لِأَنَّ الْأَوْصَافَ لَا تُورَثُ، وَأَمَّا خِيَارُ الْعَيْبِ وَالتَّعْيِينِ وَفَوَاتِ الْوَصْفِ الْمَرْغُوبِ فِيهِ فَيَخْلُفُهُ الْوَارِثُ فِيهَا لَا أَنَّهُ يَرِثُ خِيَارَهُ دُرَرٌ فَلْيُحْفَظْ
(وَمُضِيُّ الْمُدَّةِ) وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ لِمَرَضٍ أَوْ إغْمَاءٍ
(وَالْإِعْتَاقُ) وَلَوْ لِبَعْضِهِ (وَتَوَابِعُهُ) وَكَذَا كُلُّ تَصَرُّفٍ لَا يَنْفُذُ أَوْ لَا يَحِلُّ إلَّا فِي الْمِلْكِ كَإِجَارَةٍ وَلَوْ بِلَا تَسْلِيمٍ فِي الْأَصَحِّ وَنَظَرٌ إلَى فَرْجٍ دَاخِلٍ
ــ
[رد المحتار]
لَا يُقَابِلُهُ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ مِثْلُ خِيَارِ الْخِيَانَةِ فِي الْمُرَابَحَةِ، وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ الْأَرْجَحَ أَنَّهُ لَا يُورَثُ كَمَا جَزَمَ بِهِ الشَّارِحُ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْأَوْصَافَ لَا تُورَثُ) هَذَا التَّعْلِيلُ إنَّمَا يُنَاسِبُ التَّعْبِيرَ بِأَنَّ خِيَارَ الشَّرْطِ لَا يُورَثُ كَمَا وَقَعَ فِي الدُّرَرِ وَالْوِقَايَةِ وَالشَّارِحُ إنَّمَا عَبَّرَ بِأَنَّهُ لَا يَخْلُفُهُ الْوَارِثُ؛ لِأَنَّهُ أَضْبَطُ؛ لِأَنَّ مَا لَا يُورَثُ قَدْ يَخْلُفُهُ الْوَارِثُ فِيهِ كَخِيَارِ الْعَيْبِ، فَكَانَ الْأَوْلَى التَّعْلِيلَ بِأَنَّ الْأَوْصَافَ لَا تَنْتَقِلُ كَمَا مَرَّ عَنْ الْهِدَايَةِ أَيْ فَإِنَّ خِيَارَ الشَّرْطِ مُجَرَّدُ مَشِيئَةٍ وَإِرَادَةٍ، وَذَلِكَ وَصْفٌ لِصَاحِبِ الْخِيَارِ فَلَا يُمْكِنُ انْتِقَالُهُ إلَى الْوَارِثِ لَا بِطَرِيقِ الْإِرْثِ وَلَا بِطَرِيقِ الْخِلَافَةِ، وَمِثْلُهُ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ وَالتَّغْرِيرِ. وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا لَا يَتَأَتَّى فِي خِيَارِ النَّقْدِ؛ لِأَنَّ نَقْدَ الثَّمَنِ فِعْلٌ لَا وَصْفٌ، وَهَذَا يُرَجِّحُ أَنَّهُ كَخِيَارِ الْعَيْبِ تَأَمَّلْ. [تَتِمَّةٌ] :
فِي شَرْحِ الْبِيرِيِّ عَنْ شَرْحِ الْمَجْمَعِ لِابْنِ الضِّيَاءِ: وَأَجْمَعُوا أَنَّ خِيَارَ الْقَبُولِ لَا يُورَثُ، وَكَذَا خِيَارُ الْإِجَازَةِ فِي بَيْعِ الْفُضُولِيِّ. اهـ. وَالْمُرَادُ بِخِيَارِ الْقَبُولِ خِيَارُ الْمَجْلِسِ، وَهُوَ أَنْ يَقْبَلَ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ بَعْدَ إيجَابِ الْمُوجِبِ. (قَوْلُهُ: وَفَوَاتُ الْوَصْفِ الْمَرْغُوبِ فِيهِ) هَذَا غَيْرُ مَوْجُودٍ فِي الدُّرَرِ، نَعَمْ ذَكَرَهُ فِي الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ. وَوَجْهُهُ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْعَيْبِ. (قَوْلُهُ: فَيَخْلُفُهُ الْوَارِثُ فِيهَا إلَخْ) لِأَنَّ الْمُوَرِّثَ اسْتَحَقَّ الْمَبِيعَ سَلِيمًا مِنْ الْعَيْبِ فَكَذَا الْوَارِثُ، وَكَذَا خِيَارُ التَّعْيِينِ يَثْبُتُ لِلْوَارِثِ ابْتِدَاءً لِاخْتِلَاطِ مِلْكِهِ بِمِلْكِ غَيْرِهِ لَا أَنْ يُورَثَ الْخِيَارَ هِدَايَةٌ، وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِطَرِيقِ الْإِرْثِ مَا فِي الدُّرَرِ مِنْ أَنَّ الْوَارِثَ يَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ فِيمَا تَعَيَّبَ فِي يَدِ الْبَائِعِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوَرِّثِ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ لِلْمُوَرِّثِ. اهـ. وَفِي غَايَةِ الْبَيَانِ: وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ هَذَا الْخِيَارَ لِلْوَارِثِ غَيْرُ مَا كَانَ لِلْمُوَرِّثِ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ كَانَ لَهُ أَنْ يَخْتَارَ أَحَدَهُمَا أَوْ يَرُدَّهُمَا، وَلَيْسَ لِلْوَارِثِ أَنْ يَرُدَّهُمَا، وَخِيَارُ الْمُشْتَرِي كَانَ مُوَقَّتًا وَلِلْوَرَثَةِ يَثْبُتُ غَيْرَ مُوَقَّتٍ. اهـ
(قَوْلُهُ: وَمُضِيِّ الْمُدَّةِ) أَيْ مُدَّةِ الْخِيَارِ قَبْلَ الْفَسْخِ أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ أَوْ لِلْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ الْخِيَارُ إلَّا فِيهَا فَلَا بَقَاءَ لَهُ بَعْدَهَا بَحْرٌ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ) أَيْ بِمُضِيِّهَا. (قَوْلُهُ: لِمَرَضٍ أَوْ إغْمَاءٍ) مَشَى عَلَى مَا هُوَ التَّحْقِيقُ مِنْ أَنَّ الْإِغْمَاءَ وَالْجُنُونَ لَا يُسْقِطَانِ الْخِيَارَ إنَّمَا الْمُسْقِطُ لَهُ مُضِيُّ الْمُدَّةِ مِنْ غَيْرِ اخْتِيَارٍ، وَلِذَا لَوْ أَفَاقَ فِيهَا وَفَسَخَ جَازَ بَحْرٌ
(قَوْلُهُ: وَالْإِعْتَاقِ) وَلَوْ بِشَرْطٍ وُجِدَ فِي الْمُدَّةِ بَحْرٌ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ لِبَعْضِهِ) أَيْ لِبَعْضِ الْعَبْدِ الْمَبِيعِ. قَالَ: فِي النَّهْرِ: وَقَدْ أَغْفَلُوهُ هُنَا. (قَوْلُهُ: وَتَوَابِعِهِ) كَالْكِتَابَةِ وَالتَّدْبِيرِ. (قَوْلُهُ: إلَّا فِي الْمِلْكِ) أَيْ مِلْكِ الْمُبَاشِرِ لِلْفِعْلِ بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ. (قَوْلُهُ: كَإِجَارَةٍ) تَمْثِيلٌ لِقَوْلِهِ لَا يَنْفُذُ إلَّا فِي الْمِلْكِ. قَالَ: فِي الْبَحْرِ: وَأَشَارَ بِالْإِعْتَاقِ إلَى كُلِّ تَصَرُّفٍ لَا يُفْعَلُ إلَّا فِي الْمِلْكِ، كَمَا إذَا بَاعَهُ أَوْ وَهَبَهُ وَسَلَّمَهُ، أَوْ رَهَنَ أَوْ أَجَّرَ وَإِنْ لَمْ يُسَلِّمْ عَلَى الْأَصَحِّ، أَوْ أَبْرَأَهُ مِنْ الثَّمَنِ أَوْ اشْتَرَى بِهِ شَيْئًا أَوْ سَاوَمَهُ بِهِ، أَوْ حَجَمَ الْعَبْدَ أَوْ سَقَاهُ دَوَاءً أَوْ حَلَقَ رَأْسَهُ أَوْ سَقَى زَرْعَ الْأَرْضِ أَوْ حَصَدَهُ أَوْ عَرَضَ الْمَبِيعَ لِلْبَيْعِ أَوْ أَسْكَنَ فِي الدَّارِ وَلَوْ بِلَا أَجْرٍ أَوْ رَمَّ مِنْهَا شَيْئًا أَوْ بَنَى بِنَاءً أَوْ طَيَّنَهُ أَوْ هَدَمَهُ أَوْ حَلَبَ الْبَقَرَةَ أَوْ شَقَّ أَوْدَاجَ الدَّابَّةِ أَوْ بَزَّغَهَا لَا لَوْ قَصَّ حَوَافِرَهَا أَوْ أَخَذَ مِنْ عَرْفِهَا أَوْ اسْتَخْدَمَ الْخَادِمَ مَرَّةً أَوْ لَبِسَ الثَّوْبَ مَرَّةً أَوْ رَكِبَ الدَّابَّةَ مَرَّةً أَوْ أَمَرَ الْأَمَةَ بِإِرْضَاعِ وَلَدِهِ لِأَنَّهُ اسْتِخْدَامٌ وَالِاسْتِخْدَامُ ثَانِيًا إجَازَةٌ إلَّا إذَا كَانَ فِي نَوْعٍ آخَرَ. اهـ. مُلَخَّصًا. وَبَقِيَ مَا لَوْ زَادَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي وَقَدَّمْنَا حُكْمَهُ عِنْدَ قَوْلِهِ كَتَعَيُّبِهِ. (قَوْلُهُ: وَنَظَرٍ إلَى فَرْجٍ إلَخْ) تَمْثِيلٌ لِقَوْلِهِ أَوْ لَا يَحِلُّ إلَّا فِي الْمِلْكِ. وَأُورِدَ أَنَّ مُقْتَضَى الضَّابِطِ تَعْمِيمُ النَّظَرِ إلَى كُلِّ مَا لَا يَحِلُّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute