للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(أَوْ كَانَ) الْمَبِيعُ (طَعَامًا فَأَكَلَهُ أَوْ بَعْضَهُ) أَوْ أَطْعَمَهُ عَبْدَهُ أَوْ مُدَبَّرَهُ أَوْ أُمَّ وَلَدِهِ أَوْ لَبِسَ الثَّوْبَ حَتَّى تَخَرَّقَ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ اسْتِحْسَانًا عِنْدَهُمَا، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى بَحْرٌ

ــ

[رد المحتار]

وَالْحَاصِلُ أَنَّ هَلَاكَ الْمَبِيعِ لَيْسَ كَإِعْتَاقِهِ، فَإِنَّهُ إذَا هَلَكَ الْمَبِيعُ يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ سَوَاءٌ كَانَ بَعْدَ الْعِلْمِ بِهِ أَوْ قَبْلَهُ.

وَأَمَّا الْإِعْتَاقُ بَعْدَ الْعِلْمِ بِهِ فَمَانِعٌ مِنْ الرُّجُوعِ بِنُقْصَانِهِ بِخِلَافِهِ قَبْلَهُ، وَلَيْسَ إعْتَاقُهُ كَاسْتِهْلَاكِهِ فَإِنَّهُ إذَا اسْتَهْلَكَهُ فَلَا رُجُوعَ مُطْلَقًا إلَّا فِي الْأَكْلِ عِنْدَهُمَا بَحْرٌ ط

(قَوْلُهُ أَوْ كَانَ الْمَبِيعُ طَعَامًا فَأَكَلَهُ) احْتَرَزَ بِالْأَكْلِ عَنْ اسْتِهْلَاكِهِ بِغَيْرِهِ، فَفِي الذَّخِيرَةِ، قَالَ الْقُدُورِيُّ: وَلَوْ اشْتَرَى ثَوْبًا أَوْ طَعَامًا وَأَحْرَقَ الثَّوْبَ أَوْ اسْتَهْلَكَ الطَّعَامَ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ لَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ بِالنُّقْصَانِ بِلَا خِلَافٍ. اهـ وَكَذَا لَوْ بَاعَهُ أَوْ وَهَبَهُ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ لَمْ يَرْجِعْ إجْمَاعًا كَمَا فِي السِّرَاجِ لَكِنْ فِي بَيْعِ بَعْضِهِ الْخِلَافُ الْآتِي، وَأَرَادَ بِالطَّعَامِ الْمَكِيلَ وَالْمَوْزُونَ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ الذَّخِيرَةِ وَالْخَانِيَّةِ.

مَطْلَبٌ فِيمَا لَوْ أَكَلَ بَعْضَ الطَّعَامِ (قَوْلُهُ فَأَكَلَهُ أَوْ بَعْضَهُ) أَيْ ثُمَّ عَلِمَ بِالْعَيْبِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الرُّجُوعَ فِيمَا إذَا أَطْعَمَهُ عَبْدَهُ أَوْ مُدَبَّرَهُ أَوْ أُمَّ وَلَدِهِ أَوْ لَبِسَ الثَّوْبَ حَتَّى تَخَرَّقَ مُقَيَّدٌ بِمَا قَبْلَ الْعِلْمِ بِالْعَيْبِ، فَلَوْ أَخَّرَ الشَّارِحُ قَوْلَهُ قَبْلَ عِلْمِهِ بِعَيْبِهِ عَنْ قَوْلِهِ أَوْ لَبِسَ الثَّوْبَ حَتَّى تَخَرَّقَ لِيَكُونَ قَيْدًا فِي الْمَسَائِلِ الْعَشَرَةِ لَكَانَ أَوْلَى ح

قُلْت: وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُ فِي الْفَتْحِ قَالَ بَعْدَ هَذِهِ الْمَسَائِلِ: وَفِي الْكِفَايَةِ كُلُّ تَصَرُّفٍ يُسْقِطُ خِيَارَ الْعَيْبِ إذَا وَجَدَهُ فِي مِلْكِهِ بَعْدَ الْعِلْمِ بِالْعَيْبِ فَلَا رَدَّ وَلَا أَرْشَ؛ لِأَنَّهُ كَالرِّضَا بِهِ.

[تَنْبِيهٌ] وَقَعَ فِي الْمِنَحِ أَوْ أَكَلَهُ بَعْدَ اطِّلَاعِهِ عَلَى الْعَيْبِ، وَهُوَ سَبْقُ قَلَمٍ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الرَّمْلِيُّ (قَوْلُهُ أَوْ أَطْعَمَهُ عَبْدَهُ أَوْ مُدَبَّرَهُ أَوْ أُمَّ وَلَدِهِ) إنَّمَا يَرْجِعُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ؛ لِأَنَّ مِلْكَهُ بَاقٍ كَمَا فِي الْبَحْرِ، يَعْنِي أَنَّ الْعَبْدَ وَالْمُدَبَّرَ وَأُمَّ الْوَلَدِ إنَّمَا أَكَلُوا الطَّعَامَ عَلَى مِلْكِ السَّيِّدِ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَمْلِكُونَ، وَإِنْ مَلَكُوا فَكَانَ مِلْكُهُ بَاقِيًا فِي الطَّعَامِ، وَالرَّدُّ مُتَعَذِّرٌ كَمَا قَرَّرْنَاهُ فِي الْإِعْتَاقِ، بِخِلَافِ مَا إذَا أَطْعَمَهُ طِفْلَهُ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ مِمَّا سَيَأْتِي حَيْثُ لَا يَرْجِعُ؛ لِأَنَّ فِيهِ حَبْسَ الْمَبِيعِ بِالتَّمْلِيكِ مِنْ هَؤُلَاءِ فَإِنَّهُمْ مِنْ أَهْلِ الْمِلْكِ. اهـ ح (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ اسْتِحْسَانًا عِنْدَهُمَا) الَّذِي فِي الْهِدَايَةِ وَالْعِنَايَةِ وَالْفَتْحِ وَالتَّبْيِينِ أَنَّ الِاسْتِحْسَانَ عَدَمُ الرُّجُوعِ وَهُوَ قَوْلُ الْإِمَامِ فَلْيُحَرَّرْ. اهـ ح.

قُلْت: مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّ الِاسْتِحْسَانَ قَوْلُهُمَا ذَكَرَهُ فِي الِاخْتِيَارِ، وَتَبِعَهُ فِي الْبَحْرِ وَكَذَا نَقَلَهُ عَنْهُ الْعَلَّامَةُ قَاسِمٌ وَنَبَّهَ عَلَى أَنَّهُ عَكْسُ مَا فِي الْهِدَايَةِ وَسَكَتَ عَلَيْهِ فَلِذَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ فِي مَتْنِهِ. وَذَكَرَ فِي الْفَتْحِ عَنْ الْخُلَاصَةِ أَنَّ عَلَيْهِ الْفَتْوَى وَبِهِ أَخَذَ الطَّحَاوِيُّ، لَكِنْ قَالَ فِي الْفَتْحِ بَعْدَهُ: إنَّ جَعْلَ الْهِدَايَةِ قَوْلَ الْإِمَامِ اسْتِحْسَانًا مَعَ تَأْخِيرِهِ وَجَوَابَهُ عَنْ دَلِيلِهِمَا يُفِيدُ مُخَالَفَتَهُ فِي كَوْنِ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا. اهـ.

قُلْت: وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُ فِي الْكَنْزِ وَالْمُلْتَقَى وَغَيْرِهِمَا مَشَوْا عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ وَفِي الذَّخِيرَةِ: وَلَوْ لَبِسَ الثَّوْبَ حَتَّى تَخَرَّقَ مِنْ اللُّبْسِ أَوْ أَكَلَ الطَّعَامَ لَا يَرْجِعُ عِنْدَهُ هُوَ الصَّحِيحُ خِلَافًا لَهُمَا. اهـ

وَالْحَاصِلُ أَنَّهُمَا قَوْلَانِ مُصَحَّحَانِ وَلَكِنْ صَحَّحُوا قَوْلَهُمَا بِأَنَّ عَلَيْهِ الْفَتْوَى. وَلَفْظُ الْفَتْوَى آكَدُ أَلْفَاظِ التَّصْحِيحِ وَلَا سِيَّمَا هُوَ أَرْفَقُ بِالنَّاسِ كَمَا يَأْتِي فَلِذَا اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ فِي مَتْنِهِ وَهَذَا فِي الْأَكْلِ أَمَّا الْبَيْعُ وَنَحْوُهُ فَلَا رُجُوعَ فِيهِ إجْمَاعًا كَمَا عَلِمْت، وَيَأْتِي وَجْهُ الْفَرْقِ.

[تَنْبِيهٌ] ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّ الْخِلَافَ جَارٍ فِي جَمِيعِ الْمَسَائِلِ الَّتِي ذَكَرَهَا مَعَ أَنَّهُمْ لَمْ يَذْكُرُوهُ إلَّا فِي أَكْلِ الطَّعَامِ وَلُبْسِ الثَّوْبِ أَفَادَهُ ح.

<<  <  ج: ص:  >  >>