للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَلَهُ الرَّدُّ بِرِضَا الْبَائِعِ) إلَّا لِمَانِعِ عَيْبٍ أَوْ زِيَادَةٍ

ــ

[رد المحتار]

لَا يُقَالُ: لَا حَاجَةَ إلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَعَ قَوْلِ الْمَتْنِ وَلَهُ الرَّدُّ بِرِضَا الْبَائِعِ؛ لِأَنَّ مَا فِي الْمَتْنِ لِبَيَانِ أَنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الرُّجُوعِ بِالنُّقْصَانِ وَالرَّدِّ بِرِضَا الْبَائِعِ، وَهَذَا لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ رِضَا الْبَائِعِ بِالرَّدِّ يُبْطِلُ اخْتِيَارَ الْمُشْتَرِي الرُّجُوعَ بِالنُّقْصَانِ، فَلِذَا ذَكَرَ الشَّارِحُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي مُبْطِلَاتِ الرُّجُوعِ، فَلِلَّهِ دَرُّهُ بِمَا حَوَاهُ دُرُّهُ فَافْهَمْ.

(قَوْلُهُ وَلَهُ الرَّدُّ بِرِضَا الْبَائِعِ) ؛ لِأَنَّ فِي الرَّدِّ إضْرَارٌ بِالْبَائِعِ لِكَوْنِهِ خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ سَالِمًا عَنْ الْعَيْبِ الْحَادِثِ، فَتَعَيَّنَ الرُّجُوعُ بِالنُّقْصَانِ إلَّا أَنْ يَرْضَى بِالضَّرَرِ فَيُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي حِينَئِذٍ بَيْنَ الرَّدِّ وَالْإِمْسَاكِ مِنْ غَيْرِ رُجُوعٍ بِنُقْصَانٍ، وَهَذَا الْمَعْنَى لَا يُسْتَفَادُ مِنْ الْمَتْنِ، فَلَوْ قَالَ وَلَمْ يَرْجِعْ بِنُقْصَانٍ لَكَانَ أَوْلَى نَهْرٌ.

قُلْت: وَقَدْ أَفَادَ الشَّارِحُ هَذَا الْمَعْنَى بِذِكْرِ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَهُ كَمَا قَرَّرْنَاهُ آنِفًا، ثُمَّ إنَّ مُقْتَضَى قَوْلِهِمْ إلَّا أَنْ يَرْضَى بِالضَّرَرِ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ كَامِلًا، وَبِهِ صَرَّحَ الْقُهُسْتَانِيُّ حَيْثُ قَالَ غَيْرُ طَالِبٍ: أَيْ الْبَائِعُ لِحِصَّةِ النُّقْصَانِ. اهـ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْبَائِعَ لَيْسَ لَهُ طَلَبُ حِصَّةِ النُّقْصَانِ الْحَادِثِ فَيَرُدُّ كُلَّ الثَّمَنِ. ثُمَّ رَأَيْتُهُ أَيْضًا فِي حَاشِيَةِ نُوحِ أَفَنْدِي حَيْثُ قَالَ لِسُقُوطِ حَقِّهِ بِرِضَاهُ بِالضَّرَرِ فَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ الْحَادِثِ. اهـ وَلْيَنْظُرْ الْفَرْقَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا قَدَّمَهُ الشَّارِحُ عَنْ الْعَيْنِيِّ عِنْدَ قَوْلِهِ وَالسَّرِقَةُ.

[تَنْبِيهٌ] أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِاشْتِرَاطِ رِضَا الْبَائِعِ إلَى فَرْعٍ فِي الْقُنْيَةِ لَوْ رَدَّ الْمَبِيعَ بِعَيْبٍ بِقَضَاءٍ أَوْ بِغَيْرِ قَضَاءٍ أَوْ تَقَايَلَا ثُمَّ ظَفِرَ الْبَائِعُ بِعَيْبٍ حَدَثَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَلِلْبَائِعِ الرَّدُّ. اهـ يَعْنِي لِعَدَمِ رِضَاهُ بِهِ أَوَّلًا، وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: رَدَّهُ الْمُشْتَرِي بِعَيْبٍ وَعَلِمَ الْبَائِعُ بِحُدُوثِ عَيْبٍ آخَرَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي رَدَّ عَلَى الْمُشْتَرِي مَعَ أَرْشِ الْعَيْبِ الْقَدِيمِ أَوْ رَضِيَ بِالْمَرْدُودِ وَلَا شَيْءَ بِهِ وَإِنْ حَدَثَ فِيهِ عَيْبٌ آخَرُ عِنْدَ الْبَائِعِ رَجَعَ الْبَائِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِأَرْشِ الْعَيْبِ الثَّانِي إلَّا أَنْ يَرْضَى أَنْ يَقْبَلَهُ بِعَيْبِهِ الثَّالِثِ أَيْضًا. اهـ بَحْرٌ: هَذَا، وَسَيَذْكُرُ الْمُصَنِّفُ أَنَّهُ يَعُودُ الرَّدُّ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ بَعْدَ زَوَالِ الْعَيْبِ الْحَادِثِ (قَوْلُهُ إلَّا لِمَانِعِ عَيْبٍ) أَيْ إلَّا لِعَيْبٍ مَانِعٍ مِنْ الرَّدِّ؛ كَمَا لَوْ قَتَلَ الْمَبِيعُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي رَجُلًا خَطَأً ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ قَتَلَ آخَرَ عِنْدَ الْبَائِعِ فَقَبِلَهُ الْبَائِعُ بِالْجِنَايَتَيْنِ لَا يُجْبَرُ الْمُشْتَرِي عَلَى ذَلِكَ، وَإِنَّمَا يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ عَلَى الْجِنَايَةِ الْأُولَى دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ رَدَّهُ عَلَى بَائِعِهِ كَانَ مُخْتَارًا لِلدَّاءِ فِيهِمَا، وَكَمَا لَوْ اشْتَرَى عَصِيرًا فَتَخَمَّرَ بِعَدَمِ قَبْضِهِ ثُمَّ وَجَدَ فِيهِ عَيْبًا لَا يَرُدُّهُ وَإِنْ رَضِيَ الْبَائِعُ، وَإِنَّمَا تَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ كَذَا فِي النَّهْرِ ح (قَوْلُهُ أَوْ زِيَادَةٍ) أَيْ أَوْ إلَّا لِزِيَادَةٍ مَانِعَةٍ كَمَا سَيَأْتِي فِي نَحْوِ الْخِيَاطَةِ ح مَطْلَبٌ فِي أَنْوَاعِ زِيَادَةِ الْبَيْعِ، ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الزِّيَادَةَ فِي الْمَبِيعِ إمَّا قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَهُ وَكُلٌّ مِنْهُمَا نَوْعَانِ: مُتَّصِلَةٌ وَمُنْفَصِلَةٌ. وَالْمُتَّصِلَةُ نَوْعَانِ: مُتَوَلِّدَةٌ كَسِمَنٍ وَجَمَالٍ فَلَا تَمْنَعُ الرَّدَّ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَكَذَا بَعْدَهُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَلِلْمُشْتَرِي الرُّجُوعُ بِالنُّقْصَانِ، وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ قَبُولُهُ عِنْدَهُمَا، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَهُ ذَلِكَ، وَغَيْرُ مُتَوَلِّدَةٍ كَغَرْسٍ وَبِنَاءٍ وَصَبْغٍ وَخِيَاطَةٍ فَتَمْنَعُ الرَّدَّ مُطْلَقًا.

وَالْمُنْفَصِلَةُ نَوْعَانِ: مُتَوَلِّدَةٌ كَالْوَلَدِ وَالثَّمَرِ وَالْأَرْشِ، فَقَبْلَ الْقَبْضِ لَا تَمْنَعُ، فَإِنْ شَاءَ رَدَّهُمَا أَوْ رَضِيَ بِهِمَا بِجَمِيعِ

<<  <  ج: ص:  >  >>