إلَّا إذَا بَيَّنَ) فِي الْمَجْلِسِ لِزَوَالِ الْجَهَالَةِ
(وَصَحَّ بَيْعُ الطَّعَامِ) هُوَ فِي عُرْفِ الْمُتَقَدِّمِينَ اسْمٌ لِلْحِنْطَةِ وَدَقِيقِهَا (كَيْلًا وَجُزَافًا) مُثَلَّثُ الْجِيمِ مُعَرَّبٌ كُزَافٍ الْمُجَازَفَةُ (إذَا كَانَ بِخِلَافِ جِنْسِهِ وَلَمْ يَكُنْ رَأْسَ مَالِ سَلَمٍ) لِشَرْطِيَّةِ مَعْرِفَتِهِ كَمَا سَيَجِيءُ (أَوْ كَانَ بِجِنْسِهِ وَهُوَ دُونَ نِصْفِ صَاعٍ) إذْ لَا رِبَا فِيهِ كَمَا سَيَجِيءُ
(وَ) مِنْ الْمُجَازَفَةِ الْبَيْعُ (بِإِنَاءٍ وَحَجَرٍ لَا يُعْرَفُ قَدْرُهُ) قَيْدٌ فِيهِمَا وَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ فِيهِمَا نَهْرٌ وَهَذَا (إذَا لَمْ يَحْتَمِلْ) الْإِنَاءُ (النُّقْصَانَ وَ) الْحَجْرُ (التَّفَتُّتَ) فَإِنْ احْتَمَلَهُمَا لَمْ يَجُزْ
ــ
[رد المحتار]
فِي حُكْمِ الْمَسْأَلَةِ كَمَا قُلْنَا، وَاَلَّذِي حَرَّرْتُهُ فِي رِسَالَتِي: تَنْبِيهِ الرُّقُودِ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُؤْمَرَ الْمُشْتَرِي بِدَفْعِ الْمُتَوَسِّطِ رُخْصًا لَا بِالْأَكْثَرِ رُخْصًا وَلَا بِالْأَقَلِّ، حَتَّى لَا يَلْزَمَ اخْتِصَاصُ الضَّرَرِ بِهِ، وَلَا بِالْبَائِعِ لَكِنْ هَذَا إذَا حَصَلَ الرُّخْصُ لِجَمِيعِ أَنْوَاعِ الْعُمْلَةِ، أَمَّا لَوْ بَقِيَ مِنْهَا نَوْعٌ عَلَى حَالِهِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: بِإِلْزَامِ الْمُشْتَرِي الدَّفْعَ مِنْهُ؛ لِأَنَّ اخْتِيَارَهُ دَفْعَ غَيْرِهِ يَكُونُ تَعَنُّتًا بِقَصْدِهِ إضْرَارَ الْبَائِعِ مَعَ إمْكَانِ غَيْرِهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُمْكِنْ بِأَنْ حَصَلَ الرُّخْصُ لِلْجَمِيعِ، فَهَذَا غَايَةُ مَا ظَهَرَ لِي فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَاَللَّهُ - سُبْحَانَهُ - أَعْلَمُ. (قَوْلُهُ: إلَّا إذَا بَيَّنَ فِي الْمَجْلِسِ) قَالَ: فِي الْبَحْرِ: فَإِذَا ارْتَفَعَتْ الْجَهَالَةُ بِبَيَانِ أَحَدِهِمَا فِي الْمَجْلِسِ، وَرَضِيَ الْآخَرُ صَحَّ لِارْتِفَاعِ الْمُفْسِدِ قَبْلَ تَقَرُّرِهِ فَصَارَ كَالْبَيَانِ الْمُقَارَنِ.
(قَوْلُهُ: هُوَ فِي عُرْفِ الْمُتَقَدِّمِينَ إلَخْ) كَذَا قَالَهُ فِي الْفَتْحِ: وَاسْتَدَلَّ لَهُ بِحَدِيثِ الْفِطْرَةِ «كُنَّا نُخْرِجُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَاعًا مِنْ طَعَامٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ» ، لَكِنْ قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَفِي الْمِصْبَاحِ الطَّعَامُ عِنْدَ أَهْلِ الْحِجَازِ الْبُرُّ خَاصَّةً، وَفِي الْعُرْفِ اسْمٌ لِمَا يُؤْكَلُ، مِثْلُ الشَّرَابِ اسْمٌ لِمَا يُشْرَبُ، وَجَمْعُهُ أَطْعِمَةٌ. اهـ. وَالْمُرَادُ بِهِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْحُبُوبُ كُلُّهَا لَا الْبُرُّ وَحْدَهُ وَلَا كُلُّ مَا يُؤْكَلُ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ كَيْلًا وَجُزَافًا. اهـ. (قَوْلُهُ: كَيْلًا وَجُزَافًا) مَنْصُوبَانِ عَلَى الْحَالِ؛ لِأَنَّهُمَا بِمَعْنَى اسْمِ الْفَاعِلِ، أَوْ الْمَفْعُولِ فَافْهَمْ. (قَوْلُهُ: مُثَلَّثُ الْجِيمِ إلَخْ) أَيْ يَجُوزُ فِي جِيمِهِ الْحَرَكَاتُ الثَّلَاثُ فِي الْقَامُوسِ الْجُزَافُ، وَالْجِزَافَةُ مُثَلَّثَتَيْنِ، وَالْمُجَازَفَةُ الْحَدْسُ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ مُعَرَّبُ " كزاف ". اهـ. وَالْحَدْسُ الظَّنُّ وَالتَّخْمِينُ وَحَاصِلُهُ مَا فِي الْمُغْرِبِ: مِنْ أَنَّهُ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ بِلَا كَيْلٍ وَلَا وَزْنٍ وَنَقَلَ ط أَنَّ شَرْطَ جَوَازِهِ أَنْ يَكُونَ مُمَيَّزًا مُشَارًا إلَيْهِ. (قَوْلُهُ: إذَا كَانَ بِخِلَافِ جِنْسِهِ) أَمَّا بِجِنْسِهِ فَلَا يَجُوزُ مُجَازَفَةً لِاحْتِمَالِ التَّفَاضُلِ إلَّا إذَا ظَهَرَ تَسَاوِيهِمَا فِي الْمَجْلِسِ بَحْرٌ حَتَّى لَوْ لَمْ يَحْتَمِلْ التَّفَاضُلَ، كَأَنْ بَاعَ كِفَّةَ مِيزَانٍ مِنْ فِضَّةِ بِكِفَّةٍ مِنْهَا جَازَ، وَإِنْ كَانَ مُجَازَفَةً كَمَا فِي الْفَتْحِ، وَالْمُجَازَفَةُ فِيهِ بِسَبَبِ أَنَّهُ لَا يُعْرَفُ قَدْرُهَا. (قَوْلُهُ: لِشَرْطِيَّةِ مَعْرِفَتِهِ) لِاحْتِمَالِ أَنْ يَتَفَاسَخَا السَّلَمَ فَيُرِيدَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ دَفْعَ مَا أَخَذَ، وَلَا يُعْرَفُ ذَلِكَ إلَّا بِمَعْرِفَةِ الْقَدْرِ ط.
(قَوْلُهُ: وَمِنْ الْمُجَازَفَةِ الْبَيْعُ إلَخْ) صَرَّحَ بِأَنَّهُ مِنْ الْمُجَازَفَةِ، مَعَ أَنَّ ظَاهِرَ الْمَتْنِ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْهَا بِقَرِينَةِ الْعَطْفِ. وَالْأَصْلُ فِيهِ الْمُغَايَرَةُ؛ لِأَنَّهُ عَلَى صُورَةِ الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ وَلَيْسَ بِهِ حَقِيقَةً أَفَادَهُ فِي النَّهْرِ. (قَوْلُهُ: وَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ فِيهَا) أَفَادَ أَنَّ الْبَيْعَ جَائِزٌ غَيْرُ لَازِمٍ وَهَذَا الْخِيَارُ خِيَارُ كَشْفِ الْحَالِ بَحْرٌ. وَفِي رِوَايَةٍ: لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ، وَأَظْهَرُ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَأَوَّلَ فِي الْفَتْحِ قَوْلَهُ: لَا يَجُوزُ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ تَوْفِيقًا بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ أَيْ فَلَا حَاجَةَ إلَى التَّصْحِيحِ، لِارْتِفَاعِ الْخِلَافِ، فَاعْتِرَاضُ الْبَحْرِ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ خِلَافُ ظَاهِرِ الْهِدَايَةِ غَيْرُ ظَاهِرٍ، وَفِي الْبَحْرِ عَنْ السِّرَاجِ وَيُشْتَرَطُ لِبَقَاءِ عَقْدِ الْبَيْعِ عَلَى الصِّحَّةِ بَقَاءُ الْإِنَاءِ وَالْحَجَرِ عَلَى حَالِهِمَا فَلَوْ تَلِفَا قَبْلَ التَّسْلِيمِ فَسَدَ الْبَيْعُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ مَبْلَغُ مَا بَاعَهُ مِنْهُ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَهَذَا إذَا لَمْ يَحْتَمِلْ الْإِنَاءُ النُّقْصَانَ) بِأَنْ لَا يَنْكَبِسَ وَلَا يَنْقَبِضَ كَأَنْ يَكُونَ مِنْ خَشَبٍ أَوْ حَدِيدٍ أَمَّا إذَا كَانَ كَالزِّنْبِيلِ وَالْجُوَالِقِ فَلَا يَجُوزُ إلَّا فِي قِرَبِ الْمَاءِ اسْتِحْسَانًا لِلتَّعَامُلِ نَهْرٌ. (قَوْلُهُ: وَالْحَجَرُ التَّفَتُّتَ) هَذَا مَرْوِيٌّ عَنْ أَبِي يُوسُفَ حَتَّى لَا يَجُوزَ بِوَزْنِ هَذِهِ الْبِطِّيخَةِ وَنَحْوِهَا؛ لِأَنَّهَا تَنْقُصُ بِالْجَفَافِ وَعَوَّلَ بَعْضُهُمْ عَلَى ذَلِكَ، وَلَيْسَ بِشَيْءٍ فَإِنَّ الْبَيْعَ بِوَزْنِ حَجَرٍ بِعَيْنِهِ لَا يَصِحُّ إلَّا بِشَرْطِ تَعْجِيلِ التَّسْلِيمِ، وَلَا جَفَافَ يُوجِبُ نُقْصَانًا فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute