للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالرَّاءُ وَالْعَصِيرُ فِي بَيْعِ مُسْلِمَيْنِ لَوْ تَخَمَّرَ فِي الْمُدَّةِ فَسَدَ خِلَافًا لَهُمَا، فَيَنْبَغِي أَنْ يَرْمِزَ لَهَا لَفْظَ تَتَصَدَّرُ وَيَضُمَّ الرَّمْزَ لِلرَّمْزِ، وَلَمْ أَرَهُ لِأَحَدٍ فَلْيُحْفَظْ.

(أَجَازَ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ) وَلَوْ أَجْنَبِيًّا (صَحَّ وَلَوْ مَعَ جَهْلِ صَاحِبِهِ) إجْمَاعًا إلَّا أَنْ يَكُونَ الْخِيَارُ لَهُمَا وَفَسَخَ أَحَدُهُمَا فَلَيْسَ لِلْآخَرِ الْإِجَازَةُ؛ لِأَنَّ الْمَفْسُوخَ لَا تَلْحَقُهُ الْإِجَازَةُ. (فَإِنْ فَسَخَ) بِالْقَوْلِ (لَا) يَصِحُّ (إلَّا إذَا عَلِمَ) الْآخَرُ فِي الْمُدَّةِ، فَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ لَزِمَ الْعَقْدُ، وَالْحِيلَةُ أَنْ يَسْتَوْثِقَ بِكَفِيلٍ مَخَافَةَ الْغَيْبَةِ أَوْ يَرْفَعَ الْأَمْرَ لِلْحَاكِمِ لِيَنْصِبَ مَنْ يَرُدُّ عَلَيْهِ عَيْنِيٌّ، قَيَّدْنَا بِالْقَوْلِ لِصِحَّتِهِ بِالْفِعْلِ بِلَا عِلْمِهِ اتِّفَاقًا

ــ

[رد المحتار]

كَمَا ظَنَّهُ مَنْ قَالَ: إنَّ الزَّوَائِدَ تَعُمُّ الْمُتَّصِلَةَ وَالْمُنْفَصِلَةَ فَيُسْتَغْنَى بِهَا عَنْ الْكَافِ الْمُشَارِ بِهَا إلَى الْكَسْبِ اهـ. فَافْهَمْ.

(قَوْلُهُ: فَسَدَ) أَيْ الْبَيْعُ عِنْدَهُ لِعَجْزِهِ عَنْ تَمَلُّكِهِ بِإِسْقَاطِ خِيَارِهِ، وَيَتِمُّ عِنْدَهُمَا لِعَجْزِهِ عَنْ رَدِّهِ بِفَسْخِهِ فَتْحٌ. (قَوْلُهُ: خِلَافًا لَهُمَا) رَاجِعٌ لِلْمَسَائِلِ الْخَمْسِ الْمَزِيدَةِ فَافْهَمْ. (قَوْلُهُ: وَيَضُمُّ الرَّمْزَ لِلرَّمْزِ) كَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ: أَيْ يَضُمُّ الرَّمْزَ الْمَزِيدَ بِلَفْظٍ تَتَصَدَّرُ لِلرَّمْزِ السَّابِقِ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَيَضُمُّ لِرَمْزِ الرَّمْزِ بِجَرِّ الْأَوَّلِ بِاللَّامِ وَالثَّانِي بِالْإِضَافَةِ، وَهَذِهِ النُّسْخَةُ أَلْطَفُ وَعَلَيْهَا فَفِي " يَضُمُّ " ضَمِيرٌ يَعُودُ لِلرَّمْزِ الْمَزِيدِ، وَيَكُونُ الْمُرَادُ بِالرَّمْزِ الْمَجْرُورِ بِاللَّامِ الرَّمْزَ السَّابِقَ عَنْ الْعَيْنِيِّ، وَبِالرَّمْزِ الْمَجْرُورِ بِالْإِضَافَةِ شَرْحَ الْكَنْزِ لِلْعَيْنِيِّ فَإِنَّ اسْمَهُ الرَّمْزُ. وَفِي ط: فَيَصِيرُ الْمَعْنَى اسْحَقْ عِزَّكَ: أَيْ امْحَقْهُ بِتَوَاضُعِكَ وَعَظِّمْ اللَّهَ - تَعَالَى - فِي قَلْبِكَ، فَامْتَثِلْ أَمْرَهُ وَنَهْيَهُ، وَعَظِّمْ النَّاسَ بِإِنْزَالِهِمْ مَنْزِلَتَهُمْ تَصِيرُ صَدْرًا أَيْ مُقَدَّمًا وَمُقَرَّبًا عِنْدَ اللَّهِ - تَعَالَى - وَعِنْدَ النَّاسِ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ أَرَهُ لِأَحَدٍ) أَيْ لَمْ يَرَ الرَّمْزَ بِ تَتَصَدَّرُ وَإِلَّا فَالْمَسَائِلُ فِي الْمِنَحِ الْبَحْرُ ط

(قَوْلُهُ: أَجَازَ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ) أَيْ أَجَازَ بِالْقَوْلِ أَوْ بِالْفِعْلِ كَالْإِعْتَاقِ وَالْوَطْءِ وَنَحْوِهِمَا كَمَا يَأْتِي. وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: إذَا قَالَ: أَجَزْتُ شِرَاءَهُ أَوْ شِئْتُ أَخْذَهُ أَوْ رَضِيتُ أَخْذَهُ بَطَلَ خِيَارُهُ؛ وَلَوْ قَالَ: هَوِيتُ أَخْذَهُ أَوْ أَحْبَبْتُ أَوْ أَرَدْتُ أَوْ أَعْجَبَنِي أَوْ وَافَقَنِي لَا يَبْطُلُ لَوْ اخْتَارَ الرَّدَّ أَوْ الْقَبُولَ بِقَلْبِهِ فَهُوَ بَاطِلٌ لِتَعَلُّقِ الْأَحْكَامِ بِالظَّاهِرِ لَا بِالْبَاطِنِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَعَ جَهْلِ صَاحِبِهِ) أَيْ الْعَاقِدِ مَعَهُ، أَمَّا لَوْ كَانَ لِلْمُشْتَرِيَيْنِ فَفَسَخَ أَحَدُهُمَا بِعَيْبَةِ الْآخَرِ لَمْ يَجُزْ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ. (قَوْلُهُ: لَهُمَا) أَيْ لِكُلٍّ مِنْ الْمُتَعَاقِدَيْنِ. (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ لِلْآخَرِ الْإِجَازَةُ) أَيْ إلَّا إذَا قَبِلَ الْأَوَّلُ إجَازَتَهُ، يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: بَاعَهُ بِخِيَارٍ فَفَسَخَهُ فِي الْمُدَّةِ انْفَسَخَ، فَإِنْ قَالَ: بَعْدَهُ أَجَزْتُ وَقَبِلَ الْمُشْتَرِي جَازَ اسْتِحْسَانًا، وَلَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي فَأَجَازَ ثُمَّ فَسَخَ وَقَبِلَ الْبَائِعُ جَازَ وَيَنْفَسِخُ اهـ.

فَيَكُونُ الْأَوَّلُ بَيْعًا آخَرَ كَمَا سَيَذْكُرُهُ الشَّارِحُ وَالثَّانِي إقَالَةً. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمَفْسُوخَ لَا تَلْحَقُهُ الْإِجَازَةُ) فِيهِ إشْكَالٌ سَيَذْكُرُهُ الشَّارِحُ مَعَ جَوَابِهِ. (قَوْلُهُ: لَا يَصِحُّ إلَّا إذَا عَلِمَ الْآخَرُ) هَذَا عِنْدَهُمَا. وَقَالَ: أَبُو يُوسُفَ: يَصِحُّ، وَهُوَ قَوْلُ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ. قَالَ: الْكَرْخِيُّ وَخِيَارُ الرُّؤْيَةِ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ فِي الْعَيْبِ لَا يَصِحُّ فَسْخُهُ بِدُونِ عِلْمِهِ إجْمَاعًا. وَلَوْ أَجَازَ الْبَيْعَ بَعْدَ فَسْخِهِ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ الْمُشْتَرِي جَازَ وَبَطَلَ فَسْخُهُ ذَكَرَهُ الْإِسْبِيجَابِيُّ، يَعْنِي عِنْدَهُمَا. وَفِيهِ يَظْهَرُ أَثَرُ الْخِلَافِ فِيمَا إذَا بَاعَهُ بِشَرْطِ أَنَّهُ إذَا غَابَ فَسَخَ فَسَدَ الْبَيْعُ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ، وَرَجَّحَ قَوْلَهُ فِي الْفَتْحِ نَهْرٌ. (قَوْلُهُ: فَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ) أَيْ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ، سَوَاءٌ عَلِمَ بَعْدَهَا أَوْ لَمْ يَعْلَمْ أَصْلًا. (قَوْلُهُ: أَنْ يَسْتَوْثِقَ بِكَفِيلٍ) الَّذِي فِي الْعَيْنِيِّ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ وَكِيلًا، يَعْنِي إذَا بَدَا لَهُ الْفَسْخُ رَدَّهُ عَلَيْهِ. اهـ. وَمِثْلُهُ فِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ ح. (قَوْلُهُ: أَوْ يَرْفَعَ الْأَمْرَ لِلْحَاكِمِ لِيَنْصِبَ إلَخْ) فِي الْعِمَادِيَّةِ: وَهَذَا أَحَدُ قَوْلَيْنِ، وَقِيلَ: لَا يَنْصِبُ لِأَنَّهُ تَرَكَ النَّظَرَ لِنَفْسِهِ بِعَدَمِ الْوَكِيلِ فَلَا يَنْظُرُ الْقَاضِي إلَيْهِ، وَتَمَامُهُ فِي النَّهْرِ.

(قَوْلُهُ: لِصِحَّتِهِ بِالْفِعْلِ بِلَا عِلْمِهِ) مِثَالُ الْفَسْخِ بِالْفِعْلِ أَنْ يَتَصَرَّفَ الْبَائِعُ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ، كَمَا إذَا أَعْتَقَ الْمَبِيعَ أَوْ بَاعَهُ أَوْ كَانَ جَارِيَةً فَوَطِئَهَا أَوْ قَبَّلَهَا أَوْ أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ عَيْنًا فَتَصَرَّفَ فِيهِ الْمُشْتَرِي تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ فِيمَا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي، صَرَّحَ بِهِ الْأَكْمَلُ فِي الْعِنَايَةِ وَغَيْرُهُ مِنْ الْمَشَايِخِ مِنَحٌ، وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ أَنْ يَتَصَرَّفَ الْبَائِعُ إلَخْ أَنْ يَكُونَ الْخِيَارُ لَهُ وَتَصَرَّفَ كَذَلِكَ فَيَكُونَ فَسْخًا حُكْمِيًّا لِأَنَّهُ دَلِيلُ اسْتِبْقَاءِ الْمَبِيعِ عَلَى مِلْكِهِ. وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي

<<  <  ج: ص:  >  >>