وَالْإِجَارَةُ وَالْقِسْمَةُ وَالصُّلْحُ عَنْ دَعْوَى الْمَالِ عَلَى شَيْءٍ بِعَيْنِهِ) ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهَا مُعَاوَضَةٌ، فَلَيْسَ فِي دُيُونٍ وَنُقُودٍ وَعُقُودٍ لَا تَنْفَسِخُ بِالْفَسْخِ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ فَتْحٌ.
(صَحَّ الشِّرَاءُ وَالْبَيْعُ لِمَا لَمْ يَرَيَاهُ، وَالْإِشَارَةُ إلَيْهِ) أَيْ الْمَبِيعِ (أَوْ إلَى مَكَانِهِ شَرْطُ الْجَوَازِ) فَلَوْ لَمْ يُشِرْ إلَى ذَلِكَ لَمْ يَجُزْ إجْمَاعًا فَتْحٌ وَبَحْرٌ.
ــ
[رد المحتار]
فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ. اهـ. أَيْ لِوُجُوبِ فَسْخِهِ بِدُونِهِمَا. (قَوْلُهُ: وَالْقِسْمَةِ) فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ عَنْ الْعُيُونِ أَنَّ قِسْمَةَ الْأَجْنَاسِ الْمُخْتَلِفَةِ يَثْبُتُ فِيهَا الْخِيَارَاتُ الثَّلَاثُ: خِيَارُ الشَّرْطِ وَالْعَيْبِ وَالرُّؤْيَةِ، وَقِسْمَةُ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ كَالْمَكِيلَاتِ وَالْمَوْزُونَاتِ يَثْبُتُ فِيهَا خِيَارُ الْعَيْبِ فَقَطْ، وَقِسْمَةُ غَيْرِ الْمِثْلِيَّاتِ كَالثِّيَابِ مِنْ نَوْعٍ وَاحِدٍ، وَالْبَقَرُ وَالْغَنَمُ يَثْبُتُ فِيهَا خِيَارُ الْعَيْبِ؛ وَكَذَا الشَّرْطُ وَالرُّؤْيَةُ عَلَى رِوَايَةِ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، وَعَلَى رِوَايَةِ أَبِي حَفْصٍ لَا. اهـ. (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ فِي دُيُونٍ وَنُقُودٍ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ فِي دُيُونِ الْقَوَدِ، وَفِي بَعْضِهَا فِي دَيْنِ الْعُقُودِ، وَالْأُولَى أَوْلَى وَعَطْفُ النُّقُودِ عَلَى الدُّيُونِ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ. قَالَ: فِي الْفَتْحِ: وَعُرِفَ مِنْ هَذَا: أَيْ قَصْرِهِ عَلَى الْمَوَاضِعِ الْأَرْبَعَةِ أَنَّهُ لَا يَكُونُ فِي الدُّيُونِ، فَلَا يَكُونُ فِي الْمُسْلَمِ فِيهِ وَلَا فِي الْأَثْمَانِ الْخَالِصَةِ: أَيْ كَالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْمَبِيعُ إنَاءً مِنْ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ فَإِنَّ فِيهِ الْخِيَارَ اهـ. قَالَ: فِي الْبَحْرِ: وَأَمَّا رَأْسُ مَالِ السَّلَمِ إذَا كَانَ عَيْنًا فَإِنَّهُ يَثْبُتُ الْخِيَارُ فِيهِ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَعُقُودٍ لَا تَنْفَسِخُ) قَالَ: فِي الْفَتْحِ: وَمَحَلُّهُ كُلُّ مَا كَانَ فِي عَقْدٍ يَنْفَسِخُ بِالْفَسْخِ، لَا فِيمَا لَا يَنْفَسِخُ كَالْمَهْرِ وَبَدَلِ الصُّلْحِ عَنْ الْقِصَاصِ وَبَدَلِ الْخُلْعِ وَإِنْ كَانَتْ أَعْيَانًا؛ لِأَنَّهُ لَا يُفِيدُ فِيهَا؛ لِأَنَّ الرَّدَّ لَمَّا لَمْ يُوجِبْ الِانْفِسَاخَ بَقِيَ الْعَقْدُ قَائِمًا، وَقِيَامُهُ يُوجِبُ الْمُطَالَبَةَ بِالْعَيْنِ لَا بِمَا يُقَابِلُهَا مِنْ الْقِيمَةِ، فَلَوْ كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ أَبَدًا.
(قَوْلُهُ: لَمَّا لَمْ يَرَيَاهُ) أَيْ الْعَاقِدَانِ. قَالَ: فِي الْبَحْرِ: أَرَادَ بِمَا لَمْ يَرَهُ مَا لَمْ يَرَهُ وَقْتَ الْعَقْدِ وَلَا قَبْلَهُ، وَالْمُرَادُ بِالرُّؤْيَةِ الْعِلْمُ بِالْمَقْصُودِ مِنْ بَابِ عُمُومِ الْمَجَازِ فَصَارَتْ الرُّؤْيَةُ مِنْ أَفْرَادِ الْمَعْنَى الْمَجَازِيِّ، فَيَشْمَلُ مَا إذَا كَانَ الْمَبِيعُ مِمَّا يُعْرَفُ بِالشَّمِّ كَالْمِسْكِ، وَمَا اشْتَرَاهُ بَعْدَ رُؤْيَتِهِ فَوَجَدَهُ مُتَغَيِّرًا، وَمَا اشْتَرَاهُ الْأَعْمَى. وَفِي الْقُنْيَةِ: اشْتَرَى مَا يُذَاقُ فَذَاقَهُ لَيْلًا وَلَمْ يَرَهُ سَقَطَ خِيَارُهُ. اهـ. (قَوْلُهُ: أَيْ الْمَبِيعِ) أَيْ الَّذِي لَمْ يَرَيَاهُ بِأَنْ كَانَ مَسْتُورًا. (قَوْلُهُ: فَلَوْ لَمْ يُشِرْ إلَى ذَلِكَ إلَخْ) عِبَارَةُ الْفَتْحِ هَكَذَا: وَفِي الْمَبْسُوطِ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ أَوْ إلَى مَكَانِهِ شَرْطُ الْجَوَازِ، فَلَوْ لَمْ يُشِرْ إلَيْهِ وَلَا إلَى مَكَانِهِ لَا يَجُوزُ بِالْإِجْمَاعِ هـ. لَكِنَّ إطْلَاقَ الْكِتَابِ يَقْتَضِي جَوَازَ الْبَيْعِ، سَوَاءٌ سَمَّى جِنْسَ الْمَبِيعِ أَوْ لَا، وَسَوَاءٌ أَشَارَ إلَى مَكَانِهِ أَوْ إلَيْهِ وَهُوَ حَاضِرٌ مَسْتُورٌ أَوْ لَا، مِثْلُ أَنْ يَقُولَ بِعْتُ مِنْكَ مَا فِي كُمِّي، بَلْ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ قَالُوا: إطْلَاقُ الْجَوَابِ يَدُلُّ عَلَى الْجَوَازِ عِنْدَهُ، وَطَائِفَةٌ قَالُوا لَا يَجُوزُ لِجَهَالَةِ الْمَبِيعِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِطْلَاقِ مَا ذَكَرَهُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ وَغَيْرُهُ كَصَاحِبِ الْإِسْرَاءِ وَالذَّخِيرَةِ لِبُعْدِ الْقَوْلِ بِجَوَازِ مَا لَمْ يُعْلَمْ جِنْسُهُ أَصْلًا، كَأَنْ يَقُولَ بِعْتُكَ شَيْئًا بِعَشَرَةٍ. اهـ.
كَلَامُ الْفَتْحِ وَحَاصِلُهُ التَّوْفِيقُ بَيْنَ مَا قَالَهُ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ وَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ بِحَمْلِ إطْلَاقِ الْجَوَابِ عَلَى مَا قَالَهُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ وَغَيْرُهُ مِنْ لُزُومِ الْإِشَارَةِ إلَيْهِ أَوْ إلَى مَكَانِهِ إذْ لَا يَصِحُّ بَيْعُ مَا لَمْ يُعْلَمْ جِنْسُهُ أَصْلًا: أَيْ لَا بِوَصْفٍ وَلَا بِإِشَارَةٍ، وَلِذَا قَالَ: صَاحِبُ النِّهَايَةِ يَعْنِي شَيْئًا مُسَمًّى مَوْصُوفًا أَوْ مُشَارًا إلَيْهِ أَوْ إلَى مَكَانِهِ وَلَيْسَ فِيهِ غَيْرُهُ بِذَلِكَ الِاسْمِ. اهـ. فَأَفَادَ أَنَّ لُزُومَ الْإِشَارَةِ عِنْدَ عَدَمِ تَسْمِيَةِ الْجِنْسِ وَالْوَصْفِ، فَالتَّسْمِيَةُ كَافِيَةٌ عَنْ الْإِشَارَةِ؛ حَتَّى لَوْ قَالَ: بِعْتُكَ كُرَّ حِنْطَةٍ بَلَدِيَّةٍ بِكَذَا وَالْكُرُّ فِي مِلْكِهِ مِنْ نَوْعٍ وَاحِدٍ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ جَازَ الْبَيْعُ وَكَذَا الْإِضَافَةُ فِي مِثْلِ بِعْتُك عَبْدِي وَلَيْسَ لَهُ غَيْرُهُ وَذِكْرُ الْحُدُودِ فِي مِثْلِ بِعْتُكَ الْأَرْضَ الْفُلَانِيَّةَ وَالْمَدَارُ عَلَى نَفْيِ الْجَهَالَةِ الْفَاحِشَةِ لِيَصِحَّ الْبَيْعُ كَمَا حَقَّقْنَا ذَلِكَ بِمَا لَا مَزِيدَ عَلَيْهِ أَوَّلَ الْبُيُوعِ عِنْدَ قَوْلِهِ: وَشُرِطَ لِصِحَّتِهِ مَعْرِفَةُ قَدْرِ مَبِيعٍ وَثَمَنٍ، فَتَذَكَّرْهُ بِالْمُرَاجَعَةِ فَإِنَّهُ يَنْفَعُكَ هُنَا، وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ سَقَطَ مَا فِي الْحَوَاشِي السَّعْدِيَّةِ مِنْ قَوْلِهِ: أَقُولُ: فِي كَوْنِ الْإِشَارَةِ إلَى الْمَبِيعِ أَوْ إلَى مَكَانِهِ شَرْطَ الْجَوَازِ، سِيَّمَا بِالْإِجْمَاعِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute