وَقَوْلُ ابْنِ الْكَمَالِ بَيْعُ هَؤُلَاءِ بَاطِلٌ مَوْقُوفٌ، ضَعَّفَهُ فِي الْبَحْرِ بِأَنَّ الْمُرَجَّحَ اشْتِرَاطُ رِضَا الْمُكَاتَبِ قَبْلَ الْبَيْعِ وَعَدَمُ نَفَاذِ الْقَضَاءِ بِبَيْعِ أُمِّ الْوَلَدِ وَصَحَّحَ فِي الْفَتْحِ نَفَاذَهُ. قُلْت: الْأَوْجَهُ تَوَقُّفُهُ عَلَى قَضَاءٍ آخَرَ إمْضَاءً أَوْ رَدًّا عَيْنِيٌّ وَنَهْرٌ، فَلْيَكُنْ التَّوْفِيقُ. وَفِي السِّرَاجِ: وَلَدُ هَؤُلَاءِ كَهُمْ، وَبَيْعُ مُبَعَّضٍ كَحُرٍّ.
(وَ) بَطَلَ (بَيْعُ مَالٍ غَيْرِ مُتَقَوِّمٍ) أَيْ غَيْرِ مُبَاحِ الِانْتِفَاعِ بِهِ ابْنُ كَمَالٍ فَلْيُحْفَظْ (كَخَمْرٍ وَخِنْزِيرٍ وَمَيْتَةٍ لَمْ تَمُتْ حَتْفَ أَنْفِهَا)
ــ
[رد المحتار]
أَصْلًا بِثُبُوتِ حَقِيقَةِ الْحُرِّيَّةِ، وَبَيْعُ هَؤُلَاءِ بَاطِلٌ بَقَاءً لِحَقِّ الْحُرِّيَّةِ فَلِذَا لَمْ يُمْلَكُوا بِالْقَبْضِ، لَا ابْتِدَاءً لِعَدَمِ حَقِيقَتِهَا فَلِذَا جَازَ بَيْعُهُمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ، وَلَا يَلْزَمُ بُطْلَانُ بَيْعِ قِنٍّ ضُمَّ إلَيْهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ دَخَلُوا فِي الْبَيْعِ ابْتِدَاءً لِكَوْنِهِمْ مَحَلًّا لَهُ فِي الْجُمْلَةِ ثُمَّ خَرَجُوا مِنْهُ بِتَعَلُّقِ حَقِّهِمْ، فَيَبْقَى الْقِنُّ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ، وَتَمَامُهُ فِي الدُّرَرِ (قَوْلُهُ وَقَوْلُ ابْنِ الْكَمَالِ) عِبَارَتُهُ: الْبَيْعُ فِي هَؤُلَاءِ بَاطِلٌ مَوْقُوفٌ يَنْقَلِبُ جَائِزًا بِالرِّضَا فِي الْمُكَاتَبِ وَبِالْقَضَاءِ فِي الْآخَرِينَ لِقِيَامِ الْمَالِيَّةِ اهـ. (قَوْلُهُ قَبْلَ الْبَيْعِ) وَتَنْفَسِخُ الْكِتَابَةُ فِي ضِمْنِهِ؛ لِأَنَّ اللُّزُومَ كَانَ لِحَقِّهِ وَقَدْ رَضِيَ بِإِسْقَاطِهِ، أَمَّا إذَا بَاعَهُ بِغَيْرِ رِضَاهُ فَأَجَازَهُ لَمْ يَجُزْ رِوَايَةً وَاحِدَةً؛ لِأَنَّ إجَازَتَهُ لَمْ تَتَضَمَّنْ فَسْخَ الْكِتَابَةِ قَبْلَ الْعَقْدِ كَذَا فِي السِّرَاجِ وَفِي الْخَانِيَّةِ لَوْ بِيعَ بِغَيْرِ رِضَاهُ فَأَجَازَ بَيْعَ مَوْلَاهُ لَمْ يَنْفُذْ فِي الصَّحِيحِ مِنْ الرِّوَايَةِ وَعَلَيْهِ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ نَهْرٌ. قُلْت: لَكِنْ ذَكَرَ فِي الْهِدَايَةِ آخَرَ الْبَابِ فِيمَا لَوْ جَمَعَ بَيْنَ عَبْدٍ وَمُدَبَّرٍ، وَتَبِعَهُ فِي الْبَحْرِ وَالْفَتْحِ أَنَّ الْبَيْعَ فِي هَؤُلَاءِ مَوْقُوفٌ وَقَدْ دَخَلُوا تَحْتَ الْعَقْدِ لِقِيَامِ الْمَالِيَّةِ: وَلِهَذَا يَنْفُذُ فِي الْمُكَاتَبِ بِرِضَاهُ فِي الْأَصَحِّ، وَفِي الْمُدَبَّرِ بِقَضَاءِ الْقَاضِي وَكَذَا فِي أُمِّ الْوَلَدِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ اهـ، فَقَوْلُهُ مَوْقُوفٌ مُخَالِفٌ لِقَوْلِهِ هُنَا بَاطِلٌ، وَقَوْلُهُ يَنْفُذُ فِي الْمُكَاتَبِ بِرِضَاهُ فِي الْأَصَحِّ مُخَالِفٌ لِلْمَذْكُورِ عَنْ السِّرَاجِ وَالْخَانِيَّةِ، وَبِهَذَا يَتَأَيَّدُ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْكَمَالِ. وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ قَوْلَهُ يَنْفُذُ فِي الْمُكَاتَبِ بِرِضَاهُ فِي الْأَصَحِّ أَيْ رِضَاهُ وَقْتَ الْبَيْعِ فَيَكُونُ مَوْقُوفًا فِي الِابْتِدَاءِ عَلَى رِضَاهُ فَلَوْ لَمْ يَرْضَ كَانَ بَاطِلًا، وَبِهَذَا تَنْتَفِي الْمُخَالَفَةُ بَيْنَ كَلَامَيْهِ، لَكِنَّ هَذَا الْجَوَابَ لَا يَتَأَتَّى فِي عِبَارَةِ ابْنِ الْكَمَالِ فَتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ قُلْت الْأَوْجَهُ إلَخْ) أَيْ إذَا قَضَى بِنَفَاذِ بَيْعِ أُمِّ الْوَلَدِ قَاضٍ يَرَاهُ لَا يَنْفُذُ فَإِذَا رُفِعَ إلَى قَاضٍ آخَرَ فَأَمْضَاهُ نَفَذَ الْأَوَّلُ وَإِنْ رَدَّهُ ارْتَدَّ وَقَدَّمْنَا تَحْقِيقَ ذَلِكَ فِي بَابِ الِاسْتِيلَادِ (قَوْلُهُ فَلْيَكُنْ التَّوْفِيقُ) بِحَمْلِ مَا فِي الْبَحْرِ عَلَى مَا قَبْلَ الْإِمْضَاءِ، وَمَا فِي الْفَتْحِ عَلَى مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ وَلَدُ هَؤُلَاءِ كَهُمْ) أَيْ وَلَدُ أُمِّ الْوَلَدِ مِنْ غَيْرِ سَيِّدِهَا، بِأَنْ زَوَّجَهَا فَوَلَدَتْ بَعْدَ مَا وَلَدَتْ مِنْ سَيِّدِهَا وَكَذَا وَلَدُ الْمُدَبَّرِ أَوْ الْمُكَاتَبِ الْمَوْلُودُ بَعْدَ التَّدْبِيرِ وَالْكِتَابَةِ، وَقَوْلُهُ كَهُمْ: أَيْ فِي حُكْمِهِمْ، وَفِيهِ إدْخَالُ الْكَافِ عَلَى الضَّمِيرِ وَهُوَ قَلِيلٌ (قَوْلُهُ وَبَيْعُ مُبَعَّضٍ) أَيْ مُعْتَقِ الْبَعْضِ كَبَيْعِ الْحُرِّ.
(قَوْلُهُ ابْنُ كَمَالٍ) وَنَصُّهُ التَّقَوُّمُ عَلَى مَا ذَكَرَ فِي التَّلْوِيحِ ضَرْبَانِ: عُرْفِيٌّ وَهُوَ بِالْإِحْرَازِ، فَغَيْرُ الْمُحْرَزِ كَالصَّيْدِ وَالْحَشِيشِ لَيْسَ بِمُتَقَوِّمٍ، وَشَرْعِيٌّ وَهُوَ بِإِبَاحَةِ الِانْتِفَاعِ بِهِ وَهُوَ الْمُرَادُ هَهُنَا مَنْفِيًّا. اهـ أَيْ هُوَ الْمُرَادُ بِالتَّقَوُّمِ الْمَنْفِيِّ هُنَا (قَوْلُهُ كَخَمْرٍ) قَيَّدَ بِهَا؛ لِأَنَّ بَيْعَ مَا سِوَاهَا مِنْ الْأَشْرِبَةِ الْمُحَرَّمَةِ جَائِزٌ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ نَهْرٌ (قَوْلُهُ وَمَيْتَةٌ لَمْ تَمُتْ حَتْفَ أَنْفِهَا) هَذَا فِي حَقِّ الْمُسْلِمِ، أَمَّا الذِّمِّيُّ فَفِي رِوَايَةٍ بَيْعُهَا صَحِيحٌ وَفِي أُخْرَى فَاسِدٌ، كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْبَحْرِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ اخْتِلَافَ الرِّوَايَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute