بِخِلَافِ الشَّاةِ الْمُصَرَّاةِ فَلَا يَرُدُّهَا مَعَ لَبَنِهَا أَوْ صَاعِ تَمْرٍ بَلْ يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ عَلَى الْمُخْتَارِ شُرُوحُ مَجْمَعٍ وَحَرَّرْنَاهُ فِيمَا عَلَّقْنَاهُ عَلَى الْمَنَارِ (كَمَا لَوْ اسْتَخْدَمَهَا) فِي غَيْرِ ذَلِكَ، فَفِي الْمَبْسُوطِ الِاسْتِخْدَامُ بَعْدَ الْعِلْمِ بِالْعَيْبِ لَيْسَ بِرِضًا اسْتِحْسَانًا؛ لِأَنَّ النَّاسَ يَتَوَسَّعُونَ فِيهِ فَهُوَ لِلِاخْتِبَارِ. وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: الصَّحِيحُ أَنَّهُ رِضًا فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ إلَّا إذَا كَانَ فِي نَوْعٍ آخَرَ وَفِي الصُّغْرَى أَنَّهُ مَرَّةٌ لَيْسَ بِرِضًا إلَّا عَلَى كُرْهٍ مِنْ الْعَبْدِ بَحْرٌ (قَالَ الْمُشْتَرِي لَيْسَ بِهِ) بِالْمَبِيعِ (أُصْبُعٌ زَائِدَةٌ أَوْ نَحْوُهَا مِمَّا لَا يَحْدُثُ) مِثْلُهُ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ (ثُمَّ وَجَدَ بِهِ ذَلِكَ كَانَ لَهُ الرَّدُّ) بِلَا يَمِينٍ لِمَا مَرَّ.
(بَاعَ عَبْدًا وَقَالَ) لِلْمُشْتَرِي (بَرِئْت إلَيْك مِنْ كُلِّ عَيْبٍ بِهِ إلَّا الْإِبَاقَ فَوَجَدَهُ آبِقًا فَلَهُ الرَّدُّ، وَلَوْ قَالَ إلَّا إبَاقَهُ لَا) ؛ لِأَنَّهُ فِي الْأَوَّلِ لَمْ يُضِفْ الْإِبَاقَ لِلْعَبْدِ وَلَا وَصَفَهُ بِهِ فَلَمْ يَكُنْ إقْرَارًا بِإِبَاقِهِ لِلْحَالِ، وَفِي الثَّانِي أَضَافَهُ إلَيْهِ
ــ
[رد المحتار]
أَيْ فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى وَيَكُونُ رِضًا فِي الثَّانِيَةِ كَمَا يَأْتِي قَرِيبًا وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَوْ أَمَرَهَا بِهِ ثَانِيًا كَانَ رِضًا لَا لَوْ أَرْضَعَتْهُ مَرَّاتٍ بِالْأَمْرِ الْأَوَّلِ تَأَمَّلْ.
مَطْلَبٌ فِي مَسْأَلَةِ الْمُصَرَّاةِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الشَّاةِ الْمُصَرَّاةِ) رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «لَا تُصَرُّوا الْإِبِلَ وَالْغَنَمَ فَمَنْ ابْتَاعَهَا بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ بَعْدَ أَنْ يَحْلُبَهَا، فَإِنْ رَضِيَهَا أَمْسَكَهَا، وَإِنْ سَخِطَهَا رَدَّهَا وَصَاعًا مِنْ تَمْرٍ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ شَرْحُ التَّحْرِيرِ وَتُصَرُّوا بِضَمِّ التَّاءِ وَفَتْحِ الصَّادِ مِنْ التَّصْرِيَةِ وَهِيَ رَبْطُ ضَرْعِ النَّاقَةِ أَوْ الشَّاةِ وَتَرْكُ حَلْبِهَا الْيَوْمَيْنِ أَوْ الثَّلَاثَةِ حَتَّى يَجْتَمِعَ اللَّبَنُ قَالَ الشَّارِحُ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْمَنَارِ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِلْقِيَاسِ الثَّابِتِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ مِنْ أَنَّ ضَمَانَ الْعُدْوَانِ بِالْمِثْلِ أَوْ الْقِيمَةِ وَالتَّمْرُ لَيْسَ مِنْهُمَا فَكَانَ مُخَالِفًا لِلْقِيَاسِ وَمُخَالَفَتُهُ مُخَالَفَةٌ لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ الْمُتَقَدِّمِينَ فَلَمْ يُعْمَلْ بِهِ لِمَا مَرَّ، فَيَرُدُّ قِيمَةَ اللَّبَنِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَيَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِأَرْشِهَا. اهـ
وَفِي شَرْحِ التَّحْرِيرِ: وَقَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي حُكْمِهَا فَذَهَبَ إلَى الْقَوْلِ بِظَاهِرِ الْحَدِيثِ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ أَبُو يُوسُفَ عَلَى مَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ لِلْإِسْبِيجَابِيِّ نَقْلًا عَنْ أَصْحَابِ الْأَمَالِي عَنْهُ وَالْمَذْكُورُ عَنْهُ لِلْخَطَّابِيِّ وَابْنِ قَدَامَةَ أَنَّهُ يَرُدُّهَا مَعَ قِيمَةِ اللَّبَنِ وَلَمْ يَأْخُذْ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ بِهِ؛ لِأَنَّهُ خَبَرٌ مُخَالِفٌ لِلْأُصُولِ. اهـ
وَالْحَاصِلُ كَمَا فِي الْحَقَائِقِ أَنَّهُ إذَا اشْتَرَاهَا فَحَلَبَهَا فَوَجَدَهَا قَلِيلَةَ اللَّبَنِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا عِنْدَنَا: وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا مَعَ اللَّبَنِ لَوْ قَائِمًا وَمَعَ صَاعِ تَمْرٍ لَوْ هَالِكًا، وَهَلْ يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ عِنْدَنَا: فَعَلَى رِوَايَةِ الْأَسْرَارِ لَا وَعَلَى رِوَايَةِ الطَّحَاوِيِّ نَعَمْ. قَالَ فِي شَرْحِ الْمَجْمُوعِ: وَهُوَ الْمُخْتَارُ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ بِفِعْلِ التَّصْرِيَةِ غَرَّ الْمُشْتَرِيَ فَصَارَ كَمَا إذَا غَرَّهُ بِقَوْلِهِ إنَّهَا لَبُونٌ (قَوْلُهُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ) أَيْ فِي غَيْرِ الْإِرْضَاعِ (قَوْلُهُ فَهُوَ لِلِاخْتِبَارِ) بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ: أَيْ لِأَجْلِ أَنْ يَخْتَبِرَهُ وَيَمْتَحِنَهُ لِيَعْلَمَ أَنَّهُ مَعَ الْعَيْبِ يَصْلُحُ لَهُ أَمْ لَا (قَوْلُهُ إلَّا عَلَى كُرْهٍ مِنْ الْعَبْدِ) مُخَالِفٌ لِإِطْلَاقِ مَا مَرَّ أَنَّهُ الِاسْتِحْسَانُ مَعَ أَنَّ وَجْهَهُ خَفِيٌّ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ لِمَا مَرَّ) أَيْ قَرِيبًا فِي قَوْلِهِ لِلتَّيَقُّنِ بِكَذِبِهِ
(قَوْلُهُ فَلَهُ الرَّدُّ إلَخْ) كَذَا فِي الْفَتْحِ وَاسْتَشْكَلَهُ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ بِمَا فِي الْمُحِيطِ: لَوْ قَالَ عَلَى أَنِّي بَرِيءٌ مِنْ إبَاقِهِ أَوْ عَلَى أَنَّهُ أَبَقَ وَقَبِلَهُ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ عَلَى ذَلِكَ يَرُدُّهُ الثَّانِي عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَ هَذَا وَصْفًا لِلْإِيجَابِ أَوْ شَرْطًا فِيهِ وَالْإِيجَابُ يَفْتَقِرُ إلَى الْجَوَابِ وَالْجَوَابُ يَتَضَمَّنُ إعَادَةَ مَا فِي الْخِطَابِ فَإِذَا قَالَ الْمُشْتَرِي قَبِلْت ذَلِكَ صَارَ كَأَنَّهُ قَالَ اشْتَرَيْت عَلَى أَنَّهُ آبِقٌ فَيَكُونُ اعْتِرَافًا بِكَوْنِهِ آبِقًا، بِخِلَافِ قَوْلِهِ عَلَى أَنِّي بَرِيءٌ مِنْ الْإِبَاقِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُضِفْ الْإِبَاقَ إلَى الْعَبْدِ وَلَا وَصَفَهُ بِهِ فَلَمْ يَكُنْ اعْتِرَافًا بِوُجُودِ الْإِبَاقِ لِلْحَالِ؛ لِأَنَّ هَذَا الْكَلَامَ كَمَا يَحْتَمِلُ التَّبَرِّي عَنْ الْإِبَاقِ مَوْجُودٌ مِنْ الْعَبْدِ يَحْتَمِلُ التَّبَرِّي عَنْ إبَاقٍ سَيَحْدُثُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَلَا يَصِيرُ مُقِرًّا بِكَوْنِهِ آبِقًا لِلْحَالِ بِالشَّكِّ فَلَا يَثْبُتُ حَقُّ الرَّدِّ بِالشَّكِّ. اهـ وَكَتَبَ الشُّرُنْبُلَالِيُّ فِي هَامِشِ الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ أَنَّ حَقَّ الْعِبَارَةِ فِي كَلَامِ الْفَتْحِ لَوْ قَالَ أَنَا بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ إلَّا إبَاقَهُ لَا يَبْرَأُ مِنْ إبَاقِهِ فَيُرَدُّ بِهِ وَلَوْ قَالَ إلَّا الْإِبَاقَ فَلَيْسَ لَهُ الرَّدُّ. اهـ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute