وَعَنْهُمَا يَرُدُّ مَا بَقِيَ وَيَرْجِعُ بِنُقْصَانِ مَا أَكَلَ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى اخْتِيَارٌ وَقُهُسْتَانِيُّ وَلَوْ كَانَ فِي وِعَاءَيْنِ فَلَهُ رَدُّ الْبَاقِي بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ اتِّفَاقًا ابْنُ كَمَالٍ وَابْنُ مَلَكٍ
ــ
[رد المحتار]
قُلْت: الظَّاهِرُ جَرَيَانُ الْخِلَافِ فِي مَسَائِلِ الْإِطْعَامِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَكَلَ الطَّعَامَ لَا يَرْجِعُ عِنْدَ الْإِمَامِ، فَكَذَا إذَا أَطْعَمَهُ عَبْدَهُ بِالْأَوْلَى تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَعَنْهُمَا يَرُدُّ مَا بَقِيَ وَيَرْجِعُ بِنُقْصَانِ مَا أَكَلَ) هَذِهِ رِوَايَةٌ ثَانِيَةٌ عَنْهُمَا فِي صُورَةِ أَكْلِ الْبَعْضِ، وَالْأَوْلَى أَنَّهُ يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ فِي الْكُلِّ، فَلَا يَرُدُّ مَا بَقِيَ، هَكَذَا نَقَلَ عَنْهُمَا الْقُدُورِيُّ فِي التَّقْرِيبِ وَتَبِعَهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَذَكَرَ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ أَنَّ الْأُولَى قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ، وَالثَّانِيَةَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ كَمَا فِي الْفَتْحِ. وَأَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ فَلَا يَرُدُّ مَا بَقِيَ وَلَا يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ مَا أَكَلَ وَلَا مَا بَقِيَ. فِي الذَّخِيرَةِ وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ الِاخْتِيَارِ وَالْخُلَاصَةِ، وَمِثْلُهُ فِي النِّهَايَةِ وَغَايَةِ الْبَيَانِ وَجَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَالْخَانِيَّةِ وَالْمُجْتَبَى، فَلِذَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الشَّارِحُ وَهَذَا كُلُّهُ فِي أَكْلِ الْبَعْضِ. أَمَّا لَوْ بَاعَ بَعْضَ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ فَفِي الذَّخِيرَةِ أَنَّهُ عِنْدَهُمَا لَا يَرُدُّ مَا بَقِيَ وَلَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ وَعَنْ مُحَمَّدٍ يَرُدُّ مَا بَقِيَ وَلَا يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ مَا بَاعَ هَكَذَا ذَكَرَهُ فِي الْأَصْلِ. وَكَانَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ وَأَبُو اللَّيْثِ يُفْتِيَانِ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ بِقَوْلِ مُحَمَّدٍ رِفْقًا بِالنَّاسِ، وَاخْتَارَهُ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ. اهـ. وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ عَنْ الْخَانِيَّةِ وَعَنْ مُحَمَّدٍ لَا يَرْجِعُ بِنَقْصِ مَا بَاعَ وَيَرُدُّ الْبَاقِيَ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. اهـ وَمِثْلُهُ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ وَالْمُجْتَبَى وَالْمَوَاهِبِ
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُفْتَى بِهِ أَنَّهُ لَوْ بَاعَ الْبَعْضَ أَوْ أَكَلَهُ يَرُدُّ الْبَاقِيَ وَيَرْجِعُ بِنَقْصِ مَا أَكَلَ لَا بِنَقْصِ مَا بَاعَ. وَالْفَرْقُ كَمَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ أَنَّهُ بِالْأَكْلِ تَقَرَّرَ الْعَقْدُ، فَتَقَرَّرَ أَحْكَامُهُ، وَبِالْبَيْعِ يَنْقَطِعُ الْمِلْكُ فَتَنْقَطِعُ أَحْكَامُهُ، قَالَ فَصَارَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ اشْتَرَى غُلَامَيْنِ فَقَبَضَهُمَا وَبَاعَ أَحَدَهُمَا ثُمَّ وَجَدَ بِهِمَا عَيْبًا يَرُدُّ مَا بَقِيَ وَلَا يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ مَا بَاعَ بِالْإِجْمَاعِ، فَكَذَا هُنَا عِنْدَ مُحَمَّدٍ. اهـ.
قُلْت: لَكِنْ سَيَذْكُرُ الْمُصَنِّفُ تَبَعًا لِغَيْرِهِ مِنْ الْمُتُونِ لَوْ وَجَدَ بِبَعْضِ الْمَكِيلِ أَوْ الْمَوْزُونِ عَيْبًا لَهُ رَدُّ كُلِّهِ أَوْ أَخْذُهُ فَإِنَّ مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ رَدُّ الْمَعِيبِ وَحْدَهُ. إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ كُلُّهُ بَاقِيًا فِي مِلْكِهِ لَمْ يَتَصَرَّفْ فِي شَيْءٍ مِنْهُ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ لَهُ رَدُّ كُلِّهِ، فَيُفَرَّقُ بَيْنَ مَا إذَا بَقِيَ كُلُّهُ وَبَيْنَ مَا إذَا تَصَرَّفَ بِبَعْضِهِ بِبَيْعٍ أَوْ أَكْلٍ. أَوْ يُقَالُ هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلِ غَيْرِ مُحَمَّدٍ تَأَمَّلْ.
[تَنْبِيهٌ] الطَّعَامُ فِي عُرْفِهِمْ الْبُرُّ، وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا هُوَ وَمَا كَانَ مِثْلَهُ مِنْ مَكِيلٍ وَمَوْزُونٍ كَمَا عُلِمَ مِمَّا نَقَلْنَاهُ آنِفًا عَنْ الذَّخِيرَةِ وَفِي الْبَحْرِ عَنْ الْقُنْيَةِ: وَلَوْ كَانَ غَزْلًا فَنَسَجَهُ أَوْ فَيْلَقًا فَجَعَلَهُ إبْرَيْسَمًا ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ كَانَ رَطْبًا وَانْتَقَصَ وَزْنُهُ رَجَعَ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ بِخِلَافِ مَا إذَا بَاعَ. اهـ وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ الْأَكْلَ غَيْرُ قَيْدٍ بَلْ مِثْلُهُ كُلُّ تَصَرُّفٍ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ مِلْكِهِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْمُحِيطِ، وَتَقَدَّمَ حُكْمُ الْقِيَمِيِّ عِنْدَ قَوْلِهِ كَمَا لَا يَرْجِعُ لَوْ بَاعَ الْمُشْتَرِي الثَّوْبَ إلَخْ (قَوْلُهُ ابْنُ كَمَالٍ) حَيْثُ قَالَ وَالْخِلَافُ فِيمَا إذَا كَانَ الطَّعَامُ فِي وِعَاءٍ وَاحِدٍ أَوْ لَمْ يَكُنْ فِي وِعَاءٍ، فَإِنْ كَانَ فِي وِعَاءَيْنِ فَلَهُ رَدُّ الْبَاقِي بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ فِي قَوْلِهِمْ كَذَا فِي الْحَقَائِقِ وَالْخَانِيَّةِ. اهـ.
قُلْت: وَلَفْظُ الْخَانِيَّةِ، فَإِنْ كَانَ فِي وِعَاءَيْنِ فَأَكَلَ مَا فِي أَحَدِهِمَا أَوْ بَاعَ ثُمَّ عَلِمَ بِعَيْبٍ كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ الْبَاقِيَ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ فِي قَوْلِهِمْ؛ لِأَنَّ الْمَكِيلَ وَالْمَوْزُونَ بِمَنْزِلِهِ أَشْيَاءَ مُخْتَلِفَةٍ، فَكَانَ الْحُكْمُ فِيهِ مَا هُوَ الْحُكْمُ فِي الْعَبْدَيْنِ وَالثَّوْبَيْنِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. اهـ. وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي ثُبُوتِ رَدِّ الْمَعِيبِ وَحْدَهُ، نَعَمْ نَقَلَ الْعَلَّامَةُ فِي تَصْحِيحِهِ عَنْ الذَّخِيرَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute