فَمُذْ سُقُوطِ الْخِيَارِ عِنْدَهُ خَانِيَّةٌ (وَلِلْمُشْتَرِي) بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ إلَى سَنَةٍ مُنَكَّرَةٍ (أَجَلُ سَنَةٍ ثَانِيَةٍ) مُذْ تَسَلَّمَ (لِمَنْعِ الْبَائِعِ السِّلْعَةَ) عَنْ الْمُشْتَرِي (سَنَةَ الْأَجَلِ) الْمُنَكَّرَةَ تَحْصِيلًا لِفَائِدَةِ التَّأْجِيلِ فَلَوْ مُعَيَّنَةٌ أَوْ لَمْ يُمْنَعْ الْبَائِعُ مِنْ التَّسْلِيمِ لَا اتِّفَاقًا لِأَنَّ التَّقْصِيرَ مِنْهُ
(وَ) الثَّمَنُ الْمُسَمَّى قَدْرُهُ لَا وَصْفُهُ (يَنْصَرِفُ مُطْلَقُهُ إلَى غَالِبِ نَقْدِ الْبَلَدِ) بَلَدِ الْعَقْدِ مَجْمَعُ الْفَتَاوَى لِأَنَّهُ الْمُتَعَارَفُ
(وَإِنْ اخْتَلَفَتْ النُّقُودُ مَالِيَّةً) كَذَهَبٍ شَرِيفِي وَبُنْدُقِيٍّ (فَسَدَ الْعَقْدُ مَعَ الِاسْتِوَاءِ فِي رَوَاجِهَا
ــ
[رد المحتار]
إذْ الْجِنْسُ بِانْفِرَادِهِ يُحَرِّمُ النَّسَاءَ، وَلَوْ كَانَ الْبُرُّ هَالِكًا لَمْ يَجُزْ الصُّلْحُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ هَذَا نَسِيئَةً؛ لِأَنَّهُ دَيْنٌ بِدَيْنٍ إلَّا إذَا صَالَحَ عَلَى بُرٍّ مِثْلِهِ، أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ مُؤَجَّلًا جَازَ؛ لِأَنَّهُ عَيْنُ حَقِّهِ وَالْحَطُّ جَائِزٌ لَا لَوْ عَلَى أَكْثَرَ لِلرِّبَا، وَالصُّلْحُ عَلَى بَعْضِ حَقِّهِ فِي الْكَيْلِيِّ وَالْوَزْنِيِّ حَالَ قِيَامِهِ لَمْ يَجُزْ. اهـ. وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ الْحِيلَةُ فِي جَوَازِ بَيْعِ الْحِنْطَةِ الْمُسْتَهْلَكَةِ بِالنَّسِيئَةِ، أَنْ يَبِيعَهَا بِثَوْبٍ وَيَقْبِضَ الثَّوْبَ ثُمَّ يَبِيعَهُ بِدَرَاهِمَ إلَى أَجَلٍ. اهـ. أَقُولُ: وَتَجْرِي هَذِهِ الْحِيلَةُ فِي الصُّلْحِ أَيْضًا وَهِيَ وَاقِعَةُ الْفَتْوَى وَيَكْثُرُ وُقُوعُهَا. اهـ.
(قَوْلُهُ: فَمُذْ سُقُوطِ الْخِيَارِ عِنْدَهُ) أَيْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ وَقْتُ اسْتِقْرَارِ الْبَيْعِ. (قَوْلُهُ: مُذْ تَسَلَّمَ) مُتَعَلِّقٌ بِأَجَلٍ. (قَوْلُهُ: لِمَنْعِ) اللَّامُ لِلتَّعْلِيلِ، أَوْ لِلتَّوْقِيتِ مُتَعَلِّقَةٌ بِمَا تَعَلَّقَ بِهِ قَوْلُهُ وَلِلْمُشْتَرِي. (قَوْلُهُ: تَحْصِيلًا لِفَائِدَةِ التَّأْجِيلِ) وَهِيَ التَّصَرُّفُ فِي الْمَبِيعِ وَإِيفَاءُ الثَّمَنِ مِنْ رِبْحِهِ مَثَلًا. (قَوْلُهُ: فَلَوْ مُعَيَّنَةً) كَسَنَةِ كَذَا وَمِثْلُهُ إلَى رَمَضَانَ مَثَلًا. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ التَّقْصِيرَ مِنْهُ) تَعْلِيلٌ لِلثَّانِيَةِ، أَمَّا الْأُولَى فَلِكَوْنِهِ لَمَّا عَيَّنَ تَعَيَّنَ حَقُّهُ فِيمَا عَيَّنَهُ فَلَا يَثْبُتُ فِي غَيْرِهِ.
(قَوْلُهُ: وَالثَّمَنُ الْمُسَمَّى قَدْرُهُ لَا وَصْفُهُ) لَمَّا كَانَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ يَنْصَرِفُ مُطْلَقًا مُوهِمًا أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُطْلَقِ مَا لَمْ يُذْكَرْ قَدْرُهُ وَلَا وَصْفُهُ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ أَوَّلًا وَشُرِطَ لِصِحَّتِهِ مَعْرِفَةُ قَدْرِ وَوَصْفِ ثَمَنٍ، دَفَعَ ذَلِكَ بِأَنَّ الْمُرَادَ الْمُطْلَقُ عَنْ تَسْمِيَةِ الْوَصْفِ فَقَطْ. مَطْلَبٌ يُعْتَبَرُ الثَّمَنُ فِي مَكَانِ الْعَقْدِ وَزَمَنِهِ (قَوْلُهُ: مَجْمَعُ الْفَتَاوَى) فَإِنَّهُ قَالَ مَعْزِيًّا إلَى بُيُوعِ الْخِزَانَةِ: بَاعَ عَيْنًا مِنْ رَجُلٍ بِأَصْفَهَانَ بِكَذَا مِنْ الدَّنَانِيرِ فَلَمْ يَنْقُدْ الثَّمَنَ حَتَّى وَجَدَ الْمُشْتَرِيَ بِبُخَارَى يَجِبُ عَلَيْهِ الثَّمَنُ بِعِيَارِ أَصْفَهَانَ، فَيُعْتَبَرُ مَكَانُ الْعَقْدِ. اهـ. مِنَحٌ. قُلْتُ: وَتَظْهَرُ ثَمَرَةُ ذَلِكَ إذَا كَانَتْ مَالِيَّةُ الدِّينَارِ مُخْتَلِفَةً فِي الْبَلَدَيْنِ، وَتَوَافَقَ الْعَاقِدَانِ عَلَى أَخْذِ قِيمَةِ الدِّينَارِ لِفَقْدِهِ أَوْ كَسَادِهِ فِي الْبَلْدَةِ الْأُخْرَى، فَلَيْسَ لِلْبَائِعِ أَنْ يُلْزِمَهُ بِأَخْذِ قِيمَتِهِ الَّتِي فِي بُخَارَى إذَا كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ الَّتِي فِي أَصْبَهَانَ وَكَمَا يُعْتَبَرُ مَكَانُ الْعَقْدِ يُعْتَبَرُ زَمَنُهُ أَيْضًا كَمَا يُفْهَمُ مِمَّا قَدَّمْنَاهُ فِي مَسْأَلَةِ الْكَسَادِ وَالرُّخْصِ فَلَا يُعْتَبَرُ زَمَنُ الْإِيفَاءِ: لِأَنَّ الْقِيمَةَ فِيهِ مَجْهُولَةٌ وَقْتَ الْعَقْدِ وَفِي الْبَحْرِ عَنْ شَرْحِ الْمَجْمَعِ لَوْ بَاعَهُ إلَى أَجَلٍ مُعَيَّنٍ وَشَرَطَ أَنْ يُعْطِيَهُ الْمُشْتَرِي أَيَّ نَقْدٍ يَرُوجُ يَوْمَئِذٍ كَانَ الْبَيْعُ فَاسِدًا.
(قَوْلُهُ: كَذَهَبٍ شَرِيفِيٍّ وَبُنْدُقِيٍّ) فَإِنَّهُمَا اتَّفَقَا فِي الرَّوَاجِ لَكِنَّ مَالِيَّةَ أَحَدِهِمَا أَكْثَرُ فَإِذَا بَاعَ بِمِائَةِ ذَهَبٍ مَثَلًا، وَلَمْ يُبَيِّنْ صِفَتَهُ فَسَدَ لِلتَّنَازُعِ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ يَطْلُبُ الْأَكْثَرَ مَالِيَّةً، وَالْمُشْتَرِيَ يَدْفَعُ الْأَقَلَّ. (قَوْلُهُ: مَعَ الِاسْتِوَاءِ فِي رَوَاجِهَا) أَمَّا إذَا اخْتَلَفَتْ رَوَاجًا مَعَ اخْتِلَافِ مَالِيَّتِهَا أَوْ بِدُونِهِ فَيَصِحُّ، وَيَنْصَرِفُ إلَى الْأَرْوَجِ وَكَذَا يَصِحُّ لَوْ اسْتَوَتْ مَالِيَّةً وَرَوَاجًا، لَكِنْ يُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي بَيْنَ أَنْ يُؤَدِّيَ أَيَّهُمَا شَاءَ. وَالْحَاصِلُ: أَنَّ الْمَسْأَلَةَ رُبَاعِيَّةٌ وَأَنَّ الْفَسَادَ فِي صُورَةٍ وَاحِدَةٍ: وَهِيَ الِاخْتِلَافُ فِي الْمَالِيَّةِ فَقَطْ، وَالصِّحَّةُ فِي الثَّلَاثِ الْبَاقِيَةِ كَمَا بَسَطَهُ فِي الْبَحْرِ، وَمَثَّلَ فِي الْهِدَايَةِ مَسْأَلَةَ الِاسْتِوَاءِ فِي الْمَالِيَّةِ وَالرَّوَاجِ بِالثُّنَائِيِّ وَالثُّلَاثِيِّ، وَاعْتَرَضَهُ الشُّرَّاحُ بِأَنَّ مَالِيَّةَ الثَّلَاثَةِ أَكْثَرُ مِنْ الِاثْنَيْنِ وَأَجَابَ فِي الْبَحْرِ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالثُّنَائِيِّ مَا قِطْعَتَانِ مِنْهُ بِدِرْهَمٍ وَبِالثُّلَاثِيِّ مَا ثَلَاثَةٌ مِنْهُ بِدِرْهَمٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute