للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَمَا فِي حُكْمِهِ) أَيْ حُكْمِ مَا لَيْسَ بِمَالٍ (كَأُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُكَاتَبِ وَالْمُدَبَّرِ الْمُطْلَقِ) فَإِنَّ بَيْعَ هَؤُلَاءِ بَاطِلٌ: أَيْ بَقَاءً، فَلَمْ يُمْلَكُوا بِالْقَبْضِ لِابْتِدَاءٍ فَصَحَّ بَيْعُهُمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَبَيْعُ قِنٍّ ضُمَّ إلَيْهِمْ دُرَرٌ،

ــ

[رد المحتار]

وَمِنْ الْمُخْتَلِفَيْ الْجِنْسِ مَا إذَا بَاعَ فَصًّا عَلَى أَنَّهُ يَاقُوتٌ فَإِذَا هُوَ زُجَاجٌ فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ، وَلَوْ بَاعَهُ لَيْلًا عَلَى أَنَّهُ يَاقُوتٌ أَحْمَرُ فَظَهَرَ أَصْفَرَ صَحَّ الْبَيْعُ وَيُخَيَّرُ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ مِنْ كَافِرٍ) نَقَلَهُ فِي الْبَحْرِ أَيْضًا عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ وَأَقَرَّهُ. قُلْت: وَيَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ فِيهِ الْخِلَافُ الْمَارُّ فِيمَا مَاتَتْ بِسَبَبٍ غَيْرِ الذَّبْحِ مِمَّا يَدِينُ بِهِ أَهْلُ الذِّمَّةِ، بَلْ هَذَا بِالْأَوْلَى؛ لِأَنَّهُ مِمَّا يَدِينُ بِهِ بَعْضُ الْمُجْتَهِدِينَ، وَكَوْنُ حُرْمَتِهِ بِالنَّصِّ لَا يَقْتَضِي بُطْلَانَ بَيْعِهِ بَيْنَ أَهْلِ الذِّمَّةِ؛ لِأَنَّ حُرْمَةَ الْمُنْخَنِقَةِ بِالنَّصِّ أَيْضًا، وَلَمَّا اعْتَقَدُوا حِلَّهَا لَمْ نَحْكُمْ بِبُطْلَانِ بَيْعِهَا بَيْنَهُمْ، نَعَمْ لَوْ بَاعَ مَتْرُوكَ التَّسْمِيَةِ عَمْدًا مُسْلِمٌ يَقُولُ بِحِلِّهِ كَشَافِعِيٍّ نَحْكُمُ بِبُطْلَانِ بَيْعِهِ؛ لِأَنَّهُ مُلْتَزِمٌ لِأَحْكَامِنَا وَمُعْتَقِدٌ لِبُطْلَانِ مَا خَالَفَ النَّصِّ فَنُلْزِمُهُ بِبُطْلَانِ الْبَيْعِ بِالنَّصِّ، بِخِلَافِ أَهْلِ الذِّمَّةِ؛ لِأَنَّا أُمِرْنَا بِتَرْكِهِمْ وَمَا يَدِينُونَ، فَيَكُونُ بَيْعُهُ بَيْنَهُمْ صَحِيحًا أَوْ فَاسِدًا لَا بَاطِلًا كَمَا مَرَّ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا مَرَّ فِي شَرِكَةِ الْمُفَاوَضَةِ مِنْ عَدَمِ صِحَّتِهَا بَيْنَ مُسْلِمٍ وَذِمِّيٍّ لِعَدَمِ التَّسَاوِي فِي التَّصَرُّفِ، وَتَصِحُّ بَيْنَ حَنَفِيٍّ وَشَافِعِيٍّ، وَإِنْ كَانَ يَتَصَرَّفُ فِي مَتْرُوكِ التَّسْمِيَةِ وَعَلَّلُوهُ بِأَنَّ وِلَايَةَ الْإِلْزَامِ قَائِمَةٌ، وَمَعْنَاهُ مَا ذَكَرْنَا فَتَدَبَّرْ.

(قَوْلُهُ وَكَذَا مَا ضُمَّ إلَيْهِ) قَالَ فِي النَّهْرِ: وَمَتْرُوكُ التَّسْمِيَةِ عَمْدًا كَاَلَّذِي مَاتَ حَتْفَ أَنْفِهِ حَتَّى يَسْرِيَ الْفَسَادُ إلَى مَا ضُمَّ إلَيْهِ، وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَسْرِيَ؛ لِأَنَّهُ مُجْتَهَدٌ فِيهِ كَالْمُدَبَّرِ فَيَنْعَقِدُ فِيهِ الْبَيْعُ بِالْقَضَاءِ، وَأَجَابَ فِي الْكَافِي بِأَنَّ حُرْمَتَهُ مَنْصُوصٌ عَلَيْهَا، فَلَا يُعْتَبَرُ خِلَافُهُ وَلَا يَنْفُذُ بِالْقَضَاءِ.

(قَوْلُهُ وَبَيْعِ الْكِرَابِ وَكَرْيِ الْأَنْهَارِ) فِي الْمِصْبَاحِ: كَرَبْتُ الْأَرْضَ مِنْ بَابِ قَتَلَ كِرَابًا بِالْكَسْرِ قَلَّبْتُهَا لِلْحَرْثِ، وَفِيهِ أَيْضًا: كَرَى النَّهْرَ كَرْيًا مِنْ بَابِ رَمَى حَفَرْتُ فِيهِ حُفْرَةً جَدِيدَةً (قَوْلُهُ وَلْوَالِجِيَّةٌ) قَالَ فِيهَا: وَلَوْ كَانَ لِرَجُلٍ عِمَارَةٌ فِي أَرْضِ رَجُلٍ فَبَاعَهَا، إنْ كَانَ بِنَاءً أَوْ أَشْجَارًا جَازَ بَيْعُهُ إذَا لَمْ يَشْتَرِطْ تَرْكَهَا وَإِنْ كِرَابًا أَوْ كَرْيَ الْأَنْهَارِ وَنَحْوَهُ فَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ بِمَالٍ وَلَا بِمَعْنَى مَالٍ لَا يَجُوزُ. اهـ يَعْنِي يَبْطُلُ، فَإِنَّهُ دَاخِلٌ تَحْتَ قَوْلِنَا بَطَلَ بَيْعُ مَا لَيْسَ بِمَالٍ كَمَا لَا يَخْفَى وَبِعَدَمِ الْجَوَازِ فِي الْكِرَابِ وَكَرْيِ الْأَنْهَارِ وَنَحْوِ ذَلِكَ صَرَّحَ فِي الْخَانِيَّةِ مُعَلِّلًا بِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالٍ مُتَقَوِّمٍ مِنَحٌ، وَتَقَدَّمَتْ الْمَسْأَلَةُ أَوَّلَ الْبُيُوعِ مَعَ الْكَلَامِ عَلَى مَشَدِّ الْمُسْكَةِ وَبَيْعِ الْبَرَاءَاتِ وَالْجَامِكِيَّةِ وَالنُّزُولِ عَنْ الْوَظَائِفِ، وَأَشْبَعْنَا الْكَلَامَ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ.

(قَوْلُهُ فَإِنَّ بَيْعَ هَؤُلَاءِ بَاطِلٌ) كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَأَوْرَدَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ بَاطِلًا لَسَرَى الْبُطْلَانُ إلَى مَا ضُمَّ إلَيْهِمْ كَالْمَضْمُومِ إلَى الْحُرِّ، وَسَيَأْتِي أَنَّهُ لَا يَسْرِي. وَقَالَ بَعْضُهُمْ فَاسِدٌ، وَأَوْرَدَ أَنَّهُ يَلْزَمُ أَنْ يُمْلَكُوا بِالْقَبْضِ مَعَ أَنَّهُمْ لَمْ يُمْلَكُوا بِهِ اتِّفَاقًا، وَأُجِيبَ عَنْهُمَا بِادِّعَاءِ التَّخْصِيصِ، وَهُوَ أَنَّ مِنْ الْبَاطِلِ مَا لَا يَسْرِي حُكْمُهُ إلَى الْمَضْمُومِ لِضَعْفِهِ وَمِنْ الْفَاسِدِ مَا لَا يُمْلَكُ بِالْقَبْضِ. وَذَكَرَ فِي الْفَتْحِ أَنَّ الْحَقَّ أَنَّهُ بَاطِلٌ وَلَا تَخْصِيصَ لِجَوَازِ تَخَلُّفِ بَعْضِ الْأَفْرَادِ الْخُصُوصِيَّةِ. قُلْت: وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ يَصْلُحُ بَيَانًا لِلْخُصُوصِيَّةِ، وَذَلِكَ أَنَّ بَيْعَ الْحُرِّ بَاطِلٌ ابْتِدَاءً وَبَقَاءً لِعَدَمِ مَحَلِّيَّتِهِ لِلْبَيْعِ

<<  <  ج: ص:  >  >>