للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِلَا مَانِعٍ وَلَا حَائِلٍ. وَشَرَطَ فِي الْأَجْنَاسِ شَرْطًا ثَالِثًا وَهُوَ أَنْ يَقُولَ: خَلَّيْتُ بَيْنَكَ وَبَيْنَ الْمَبِيعِ فَلَوْ لَمْ يَقُلْهُ أَوْ كَانَ بَعِيدًا لَمْ يَصِرْ قَابِضًا وَالنَّاسُ عَنْهُ غَافِلُونَ، فَإِنَّهُمْ يَشْتَرُونَ قَرْيَةً وَيُقِرُّونَ بِالتَّسْلِيمِ وَالْقَبْضِ، وَهُوَ لَا يَصِحُّ بِهِ الْقَبْضُ عَلَى الصَّحِيحِ

ــ

[رد المحتار]

حَتَّى أَخَذَهُ إنْسَانٌ إنْ كَانَ حِينَ أَمَرَهُ بِقَبْضِهِ أَمْكَنَهُ مِنْ غَيْرِ قِيَامٍ صَحَّ التَّسْلِيمُ، وَإِنْ كَانَ لَا يُمْكِنُهُ إلَّا بِقِيَامٍ لَا يَصِحُّ، وَلَوْ اشْتَرَى طَيْرًا أَوْ فَرَسًا فِي بَيْتٍ، وَأَمَرَهُ الْبَائِعُ بِقَبْضِهِ فَفَتَحَ الْبَابَ فَذَهَبَ إنْ أَمْكَنَهُ أَخْذُهُ بِلَا عَوْنٍ كَانَ قَبْضًا، وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ.

مَطْلَبٌ فِي شُرُوطِ التَّخْلِيَةِ وَحَاصِلُهُ: أَنَّ التَّخْلِيَةَ قَبْضٌ حُكْمًا لَوْ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ بِلَا كُلْفَةٍ لَكِنَّ ذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِحَسَبِ حَالِ الْمَبِيعِ، فَفِي نَحْوِ حِنْطَةٍ فِي بَيْتٍ مَثَلًا فَدَفْعُ الْمِفْتَاحِ إذَا أَمْكَنَهُ الْفَتْحُ بِلَا كُلْفَةٍ قَبْضٌ، وَفِي نَحْوِ دَارٍ فَالْقُدْرَةُ عَلَى إغْلَاقِهَا قَبْضٌ أَيْ بِأَنْ يَكُونَ فِي الْبَلَدِ فِيمَا يَظْهَرُ، وَفِي نَحْوِ بَقَرٍ فِي مَرْعًى فَكَوْنُهُ بِحَيْثُ يُرَى وَيُشَارُ إلَيْهِ قَبْضٌ وَفِي نَحْوِ ثَوْبٍ، فَكَوْنُهُ بِحَيْثُ لَوْ مَدَّ يَدَهُ تَصِلُ إلَيْهِ قَبْضٌ، وَفِي نَحْوِ فَرَسٍ أَوْ طَيْرٍ فِي بَيْتٍ إمْكَانُ أَخْذِهِ مِنْهُ بِلَا مُعِينٍ قَبْضٌ. (قَوْلُهُ: بِلَا مَانِعٍ) بِأَنْ يَكُونَ مُفْرَزًا غَيْرَ مَشْغُولٍ بِحَقِّ غَيْرِهِ، فَلَوْ كَانَ الْمَبِيعُ شَاغِلًا كَالْحِنْطَةِ فِي جُوَالِقِ الْبَائِعِ لَمْ يَمْنَعْهُ بَحْرٌ. وَفِي الْمُلْتَقَطِ: وَلَوْ بَاعَ دَارًا وَسَلَّمَهَا إلَى الْمُشْتَرِي وَلَهُ فِيهَا مَتَاعٌ قَلِيلٌ أَوْ كَثِيرٌ لَا يَكُونُ تَسْلِيمًا حَتَّى يُسَلِّمَهَا فَارِغَةً، وَكَذَا لَوْ بَاعَ أَرْضًا وَفِيهَا زَرْعٌ. اهـ. وَفِي الْبَحْرِ عَنْ الْقُنْيَةِ: لَوْ بَاعَ حِنْطَةً فِي سُنْبُلِهَا فَسَلَّمَهَا كَذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ كَقُطْنٍ فِي فِرَاشٍ، وَيَصِحُّ تَسْلِيمُ ثِمَارِ الْأَشْجَارِ وَهِيَ عَلَيْهَا بِالتَّخْلِيَةِ وَإِنْ كَانَتْ مُتَّصِلَةً بِمِلْكِ الْبَائِعِ، وَعَنْ الْوَبَرِيِّ الْمَتَاعُ لِغَيْرِ الْبَائِعِ لَا يَمْنَعُ، فَلَوْ أَذِنَ لَهُ بِقَبْضِ الْمَتَاعِ وَالْبَيْتِ صَحَّ وَصَارَ الْمَتَاعُ وَدِيعَةً عِنْدَهُ. اهـ.

مَطْلَبٌ اشْتَرَى دَارًا مَأْجُورَةً لَا يُطَالَبُ بِالثَّمَنِ قَبْلَ قَبْضِهَا قُلْتُ: وَيَدْخُلُ فِي الشَّغْلِ بِحَقِّ الْغَيْرِ مَا لَوْ كَانَتْ الدَّارُ مَأْجُورَةً، فَلَيْسَ لِلْبَائِعِ مُطَالَبَةُ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ لِعَدَمِ الْقَبْضِ وَهِيَ وَاقِعَةُ الْفَتْوَى سُئِلَ عَنْهَا وَرَأَيْتُ نَقْلَهَا فِي الْفَصْلِ الثَّانِي وَالثَّلَاثِينَ مِنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: بَاعَ الْمُسْتَأْجِرُ وَرَضِيَ الْمُشْتَرِي أَنْ لَا يَفْسَخَ الشِّرَاءَ إلَى مُضِيِّ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ ثُمَّ يَقْبِضُهُ مِنْ الْبَائِعِ، فَلَيْسَ لَهُ مُطَالَبَةُ الْبَائِعِ بِالتَّسْلِيمِ قَبْلَ مُضِيِّهَا وَلَا لِلْبَائِعِ مُطَالَبَةُ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ مَا لَمْ يَجْعَلْ الْمَبِيعَ بِمَحَلِّ التَّسْلِيمِ، وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى غَائِبًا لَا يُطَالِبُهُ بِثَمَنِهِ مَا لَمْ يَتَهَيَّأْ الْمَبِيعُ لِلتَّسْلِيمِ اهـ. (قَوْلُهُ: وَلَا حَائِلَ) بِأَنْ يَكُونَ فِي حَضْرَتِهِ. اهـ. ح وَقَدْ عَلِمْت بَيَانَهُ. (قَوْلُهُ: أَنْ يَقُولَ خَلَّيْتُ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْإِذْنُ بِالْقَبْضِ لَا خُصُوصُ لَفْظِ التَّخْلِيَةِ، لِمَا فِي الْبَحْرِ وَلَوْ قَالَ: الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي بَعْدَ الْبَيْعِ: خُذْ لَا يَكُونُ قَبْضًا وَلَوْ قَالَ: خُذْهُ يَكُونُ تَخْلِيَةً إذَا كَانَ يَصِلُ إلَى أَخْذِهِ. اهـ. وَفِي الْفُرُوعِ الْمَارَّةِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا. (قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ بَعِيدًا) أَيْ وَإِنْ قَالَ: خَلَّيْتُ إلَخْ كَمَا مَرَّ وَالْمُرَادُ بِالْبَعِيدِ مَا لَا يَقْدِرُ عَلَى قَبْضِهِ، بِلَا كُلْفَةٍ، وَيَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمَبِيعِ كَمَا قَرَّرْنَاهُ، أَوْ الْمُرَادُ بِهِ حَقِيقَتُهُ وَيُقَاسُ عَلَيْهِ مَا شَابَهَهُ.

(قَوْلُهُ: وَهُوَ لَا يَصِحُّ بِهِ الْقَبْضُ) أَيْ الْإِقْرَارُ الْمَذْكُورُ وَلَا يَتَحَقَّقُ بِهِ الْقَبْضُ وَقَيَّدَ بِالْقَبْضِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ فِي ذَاتِهِ صَحِيحٌ، غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْمُشْتَرِي دَفْعُ الثَّمَنِ لِعَدَمِ الْقَبْضِ. (قَوْلُهُ: عَلَى الصَّحِيحِ) وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ، وَمُقَابِلُهُ مَا فِي الْمُحِيطِ وَجَامِعِ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ أَنَّهُ بِالتَّخْلِيَةِ يَصِحُّ الْقَبْضُ وَإِنْ كَانَ الْعَقَارُ بَعِيدًا غَائِبًا عَنْهُمَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لَهُمَا، وَهُوَ ضَعِيفٌ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَفِي الْخَانِيَّةِ وَالصَّحِيحُ مَا ذُكِرَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ قَرِيبًا يُتَصَوَّرُ فِيهِ الْقَبْضُ الْحَقِيقِيُّ فِي الْحَالِ فَتُقَامُ التَّخْلِيَةُ مَقَامَ الْقَبْضِ، أَمَّا إذَا كَانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>