ابْنُ كَمَالٍ (كَمَا) يَرْجِعُ (لَوْ بَاعَهُ) أَيْ الْمُمْتَنِعُ رَدَّهُ (فِي هَذِهِ الصُّوَرِ بَعْدَ رُؤْيَةِ الْعَيْبِ) قَبْلَ الرِّضَا بِهِ صَرِيحًا أَوْ دَلَالَةً (أَوْ مَاتَ الْعَبْدُ) الْمُرَادُ هَلَاكُ الْمَبِيعُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي (أَوْ أَعْتَقَهُ) أَوْ دَبَّرَ أَوْ اسْتَوْلَدَ أَوْ وَقَفَ قَبْلَ عِلْمِهِ بِعَيْبِهِ
ــ
[رد المحتار]
الرِّبَا لَيْسَ بِمُنْحَصِرٍ عِنْدَهُمْ فِي الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ، لِقَوْلِهِمْ إنَّ الشُّرُوطَ الْفَاسِدَةَ مِنْ الرِّبَا، وَهِيَ فِي الْمُعَاوَضَاتِ الْمَالِيَّةِ وَغَيْرِهَا؛ لِأَنَّ الرِّبَا هُوَ الْفَضْلُ الْخَالِي عَنْ الْعِوَضِ وَحَقِيقَةُ الشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ هِيَ زِيَادَةُ مَا لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ وَلَا يُلَائِمُهُ، فَفِيهَا فَضْلٌ خَالٍ عَنْ الْعِوَضِ وَهُوَ الرِّبَا كَمَا فِي الزَّيْلَعِيِّ وَغَيْرِهِ قُبَيْلَ كِتَابِ الصَّرْفِ (قَوْلُهُ أَيْ الْمُمْتَنِعُ رَدُّهُ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ) أَيْ صُوَرِ الزِّيَادَةِ الْمُتَّصِلَةِ مِنْ خِيَاطَةٍ وَنَحْوِهَا. وَأَفَادَ أَنَّ امْتِنَاعَ الرَّدِّ سَابِقٌ عَلَى الْبَيْعِ بِسَبَبِ الزِّيَادَةِ فَتَقَرَّرَ بِهَا الرُّجُوعُ بِالنُّقْصَانِ قَبْلَ الْبَيْعِ فَيَبْقَى لَهُ الرُّجُوعُ بَعْدَ الْبَيْعِ أَيْضًا وَإِنْ كَانَ الْبَيْعُ بَعْدَ رُؤْيَةِ الْعَيْبِ قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَإِذَا امْتَنَعَ الرَّدُّ بِالْفَسْخِ، فَلَوْ بَاعَهُ الْمُشْتَرِي رَجَعَ بِالنُّقْصَانِ؛ لِأَنَّ الرَّدَّ لَمَّا امْتَنَعَ لَمْ يَكُنْ الْمُشْتَرِي بِبَيْعِهِ حَابِسًا لَهُ.
(قَوْلُهُ بَعْدَ رُؤْيَةِ الْعَيْبِ) وَكَذَا قَبْلَهَا بِالْأَوْلَى ح (قَوْلُهُ قَبْلَ الرِّضَا بِهِ صَرِيحًا أَوْ دَلَالَةً) لَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَ هَذَا الْقَيْدَ هُنَا بَعْدَ مُرَاجَعَةِ كَثِيرٍ مِنْ كُتُبِ الْمَذْهَبِ، وَإِنَّمَا رَأَيْته فِي حَوَاشِي الْمِنَحِ لِلْخَيْرِ الرَّمْلِيِّ ذَكَرَهُ بَعْدَ قَوْلِهِ أَوْ مَاتَ الْعَبْدُ وَهُوَ فِي مَحَلِّهِ كَمَا تَعْرِفُهُ قَرِيبًا. أَمَّا هُنَا فَلَا مَحَلَّ لَهُ؛ لِأَنَّ الْعَرْضَ عَلَى الْبَيْعِ رِضًا بِالْعَيْبِ كَمَا سَيَأْتِي، وَهُنَا وُجِدَ الْبَيْعُ حَقِيقَةً وَلَمْ يَمْتَنِعْ الرُّجُوعُ بِالنُّقْصَانِ لِتَقَرُّرِ الرُّجُوعِ قَبْلَهُ كَمَا عَلِمْته آنِفًا فَكَأَنَّ الشَّارِحَ رَأَى هَذَا الْقَيْدَ فِي حَوَاشِي شَيْخِهِ فَسَبَقَ قَلَمُهُ فَكَتَبَهُ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ أَوْ مَاتَ الْعَبْدُ) ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ يَنْتَهِي بِالْمَوْتِ، وَالشَّيْءُ بِانْتِهَائِهِ يَتَقَرَّرُ فَكَانَ بَقَاءُ الْمِلْكِ قَائِمًا وَالرَّدُّ مُتَعَذِّرٌ وَذَلِكَ مُوجِبٌ لِلرُّجُوعِ، وَتَمَامُهُ فِي ح عَنْ الْفَتْحِ. قَالَ فِي النَّهْرِ: وَلَا فَرْقَ فِي هَذَا: أَيْ مَوْتِ الْعَبْدِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ رُؤْيَةِ الْعَيْبِ أَوْ قَبْلَهَا. اهـ، لَكِنْ إذَا كَانَ الْمَوْتُ بَعْدَ رُؤْيَةِ الْعَيْبِ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ الرِّضَا بِهِ صَرِيحًا أَوْ دَلَالَةً كَمَا ذَكَرَهُ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ وَوَجْهُهُ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا رَأَى الْعَيْبَ وَقَالَ رَضِيت بِهِ أَوْ عَرَضَهُ عَلَى الْبَيْعِ أَوْ اسْتَخْدَمَهُ مِرَارًا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا يَكُونُ دَلَالَةً عَلَى الرِّضَا امْتَنَعَ رَدُّهُ وَالرُّجُوعُ نُقْصَانِهِ، لَوْ بَقِيَ الْعَبْدُ حَيًّا، فَكَذَا أَوْ مَاتَ بِالْأَوْلَى.
(قَوْلُهُ الْمُرَادُ هَلَاكُ الْمَبِيعِ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ: وَلَوْ قَالَ أَوْ هَلَكَ الْمَبِيعُ لَكَانَ أَفْوَدَ، إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْآدَمِيِّ وَغَيْرِهِ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ فِي الْفُصُولِ: ذَهَبَ إلَى بَائِعِهِ لِيَرُدَّهُ بِعَيْبِهِ فَهَلَكَ فِي الطَّرِيقِ هَلَكَ عَلَى الْمُشْتَرِي وَيَرْجِعُ بِنَقْصِهِ وَفِي الْقُنْيَةِ: اشْتَرَى جِدَارًا مَائِلًا فَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ حَتَّى سَقَطَ فَلَهُ الرُّجُوعُ بِالنُّقْصَانِ. اهـ. وَفِي الْحَاوِي: اشْتَرَى أَثْوَابًا عَلَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهَا سِتَّةَ عَشَرَ ذِرَاعًا فَبَلَغَ بِهَا إلَى بَغْدَادَ فَإِذَا هِيَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ فَرَجَعَ بِهَا لِيَرُدَّهَا وَهَلَكَتْ فِي الطَّرِيقِ يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْقِيمَةِ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ (قَوْلُهُ أَوْ أَعْتَقَهُ) قَالَ فِي الْهِدَايَةِ، وَأَمَّا الْإِعْتَاقُ فَالْقِيَاسُ فِيهِ أَنْ لَا يَرْجِعَ؛ لِأَنَّ الِامْتِنَاعَ بِفِعْلِهِ فَصَارَ كَالْقَتْلِ. وَفِي الِاسْتِحْسَانِ: يَرْجِعُ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ إنْهَاءُ الْمِلْكِ؛ لِأَنَّ الْآدَمِيَّ مَا خُلِقَ فِي الْأَصْلِ مَحَلًّا لِلْمِلْكِ وَإِنَّمَا ثَبَتَ الْمِلْكُ فِيهِ مُؤَقَّتًا إلَى الْإِعْتَاقِ إنْهَاءً كَالْمَوْتِ، وَهَذَا؛ لِأَنَّ الشَّيْءَ يَتَقَرَّرُ بِانْتِهَائِهِ فَيُجْعَلُ كَأَنَّ الْمِلْكَ بَاقٍ وَالرَّدَّ مُتَعَذِّرٌ، وَالتَّدْبِيرُ وَالِاسْتِيلَادُ بِمَنْزِلَتِهِ؛ لِأَنَّهُ تَعَذَّرَ النَّقْلُ مَعَ بَقَاءِ الْمَحَلِّ بِالْأَمْرِ الْحُكْمِيِّ. اهـ ح (قَوْلُهُ أَوْ وَقَفَ) فَإِذَا وَقَفَ الْمُشْتَرِي الْأَرْضَ ثُمَّ عَلِمَ بِالْعَيْبِ رَجَعَ بِالنُّقْصَانِ، وَفِي جَعْلِهَا مَسْجِدًا اخْتِلَافٌ، وَالْمُخْتَارُ الرُّجُوعُ بِالنُّقْصَانِ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، وَمَا رَجَعَ بِهِ يُسَلَّمُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ النُّقْصَانَ لَمْ يَدْخُلْ تَحْتَ الْوَقْفِ. اهـ نَهْرٌ (قَوْلُهُ قَبْلَ عِلْمِهِ) ظَرْفٌ لِأَعْتَقَهُ وَمَا بَعْدَهُ. اهـ ح.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute