(رَجَعَ بِنُقْصَانِهِ) إلَّا فِيمَا اُسْتُثْنِيَ؛ وَمِنْهُ مَا لَوْ شَرَاهُ تَوْلِيَةً أَوْ خَاطَهُ لِطِفْلِهِ زَيْلَعِيٌّ أَوْ رَضِيَ بِهِ الْبَائِعُ جَوْهَرَةٌ.
ــ
[رد المحتار]
فَلَا ضَرَرَ فِيهِ عَلَى الْبَائِعِ، وَقَدَّمْنَا الْكَلَامَ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَوَّلَ بَابِ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ (قَوْلُهُ رَجَعَ بِنُقْصَانِهِ) بِأَنْ يُقَوَّمَ بِلَا عَيْبٍ ثُمَّ مَعَ الْعَيْبِ؛ وَيُنْظَرَ فِي التَّفَاوُتِ، فَإِنْ كَانَ مِقْدَارَ عُشْرِ الْقِيمَةِ رَجَعَ بِعُشْرِ الثَّمَنِ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ فَعَلَى هَذَا الطَّرِيقِ حَتَّى، لَوْ اشْتَرَاهُ بِعَشَرَةٍ وَقِيمَتُهُ مِائَةٌ وَقَدْ نَقَصَهُ الْعَيْبُ عَشَرَةً رَجَعَ بِعُشْرِ الثَّمَنِ وَهُوَ دِرْهَمٌ. قَالَ الْبَزَّازِيُّ وَفِي الْمُقَايَضَةِ إنْ كَانَ النُّقْصَانُ عُشْرَ الْقِيمَةِ رَجَعَ بِنُقْصَانِ مَا جُعِلَ ثَمَنًا يَعْنِي مَا دَخَلَ عَلَيْهِ الْبَاءُ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْمُقَوِّمُ اثْنَيْنِ يُخْبِرَانِ بِلَفْظِ الشَّهَادَةِ بِحَضْرَةِ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي، وَالْمُقَوِّمُ الْأَهْلُ فِي كُلِّ حِرْفَةٍ، وَلَوْ زَالَ الْحَادِثُ كَانَ لَهُ رَدُّ الْمَبِيعِ مَعَ النُّقْصَانِ، وَقِيلَ لَا، وَقِيلَ لَا إنْ كَانَ بَدَلُ النُّقْصَانِ قَائِمًا رُدَّ وَإِلَّا لَا، وَكَذَا فِي الْقُنْيَةِ، وَالْأَوَّلُ بِالْقَوَاعِدِ أَلْيَقُ نَهْرٌ.
(قَوْلُهُ إلَّا فِيمَا اُسْتُثْنِيَ) أَيْ مِنْ الْمَسَائِلِ السِّتِّ الْمُتَقَدِّمَةِ أَوَّلَ الْبَابِ ط، وَقَدْ عَلِمْت مَا فِيهَا وَكَتَبْنَا هُنَاكَ مَسَائِلَ أُخَرَ مِنْهَا مَا يَأْتِي قَرِيبًا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ مَسْأَلَةِ الْبَعِيرِ وَغَيْرِهَا. وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ: ثُمَّ الرُّجُوعُ بِالنُّقْصَانِ إذَا لَمْ يَمْتَنِعْ الرَّدُّ بِفِعْلٍ مَضْمُونٍ مِنْ جِهَةِ الْمُشْتَرِي. أَمَّا إذَا كَانَ بِفِعْلٍ مِنْ جِهَتِهِ كَذَلِكَ كَأَنْ قَتَلَ الْمَبِيعَ أَوْ بَاعَهُ أَوْ وَهَبَهُ وَسَلَّمَهُ أَوْ أَعْتَقَهُ عَلَى مَالٍ أَوْ كَاتَبَهُ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ بِالنُّقْصَانِ، وَكَذَا إذَا قُتِلَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي خَطَأً؛ لِأَنَّهُ لَمَّا وَصَلَ الْبَدَلُ إلَيْهِ صَارَ كَأَنَّهُ مَلَكَهُ مِنْ الْقَاتِلِ بِالْبَدَلِ، فَكَانَ كَمَا لَوْ بَاعَهُ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَقُّ الرُّجُوعِ وَلَوْ امْتَنَعَ الرَّدُّ بِفِعْلٍ غَيْرِ مَضْمُونٍ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِالنُّقْصَانِ وَلَا يَرُدُّ الْمَبِيعَ (قَوْلُهُ وَمِنْهُ مَا لَوْ شَرَاهُ تَوْلِيَةً) هَذِهِ إحْدَى مَسْأَلَتَيْنِ ذَكَرَهُمَا فِي الْبَحْرِ بِقَوْلِهِ يُسْتَثْنَى مَسْأَلَتَانِ: إحْدَاهُمَا بَيْعُ التَّوْلِيَةِ لَوْ بَاعَ شَيْئًا تَوْلِيَةً ثُمَّ حَدَثَ بِهِ عَيْبٌ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَبِهِ عَيْبٌ قَدِيمٌ لَا رُجُوعَ وَلَا رَدَّ؛ لِأَنَّهُ لَوْ رَجَعَ صَارَ الثَّمَنُ الثَّانِي أَنْقَصَ مِنْ الْأَوَّلِ، وَقَضِيَّةُ التَّوْلِيَةِ أَنْ يَكُونَ مِثْلَ الْأَوَّلِ. الثَّانِيَةُ لَوْ قَبَضَ الْمُسْلَمَ فِيهِ فَوَجَدَ بِهِ عَيْبًا كَانَ عِنْدَ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ وَحَدَثَ بِهِ عَيْبٌ عِنْدَ رَبِّ السَّلَمِ. قَالَ الْإِمَامُ: يُخَيَّرُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ إنْ شَاءَ قَبِلَهُ مَعِيبًا بِالْعَيْبِ الْحَادِثِ وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَقْبَلْ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَلَا مِنْ نُقْصَانِ الْعَيْبِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ غَرِمَ نُقْصَانَ الْعَيْبِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ كَانَ اعْتِيَاضًا عَنْ الْجُودَةِ فَيَكُونُ رِبًا. اهـ مُلَخَّصًا.
(قَوْلُهُ أَوْ خَاطَهُ لِطِفْلِهِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ أَوْ قَطَعَهُ لِطِفْلِهِ؛ لِأَنَّ مَنْ اشْتَرَى ثَوْبًا فَقَطَعَهُ لِبَاسًا لِطِفْلِهِ وَخَاطَهُ صَارَ مُمَلِّكًا لَهُ بِالْقَطْعِ قَبْلَ الْخِيَاطَةِ، فَإِذَا وَجَدَ بِهِ عَيْبًا لَا يَرْجِعُ بِنُقْصَانِهِ: أَمَّا لَوْ كَانَ الْوَلَدُ كَبِيرًا يَرْجِعُ بِالْعَيْبِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِيرُ مِلْكًا لَهُ إلَّا بِقَبْضِهِ فَإِذَا خَاطَهُ قَبْلَ الْقَبْضِ امْتَنَعَ الرَّدُّ بِالْخِيَاطَةِ فَإِذَا حَصَلَ التَّمْلِيكُ بَعْدَ ذَلِكَ بِالتَّسْلِيمِ لَا يَمْتَنِعُ الرُّجُوعُ بِالنُّقْصَانِ بِنَاءً عَلَى مَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّ كُلَّ مَوْضِعٍ لِلْبَائِعِ أَخْذُهُ مَعِيبًا لَا يَرْجِعُ بِإِخْرَاجِهِ عَنْ مِلْكِهِ وَإِلَّا رَجَعَ؛ فَفِي الْأَوَّلِ أَخْرَجَهُ عَنْ مِلْكِهِ قَبْلَ امْتِنَاعِ الرَّدِّ وَفِي الثَّانِي بَعْدَهُ، إذْ لَيْسَ لِلْبَائِعِ أَخْذُهُ مَعِيبًا بَعْدَ الْخِيَاطَةِ كَمَا يَأْتِي، وَتَمَامُهُ فِي الزَّيْلَعِيِّ
وَبِمَا قَرَّرْنَاهُ ظَهَرَ أَنَّ التَّقْيِيدَ بِالْخِيَاطَةِ تَبَعًا لِلْهِدَايَةِ احْتِرَازِيٌّ فِي الْكَبِيرِ اتِّفَاقِيٌّ فِي الصَّغِيرِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ أَوْ رَضِيَ بِهِ الْبَائِعُ) يَعْنِي أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ الرُّجُوعَ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ وَرَضِيَ الْبَائِعُ بِأَخْذِهِ مِنْهُ مَعِيبًا امْتَنَعَ رُجُوعُ الْمُشْتَرِي بِالنُّقْصَانِ، بَلْ إمَّا أَنْ يُمْسِكَهُ بِلَا رُجُوعٍ، وَإِمَّا أَنْ يَرُدَّهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute