(أَوْ) (قِنُّ غَيْرِهِ وَمِلْكٍ ضُمَّ إلَى وَقْفٍ) غَيْرِ الْمَسْجِدِ الْعَامِرِ فَإِنَّهُ كَالْحُرِّ بِخِلَافِ الْغَامِرِ: بِالْمُعْجَمَةِ الْخَرَابِ فَكَمُدَبَّرٍ أَشْبَاهٌ. مِنْ قَاعِدَةِ: إذَا اجْتَمَعَ الْحَرَامُ وَالْحَلَالُ (وَلَوْ مَحْكُومًا بِهِ) فِي الْأَصَحِّ
ــ
[رد المحتار]
قَالَ فِي الْهِدَايَةِ هُنَاكَ: فَصَارَ كَمَالِ الْمُشْتَرِي لَا يَدْخُلُ فِي حُكْمِ عَقْدِهِ بِانْفِرَادِهِ وَإِنَّمَا يَثْبُتُ حُكْمُ الدُّخُولِ فِيمَا ضُمَّ إلَيْهِ اهـ أَيْ إذَا ضَمَّ الْبَائِعُ إلَيْهِ مَالَ نَفْسِهِ وَبَاعَهُمَا لَهُ صَفْقَةً وَاحِدَةً يَجُوزُ الْبَيْعُ فِي الْمَضْمُومِ بِالْحِصَّةِ مِنْ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى عَلَى الْأَصَحِّ وَإِنْ قِيلَ إنَّهُ لَا يَصِحُّ أَصْلًا فِي شَيْءٍ فَتْحٌ.
مَطْلَبٌ فِيمَا إذَا اشْتَرَى أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ جَمِيعَ الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ مِنْ شَرِيكِهِ قُلْت: عُلِمَ مِنْ هَذَا مَا يَقَعُ كَثِيرًا، وَهُوَ أَنَّ أَحَدَ الشَّرِيكَيْنِ فِي دَارٍ وَنَحْوهَا يَشْتَرِي مِنْ شَرِيكِهِ جَمِيعَ الدَّارِ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ فَإِنَّهُ يَصِحُّ عَلَى الْأَصَحِّ بِحِصَّةِ شَرِيكِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَهِيَ حَادِثَةُ الْفَتْوَى فَلْتُحْفَظْ وَأَصْرَحُ مِنْ ذَلِكَ مَا سَيَأْتِي فِي الْمُرَابَحَةِ فِي مَسْأَلَةِ شِرَاءِ رَبِّ الْمَالِ مِنْ الْمُضَارِبِ مَعَ أَنَّ الْكُلَّ مَالُهُ.
(قَوْلُهُ أَوْ قِنِّ غَيْرِهِ) مَعْطُوفٌ عَلَى مُدَبَّرٍ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ) أَيْ (الْمَسْجِدَ الْعَامِرَ) قَوْلُهُ (بِخِلَافِ الْغَامِرِ بِالْمُعْجَمَةِ الْخَرَابِ) بِجَرِّ الْخَرَابِ عَلَى أَنَّهُ بَدَلٌ مِنْ الْغَامِرِ، وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَغَيْرَهُ أَيْ مِنْ سَائِرِ الْأَوْقَافِ.
مَطْلَبٌ فِي بُطْلَانِ بَيْعِ الْوَقْفِ وَصِحَّةِ بَيْعِ الْمِلْكِ الْمَضْمُومِ إلَيْهِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمَسْجِدَ قَبْلَ خَرَابِهِ كَالْحُرِّ لَيْسَ بِمَالٍ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، بِخِلَافِ بَعْدَ خَرَابِهِ لِجَوَازِ بَيْعِهِ إذَا خَرِبَ فِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ فَصَارَ مُجْتَهَدًا فِيهِ كَالْمُدَبَّرِ فَيَصِحُّ بَيْعُ مَا ضُمَّ إلَيْهِ وَمِثْلُهُ سَائِرُ الْأَوْقَافِ، وَلَوْ عَامِرَةً فَإِنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهَا عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ لِيَشْتَرِيَ بِثَمَنِهَا مَا هُوَ خَيْرٌ مِنْهَا كَمَا فِي الْمِعْرَاجِ (قَوْلُهُ فَكَمُدَبَّرٍ) أَيْ فَهُوَ بَاطِلٌ أَيْضًا قَالَ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ صَرَّحَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِبُطْلَانِ بَيْعِ الْوَقْفِ، وَأَحْسَنَ بِذَلِكَ إذْ جَعَلَهُ فِي قِسْمِ الْبَيْعِ الْبَاطِلِ، إذْ لَا خِلَافَ فِي بُطْلَانِ بَيْعِ الْوَقْفِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْبَلُ التَّمْلِيكَ وَالتَّمَلُّكَ، وَغَلِطَ مَنْ جَعَلَهُ فَاسِدًا، وَأَفْتَى بِهِ مِنْ عُلَمَاءِ الْقَرْنِ الْعَاشِرِ وَرَدَّ كَلَامَهُ بِجُمْلَةِ رَسَائِلَ. وَلَنَا فِيهِ رِسَالَةٌ هِيَ حِسَابُ الْحُكَّامِ مُتَضَمِّنَةٌ لِبَيَانِ فَسَادِ قَوْلِهِ وَبُطْلَانِ فَتْوَاهُ اهـ. وَالْغَالِطُ الْمَذْكُورُ هُوَ قَاضِي الْقُضَاةِ نُورُ الدِّينِ الطَّرَابُلُسِيُّ وَالْعَلَّامَةُ أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ الشَّلَبِيُّ كَمَا ذَكَرَهُ الشُّرُنْبُلَالِيُّ فِي رِسَالَتِهِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ وَلَوْ مَحْكُومًا بِهِ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ: تَكْمِيلٌ، قَدْ عَلِمْت أَنَّ الْأَصَحَّ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الْوَقْفِ وَالْمِلْكِ أَنَّهُ يَصِحُّ فِي الْمِلْكِ، وَقَيَّدَهُ بَعْضُ مَوَالِي الرُّومِ هُوَ مَوْلَانَا أَبُو السُّعُودِ جَامِعُ أَشْتَاتِ الْعُلُومِ تَغَمَّدَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِرِضْوَانِهِ بِمَا إذَا لَمْ يُحْكَمْ بِلُزُومِهِ فَأَفْتَى بِفَسَادِ الْبَيْعِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ، وَوَافَقَهُ بَعْضُ عُلَمَاءِ الْعَصْرِ مِنْ الْمِصْرِيِّينَ وَمِنْهُمْ شَيْخُنَا الْأَخُ إلَّا أَنَّهُ قَالَ فِي شَرْحِهِ هُنَا: يُرَدُّ عَلَيْهِ مَا صَرَّحَ بِهِ قَاضِي خَانْ مِنْ أَنَّ الْوَقْفَ بَعْدَ الْقَضَاءِ تُسْمَعُ دَعْوَى الْمِلْكِ فِيهِ وَلَيْسَ هُوَ كَالْحُرِّ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ ضُمَّ إلَى مِلْكٍ لَا يَفْسُدُ الْبَيْعُ فِي الْمِلْكِ وَهَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ، وَهَذَا لَا يُمْكِنُ تَأْوِيلُهُ فَوَجَبَ الرُّجُوعُ إلَى الْحَقِّ وَهُوَ إطْلَاقُ الْوَقْفِ؛ لِأَنَّهُ بَعْدَ الْقَضَاءِ وَإِنْ صَارَ لَازِمًا بِالْإِجْمَاعِ، لَكِنَّهُ يَقْبَلُ الْبَيْعَ بَعْدَ لُزُومِهِ إمَّا بِشَرْطِ الِاسْتِبْدَالِ عَلَى الْمُفْتَى بِهِ مِنْ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ أَوْ بِوُرُودِ غَصْبٍ عَلَيْهِ وَلَا يُمْكِنُ إنْزَاعُهُ وَنَحْوُ ذَلِكَ، وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ، وَإِلَيْهِ الْمَرْجِعُ وَالْمَآبُ اهـ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ هَهُنَا مَسْأَلَتَيْنِ: الْأُولَى أَنَّ بَيْعَ الْوَقْفِ بَاطِلٌ وَلَوْ غَيْرَ مَسْجِدٍ خِلَافًا لِمَنْ أَفْتَى بِفَسَادِهِ، لَكِنَّ الْمَسْجِدَ الْعَامِرَ كَالْحُرِّ، وَغَيْرُهُ كَالْمُدَبَّرِ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ أَنَّهُ إذَا كَانَ كَالْمُدَبَّرِ يَكُونُ بَيْعُ مَا ضُمَّ إلَيْهِ صَحِيحًا، وَلَوْ كَانَ الْوَقْفُ مَحْكُومًا بِلُزُومِهِ خِلَافًا لِمَا أَفْتَى بِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute