للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفِي حَاشِيَةِ أَخِي زَادَهْ الْأَصَحُّ الْجَوَازُ (وَلَهُ) أَيْ لِلْمُشْتَرِي (أَنْ يَرُدَّهُ إذَا رَآهُ) إلَّا إذَا حَمَلَهُ الْبَائِعُ لِبَيْتِ الْمُشْتَرِي، فَلَا يَرُدُّهُ إذَا رَآهُ إلَّا إذَا أَعَادَهُ إلَى الْبَائِعِ أَشْبَاهٌ (وَإِنْ رَضِيَ) بِالْقَوْلِ (قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ أَنْ يَرَاهُ؛ لِأَنَّ خِيَارَهُ مُعَلَّقٌ بِالرُّؤْيَةِ بِالنَّصِّ، وَلَا وُجُودَ لِلْمُعَلَّقِ قَبْلَ الشَّرْطِ.

ــ

[رد المحتار]

كَلَامٌ فَلْيُتَأَمَّلْ. اهـ. لِمَا عَلِمْتَ مِنْ أَنَّ الْإِشَارَةَ لَيْسَتْ شَرْطًا دَائِمًا بَلْ عِنْدَ عَدَمِ مُعَرِّفٍ آخَرَ يَرْفَعُ الْجَهَالَةَ فَافْهَمْ. (قَوْلُهُ: وَفِي حَاشِيَةِ أَخِي زَادَهْ) أَيْ حَاشِيَتِهِ عَلَى صَدْرِ الشَّرِيعَةِ. قَالَ فِي الْمِنَحِ وَفِي حَاشِيَةِ أَخِي زَادَهْ ذَكَرَ هَذَا الْبَحْثَ، ثُمَّ قَالَ: وَقَالَ عَامَّةُ مَشَايِخِنَا: إطْلَاقُ الْجَوَابِ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِهِ وَهُوَ الْأَصَحُّ.

وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَجُوزُ وَصُحِّحَ، يُؤَيِّدُهُ مَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ مِنْ الْفَصْلِ الثَّالِثِ يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمَبِيعِ حَاضِرًا مَوْجُودًا مُهَيَّأً مَقْدُورَ التَّسْلِيمِ، وَمَا فِي الْمَبْسُوطِ مِنْ أَنَّ الْإِشَارَةَ إلَيْهِ أَوْ إلَى مَكَانِهِ شَرْطُ الْجَوَازِ، حَتَّى لَوْ لَمْ يُشِرْ إلَيْهِ أَوْ إلَى مَكَانِهِ لَا يَجُوزُ بِالْإِجْمَاعِ. اهـ. وَفِي الْعِنَايَةِ قَالَ الْقُدُورِيُّ: مَنْ اشْتَرَى شَيْئًا لَمْ يَرَهُ فَالْبَيْعُ جَائِزٌ، مَعْنَاهُ أَنْ يَقُولَ بِعْتُكَ الثَّوْبَ الَّذِي فِي كُمِّي هَذَا أَوْ هَذِهِ الْجَارِيَةَ الْمُتَنَقِّبَةَ، وَكَذَلِكَ الْعَيْنُ الْغَائِبُ الْمُشَارُ إلَى مَكَانِهِ، وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ بِذَلِكَ الِاسْمِ غَيْرُ مَا سَمَّى، وَالْمَكَانُ مَعْلُومٌ بِاسْمِهِ وَالْعَيْنُ مَعْلُومَةٌ. قَالَ: صَاحِبُ الْإِسْرَارِ: لِأَنَّ كَلَامَنَا فِي عَيْنٍ هِيَ بِحَالَةٍ لَوْ كَانَتْ الرُّؤْيَةُ حَاصِلَةً لَكَانَ الْبَيْعُ جَائِزًا. اهـ. مَا فِي الْمِنَحِ مُلَخَّصًا، وَلَا يَخْفَى أَنَّ حَاصِلَهُ تَقْيِيدُ إطْلَاقِ الْجَوَابِ بِمَا قَالَهُ فِي الْمَبْسُوطِ وَغَيْرِهِ كَمَا مَرَّ عَنْ فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَهُوَ مَحْمَلُ إطْلَاقِ الْمُتُونِ كَعِبَارَةِ الْقُدُورِيِّ الْمَذْكُورَةِ.

(قَوْلُهُ: أَيْ لِلْمُشْتَرِي) كَانَ يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ التَّصْرِيحُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ ذِكْرٌ مَعَ إيهَامِ عَوْدِ الضَّمِيرِ لِلْبَائِعِ وَإِنْ كَانَ يَرْتَفِعُ بِقَوْلِهِ الْآتِي وَلَا خِيَارَ لِبَائِعٍ. (قَوْلُهُ: إذَا رَآهُ) أَيْ عَلِمَ بِهِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ. (قَوْلُهُ: إلَّا إذَا حَمَلَهُ الْبَائِعُ إلَخْ) فِي الْبَحْرِ عَنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: شَرَاهُ وَحَمَلَهُ الْبَائِعُ إلَى بَيْتِ الْمُشْتَرِي فَرَآهُ لَيْسَ لَهُ الرَّدُّ؛ لِأَنَّهُ لَوْ رَدَّهُ يَحْتَاجُ إلَى الْحَمْلِ فَيَصِيرُ هَذَا كَعَيْبٍ حَدَثَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي، وَمُؤْنَةُ رَدِّ الْمَبِيعِ بِعَيْبٍ أَوْ بِخِيَارِ شَرْطٍ أَوْ رُؤْيَةٍ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَلَوْ شَرَى مَتَاعًا وَحَمَلَهُ إلَى مَوْضِعٍ فَلَهُ رَدُّهُ بِعَيْبٍ وَرُؤْيَةٍ لَوْ رَدَّهُ إلَى مَوْضِعِ الْعَقْدِ وَإِلَّا فَلَا. اهـ. وَظَاهِرٌ أَنَّهُ إنَّمَا يَرُدُّهُ لَوْ رَدَّهُ إلَى مَوْضِعِ الْعَقْدِ فِيمَا لَوْ حَمَلَهُ الْمُشْتَرِي بِخِلَافِ الْبَائِعِ، وَهُوَ خِلَافُ مَا نَقَلَهُ الشَّارِحُ عَنْ الْأَشْبَاهِ. وَاَلَّذِي يَظْهَرُ " عَدَمُ الْفَرْقِ وَأَنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ قَوْلِهِ لِأَنَّهُ لَوْ رَدَّهُ إلَخْ غَيْرُ ظَاهِرٍ، لِأَنَّهُ لَا يُنَاسِبُهُ قَوْلُهُ: بَعْدَهُ وَمُؤْنَةُ الرَّدِّ عَلَى الْمُشْتَرِي فَافْهَمْ.

ثُمَّ رَأَيْتُ صَاحِبَ نُورِ الْعَيْنِ اعْتَرَضَ التَّعْلِيلَ الْمَذْكُورَ بِمَا ذَكَرْتُهُ، ثُمَّ إنَّهُ يُسْتَفَادُ مِنْ كَلَامِ الْفُصُولَيْنِ أَنَّ مَا أَنْفَقَهُ الْبَائِعُ عَلَى تَحْمِيلِهِ إلَى مَنْزِلِ الْمُشْتَرِي لَا يَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ إذَا رَدَّ عَلَيْهِ الْمَبِيعَ إلَى مَحَلِّ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ مُتَبَرِّعٌ بِمَا أَنْفَقَهُ لِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ التَّسْلِيمُ فِي مَحَلِّ الْعَقْدِ دُونَ التَّحْمِيلِ، وَبِهِ يَظْهَرُ جَوَابُ حَادِثَةِ الْفَتْوَى اشْتَرَى حَدِيدًا لَمْ يَرَهُ وَشَرَطَ عَلَى الْبَائِعِ تَحْمِيلَهُ إلَى بَلْدَةِ الْمُشْتَرِي ثُمَّ رَآهُ فَلَمْ يَرْضَ بِهِ وَأَرَادَ فَسْخَ الْبَيْعِ لِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ أَوْ بِفَسَادِ الْعَقْدِ بِسَبَبِ الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ. وَالْجَوَابُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ تَحْمِيلُهُ إلَى بَلْدَةِ الْبَائِعِ لِيَرُدَّهُ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ الرَّدُّ بِسَبَبِ الْفَسَادِ، لِمَا صَرَّحَ بِهِ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ أَيْضًا مِنْ أَنَّ مُؤْنَةَ رَدِّ الْمَبِيعِ فَاسِدًا بَعْدَ الْفَسْخِ عَلَى الْقَابِضِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ رَضِيَ بِالْقَوْلِ قَبْلَهُ) قَيَّدَ بِالْقَوْلِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَجَازَهُ بِالْفِعْلِ بِأَنْ تَصَرَّفَ فِيهِ يَزُولُ خِيَارُهُ كَمَا فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ عَنْ شَرْحِ الْمَجْمَعِ. (قَوْلُهُ: أَيْ قَبْلَ أَنْ يَرَاهُ) أَشَارَ إلَى أَنَّ الضَّمِيرَ الْمَذْكُورَ فِي " قَبْلَهُ " عَائِدٌ إلَى الْمَعْنَى الْمَصْدَرِيِّ لَا إلَى لَفْظِ الرُّؤْيَةِ الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْلِهِ إذَا رَآهُ؛ لِأَنَّهُ مُؤَنَّثٌ. تَأَمَّلْ. وَأَجَابَ فِي الْبَحْرِ بِأَنَّهُ ذَكَرَ الضَّمِيرَ لِلْمَعْنَى، أَيْ لِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ الرُّؤْيَةِ الْعِلْمُ كَمَا مَرَّ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ خِيَارَهُ مُعَلَّقٌ بِالرُّؤْيَةِ بِالنَّصِّ) أَيْ بِحَدِيثِ «مَنْ اشْتَرَى شَيْئًا لَمْ يَرَهُ فَهُوَ بِالْخِيَارِ إذَا رَآهُ، إنْ شَاءَ أَخَذَهُ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ» ، قَالَ: فِي الدُّرَرِ: وَفِيهِ أَنَّ هَذَا اسْتِدْلَالٌ بِمَفْهُومِ الشَّرْطِ وَنَحْنُ لَا نَقُولُ بِهِ. اهـ. قُلْتُ: وَجَوَابُهُ أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْعَقْدِ اللُّزُومُ فَلَا يَثْبُتُ الْخِيَارُ إلَّا بِدَلِيلِهِ، وَالنَّصُّ إنَّمَا أَثْبَتَهُ عِنْدَ الرُّؤْيَةِ فَيَبْقَى

<<  <  ج: ص:  >  >>