كَمَا أَفَادَهُ بِقَوْلِهِ.
(وَتَمَّ الْعَقْدُ بِمَوْتِهِ) وَلَا يَخْلُفُهُ الْوَارِثُ كَخِيَارِ رُؤْيَةٍ وَتَغْرِيرٍ وَنَقْدٍ
ــ
[رد المحتار]
وَفَعَلَ مَا ذُكِرَ فَإِنَّهُ يَتِمُّ الْبَيْعُ كَمَا يَأْتِي. (قَوْلُهُ: كَمَا أَفَادَهُ إلَخْ) أَيْ أَفَادَ الْفِعْلَ الَّذِي يَصِحُّ بِهِ الْفَسْخُ، يَعْنِي أَنَّ أَمْثِلَةَ الْفَسْخِ بِالْفِعْلِ تُسْتَفَادُ مِنْ قَوْلِهِ الْمَذْكُورِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَذْكُورُ مِنْ أَمْثِلَةِ الْفَسْخِ بَلْ مِنْ أَمْثِلَةِ التَّمَامِ وَالْإِجَازَةِ. قَالَ: فِي الْفَتْحِ: وَجَمِيعُ مَا قَدَّمْنَا أَنَّهُ إجَازَةٌ إذَا صَدَرَ مِنْ الْمُشْتَرِي مِنْ الْأَفْعَالِ فَهُوَ فَسْخٌ إذَا صَدَرَ مِنْ الْبَائِعِ. اهـ. وَقَدْ أَفَادَ الشَّارِحُ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ الْآتِي: وَلَوْ فَعَلَ الْبَائِعُ ذَلِكَ كَانَ فَسْخًا. وَالْمُرَادُ بِهِ الْإِعْتَاقُ وَمَا بَعْدَهُ، وَحِينَئِذٍ فَلَيْسَ فِي كَلَامِهِ غَلَطٌ بَلْ هُوَ مِنْ رُمُوزِهِ الَّتِي تَخْفَى عَلَى الْمُعْتَرِضِينَ فَافْهَمْ.
(قَوْلُهُ: وَتَمَّ الْعَقْدُ إلَخْ) أَيْ تَحْصُلُ الْإِجَازَةُ بِوَاحِدٍ مِمَّا ذُكِرَ، وَهُوَ كَلَامٌ مَوْهُومٌ، فَإِنَّ فِي بَعْضِهَا يَكُونُ إجَازَةً سَوَاءٌ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ أَوْ لِلْمُشْتَرِي وَهُوَ الْمَوْتُ وَمُضِيُّ الْمُدَّةِ، وَفِي بَعْضِهَا إذَا كَانَ لِلْمُشْتَرِي وَهُوَ الْإِعْتَاقُ وَتَوَابِعُهُ، فَلَوْ لِلْبَائِعِ كَانَ فَسْخًا أَفَادَهُ فِي الْبَحْرِ. (قَوْلُهُ: بِمَوْتِهِ) أَيْ مَوْتِ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ بَائِعًا كَانَ أَوْ مُشْتَرِيًا؛ لِأَنَّ مَوْتَ غَيْرِهِ لَا يَتِمُّ بِهِ الْعَقْدُ بَلْ الْخِيَارُ بَاقٍ لِمَنْ شُرِطَ لَهُ فَإِنْ أَمْضَى الْعَقْدَ مَضَى وَإِنْ فَسَخَهُ انْفَسَخَ كَمَا فِي الْفَتْحِ نَهْرٌ. وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: لَوْ الْخِيَارُ لَهُمَا فَمَاتَ أَحَدُهُمَا لَزِمَ الْبَيْعُ مِنْ جِهَتِهِ وَالْآخَرُ عَلَى خِيَارِهِ. وَفِيهِ أَيْضًا: وَكِيلُ الْبَيْعِ أَوْ الْوَصِيُّ بَاعَ بِخِيَارٍ أَوْ الْمَالِكُ بَاعَ بِخِيَارٍ لِغَيْرِهِ فَمَاتَ الْوَكِيلُ أَوْ الْوَصِيُّ أَوْ الْمُوَكِّلُ أَوْ الصَّبِيُّ أَوْ مَنْ بَاعَ بِنَفْسِهِ أَوْ مَنْ شُرِطَ لَهُ الْخِيَارُ قَالَ: مُحَمَّدٌ: يَتِمُّ الْبَيْعُ فِي كُلِّ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمْ حَقًّا فِي الْخِيَارِ وَالْجُنُونُ كَالْمَوْتِ. اهـ.
وَكَذَا الْإِغْمَاءُ، وَتَمَامُهُ فِي النَّهْرِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَخْلُفُهُ الْوَارِثُ) لِأَنَّهُ لَيْسَ إلَّا مَشِيئَةٌ وَإِرَادَةٌ، وَلَا يُتَصَوَّرُ انْتِقَالُهُ وَالْإِرْثُ فِيمَا يَقْبَلُ الِانْتِقَالَ: هِدَايَةٌ. (قَوْلُهُ: كَخِيَارِ رُؤْيَةٍ) نَصَّ عَلَى ذَلِكَ فِي الْغُرَرِ وَالْوِقَايَةِ وَالنُّقَايَةِ وَمُخْتَصَرِهَا وَالْمُلْتَقَى وَالْإِصْلَاحِ وَالْبَحْرِ وَالنَّهْرِ، وَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْفَتْحِ مِنْ بَابِ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ، وَلَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَ فِيهِ خِلَافًا، وَعَلَيْهِ فَمَا فِي فَرَائِضِ شَرْحِ الْبِيرِيِّ عَنْ شَرْحِ الْمَجْمَعِ لِابْنِ الضِّيَاءِ مِنْ أَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّ خِيَارَ الرُّؤْيَةِ يُورَثُ فَهُوَ غَرِيبٌ وَلَعَلَّ أَصْلَ الْعِبَارَةِ لَا يُورَثُ. تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَتَغْرِيرٍ وَنَقْدٍ) لَمْ يَذْكُرْهُمَا فِي الدُّرَرِ، بَلْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ الْأَوَّلَ مِنْهُمَا فِي الْمِنَحِ بَحْثًا، وَذَكَرَ الثَّانِيَ فِي النَّهْرِ بَحْثًا أَيْضًا. وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْحُقُوقَ الْمُجَرَّدَةَ لَا تُورَثُ، وَكَأَنَّ الْوَجْهَ لَمَّا قَوِيَ عِنْدَ الشَّارِحِ جَزَمَ بِهِ. وَقَدْ رَأَيْتُ مَسْأَلَةَ النَّقْدِ فِي شَرْحِ الْبِيرِيِّ عَنْ خِزَانَةِ الْإِكْمَالِ نَصَّ عَلَى أَنَّهُ لَوْ مَاتَ قَبْلَ نَقْدِ الثَّمَنِ بَطَلَ الْبَيْعُ وَلَيْسَ لِوَارِثِهِ نَقْدُهُ. وَأَمَّا مَسْأَلَةُ التَّغْرِيرِ فَقَدْ وَقَعَ فِيهَا اضْطِرَابٌ، فَنَقَلَ الشَّارِحُ فِي آخِرِ بَابِ الْمُرَابَحَةِ عَلِيٌّ الْمَقْدِسِيَّ أَنَّهُ أَفْتَى بِمِثْلِ مَا بَحَثَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا، ذَكَرَ أَنَّ الْمُصَنِّفَ ذَكَرَ فِي شَرْحِ مَنْظُومَتِهِ الْفِقْهِيَّةِ أَنَّ خِيَارَ التَّغْرِيرِ يُورَثُ كَخِيَارِ الْعَيْبِ وَأَنَّ ابْنَ الْمُصَنِّفِ أَيَّدَهُ، وَسَيَذْكُرُ إنْ شَاءَ اللَّهُ - تَعَالَى - مَا فِيهِ هُنَاكَ، نَعَمْ بَحَثَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ أَيْضًا فِي حَاشِيَةِ الْبَحْرِ أَنَّهُ يُورَثُ قِيَاسًا عَلَى خِيَارِ فَوَاتِ الْوَصْفِ الْمَرْغُوبِ فِيهِ كَشِرَاءِ عَبْدٍ عَلَى أَنَّهُ خَبَّازٌ وَقَالَ: إنَّهُ بِهِ أَشْبَهُ؛ لِأَنَّهُ اشْتَرَاهُ بِنَاءً عَلَى قَوْلِ الْبَائِعِ فَكَانَ شَارِطًا لَهُ اقْتِضَاءً وَصْفًا مَرْغُوبًا فَبَانَ بِخِلَافِهِ.
وَقَدْ اخْتَلَفَ تَفَقُّهُ الشَّيْخِ عَلِيٍّ الْمَقْدِسِيَّ وَالشَّيْخِ مُحَمَّدٍ الْغَزِّيِّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَرَيَاهَا مَنْقُولَةً، وَمَالَ الشَّيْخُ عَلِيٌّ لِمَا قُلْتُهُ فَقَالَ: وَاَلَّذِي أَمِيلُ إلَيْهِ أَنَّهُ مِثْلُ خِيَارِ الْعَيْبِ يَعْنِي فَيُورَثُ. اهـ. وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ مَا نَقَلَهُ الشَّارِحُ عَنْ الْمَقْدِسِيَّ مُخَالِفٌ لِمَا نَقَلَهُ عَنْهُ الرَّمْلِيُّ، لَكِنْ سَيَأْتِي فِي الْمُرَابَحَةِ أَنَّهُ لَوْ ظَهَرَ لَهُ خِيَانَةٌ فِي الْمُرَابَحَةِ لَهُ رَدُّهُ، وَلَوْ هَلَكَ الْمَبِيعُ قَبْلَ رَدِّهِ أَوْ حَدَثَ بِهِ مَا يَمْنَعُ مِنْ الرَّدِّ لَزِمَهُ جَمِيعُ الثَّمَنِ وَسَقَطَ خِيَارُهُ، وَعَلَّلُوهُ هُنَاكَ بِأَنَّهُ مُجَرَّدُ خِيَارٍ لَا يُقَابِلُهُ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ كَخِيَارِ الرُّؤْيَةِ وَالشَّرْطِ، بِخِلَافِ خِيَارِ الْعَيْبِ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَحَقَّ فِيهِ جُزْءٌ فَائِتٌ فَيَسْقُطُ مَا يُقَابِلُهُ. وَأَخَذَ مِنْهُ فِي الْبَحْرِ هُنَاكَ أَنَّ خِيَارَ ظُهُورِ الْخِيَانَةِ لَا يُورَثُ كَمَا سَنَذْكُرُهُ هُنَاكَ. وَلَا يَخْفَى أَنَّ التَّغْرِيرَ أَشْبَهُ بِظُهُورِ الْخِيَانَةِ فِي الْمُرَابَحَةِ فَكَانَ إلْحَاقُهُ بِهِ أَوْلَى مِنْ إلْحَاقِهِ بِالْوَصْفِ الْمَرْغُوبِ؛ لِأَنَّ الْوَصْفَ الْمَرْغُوبَ بِمَنْزِلَةِ جُزْءٍ مِنْ الْمَبِيعِ فَيُقَابِلُهُ جُزْءٌ مِنْ الثَّمَنِ حَيْثُ كَانَ الْوَصْفُ مَشْرُوطًا، فَإِذَا فَاتَ يَسْقُطُ مَا يُقَابِلُهُ كَخِيَارِ الْعَيْبِ، وَلَيْسَ فِي التَّغْرِيرِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ بَلْ هُوَ مُجَرَّدُ خِيَارٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute