وَشَرْعًا مَا أَفَادَهُ بِقَوْلِهِ
ــ
[رد المحتار]
وَرَدِيئَةً وَوَسَطًا، وَالْعَيْبُ مَا يَخْلُو عَنْهُ أَصْلُ الْفِطْرَةِ السَّلِيمَةِ عَنْ الْآفَاتِ الْعَارِضَةِ لَهَا، فَالْحِنْطَةُ الْمُصَابَةُ بِهَوَاءٍ مَنَعَهَا تَمَامَ بُلُوغِهَا الْإِدْرَاكَ حَتَّى صَارَتْ رَقِيقَةَ الْحَبِّ مَعِيبَةً كَالْعَفَنِ وَالْبَلَلِ وَالسُّوسِ. اهـ
قُلْت: وَعَنْ هَذَا قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: لَا يُرَدُّ الْبُرُّ بِرَدَاءَتِهِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِعَيْبٍ وَيُرَدُّ الْمُسَوِّسُ وَالْعَفِنُ، وَكَذَا لَا يُرَدُّ إنَاءُ فِضَّةٍ بِرَدَاءَتِهِ بِلَا غِشٍّ، وَكَذَا الْأَمَةُ لَا تُرَدُّ بِقُبْحِ الْوَجْهِ وَسَوَادِهِ، وَلَوْ كَانَتْ مُحْتَرِقَةَ الْوَجْهِ لَا يَسْتَبِينُ لَهَا قُبْحٌ وَلَا جَمَالٌ فَلَهُ رَدُّهَا. اهـ وَفِيهِ وَاقِعَةٌ، شَرَى فَرَسًا فَوَجَدَهُ كَبِيرَ السِّنِّ، قِيلَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ الرَّدُّ إلَّا إذَا شَرَاهُ عَلَى أَنَّهُ صَغِيرُ السِّنِّ، لِمَا مَرَّ مِنْ مَسْأَلَةِ حِمَارٍ وَجَدَهُ بَطِيءَ السَّيْرِ. اهـ (قَوْلُهُ وَشَرْعًا مَا أَفَادَهُ إلَخْ) أَيْ الْمُرَادُ فِي عُرْفِ أَهْلِ الشَّرْعِ بِالْعَيْبِ الَّذِي يُرَدُّ بِهِ الْمَبِيعُ مَا يَنْقُصُ الثَّمَنَ أَيْ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ كَمَا فِي الْفَتْحِ، قَالَ؛ لِأَنَّ ثُبُوتَ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ لِتَضَرُّرِ الْمُشْتَرِي وَمَا يُوجِبُ نُقْصَانَ الثَّمَنِ يُتَضَرَّرُ بِهِ. اهـ وَعِبَارَةُ الْهِدَايَةِ: وَمَا أَوْجَبَ نُقْصَانَ الثَّمَنِ فِي عَادَةِ التُّجَّارِ فَهُوَ عَيْبٌ؛ لِأَنَّ التَّضَرُّرَ بِنُقْصَانِ الْمَالِيَّةِ وَذَلِكَ بِانْتِقَاصِ الْقِيمَةِ. اهـ وَمُفَادُهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالثَّمَنِ الْقِيمَةُ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِهِ قَدْ يَكُونُ أَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ بِحَيْثُ لَا يُؤَدِّي نُقْصَانُهَا بِالْعَيْبِ إلَى نُقْصَانِ الثَّمَنِ بِهِ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الثَّمَنَ لَمَّا كَانَ فِي الْغَالِبِ مُسَاوِيًا لِلْقِيمَةِ عَبَّرُوا بِهِ تَأَمَّلْ. وَالضَّابِطُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ الْمُنْقِصُ لِلْقِيمَةِ أَوْ مَا يَفُوتُ بِهِ غَرَضٌ صَحِيحٌ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْغَالِبُ فِي أَمْثَالِ الْمَبِيعِ عَدَمَهُ، فَأَخْرَجُوا بِفَوَاتِ الْغَرَضِ الصَّحِيحِ مَا لَوْ بَانَ فَوَاتُ قِطْعَةٍ يَسِيرَةٍ مِنْ فَخِذِهِ أَوْ سَاقِهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قُطِعَ مِنْ أُذُنِ الشَّاةِ مَا يَمْنَعُ التَّضْحِيَةَ فَلَهُ رَدُّهَا، وَبِالْغَالِبِ مَا لَوْ كَانَتْ الْأَمَةُ ثَيِّبًا مَعَ أَنَّ الثِّيَابَةَ تَنْقُصُ الْقِيمَةَ لَكِنَّهُ لَيْسَ الْغَالِبُ عَدَمَ الثِّيَابَةَ. اهـ قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَقَوَاعِدُنَا لَا تَأْبَاهُ لِلْمُتَأَمِّلِ. اهـ.
قُلْت: وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي الْخَانِيَّةِ: وَجَدَ الشَّاةَ مَقْطُوعَةَ الْأُذُنِ إنْ اشْتَرَاهَا لِلْأُضْحِيَّةِ لَهُ الرَّدُّ، وَكَذَا كُلُّ مَا يَمْنَعُ التَّضْحِيَةَ وَإِنْ لِغَيْرِهَا فَلَا مَا لَمْ يَعُدَّهُ النَّاسُ عَيْبًا، وَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي أَنَّهُ اشْتَرَاهَا لِلْأُضْحِيَّةِ لَوْ فِي زَمَانِهَا وَكَانَ مِنْ أَهْلِ أَنْ يُضَحِّيَ. اهـ. وَكَذَا مَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ: اشْتَرَى شَجَرَةً لِيَتَّخِذَ مِنْهَا الْبَابَ فَوَجَدَهَا بَعْدَ الْقَطْعِ لَا تَصْلُحُ لِذَلِكَ رَجَعَ بِالنَّقْصِ إلَّا أَنْ يَأْخُذَ الْبَائِعُ الشَّجَرَةَ كَمَا هِيَ اهـ فَقَدْ اُعْتُبِرَ عَدَمُ غَرَضِ الْمُشْتَرِي عَيْبًا مُوجِبًا لِلرَّدِّ وَلَكِنَّهُ يَرْجِعُ بِالنَّقْصِ؛ لِأَنَّ الْقَطْعَ مَانِعٌ مِنْ الرَّدِّ.
وَفِيهَا أَيْضًا: اشْتَرَى ثَوْبًا أَوْ خُفًّا أَوْ قَلَنْسُوَةً فَوَجَدَهُ صَغِيرًا لَهُ الرَّدُّ. اهـ أَيْ لَا يَصْلُحُ لِغَرَضِهِ: وَفِيهَا: لَوْ كَانَتْ الدَّابَّةُ بَطِيئَةَ السَّيْرِ لَا يَرُدُّ إلَّا إذَا شَرَطَ أَنَّهَا عَجُولٌ. اهـ أَيْ؛ لِأَنَّ بُطْءَ السَّيْرِ لَيْسَ الْغَالِبُ عَدَمَهُ، فَإِنَّ كُلًّا مِنْ الْبُطْءِ وَالْعَجَلَةِ يَكُونُ فِي أَصْلِ الْفِطْرَةِ السَّلِيمَةِ. وَفِيهَا: اشْتَرَى دَابَّةً فَوَجَدَهَا كَبِيرَةَ السِّنِّ لَيْسَ لَهُ الرَّدُّ إلَّا إذَا شَرَطَ صِغَرَهَا وَسَيَأْتِي أَنَّ الثُّيُوبَةَ لَيْسَتْ بِعَيْبٍ إلَّا إذَا شَرَطَ عَدَمَهَا أَيْ فَلَهُ الرَّدُّ لِفَقْدِ الْوَصْفِ الْمَرْغُوبِ، وَبِمَا ذَكَرْنَا مِنْ الْفُرُوعِ ظَهَرَ أَنَّ قَوْلَهُمْ فِي ضَابِطِ الْعَيْبِ مَا يَنْقُصُ الثَّمَنَ عِنْدَ التُّجَّارِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْغَالِبِ وَإِلَّا فَهُوَ غَيْرُ جَامِعٍ وَغَيْرُ مَانِعٍ. أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّهُ لَا يَشْمَلُ مَسْأَلَةَ الشَّجَرَةِ وَالثَّوْبِ وَالْخُفِّ وَالْقَلَنْسُوَةِ وَشَاةِ الْأُضْحِيَّةِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَصْلُحْ لِهَذَا الْمُشْتَرِي يَصْلُحُ لِغَيْرِهِ فَلَا يَنْقُصُ الثَّمَنُ مُطْلَقًا. وَأَمَّا الثَّانِي؛ فَلِأَنَّهُ يَدْخُلُ فِيهِ مَسْأَلَةُ الدَّابَّةِ وَالْأَمَةِ الثَّيِّبِ فَإِنَّ ذَلِكَ يَنْقُصُ الثَّمَنَ مَعَ أَنَّهُ غَيْرُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute