للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي الْأَصَحِّ اعْتِبَارًا لِلْأَكْثَرِ وَلَا عِبْرَةَ بِخُرُوجِ عَقِبِهِ وَدُخُولِهِ؛ وَمَا رُوِيَ مِنْ النَّقْضِ بِزَوَالِ عَقِبِهِ فَمُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَ بِنِيَّةِ نَزْعِ الْخُفِّ؛ أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ: أَيْ زَوَالُ عَقِبِهِ بِنِيَّتِهِ بَلْ لِسَعَةٍ أَوْ غَيْرِهَا فَلَا يُنْقَضُ بِالْإِجْمَاعِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ الْبُرْجَنْدِيِّ مَعْزِيًّا لِلنِّهَايَةِ وَكَذَا الْقُهُسْتَانِيُّ. لَكِنْ بِاخْتِصَارٍ، حَتَّى زَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ خَرْقُ الْإِجْمَاعِ فَتَنَبَّهْ.

(وَيُنْتَقَضُ) أَيْضًا (بِغَسْلِ أَكْثَرِ الرِّجْلِ فِيهِ) لَوْ دَخَلَ الْمَاءُ خُفَّهُ وَصَحَّحَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ. (وَقِيلَ لَا) يُنْتَقَضُ وَإِنْ بَلَغَ الْمَاءُ الرُّكْبَةَ (وَهُوَ الْأَظْهَرُ) كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ السِّرَاجِ؛ لِأَنَّ اسْتِتَارَ الْقَدَمِ بِالْخُفِّ يَمْنَعُ سِرَايَةَ الْحَدَثِ إلَى الرِّجْلِ، فَلَا يَقَعُ هَذَا غَسْلًا مُعْتَبَرًا، فَلَا يُوجِبُ بُطْلَانَ الْمَسْحِ نَهْرٌ، فَيَغْسِلُهُمَا ثَانِيًا بَعْدَ الْمُدَّةِ

ــ

[رد المحتار]

قَوْلُهُ فِي الْأَصَحِّ) صَحَّحَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا وَبِهِ جَزَمَ فِي الْكَنْزِ وَالْمُنْتَقَى. وَعَنْ مُحَمَّدٍ إنْ بَقِيَ أَقَلُّ مِنْ قَدْرِ مَحَلِّ الْفَرْضِ نَقَضَ وَإِلَّا لَا، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْمَشَايِخِ كَافِي وَمِعْرَاجٌ، وَصَحَّحَهُ فِي النِّصَابِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ اعْتِبَارًا لِلْأَكْثَرِ) أَيْ تَنْزِيلًا لَهُ مَنْزِلَةَ الْكُلِّ (قَوْلُهُ وَمَا رُوِيَ) أَيْ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ (قَوْلُهُ بِزَوَالِ عَقِبِهِ) أَيْ خُرُوجِهِ مِنْ الْخُفِّ إلَى السَّاقِ، وَالْمُرَادُ أَكْثَرُ الْعَقِبِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُنْيَةِ وَالْبَحْرِ وَغَيْرِهِمَا، وَعَلَّلُوهُ بِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يُمْكِنُ مَعَهُ مُتَابَعَةُ الْمَشْيِ الْمُعْتَادِ، وَاخْتَارَهُ فِي الْبَدَائِعِ وَالْحِلْيَةِ وَالْبَحْرِ، وَمَشَى عَلَيْهِ فِي الْوِقَايَةِ وَالنُّقَايَةِ (قَوْلُهُ فَمُقَيَّدٌ إلَخْ) أَيْ فَلَا يُنَافِي قَوْلَهُ وَلَا عِبْرَةَ بِخُرُوجِ عَقِبِهِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ خُرُوجُهُ بِنَفْسِهِ بِلَا قَصْدٍ، وَالْمُرَادُ مِنْ الْمَرْوِيِّ الْإِخْرَاجُ.

(قَوْلُهُ أَوْ غَيْرِهَا) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِهِ مَا كَانَ غَيْرَ وَاسِعٍ لَكِنْ أَخْرَجَهُ غَيْرُهُ أَوْ هُوَ فِي نَوْمِهِ (قَوْلُهُ فَلَا يُنْقَضُ بِالْإِجْمَاعِ) وَإِلَّا وَقَعَ النَّاسُ فِي الْحَرَجِ الْبَيِّنِ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ وَكَذَا الْقُهُسْتَانِيُّ) أَيْ وَكَذَا يُعْلَمُ مِنْ الْقُهُسْتَانِيِّ مَعْزِيًّا لِلنِّهَايَةِ أَيْضًا (قَوْلُهُ لَكِنْ بِاخْتِصَارٍ) نَصُّ عِبَارَتِهِ: هَذَا كُلُّهُ إذَا بَدَا لَهُ أَنْ يَنْزِعَ الْخُفَّ فَيُحَرِّكَهُ بِنِيَّتِهِ، وَأَمَّا إذَا زَالَ لِسَعَةٍ أَوْ غَيْرِهِ فَلَا يُنْتَقَضُ بِالْإِجْمَاعِ كَمَا فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ أَنَّهُ) أَيْ الْقُهُسْتَانِيُّ خَرَقَ الْإِجْمَاعَ أَيْ بِسَبَبِ اخْتِصَارِهِ ط أَيْ؛ لِأَنَّهُ يُوهِمُ النَّقْضَ بِمُجَرَّدِ التَّحْرِيكِ بِنِيَّتِهِ مَعَ أَنَّهُ لَا نَقْضَ، مَا لَمْ يَخْرُجْ الْعَقِبُ أَوْ أَكْثَرُهُ إلَى السَّاقِ بِنِيَّتِهِ.

وَأَمَّا إرْجَاعُ الضَّمِيرِ فِي أَنَّهُ إلَى الْقَوْلِ بِالنَّقْضِ بِخُرُوجِ الْعَقِبِ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ فَلَا يُنَاسِبُهُ التَّعْبِيرُ بِالزَّعْمِ؛ لِأَنَّهُ مُوَافِقٌ لِقَوْلِ الشَّارِحِ فَلَا يُنْقَضُ بِالْإِجْمَاعِ وَيَلْزَمُهُ التَّكْرَارُ أَيْضًا. وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْمُلْتَقَى أَنَّ الضَّمِيرَ رَاجِعٌ إلَى مَا رُوِيَ، وَعَلَيْهِ فَقَوْلُهُ حَتَّى زَعَمَ بَعْضُهُمْ غَايَةٌ لِقَوْلِهِ فَمُقَيَّدٌ، وَعِبَارَتُهُ فِي شَرْحِ الْمُلْتَقَى هَكَذَا حَتَّى زَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ خَرَقَ الْإِجْمَاعَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ هُوَ مِنْ الْحُسْنِ وَالِاحْتِيَاطِ بِمَكَانٍ؛ إذْ مُلَخَّصُهُ أَنَّ خُرُوجَ أَكْثَرِ الْقَدَمِ نَاقِضٌ كَإِخْرَاجِهِ، وَإِخْرَاجُ أَكْثَرِ الْعَقِبِ نَاقِضٌ لَا خُرُوجُهُ، فَهُوَ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ نَاقِضٌ آخَرُ فَتَدَبَّرْ. اهـ أَيْ؛ لِأَنَّ الْقَوْلَ بِالنَّقْضِ بِأَكْثَرِ الْعَقِبِ يَلْزَمُ مِنْهُ الْقَوْلُ بِالنَّقْضِ بِأَكْثَرِ الْقَدَمِ.

(قَوْلُهُ لَوْ دَخَلَ الْمَاءُ خُفَّهُ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ أَدْخَلَ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا فِي الْحُكْمِ كَمَا أَفَادَهُ ح وَقَدَّمْنَاهُ (قَوْلُهُ وَصَحَّحَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ) كَصَاحِبِ الذَّخِيرَةِ وَالظَّهِيرِيَّةِ، وَقَدَّمْنَا عَنْ الزَّيْلَعِيِّ أَنَّهُ الْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ فِي عَامَّةِ الْكُتُبِ، وَعَلَيْهِ مَشَى فِي نُورِ الْإِيضَاحِ وَشَرْحِ الْمُنْيَةِ (قَوْلُهُ وَهُوَ الْأَظْهَرُ) ضَعِيفٌ تَبِعَ فِي الْبَحْرِ، وَقَدَّمْنَا رَدَّهُ أَوَّلَ الْبَابِ ح، وَنَصَّ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ أَيْضًا عَلَى ضَعْفِهِ، وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّهُ مُخْتَارُ أَصْحَابِ الْمُتُونِ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَذْكُرُوهُ فِي النَّوَاقِضِ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْمُتُونَ لَا يُذْكَرُ فِيهَا إلَّا أَصْلُ الْمَذْهَبِ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ تَخْرِيجَاتِ الْمَشَايِخِ وَاحْتِمَالُ كَوْنِهَا مِنْ اخْتِلَافِ الرِّوَايَةِ لَا يَكْفِي فِي جَعْلِهَا مِنْ مَسَائِلِ الْمُتُونِ، نَعَمْ اخْتَارَ فِي الْبَدَائِعِ هَذَا الْقَوْلَ لِمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ التَّعْلِيلِ وَتَبِعَهُ تِلْمِيذُهُ ابْنُ أَمِيرِ حَاجٍّ فِي الْحِلْيَةِ، وَقَوَّاهُ بِأَنَّهُ نَظِيرُ مَا لَوْ أَدْخَلَ يَدَهُ تَحْتَ الْجُرْمُوقَيْنِ وَمَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لِوُقُوعِ الْمَسْحِ فِي غَيْرِ مَحَلِّ الْحَدَثِ (قَوْلُهُ فَيَغْسِلُهُمَا ثَانِيًا) تَفْرِيعٌ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي وَبَيَانٌ لِثَمَرَةِ الْخِلَافِ، وَقَدْ عَلِمْت اخْتِيَارَ صَاحِبِ الْبَدَائِعِ لِهَذَا الْقَوْلِ، لَكِنْ وَافَقَ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ بِعَدَمِ لُزُومِ الْغَسْلِ ثَانِيًا، وَخَالَفَهُ فِي الْحِلْيَةِ؛ لِأَنَّهُ عِنْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ أَوْ النَّزْعِ يَعْمَلُ الْحَدَثُ السَّابِقُ عَمَلَهُ فَيَحْتَاجُ إلَى مُزِيلٍ؛ لِأَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>