للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(مَنْ وَجَدَ بِمَشْرِيِّهِ مَا يَنْقُصُ الثَّمَنَ) وَلَوْ يَسِيرًا جَوْهَرَةٌ (عِنْدَ التُّجَّارِ)

الْمُرَادُ أَرْبَابُ الْمَعْرِفَةِ بِكُلِّ تِجَارَةٍ وَصَنْعَةٍ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ (أَخَذَهُ بِكُلِّ الثَّمَنِ أَوْ رَدَّهُ)

ــ

[رد المحتار]

عَيْبٍ، فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَقْيِيدِ الضَّابِطِ بِمَا ذَكَرَهُ الشَّافِعِيَّةُ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُمْ لَمْ يَقْصِدُوا حَصْرَ الْعَيْبِ فِيمَا ذُكِرَ؛ لِأَنَّ عِبَارَةَ الْهِدَايَةِ وَالْكَنْزِ، وَمَا أَوْجَبَ نُقْصَانَ الثَّمَنِ عِنْدَ التُّجَّارِ فَهُوَ عَيْبٌ، فَإِنَّ هَذِهِ الْعِبَارَةَ لَا تَدُلُّ عَلَى أَنَّ غَيْرَ ذَلِكَ لَا يُسَمَّى عَيْبًا، فَاغْتَنِمْ هَذَا التَّحْرِيرَ.

ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْعَيْبُ فِي نَفْسِ الْمَبِيعِ، لِمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَغَيْرِهَا: رَجُلٌ بَاعَ سُكْنَى لَهُ فِي حَانُوتٍ لِغَيْرِهِ فَأَخْبَرَ الْمُشْتَرِي أَنَّ أُجْرَةَ الْحَانُوتِ كَذَا فَظَهَرَ أَنَّهَا أَكْثَرُ قَالُوا لَيْسَ لَهُ الرَّدُّ بِهَذَا السَّبَبِ؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِعَيْبٍ فِي الْمَبِيعِ. اهـ

قُلْت: الْمُرَادُ بِالسُّكْنَى مَا يَبْنِيهِ الْمُسْتَأْجِرُ فِي الْحَانُوتِ وَيُسَمَّى فِي زَمَانِنَا بِالْكَدَكِ كَمَا مَرَّ أَوَّلَ الْبُيُوعِ، لَكِنَّهُ الْيَوْمَ تَخْتَلِفُ قِيمَتُهُ بِكَثْرَةِ أُجْرَةِ الْحَانُوتِ وَقِلَّتِهَا، فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عَيْبًا تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ مَنْ وَجَدَ بِمَشْرِيِّهِ إلَخْ) أَطْلَقَهُ فَشَمَلَ مَا إذَا كَانَ بِهِ عِنْدَ الْبَيْعِ أَوْ حَدَثَ بَعْدَهُ فِي يَدِ الْبَائِعِ بَحْرٌ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ قَبْلَهُ وَزَالَ ثُمَّ عَادَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي؛ لِمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ: لَوْ كَانَ بِهِ عَرَجٌ فَبَرِئَ بِمُعَالَجَةِ الْبَائِعِ ثُمَّ عَادَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي لَا يَرُدُّهُ، وَقِيلَ يَرُدُّهُ إنْ عَادَ بِالسَّبَبِ الْأَوَّلِ.

[تَنْبِيهٌ] لَا بُدَّ فِي الْعَيْبِ أَنْ لَا يَتَمَكَّنَ مِنْ إزَالَتِهِ بِلَا مَشَقَّةٍ فَخَرَجَ إحْرَامُ الْجَارِيَةِ، وَنَجَاسَةُ ثَوْبٍ لَا يَنْقُصُ بِالْغَسْلِ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ تَحْلِيلِهَا وَغَسْلِهِ، وَأَنْ يَكُونَ عِنْدَ الْبَائِعِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْمُشْتَرِي، وَلَمْ يَكُنْ الْبَائِعُ شَرَطَ الْبَرَاءَةَ مِنْهُ خَاصًّا أَوْ عَامًّا وَلَمْ يَزُلْ قَبْلَ الْفَسْخِ كَبَيَاضٍ انْجَلَى وَحُمَّى زَالَتْ نَهْرٌ، فَالْقُيُودُ خَمْسَةٌ، وَجَعَلَهَا فِي الْبَحْرِ سِتَّةً فَقَالَ: الثَّانِي أَنْ لَا يَعْلَمَ بِهِ الْمُشْتَرِي عِنْدَ الْبَيْعِ. الثَّالِثُ أَنْ لَا يَعْلَمَ بِهِ عِنْدَ الْقَبْضِ وَهِيَ فِي الْهِدَايَةِ اهـ لَكِنْ قَالَ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ إنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ مُجَرَّدَ الرُّؤْيَةِ رِضًا وَيُخَالِفُهُ قَوْلُ الزَّيْلَعِيِّ: وَلَمْ يُوجَدْ مِنْ الْمُشْتَرِي مَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا بِهِ بَعْدَ الْعِلْمِ بِالْعَيْبِ. اهـ وَكَذَا قَوْلُ الْمَجْمَعِ وَلَمْ يَرْضَ بِهِ بَعْدَ رُؤْيَتِهِ. اهـ

قُلْت: صَرَّحَ فِي الذَّخِيرَةِ بِأَنَّ قَبْضَ الْمَبِيعِ مَعَ الْعِلْمِ بِالْعَيْبِ رِضًا بِالْعَيْبِ، فَمَا فِي الزَّيْلَعِيِّ وَالْمَجْمَعِ لَا يُخَالِفُ مَا مَرَّ عَنْ الْهِدَايَةِ،؛ لِأَنَّ ذَاكَ جَعَلَ نَفْسَ الْقَبْضِ بَعْدَ رُؤْيَةِ الْعَيْبِ رِضًا وَمَا فِي الزَّيْلَعِيِّ صَادِقٌ عَلَيْهِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّ الزَّيْلَعِيَّ قَالَ: وَالْمُرَادُ بِهِ عَيْبٌ كَانَ عِنْدَ الْبَائِعِ وَقَبَضَهُ الْمُشْتَرِي مِنْ غَيْرِ أَنْ يَعْلَمَ بِهِ وَلَمْ يُوجَدْ مِنْ الْمُشْتَرِي مَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا بِهِ بَعْدَ الْعِلْمِ بِالْعَيْبِ، فَقَوْلُهُ: وَقَبَضَهُ إلَخْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَوْ قَبَضَهُ عَالِمًا بِالْعَيْبِ كَانَ قَبْضُهُ رِضًا، فَقَوْلُهُ وَلَمْ يُوجَدْ مِنْ الْمُشْتَرِي إلَخْ أَعَمُّ مِمَّا قَبْلَهُ، أَوْ أَرَادَ بِهِ مَا لَوْ عَلِمَ بِالْعَيْبِ بَعْدَ الْقَبْضِ.

[تَتِمَّةٌ]

فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: لَوْ عَلِمَ الْمُشْتَرِي إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ عَيْبٌ ثُمَّ عَلِمَ يَنْظُرُ، إنْ كَانَ عَيْبًا بَيِّنًا لَا يَخْفَى عَلَى النَّاسِ كَالْغُدَّةِ وَنَحْوِهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ الرَّدُّ، وَإِنْ خَفِيَ فَلَهُ الرَّدُّ، وَيُعْلَمُ مِنْهُ كَثِيرٌ مِنْ الْمَسَائِلِ. اهـ وَفِي الْخَانِيَّةِ: إنْ اخْتَلَفَ التُّجَّارُ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّهُ عَيْبٌ وَبَعْضُهُمْ لَا لَيْسَ لَهُ الرَّدُّ إذَا لَمْ يَكُنْ عَيْبًا بَيِّنًا عِنْدَ الْكُلِّ. اهـ (قَوْلُهُ وَلَوْ يَسِيرًا) فِي الْبَزَّازِيَّةِ الْيَسِيرُ مَا يَدْخُلُ تَحْتَ تَقْوِيمِ الْمُقَوِّمِينَ، وَتَفْسِيرُهُ أَنْ يُقَوَّمَ سَلِيمًا بِأَلْفٍ وَمَعَ الْعَيْبِ بِأَقَلَّ، وَقَوَّمَهُ آخَرُ مَعَ الْعَيْبِ بِأَلْفٍ أَيْضًا. وَالْفَاحِشُ مَا لَوْ قُوِّمَ سَلِيمًا بِأَلْفٍ وَكُلٌّ قَوَّمُوهُ مَعَ الْعَيْبِ بِأَقَلَّ. اهـ (قَوْلُهُ بِكُلِّ تِجَارَةٍ) الْأَوْلَى مِنْ كُلِّ تِجَارَةٍ. قَالَ ح: يَعْنِي أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي كُلِّ تِجَارَةٍ أَهْلُهَا وَفِي كُلِّ صَنْعَةٍ أَهْلُهَا (قَوْلُهُ أَخَذَهُ بِكُلِّ الثَّمَنِ أَوْ رَدَّهُ) أَطْلَقَهُ فَشَمَلَ مَا إذَا رَدَّهُ فَوْرًا أَوْ بَعْدَ مُدَّةٍ؛ لِأَنَّهُ عَلَى التَّرَاخِي كَمَا سَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ. وَنَقَلَ ابْنُ الشِّحْنَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>