قَالَ الْمُصَنِّفُ: فَقَيْدُ مُحْرَزَةٍ غَيْرُ لَازِمٍ (عَيْبًا لَا يُرَدُّ عَلَيْهِمَا) ؛؛ لِأَنَّ الْأَمِينَ لَا يَنْتَصِبُ خَصْمًا (بَلْ) يَنْصِبُ لَهُ الْإِمَامُ خَصْمًا فَيَرُدُّ عَلَى (مَنْصُوبِ الْإِمَامِ وَلَا يُحَلِّفُهُ) ؛ لِأَنَّ فَائِدَةَ الْحَلِفِ النُّكُولُ وَلَا يَصِحُّ نُكُولُهُ وَإِقْرَارُهُ (فَإِذَا رَدَّ عَلَيْهِ) الْمَعِيبَ (بَعْدَ ثُبُوتِهِ يُبَاعُ وَيَدْفَعُ الثَّمَنَ إلَيْهِ وَيَرُدُّ النَّقْصَ وَالْفَضْلَ إلَى مَحَلِّهِ) ؛ لِأَنَّ الْغُرْمَ بِالْغُنْمِ دُرَرٌ.
(وَجَدَ) الْمُشْتَرِي (بِمَشْرِيِّهِ عَيْبًا وَأَرَادَ الرَّدَّ بِهِ فَاصْطَلَحَا عَلَى أَنْ يَدْفَعَ الْبَائِعُ الدَّرَاهِمَ إلَى الْمُشْتَرِي وَلَا يَرُدَّ عَلَيْهِ جَازَ) وَيُجْعَلُ حَطًّا مِنْ الثَّمَنِ (وَعَلَى الْعَكْسِ) وَهُوَ أَنْ يَصْطَلِحَا عَلَى أَنْ يَدْفَعَ الْمُشْتَرِي الدَّرَاهِمَ إلَى الْبَائِعِ وَيَرُدَّ عَلَيْهِ (لَا) يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ لَا وَجْهَ لَهُ غَيْرُ الرِّشْوَةِ فَلَا يَجُوزُ. وَفِي الصُّغْرَى: ادَّعَى عَيْبًا فَصَالَحَهُ عَلَى مَالٍ ثُمَّ بَرِئَ أَوْ ظَهَرَ أَنْ لَا عَيْبَ فَلِلْبَائِعِ أَنْ يَرْجِعَ بِمَا أَدَّى، وَلَوْ زَالَ بِمُعَالَجَةِ الْمُشْتَرِي لَا قُنْيَةٌ.
ــ
[رد المحتار]
قَوْلُهُ قَالَ الْمُصَنِّفُ إلَخْ) رَدٌّ عَلَى صَاحِبِ الدُّرَرِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْأَمِينَ لَا يَنْتَصِبُ خَصْمًا) الْمُرَادُ بِالْأَمِينِ مَا يَعُمُّ الْإِمَامَ لِيُوَافِقَ الدَّلِيلَ الْمُدَّعَى؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ نَفْسَهُ أَمِينُ بَيْتِ الْمَالِ عَزْمِيَّةٌ، وَبَيَّنَ فِي الذَّخِيرَةِ وَجْهَ كَوْنِهِ لَا يَنْتَصِبُ خَصْمًا بِأَنَّ بَيْعَ الْإِمَامِ خَرَجَ عَلَى وَجْهِ الْقَضَاءِ بِالنَّظَرِ لِلْغَانِمِينَ، فَلَوْ صَارَ خَصْمًا خَرَجَ بَيْعُهُ عَنْ أَنْ يَكُونَ قَضَاءً؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَصْلُحُ خَصْمًا. اهـ (قَوْلُهُ وَلَا يُحَلِّفُهُ) أَيْ لَا يُحَلِّفُ مَنْصُوبَ الْإِمَامِ لَوْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي بَيِّنَةٌ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَلَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ بِالْعَيْبِ وَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ لَوْ أَنْكَرَ، وَإِنَّمَا هُوَ خَصْمٌ لِإِثْبَاتِهِ بِالْبَيِّنَةِ كَالْأَبِ وَوَصِيِّهِ فِي مَالِ الصَّغِيرِ، بِخِلَافِ الْوَكِيلِ بِالْخُصُومَةِ إذَا أَقَرَّ عَلَى مُوَكِّلِهِ فِي غَيْرِ مَجْلِسِ الْقَضَاءِ فَإِنَّهُ وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ لَكِنَّهُ يَنْعَزِلُ بِهِ. اهـ.
قُلْت: لَكِنْ فِي الذَّخِيرَةِ: فَلَوْ أَقَرَّ مَنْصُوبُ الْإِمَامِ لَمْ يَصِحَّ إقْرَارُهُ، وَيُخْرِجُهُ الْقَاضِي عَنْ الْخُصُومَةِ وَيَنْصِبُ لِلْمُشْتَرِي خَصْمًا آخَرَ. اهـ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ مِثْلُ الْوَكِيلِ بِالْخُصُومَةِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ وَلَا يَصِحُّ نُكُولُهُ وَإِقْرَارُهُ) وَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ وَلَا يَصِحُّ نُكُولُهُ؛ لِأَنَّهُ إمَّا بَذْلٌ أَوْ إقْرَارٌ، وَلَا يَصِحُّ بَذْلُهُ وَلَا إقْرَارُهُ. اهـ ح (قَوْلُهُ وَيَرُدُّ النَّقْصَ وَالْفَضْلَ إلَى مَحَلِّهِ) أَيْ إنْ نَقَصَ الْآخَرُ عَنْ الْأَوَّلِ، وَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ مِنْ الْأَرْبَعَةِ أَخْمَاسٍ يُعْطَى مِنْهَا، وَإِنْ كَانَ مِنْ الْخُمُسِ يُعْطَى مِنْهُ، وَكَذَا الزِّيَادَةُ وَتُوضَعُ فِيمَا كَانَ الْمَبِيعُ مِنْهُ ح عَنْ الدُّرَرِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْغُرْمَ بِالْغُنْمِ) الْمُرَادُ بِهِ هُنَا أَنَّ الْغُرْمَ وَهُوَ رَدُّ النَّقْصِ إلَى الْمُشْتَرِي بِسَبَبِ الْغُنْمِ وَهُوَ رَدُّ الْفَضْلِ إلَى مَحَلِّهِ.
(قَوْلُهُ الدَّرَاهِمَ) الْأَوْلَى دَرَاهِمَ بِالتَّنْكِيرِ ط (قَوْلُهُ لَا يَصِحُّ) إلَّا إذَا حَدَثَ بِهِ عَيْبٌ عِنْدَ الْمُشْتَرِي كَمَا بَحَثَهُ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ.
قُلْت: وَيُسْتَثْنَى أَيْضًا مَا إذَا لَمْ يُقِرَّ الْبَائِعُ بِالْعَيْبِ، لِمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ شَرَاهُ بِمِائَةٍ وَقَبَضَهُ فَطَعَنَ بِعَيْبٍ فَتَصَالَحَا عَلَى أَنْ يَأْخُذَهُ الْبَائِعُ وَيُرَدَّ مِائَةً إلَّا وَاحِدًا قَالَ إنْ أَقَرَّ الْبَائِعُ أَنَّ الْعَيْبَ كَانَ عِنْدَهُ فَعَلَيْهِ رَدُّ بَاقِي الثَّمَنِ وَإِلَّا مَلَكَ الْبَاقِيَ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ. اهـ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا وَجْهَ لَهُ غَيْرُ الرِّشْوَةِ) فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ؛ لِأَنَّهُ رِبًا وَلِصَاحِبِ الْبَحْرِ رِسَالَةٌ فِي الرِّشْوَةِ ذَكَرَ ط هُنَا حَاصِلَهَا، وَمَحَلُّ الْكَلَامِ عَلَيْهَا فِي الْقَضَاءِ، وَسَنَذْكُرُهُ هُنَاكَ - إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى - (قَوْلُهُ وَلَوْ زَالَ بِمُعَالَجَةٍ لَا) أَيْ لَا يَرْجِعُ وَعَبَّرَ عَنْهُ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ بِقِيلَ حَيْثُ قَالَ: وَلَوْ قَبَضَ بَدَلَ الصُّلْحِ وَزَالَ ذَلِكَ الْعَيْبُ يَرُدُّ بَدَلَ الصُّلْحِ، وَقِيلَ هَذَا لَوْ زَالَ بِلَا عِلَاجِهِ فَإِنْ زَالَ بِعِلَاجِهِ لَا يُرَدُّ اهـ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute