(كَأَنْ اشْتَرَى ثَوْبًا فَقَطَعَهُ فَاطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ رَجَعَ بِهِ) أَيْ بِنُقْصَانِهِ لِتَعَذُّرِ الرَّدِّ بِالْقَطْعِ (فَإِنْ قَبِلَهُ الْبَائِعُ كَذَلِكَ لَهُ ذَلِكَ) ؛ لِأَنَّهُ أَسْقَطَ حَقَّهُ.
(وَلَوْ اشْتَرَى بَعِيرًا فَنَحَرَ فَوَجَدَ أَمْعَاءَهُ فَاسِدًا لَا) يَرْجِعُ لِإِفْسَادِ مَالِيَّتِهِ (كَمَا) لَا يَرْجِعُ (لَوْ بَاعَ الْمُشْتَرِي الثَّوْبَ) كُلَّهُ
ــ
[رد المحتار]
الثَّمَنِ، وَبَعْدَ الْقَبْضِ يَمْتَنِعُ الرَّدُّ وَيَرْجِعُ بِحِصَّةِ الْعَيْبِ، وَغَيْرُ مُتَوَلِّدَةٍ كَكَسْبٍ وَغَلَّةٍ وَهِبَةٍ وَصَدَقَةٍ، فَقَبْلَ الْقَبْضِ لَا تَمْنَعُ الرَّدَّ فَإِذَا رَدَّ فَهِيَ لِلْمُشْتَرِي بِلَا ثَمَنٍ عِنْدَهُ وَلَا تَطِيبُ لَهُ: وَعِنْدَهُمَا لِلْبَائِعِ وَلَا تَطِيبُ لَهُ، وَبَعْدَ الْقَبْضِ لَا تَمْنَعُ الرَّدَّ أَيْضًا وَتَطِيبُ لَهُ الزِّيَادَةُ وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْقُنْيَةِ.
وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ يَمْنَعُ الرَّدَّ فِي مَوْضِعَيْنِ فِي الْمُتَّصِلَةِ الْغَيْرِ الْمُتَوَلِّدَةِ مُطْلَقًا وَفِي الْمُنْفَصِلَةِ الْمُتَوَلِّدَةِ لَوْ بَعْدَ الْقَبْضِ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَغَيْرِهِمَا وَوَقَعَ فِي الْفَتْحِ أَنَّ الْمُنْفَصِلَةَ الْمُتَوَلِّدَةَ تَمْنَعُ الرَّدَّ، لَكِنَّهُ قَالَ بَعْدَهُ إنَّهُ قَبْلَ الْقَبْضِ يُخَيَّرُ كَمَا مَرَّ، وَبَعْدَ الْقَبْضِ يَرُدُّ الْمَبِيعَ وَحْدَهُ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ.
وَاعْتَرَضَهُ فِي الْبَحْرِ بِأَنَّهُ سَهْوٌ، وَإِذْ هَذَا التَّفْصِيلُ لَا يُنَاسِبُ قَوْلَهُ تَمْنَعُ الرَّدَّ، وَإِنَّمَا يُنَاسِبُ الرَّدَّ وَهُوَ خِلَافُ مَا مَرَّ عَنْ الْقُنْيَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ وَغَيْرِهِمَا، وَذَكَرَ نَحْوَهُ فِي نُورِ الْعَيْنِ، وَأَجَابَ فِي النَّهْرِ بِأَنَّ قَوْلَ الْفَتْحِ تَمْنَعُ الرَّدَّ مَعْنَاهُ تَمْنَعُ رَدَّ الْأَصْلِ وَحْدَهُ.
قُلْت: وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ، فَإِنَّ قَوْلَ الْفَتْحِ وَبَعْدَ الْقَبْضِ يُرَدُّ الْمَبِيعُ وَحْدَهُ يُنَافِيهِ، وَقَدْ صَرَّحَ فِي الذَّخِيرَةِ أَيْضًا بِأَنَّهُ لَا يَرُدُّهُ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ يَصِيرُ رِبًا لِكَوْنِهِ صَارَ لِلْمُشْتَرِي بِلَا عِوَضٍ، بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُتَوَلِّدَةِ كَالْكَسْبِ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَتَوَلَّدْ مِنْ الْمَبِيعِ بَلْ مِنْ مَنَافِعِهِ، فَلَمْ تَكُنْ مَبِيعَةً فَأَمْكَنَ أَنْ تُسَلَّمَ لِلْمُشْتَرِي مَجَّانًا، أَمَّا الْوَلَدُ فَإِنَّهُ مَبِيعٌ مِنْ وَجْهٍ لِتَوَلُّدِهِ مِنْ الْمَبِيعِ فَلَهُ صِفَتُهُ، فَلَوْ سُلِّمَ لِلْمُشْتَرِي مَجَّانًا كَانَ رِبًا، وَنَحْوُهُ فِي الزَّيْلَعِيِّ (قَوْلُهُ كَأَنْ اشْتَرَى ثَوْبًا) تَمْثِيلٌ لِأَصْلِ الْمَسْأَلَةِ لَا لِلزِّيَادَةِ قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَهُوَ تَكْرَارٌ،؛ لِأَنَّ رُجُوعَهُ وَجَوَازَ رَدِّهِ بِرِضَا بَائِعِهِ فِي الثَّوْبِ مِنْ أَفْرَادِ مَا قَدَّمَهُ وَلَمْ تَظْهَرْ فَائِدَةٌ لِإِفْرَادِ الثَّوْبِ إلَّا لِيَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ مَسْأَلَةُ مَا إذَا خَاطَهُ فَإِنَّهُ يَمْتَنِعُ الرَّدُّ وَلَوْ بِرِضَاهُ. اهـ ط (قَوْلُهُ فَقَطَعَهُ) وَوَطْءُ الْجَارِيَةِ كَالْقَطْعِ بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا نَهْرٌ، وَسَتَأْتِي مَسْأَلَةُ الْجَارِيَةِ فِي الْمَتْنِ (قَوْلُهُ فَاطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ) ذِكْرُ الْفَاءِ يُفِيدُ أَنَّ الْقَطْعَ لَوْ كَانَ بَعْدَ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَيْبِ لَا يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ، وَوَجْهُهُ ظَاهِرٌ فَلْيُرَاجَعْ. اهـ ح، وَيَشْهَدُ لَهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ الْآتِي وَاللُّبْسُ وَالرُّكُوبُ وَالْمُدَاوَاةُ رِضًا بِالْعَيْبِ إلَخْ
(قَوْلُهُ فَاسِدًا) الْأَوْلَى فَاسِدَةً (قَوْلُهُ لَا يَرْجِعُ لِإِفْسَادِ مَالِيَّتِهِ) أَشَارَ بِهِ إلَى الْفَرْقِ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَمَا قَلْبَهَا، وَهُوَ أَنَّ النَّحْرَ إفْسَادٌ لِلْمَالِيَّةِ لِصَيْرُورَةِ الْمَبِيعِ بِهِ عُرْضَةً لِلنَّتْنِ وَالْفَسَادِ، وَلِذَا لَا يُقْطَعُ السَّارِقُ بِهِ فَاخْتَلَّ مَعْنَى قِيَامِ الْمَبِيعِ كَمَا فِي النَّهْرِ ح وَعَدَمُ الرُّجُوعِ قَوْلُ الْإِمَامِ، فِي الْخَانِيَّةِ وَجَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: لَوْ اشْتَرَى بَعِيرًا فَلَمَّا أَدْخَلَهُ دَارِهِ سَقَطَ فَذَبَحَهُ فَظَهَرَ عَيْبُهُ يَرْجِعُ بِنُقْصَانِهِ عِنْدَهُمَا وَبِهِ أَخَذَ الْمَشَايِخُ كَمَا لَوْ أَكَلَ طَعَامًا فَوَجَدَ بِهِ عَيْبًا، وَلَوْ عَلِمَ عَيْبَهُ قَبْلَ الذَّبْحِ فَذَبَحَهُ لَا يَرْجِعُ. اهـ قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَفِي الْوَاقِعَاتِ: الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا فِي الْأَكْلِ فَكَذَا هُنَا. اهـ قَالَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ: وَيَجِبُ تَقَيُّدُ الْمَسْأَلَةِ بِمَا إذَا نَحَرَهُ وَحَيَاتُهُ مَرْجُوَّةٌ، أَمَّا إذَا أَيِسَ مِنْ حَيَاتِهِ فَلَهُ الرُّجُوعُ بِالنُّقْصَانِ عِنْدَ الْإِمَامِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ النَّحْرَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَيْسَ إفْسَادًا لِلْمَالِيَّةِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ كَمَا لَا يَرْجِعُ لَوْ بَاعَ الْمُشْتَرِي الثَّوْبَ إلَخْ) أَيْ أَخْرَجَهُ عَنْ مِلْكِهِ وَالْبَيْعُ مِثَالٌ، فَعَمّ مَا لَوْ وَهَبَهُ أَوْ أَقَرَّ بِهِ لِغَيْرِهِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَا إذَا كَانَ بَعْدَ رُؤْيَةِ الْعَيْبِ أَوْ قَبْلَهُ. كَمَا فِي الْفَتْحِ وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ لِخَوْفِ تَلَفِهِ أَوْ لَا، حَتَّى لَوْ وَجَدَ السَّمَكَةَ الْمَبِيعَةَ مَعِيبَةً وَغَابَ الْبَائِعُ لَوْ انْتَظَرَهُ لَفَسَدَتْ فَبَاعَهَا لَمْ يَرْجِعْ أَيْضًا بِشَيْءٍ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ نَهْرٌ.
ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْبَيْعَ وَنَحْوَهُ مَانِعٌ مِنْ الرُّجُوعِ بِالنُّقْصَانِ سَوَاءٌ كَانَ بَعْدَ حُدُوثِ عَيْبٍ عِنْدَ الْمُشْتَرِي أَوْ قَبْلَهُ، إلَّا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute