ وَلَهَا أَحْكَامٌ مَبْنِيَّةٌ عَلَى أَوَامِرَ سُلْطَانِيَّةٍ أَفْتَى بِهَا عُلَمَاءُ الدَّوْلَةِ الْعُثْمَانِيَّةِ ذَكَرَتْ كَثِيرًا مِنْهَا فِي بَابِهَا مِنْ تَنْقِيحِ الْفَتَاوَى الْحَامِدِيَّةِ. وَمِنْهَا: أَنَّهَا لَا تُورَثُ، وَإِنَّمَا تُوَجَّهُ لِلِابْنِ الْقَادِرِ عَلَيْهَا دُونَ الْبِنْتِ وَعِنْدَ عَدَمِ الِابْنِ تُعْطَى لِلْبِنْتِ، فَإِنْ لَمْ تُوجَدْ فَلِلْأَخِ لِأَبٍ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فَلِلْأُخْتِ السَّاكِنَةِ فِي الْقَرْيَةِ، فَإِنْ لَمْ تُوجَدْ فَلِلْأُمِّ.

وَذَكَرَ الشَّارِحُ فِي خَرَاجِ الدُّرِّ الْمُنْتَقَى: أَنَّهَا تَنْتَقِلُ لِلِابْنِ وَلَا تُعْطَى الْبِنْتُ حِصَّةً، وَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ ابْنًا بَلْ بِنْتًا لَا يُعْطِيهَا وَيُعْطِيهَا صَاحِبُ التَّيْمَارِ لِمَنْ أَرَادَ وَفِي سَنَةِ ثَمَانِيَةٍ وَخَمْسِينَ وَتِسْعِمِائَةٍ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْأَرَاضِيِ الَّتِي تَحْيَا وَتُفَلَّحُ بِعَمَلٍ وَكُلْفَةِ دَرَاهِمَ فَعَلَى تَقْدِيرِ أَنْ تُعْطَى لِلْغَيْرِ بِالطَّابُو، فَالْبَنَاتُ لَمَّا كَانَ يَلْزَمُ حِرْمَانُهُنَّ مِنْ الْمَالِ الَّذِي صَرَفَهُ أَبُوهُنَّ وَرَدَ الْأَمْرُ السُّلْطَانِيُّ بِالْإِعْطَاءِ لَهُنَّ، لَكِنْ تُنَافِسُ الْأُخْتُ الْبِنْتَ فِي ذَلِكَ، فَيُؤْتَى بِجَمَاعَةٍ لَيْسَ لَهُنَّ غَرَضٌ، فَأَيُّ مِقْدَارٍ قَدَّرُوا بِهِ الطَّابُو تُعْطِيهِ الْبَنَاتُ وَيَأْخُذْنَ الْأَرْضَ اهـ. وَنَقَلَ فِي الْحَامِدِيَّةِ أَنَّهُ إذَا وَقَعَ التَّفْوِيضُ بِلَا إذْنِ صَاحِبِ الْأَرْضِ يَعْنِي التَّيْمَارِيَّ الَّذِي وَجَّهَ السُّلْطَانُ لَهُ أَخْذَ خَرَاجِهَا لَا تَزُولُ الْأَرْضُ عَنْ يَدِ الْمُفَوِّضِ حَقِيقَةً، فَكَانَتْ فِي يَدِ الْمُفَوَّضِ إلَيْهِ عَارِيَّةً، وَإِذَا كَانَتْ الْأَرْضُ وَقْفًا فَتَفْوِيضُهَا مُتَوَقِّفٌ عَلَى إذْنِ النَّاظِرِ لَا عَلَى إجَازَةِ التَّيْمَارِ، وَلَا تُؤَجَّرُ مِمَّنْ لَا مَسْكَةَ لَهُ مَعَ وُجُودِهِ بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ وَإِذَا زَرَعَ أَجْنَبِيٌّ فِيهَا بِلَا إذْنِ صَاحِبِ الْمَسْكَةِ يُؤْمَرُ بِقَلْعِ الزَّرْعِ وَيَسْقُطُ حَقُّ صَاحِبِهَا مِنْهَا بِتَرْكِهِ ثَلَاثَ سَنَوَاتٍ اخْتِيَارًا اهـ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَلِذَا جَعَلُوهُ) أَيْ جَعَلُوا بَيْعَهَا وَالْمُرَادُ بِهِ الْخُرُوجُ عَنْهَا يَعْنِي أَنَّ الْمَسْكَةَ لَمَّا لَمْ تَكُنْ مَالًا مُتَقَوِّمًا لَا يُمْكِنُ بَيْعُهَا، فَإِذَا أَرَادَ صَاحِبُهَا النُّزُولَ عَنْهَا لِغَيْرِهِ بِعِوَضٍ جَعَلُوا ذَلِكَ بِطَرِيقِ الْفَرَاغِ كَالنُّزُولِ عَنْ الْوَظَائِفِ، وَقَدَّمْنَا عَنْ الْمُفْتَى أَبِي السُّعُودِ أَنَّهُ أَفْتَى بِجَوَازِهِ وَكَأَنَّ الشَّارِحَ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى ذَلِكَ فَأَمَرَ بِتَحْرِيرِهِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ (قَوْلُهُ وَسَنَذْكُرُهُ فِي بَيْعِ الْوَفَاءِ) أَيْ قُبَيْلَ كِتَابِ الْكَفَالَةِ، وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ هُنَاكَ هُوَ النُّزُولُ عَنْ الْوَظَائِفِ وَمَسْأَلَةُ الْخُلُوِّ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ هُنَاكَ لِلْمَسْكَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>