لِلضَّرُورَةِ، فَيَصِيرُ كَالْجَبِيرَةِ فَيَسْتَوْعِبُهُ بِالْمَسْحِ وَلَا يَتَوَقَّفُ، وَلِذَا قَالُوا: لَوْ تَمَّتْ الْمُدَّةُ وَهُوَ فِي صَلَاتِهِ وَلَا مَاءَ مَضَى فِي الْأَصَحِّ، وَقِيلَ تَفْسُدُ وَيَتَيَمَّمُ وَهُوَ الْأَشْبَهُ
(وَبَعْدَهُمَا) أَيْ النَّزْعِ وَالْمُضِيِّ (غَسَلَ الْمُتَوَضِّئُ رِجْلَيْهِ لَا غَيْرُ) لِحُلُولِ الْحَدَثِ السَّابِقِ قَدَمَيْهِ إلَّا لِمَانِعٍ كَبَرْدٍ فَيَتَيَمَّمُ حِينَئِذٍ (وَخُرُوجُ أَكْثَرِ قَدَمَيْهِ) مِنْ الْخُفِّ الشَّرْعِيِّ وَكَذَا إخْرَاجُهُ (نُزِعَ)
ــ
[رد المحتار]
هَذَا، وَقَالَ ح أَيْضًا: وَاَلَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُفْتَى بِهِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ انْتِقَاضُ الْمَسْحِ بِالْمُضِيِّ وَاسْتِئْنَافُ مَسْحٍ آخَرَ يَعُمُّ الْخُفَّ كَالْجَبَائِرِ؛ وَهُوَ الَّذِي حَقَّقَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. اهـ.
أَقُولُ: الَّذِي حَقَّقَهُ فِي الْبَدَائِعِ بَحْثًا لُزُومُ التَّيَمُّمِ دُونَ الْمَسْحِ فَإِنَّهُ بَعْدَ مَا نَقَلَ عَنْ جَوَامِعِ الْفِقْهِ وَالْمُحِيطِ أَنَّهُ إنْ خَافَ الْبَرْدَ فَلَهُ أَنْ يَمْسَحَ مُطْلَقًا أَيْ بِلَا تَوْقِيتٍ. قَالَ مَا نَصُّهُ: فِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ خَوْفَ الْبَرْدِ لَا أَثَرَ لَهُ فِي مَنْعِ السِّرَايَةِ، كَمَا أَنَّ عَدَمَ الْمَاءِ لَا يَمْنَعُهَا، فَغَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ لَا يَنْزِعُ، لَكِنْ لَا يَمْسَحُ بَلْ يَتَيَمَّمُ لِخَوْفِ الْبَرْدِ. اهـ وَأَقَرَّهُ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ وَأَطْنَبَ فِي حُسْنِهِ؛ وَهُوَ صَرِيحٌ فِي انْتِقَاضِ الْمَسْحِ لِسِرَايَةِ الْحَدَثِ، فَلَا يُصَلِّي بِهِ إلَّا بَعْدَ التَّيَمُّمِ لَا الْمَسْحِ، وَلَكِنَّ الْمَنْقُولَ هُوَ الْمَسْحُ لَا التَّيَمُّمُ كَمَا مَرَّ عَنْ الْكَافِي وَعُيُونِ الْمَذَاهِبِ وَالْجَوَامِعِ وَالْمُحِيطِ، وَبِهِ صَرَّحَ الزَّيْلَعِيُّ وَقَاضِي خَانْ وَالْقُهُسْتَانِيُّ عَنْ الْخُلَاصَةِ، وَكَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَالْوَلْوَالِجِيَّة وَالسِّرَاجِ عَنْ الْمُشْكِلِ، وَكَذَا فِي مُخْتَارَاتِ النَّوَازِلِ لِصَاحِبِ الْهِدَايَةِ، وَبِهِ صَرَّحَ أَيْضًا فِي الْمِعْرَاجِ وَالْحَاوِي الْقُدْسِيِّ بِزِيَادَةِ جَعْلِهِ كَالْجَبِيرَةِ، وَعَلَيْهِ مَشَى فِي الْإِمْدَادِ. وَقَدْ قَالَ الْعَلَّامَةُ قَاسِمٌ: لَا عِبْرَةَ بِأَبْحَاثِ شَيْخِنَا يَعْنِي ابْنَ الْهُمَامِ إذَا خَالَفَتْ الْمَنْقُولَ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ لِلضَّرُورَةِ) عِلَّةٌ لِعَدَمِ النَّقْضِ الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْلِهِ إنْ لَمْ يَخْشَ (قَوْلُهُ فَيَسْتَوْعِبُهُ) أَيْ عَلَى مَا هُوَ الْأَوْلَى أَوْ أَكْثَرَهُ، وَهَذَا إنَّمَا يَتِمُّ إذَا كَانَ مُسَمَّى الْجَبِيرَةِ يَصْدُقُ عَلَيْهِ. اهـ فَتْحٌ.
وَأَجَابَ فِي الْبَحْرِ بِأَنَّ مُفَادَ مَا فِي الْمِعْرَاجِ الِاسْتِيعَابُ، وَأَنَّهُ مُلْحَقٌ بِالْجَبَائِرِ لَا جَبِيرَةٌ حَقِيقَةً. اهـ أَيْ فَالْمُرَادُ بِتَشْبِيهِهِ بِالْجَبِيرَةِ بِالِاسْتِيعَابِ لِمَنْعِ كَوْنِهِ مَسْحَ خُفٍّ لَا أَنَّهُ جَبِيرَةٌ حَقِيقَةً لِيَجُوزَ مَسْحُ أَكْثَرِهِ (قَوْلُهُ مَضَى فِي الْأَصَحِّ) كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ مُعَلِّلًا بِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي النَّزْعِ؛ لِأَنَّهُ لِلْغَسْلِ اهـ وَعَلَى هَذَا فَالْمُسْتَثْنَى مِنْ النَّقْضِ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ مَسْأَلَتَانِ: وَهُمَا إذَا خَافَ الْبَرْدَ أَوْ كَانَ فِي الصَّلَاةِ وَلَا مَاءَ كَمَا فِي السِّرَاجِ (قَوْلُهُ وَهُوَ الْأَشْبَهُ) قَالَ الزَّيْلَعِيُّ: وَاسْتَظْهَرَهُ فِي الْبَدَائِعِ بِأَنَّ عَدَمَ الْمَاءِ لَا يَصْلُحُ مَنْعًا لِسِرَايَةِ الْحَدَثِ بَعْدَ تَمَامِ الْمُدَّةِ فَيَتَيَمَّمُ مَآلًا لِلرِّجْلَيْنِ بَلْ لِلْكُلِّ؛ لِأَنَّ الْحَدَثَ لَا يَتَجَزَّأُ كَمَنْ غَسَلَ ابْتِدَاءً الْأَعْضَاءَ إلَّا رِجْلَيْهِ وَفَنِيَ الْمَاءُ فَيَتَيَمَّمُ لِلْحَدَثِ الْقَائِمِ بِهِ فَإِنَّهُ عَلَى حَالِهِ مَا لَمْ يَتِمَّ الْكُلُّ وَتَمَامُهُ فِيهِ، وَهُوَ تَحْقِيقٌ حَسَنٌ فَرَّعَ عَلَيْهِ فِي الْبَدَائِعِ مَا قَالَهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى، لَكِنْ عَلِمْت الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا، وَهُوَ أَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ صِحَّةُ التَّيَمُّمِ فِي الْوُضُوءِ لِخَوْفِ الْبَرْدِ، أَمَّا هُنَا فَإِنَّهُ لِفَقْدِ الْمَاءِ وَهُوَ جَائِزٌ بِخِلَافِهِ هُنَاكَ
(قَوْلُهُ غَسَلَ الْمُتَوَضِّئُ رِجْلَيْهِ لَا غَيْرُ) يَنْبَغِي أَنْ يُسْتَحَبَّ غَسْلُ الْبَاقِي أَيْضًا، مُرَاعَاةً لِلْوِلَاءِ الْمُسْتَحَبِّ، وَخُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَالِكٍ كَمَا قَالَهُ سَيِّدِي عَبْدُ الْغَنِيِّ وَسَبَقَهُ إلَى هَذَا فِي الْيَعْقُوبِيَّةِ، ثُمَّ رَأَيْته فِي الدُّرِّ الْمُنْتَقَى عَنْ الْخُلَاصَةِ مُصَرِّحًا بِأَنَّ الْأَوْلَى إعَادَتُهُ (قَوْلُهُ لِحُلُولِ الْحَدَثِ السَّابِقِ) أَوْرَدَ أَنَّهُ لَا حَدَثَ مَوْجُودٌ حَتَّى يَسْرِيَ؛ لِأَنَّ الْحَدَثَ السَّابِقَ حَلَّ بِالْخُفِّ وَبِالْمَسْحِ قَدْ زَالَ، وَلَا يَعُودُ إلَّا بِخَارِجٍ نَجِسٍ وَنَحْوِهِ. وَأُجِيبَ بِجَوَازِ أَنْ يَعْتَبِرَ الشَّارِعُ ارْتِفَاعَهُ بِمَسْحِ الْخُفِّ مُقَيَّدًا بِمُدَّةِ مَنْعِهِ نَهْرٌ (قَوْلُهُ فَيَتَيَمَّمُ) مَبْنِيٌّ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْبَدَائِعِ وَعَلِمْت مَا فِيهِ، عَلَى أَنَّ الشَّارِحَ مَشَى أَوَّلًا عَلَى خِلَافِهِ حَيْثُ أَلْحَقهُ بِالْجَبِيرَةِ (قَوْلُهُ مِنْ الْخُفِّ الشَّرْعِيِّ) أَيْ الَّذِي اعْتَبَرَهُ الشَّرْعُ لَازِمًا بِحَيْثُ لَا يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَى أَنْقَصَ مِنْهُ وَهُوَ السَّاتِرُ لِلْكَعْبَيْنِ فَقَطْ.
قَالَ ابْنُ الْكَمَالِ: فَالسَّبْقُ خَارِجٌ عَنْ حَدِّ الْخُفِّ الْمُعْتَبَرِ فِي هَذَا الْبَابِ، فَخُرُوجُ الْقَدَمِ إلَيْهِ خُرُوجٌ عَنْ الْخُفِّ (قَوْلُهُ وَكَذَا إخْرَاجُهُ) تَصْرِيحٌ بِمَا فُهِمَ مِنْ الْخُرُوجِ بِالْأَوْلَى؛ لِأَنَّ فِي الْإِخْرَاجِ خُرُوجًا مَعَ زِيَادَةٍ وَهِيَ الْقَصْدُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute