بَلْ بِالْخَنْقِ وَنَحْوِهِ فَإِنَّهَا مَالٌ عِنْدَ الذِّمِّيِّ كَخَمْرٍ وَخِنْزِيرٍ، وَهَذَا إنْ بِيعَتْ (بِالثَّمَنِ) أَيْ بِالدَّيْنِ كَدَرَاهِمَ وَدَنَانِيرَ وَمَكِيلٍ وَمَوْزُونٍ بَطَلَ فِي الْكُلِّ، وَإِنْ بِيعَتْ بِعَيْنٍ كَعَرْضٍ بَطَلَ فِي الْخَمْرِ وَفَسَدَ فِي الْعَرْضِ فَيَمْلِكُهُ بِالْقَبْضِ بِقِيمَتِهِ ابْنُ كَمَالٍ.
(وَ) بَطَلَ (بَيْعُ قِنٍّ ضُمَّ إلَى حُرٍّ وَذَكِيَّةٍ ضُمَّتْ إلَى مَيْتَةٍ مَاتَتْ حَتْفَ أَنْفِهَا) قَيَّدَ بِهِ لِتَكُونَ كَالْحُرِّ (وَإِنْ سَمَّى ثَمَنَ كُلٍّ) أَيْ فَصَّلَ الثَّمَنَ خِلَافًا لَهُمَا، وَمَبْنَى الْخِلَافِ أَنَّ الصَّفْقَةَ لَا تَتَعَدَّدُ بِمُجَرَّدِ تَفْصِيلِ الثَّمَنِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ تَكْرَارِ لَفْظِ الْعَقْدِ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا، وَظَاهِرُ النِّهَايَةِ يُفِيدُ أَنَّهُ فَاسِدٌ (بِخِلَافِ بَيْعِ قِنٍّ ضُمَّ إلَى مُدَبَّرٍ) أَوْ نَحْوِهِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ
ــ
[رد المحتار]
فِي الْمَيْتَةِ فَقَطْ، أَمَّا الْخَمْرُ فَصَحِيحٌ.
(قَوْلُهُ وَنَحْوِهِ) كَالْجُرْحِ، وَالضَّرْبُ مِنْ أَسْبَابِ الْمَوْتِ سِوَى الذَّكَاةِ الشَّرْعِيَّةِ (قَوْلُهُ فَإِنَّهَا) أَيْ الْمَيْتَةَ الْمَذْكُورَةَ، أَمَّا الَّتِي مَاتَتْ حَتْفَ أَنْفِهَا فَهِيَ غَيْرُ مَالٍ عِنْدَ الْكُلِّ فَلِذَا بَطَلَ بَيْعُهَا فِي حَقِّ الْكُلِّ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ وَهَذَا) أَيْ الْحُكْمُ الْمَذْكُورُ بِبُطْلَانِ الْبَيْعِ بِلَا تَفْصِيلٍ (قَوْلُهُ أَيْ بِالدَّيْنِ) أَيْ مَا يَصِحُّ أَنْ يَثْبُتَ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ. قَالَ ابْنُ كَمَالٍ: إنَّمَا قَالَ بِالدَّيْنِ دُونَ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ أَعَمُّ مِنْهُ، وَالْمُعْتَبَرُ الْمُقَابَلَةُ بِهِ دُونَ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ بَطَلَ فِي الْكُلِّ) ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ هُوَ الْأَصْلُ وَلَيْسَ مَحَلًّا لِلتَّمْلِيكِ فَبَطَلَ فِيهِ فَكَذَا فِي الثَّمَنِ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الثَّمَنُ عَيْنًا فَإِنَّهُ مَبِيعٌ مِنْ وَجْهٍ مَقْصُودٍ بِالتَّمَلُّكِ وَلَكِنْ فَسَدَتْ التَّسْمِيَةُ فَوَجَبَتْ قِيمَتُهُ دُونَ الْخَمْرِ الْمُسَمَّى (قَوْلُهُ بَطَلَ فِي الْخَمْرِ) أَيْ وَفِي أَخَوَيْهِ كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ الْمَتْنِ وَالزَّيْلَعِيِّ سَائِحَانِيٌّ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَالْحَاصِلُ أَنَّ بَيْعَ الْخَمْرِ بَاطِلٌ مُطْلَقًا، وَإِنَّمَا الْكَلَامُ فِيمَا قَابَلَهُ فَإِنْ دَيْنًا كَانَ بَاطِلًا أَيْضًا، وَإِنْ عَرْضًا كَانَ فَاسِدًا ثُمَّ قَالَ، وَقَيَّدْنَا بِالْمُسْلِمِ؛ لِأَنَّ أَهْلَ الذِّمَّةِ لَا يُمْنَعُونَ مِنْ بَيْعِهَا لِاعْتِقَادِهِمْ الْحِلَّ وَالتَّمَوُّلَ وَقَدْ أُمِرْنَا بِتَرْكِهِمْ وَمَا يَدِينُونَ، وَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ اهـ مُلَخَّصًا. وَظَاهِرُهُ الْحُكْمُ بِصِحَّةِ بَيْعِهَا فِيمَا بَيْنَهُمْ وَلَوْ بِيعَتْ بِالثَّمَنِ، وَيَشْهَدُ لَهُ فُرُوعٌ ذَكَرَهَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ بِقِيمَتِهِ) لَمْ يَذْكُرْ ابْنُ كَمَالٍ الْقِيمَةَ وَإِنْ كَانَتْ مُرَادَةً ط.
(قَوْلُهُ ضُمَّ إلَى حُرٍّ) وَلَوْ مُبَعَّضًا كَمُعْتَقِ الْبَعْضِ كَمَا مَرَّ فِي بَابِ عِتْقِ الْبَعْضِ (قَوْلُهُ لِتَكُونَ كَالْحُرِّ) أَيْ فَلَا تَكُونُ مَالًا أَصْلًا، أَمَّا لَوْ مَاتَتْ بِخَنْقٍ أَوْ نَحْوِهِ فَهِيَ مَالٌ غَيْرُ مُتَقَوِّمٍ كَمَا مَرَّ آنِفًا فَيَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ الْبَيْعُ فِيمَا ضُمَّ إلَيْهَا كَبَيْعِ قِنٍّ ضُمَّ إلَى مُدَبَّرٍ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ خِلَافًا لَهُمَا) فَعِنْدَهُمَا إذَا فُصِلَ ثَمَنُ كُلٍّ جَازَ فِي الْقِنِّ وَالذَّكِيَّةِ بِحِصَّتِهَا مِنْ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّ الصَّفْقَةَ تَصِيرُ مُتَعَدِّدَةً مَعْنًى فَلَا يَسْرِي الْفَسَادُ مِنْ إحْدَاهُمَا إلَى الْأُخْرَى (قَوْلُهُ وَظَاهِرُ النِّهَايَةِ يُفِيدُ أَنَّهُ فَاسِدٌ) أَيْ مَا ضُمَّ إلَى الْحُرِّ وَالْمَيْتَةِ وَهُوَ الْقِنُّ وَالذَّكِيَّةُ، وَعَزَاهُ الْقُهُسْتَانِيُّ لِلْمُحِيطِ وَالْمَبْسُوطِ وَغَيْرِهِمَا. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْفَاسِدِ الْبَاطِلُ، فَيُوَافِقُ مَا فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ التَّصْرِيحِ بِالْبُطْلَانِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ) (بَيْعِ قِنٍّ ضُمَّ إلَى مُدَبَّرٍ) كَمُكَاتَبٍ وَأُمِّ وَلَدٍ كَمَا فِي الْفَتْحِ أَيْ فَيَصِحُّ فِي الْقِنِّ بِحِصَّتِهِ؛ لِأَنَّ الْمُدَبَّرَ مَحَلٌّ لِلْبَيْعِ عِنْدَ الْبَعْضِ فَيَدْخُلُ فِي الْعَقْدِ ثُمَّ يَخْرُجُ فَيَكُونُ الْبَيْعُ بِالْحِصَّةِ فِي الْبَقَاءِ دُونَ الِابْتِدَاءِ، وَفَائِدَةُ ذَلِكَ تَصْحِيحُ كَلَامِ الْعَاقِلِ مِنْ رِعَايَةِ حَقِّ الْمُدَبَّرِ ابْنُ كَمَالٍ.
قُلْت: وَمَعْنَى الْبَيْعِ بِالْحِصَّةِ بَقَاءً أَنَّهُ لَمَّا خَرَجَ الْمُدَبَّرُ صَارَ الْقِنُّ مَبِيعًا بِحِصَّتِهِ مَعَ الثَّمَنِ، بِأَنْ يُقْسَمَ الثَّمَنُ عَلَى قِيمَتِهِ وَقِيمَةِ الْمُدَبَّرِ فَمَا أَصَابَ الْقِنُّ فَهُوَ ثَمَنُهُ وَهَذَا بِخِلَافِ ضَمِّ الْقِنِّ إلَى الْحُرِّ فَإِنَّ فِيهِ الْبَيْعَ بِالْحِصَّةِ ابْتِدَاءً؛ لِأَنَّ الْحُرَّ لَمْ يَدْخُلْ فِي الْعَقْدِ لِعَدَمِ مَالِيَّتِهِ.
[تَنْبِيهٌ] تَقَدَّمَ أَنَّ بَيْعَ الْمُدَبَّرِ وَنَحْوِهِ بَاطِلٌ لِعَدَمِ دُخُولِهِ فِي الْعَقْدِ، وَهَهُنَا إنَّمَا دَخَلَ لِتَصْحِيحِ الْعَقْدِ فِيمَا ضُمَّ إلَيْهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute