للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خِلَافًا لِمَا أَفْتَى بِهِ الْمُنْلَا أَبُو السُّعُودِ فَيَصِحُّ بِحِصَّتِهِ فِي الْقِنِّ وَعَبْدِهِ وَالْمِلْكِ؛ لِأَنَّهَا مَالٌ فِي الْجُمْلَةِ.

وَلَوْ بَاعَ قَرْيَةً وَلَمْ يَسْتَثْنِ الْمَسَاجِدَ وَالْمَقَابِرَ لَمْ يَصِحَّ عَيْنِيٌّ.

(كَمَا بَطَلَ) (بَيْعُ صَبِيٍّ لَا يَعْقِلُ وَمَجْنُونٍ) شَيْئًا

وَبَوْلٍ (وَرَجِيعِ آدَمِيٍّ لَمْ يَغْلِبْ عَلَيْهِ التُّرَابُ) فَلَوْ مَغْلُوبًا بِهِ جَازَ كَسِرْقِينٍ وَبَعْرٍ، وَاكْتَفَى فِي الْبَحْرِ بِمُجَرَّدِ خَلْطِهِ بِتُرَابٍ (وَشَعْرِ الْإِنْسَانِ) لِكَرَامَةِ الْآدَمِيِّ وَلَوْ كَافِرًا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ فِي بَحْثِ شَعْرِ الْخِنْزِيرِ.

(وَبَيْعُ مَا لَيْسَ فِي مِلْكِهِ) لِبُطْلَانِ بَيْعِ الْمَعْدُومِ

ــ

[رد المحتار]

الْمُفْتِي أَبُو السُّعُودِ (قَوْلُهُ فَيَصِحُّ) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَيَصِحُّ إلَخْ عَلَى وَجْهِ التَّرْتِيبِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهَا) أَيْ الْمُدَبَّرَ وَقِنَّ الْغَيْرِ وَالْوَقْفَ.

(قَوْلُهُ لَمْ يَصِحَّ) لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْمَسْجِدَ الْعَامِرَ كَالْحُرِّ فَيَبْطُلُ بَيْعُ مَا ضُمَّ إلَيْهِ، لَكِنْ نَقَلَ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُحِيطِ أَنَّ الْأَصَحَّ الصِّحَّةُ فِي الْمِلْكِ؛ لِأَنَّ مَا فِيهَا مِنْ الْمَسَاجِدِ وَالْمَقَابِرِ مُسْتَثْنًى عَادَةً اهـ أَيْ فَلَمْ يُوجَدْ ضَمُّ الْمِلْكِ إلَى الْمَسْجِدِ بَلْ الْبَيْعُ وَاقِعٌ عَلَى الْمِلْكِ وَحْدَهُ.

(قَوْلُهُ لَا يَعْقِلُ) قَيَّدَ بِهِ؛ لِأَنَّ الصَّبِيَّ الْعَاقِلَ إذَا بَاعَ أَوْ اشْتَرَى انْعَقَدَ بَيْعُهُ وَشِرَاؤُهُ مَوْقُوفًا عَلَى إجَازَةِ وَلِيِّهِ إنْ كَانَ لِنَفْسِهِ، وَنَافِذًا بِلَا عُهْدَةٍ عَلَيْهِ إنْ كَانَ لِغَيْرِهِ بِطَرِيقِ الْوِلَايَةِ ط عَنْ الْمِنَحِ، وَهَذَا إذَا بَاعَ الصَّبِيُّ الْعَاقِلُ مَالَهُ وَاشْتَرَى بِدُونِ غَبْنٍ فَاحِشٍ وَإِلَّا لَمْ يَتَوَقَّفْ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يَصِحُّ مِنْ وَلِيِّهِ عَلَيْهِ كَمَا يَأْتِي فَلَا يَصِحُّ مِنْهُ بِالْأَوْلَى (قَوْلُهُ شَيْئًا) قَدَّرَهُ لِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّ الْإِضَافَةَ فِي بَيْعِ صَبِيٍّ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ إلَى فَاعِلِهِ ط.

(قَوْلُهُ جَازَ) أَيْ بَيْعُهُ ط (قَوْلُهُ كَسِرْقِينٍ وَبَعْرٍ) فِي الْقَامُوسِ: السِّرْجِينُ وَالسِّرْقِينُ بِكَسْرِهِمَا مُعَرَّبَا سِرْكِينٍ بِالْفَتْحِ وَفَسَّرَهُ فِي الْمِصْبَاحِ بِالزِّبْلِ، قَالَ ط: وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهُمَا وَلَوْ خَالِصَيْنِ اهـ. وَفِي الْبَحْرِ عَنْ السِّرَاجِ وَيَجُوزُ بَيْعُ السِّرْقِينِ وَالْبَعْرِ وَالِانْتِفَاعُ بِهِ وَالْوُقُودُ بِهِ (قَوْلُهُ وَاكْتَفَى فِي الْبَحْرِ) حَيْثُ قَالَ كَمَا نَقَلَهُ عَنْهُ فِي الْمِنَحِ: وَلَمْ يَنْعَقِدْ بَيْعُ النَّحْلِ وَدُودِ الْقَزِّ إلَّا تَبَعًا، وَلَا بَيْعُ الْعَذِرَةِ خَالِصَةً بِخِلَافِ بَيْعِ السِّرْقِينِ وَالْمَخْلُوطَةِ بِتُرَابٍ. اهـ (قَوْلُهُ وَشَعْرِ الْإِنْسَانِ) وَلَا يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِهِ لِحَدِيثِ «لَعَنَ اللَّهُ الْوَاصِلَةَ وَالْمُسْتَوْصِلَةَ» وَإِنَّمَا يُرَخَّصُ فِيمَا يُتَّخَذُ مِنْ الْوَبَرِ فَيَزِيدُ فِي قُرُونِ النِّسَاءِ وَذَوَائِبِهِنَّ هِدَايَةٌ.

[فَرْعٌ] لَوْ أَخَذَ شَعْرَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِمَّنْ عِنْدَهُ وَأَعْطَاهُ هَدِيَّةً عَظِيمَةً لَا عَلَى وَجْهِ الْبَيْعِ فَلَا بَأْسَ بِهِ سَائِحَانِيٌّ عَنْ الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ.

مَطْلَبٌ الْآدَمِيُّ مُكَرَّمٌ شَرْعًا وَلَوْ كَافِرًا (قَوْلُهُ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ) حَيْثُ قَالَ: وَالْآدَمِيُّ مُكَرَّمٌ شَرْعًا وَإِنْ كَانَ كَافِرًا فَإِيرَادُ الْعَقْدِ عَلَيْهِ وَابْتِذَالُهُ بِهِ وَإِلْحَاقُهُ بِالْجَمَادَاتِ إذْلَالٌ لَهُ. اهـ أَيْ وَهُوَ غَيْرُ جَائِزٍ وَبَعْضُهُ فِي حُكْمِهِ وَصَرَّحَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ بِبُطْلَانِهِ ط. قُلْت وَفِيهِ أَنَّهُ يَجُوزُ اسْتِرْقَاقُ الْحَرْبِيِّ وَبَيْعُهُ وَشِرَاؤُهُ وَإِنْ أَسْلَمَ بَعْدَ الِاسْتِرْقَاقِ، إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الْمُرَادَ تَكْرِيمُ صُورَتِهِ وَخِلْقَتِهِ، وَلِذَا لَمْ يَجُزْ كَسْرُ عِظَامِ مَيِّتٍ كَافِرٍ وَلَيْسَ ذَلِكَ مَحَلَّ الِاسْتِرْقَاقِ وَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ، بَلْ مَحَلُّهُ النَّفْسُ الْحَيَوَانِيَّةُ فَلِذَا لَا يَمْلِكُ بَيْعَ لَبَنِ أَمَتِهِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ كَمَا سَيَأْتِي فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ وَبَيْعُ مَا لَيْسَ فِي مِلْكِهِ) فِيهِ أَنَّهُ يَشْمَلُ بَيْعَ مِلْكِ الْغَيْرِ لِوَكَالَةٍ أَوْ بِدُونِهَا مَعَ أَنَّ الْأَوَّلَ صَحِيحٌ نَافِذٌ وَالثَّانِي صَحِيحٌ مَوْقُوفٌ. وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بَيْعُ مَا سَيَمْلِكُهُ قَبْلَ مِلْكِهِ لَهُ ثُمَّ رَأَيْته كَذَلِكَ فِي الْفَتْحِ فِي أَوَّلِ فَصْلِ بَيْعِ الْفُضُولِيِّ، وَذَكَرَ أَنَّ سَبَبَ النَّهْيِ فِي الْحَدِيثِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ لِبُطْلَانِ بَيْعِ الْمَعْدُومِ) إذْ مِنْ شَرْطِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ: أَنْ يَكُونَ مَوْجُودًا مَالًا مُتَقَوِّمًا مَمْلُوكًا فِي نَفْسِهِ، وَأَنْ يَكُونَ مِلْكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>