للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَعَلَّ هَذَا فِي زَمَانِهِمْ، وَأَمَّا فِي زَمَانِنَا فَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ كَمَا لَا يَخْفَى

(وَجِلْدِ مَيْتَةٍ قَبْلَ الدَّبْغِ) لَوْ بِالْعَرْضِ، وَلَوْ بِالثَّمَنِ فَبَاطِلٌ، وَلَمْ يُفَصِّلْهُ هَهُنَا اعْتِمَادًا عَلَى مَا سَبَقَ قَالَهُ الْوَانِيُّ فَلْيُحْفَظْ (وَبَعْدَهُ) أَيْ الدَّبْغِ (يُبَاعُ) إلَّا جِلْدَ إنْسَانٍ وَخِنْزِيرٍ وَحَيَّةٍ (وَيُنْتَفَعُ بِهِ) لِطَهَارَتِهِ حِينَئِذٍ (لِغَيْرِ الْأَكْلِ) وَلَوْ جِلْدَ مَأْكُولٍ عَلَى الصَّحِيحِ سِرَاجٌ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} [المائدة: ٣]- وَهَذَا جُزْؤُهَا.

وَفِي الْمَجْمَعِ: وَنُجِيزُ بَيْعَ الدُّهْنِ الْمُتَنَجِّسِ وَالِانْتِفَاعَ بِهِ فِي غَيْرِ الْأَكْلِ بِخِلَافِ الْوَدَكِ (كَمَا يُنْتَفَعُ بِمَا لَا تَحُلُّهُ حَيَاةٌ مِنْهَا) كَعَصَبِهَا وَصُوفِهَا كَمَا مَرَّ فِي الطَّهَارَةِ.

(وَ) فَسَدَ (شِرَاءُ مَا بَاعَ

ــ

[رد المحتار]

النَّاسِ (قَوْلُهُ وَلَعَلَّ هَذَا) أَيْ حِلَّ الِانْتِفَاعِ بِهِ لِضَرُورَةِ الْخَرْزِ (قَوْلُهُ أَمَّا فِي زَمَانِنَا فَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ) لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ بِالْمَخَارِزِ وَالْإِبَرِ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ مَنْعُ الِانْتِفَاعِ بِهِ عِنْدَ عَدَمِ الضَّرُورَةِ بِأَنْ أَمْكَنَ الْخَرْزُ بِغَيْرِهِ ط.

(قَوْلُهُ وَجِلْدِ مَيْتَةٍ) قَيَّدَ بِهَا؛ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ مَذْبُوحَةً فَبَاعَ لَحْمَهَا أَوْ جِلْدَهَا جَازَ؛ لِأَنَّهُ يَطْهُرُ بِالذَّكَاةِ إلَّا الْخِنْزِيرَ خَانِيَّةٌ (قَوْلُهُ لَوْ بِالْعَرْضِ إلَخْ) أَيْ أَنَّ بَيْعَهُ فَاسِدٌ لَوْ بِيعَ بِالْعَرْضِ. وَذَكَرَ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ قَوْلَيْنِ فِي فَسَادِ الْبَيْعِ وَبُطْلَانِهِ. قُلْت: وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ التَّفْصِيلِ يَصْلُحُ تَوْفِيقًا بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ، لَكِنَّهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى ثُبُوتِ كَوْنِهِ مَالًا فِي الْجُمْلَةِ كَالْخَمْرِ وَالْمَيْتَةِ لَا بِحَتْفِ أَنْفِهَا، مَعَ أَنَّ الزَّيْلَعِيَّ عَلَّلَ عَدَمَ جَوَازِ بَيْعِهِ بِأَنَّ نَجَاسَتَهُ مِنْ الرُّطُوبَةِ الْمُتَّصِلَةِ بِهِ بِأَصْلِ الْخِلْقَةِ فَصَارَ حُكْمَ الْمَيْتَةِ. زَادَ فِي الْفَتْحِ: فَيَكُونُ نَجِسَ الْعَيْنِ، بِخِلَافِ الثَّوْبِ أَوْ الدُّهْنِ الْمُتَنَجِّسِ حَيْثُ جَازَ بَيْعُهُ لِعُرُوضِ نَجَاسَتِهِ، وَهَذَا يُفِيدُ بُطْلَانَ بَيْعِهِ مُطْلَقًا، وَلِذَا ذَكَرَ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّة عَنْ الْبُرْهَانِ أَنَّ الْأَظْهَرَ الْبُطْلَانُ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ اعْتِمَادًا عَلَى مَا سَبَقَ) أَيْ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ تَبَعًا لِلدُّرَرِ وَبَطَلَ بَيْعُ مَالٍ غَيْرِ مُتَقَوِّمٍ كَخَمْرٍ وَخِنْزِيرٍ وَمَيْتَةٍ لَمْ تَمُتْ حَتْفَ أَنْفِهَا بِالثَّمَنِ (قَوْلُهُ إلَّا جِلْدَ إنْسَانٍ إلَخْ) فَلَا يُبَاعُ وَإِنْ دُبِغَ لِكَرَامَتِهِ، وَفِي الْبَاقِي لِإِهَانَتِهِ وَلِعَدَمِ عَمَلِ الدِّبَاغَةِ فِيهِ كَمَا مَرَّ فِي مَحَلِّهِ.

(قَوْلُهُ وَيُنْتَفَعُ بِهِ) أَيْ بِالْجِلْدِ بَعْدَ دَبْغِهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ جِلْدَ مَأْكُولٍ عَلَى الصَّحِيحِ) وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَجُوزُ أَكْلُهُ؛ لِأَنَّهُ طَاهِرٌ كَجِلْدِ الشَّاةِ الْمُذَكَّاةِ، أَمَّا جِلْدُ غَيْرِ الْمَأْكُولِ كَالْحِمَارِ لَا يَجُوزُ أَكْلُهُ إجْمَاعًا؛ لِأَنَّ الدَّبْغَ فِيهِ لَيْسَ بِأَقْوَى مِنْ الذَّكَاةِ وَذَكَاتُهُ لَا تُبِيحُهُ فَكَذَا دَبْغُهُ أَفَادَهُ الْمُصَنِّفُ ط (قَوْلُهُ وَنُجِيزُ بَيْعَ الدُّهْنِ الْمُتَنَجِّسِ) عِبَارَةُ الْمَجْمَعِ: النَّجِسِ، لَكِنَّ مُرَادَهُ الْمُتَنَجِّسُ: أَيْ مَا عَرَضَتْ لَهُ النَّجَاسَةُ، وَأَشَارَ بِالْفِعْلِ الْمُضَارِعِ الْمُسْنَدِ لِضَمِيرِ الْجَمَاعَةِ إلَى خِلَافِ الشَّافِعِيِّ كَمَا هُوَ اصْطِلَاحُهُ (قَوْلُهُ فِي غَيْرِ الْأَكْلِ) كَالِاسْتِصْبَاحِ وَالدِّبَاغَةِ وَغَيْرِهِمَا ابْنُ مَلَكٍ، وَقَيَّدُوا الِاسْتِصْبَاحَ بِغَيْرِ الْمَسْجِدِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْوَدَكِ) أَيْ دُهْنِ الْمَيْتَةِ؛ لِأَنَّهُ جُزْؤُهَا فَلَا يَكُونُ مَالًا ابْنُ مَلَكٍ: أَيْ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ اتِّفَاقًا، وَكَذَا الِانْتِفَاعُ بِهِ لِحَدِيثِ الْبُخَارِيِّ «إنَّ اللَّهَ حَرَّمَ بَيْعَ الْخَمْرِ وَالْمَيْتَةِ وَالْخِنْزِيرِ وَالْأَصْنَامِ، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْت شُحُومَ الْمَيْتَةِ فَإِنَّهُ يُطْلَى بِهَا السُّفُنُ وَيُدْهَنُ بِهَا الْجُلُودُ وَيَسْتَصْبِحُ بِهَا النَّاسُ؟ قَالَ: لَا، هُوَ حَرَامٌ» الْحَدِيثَ (قَوْلُهُ كَعَصَبِهَا وَصُوفِهَا) أَدْخَلَتْ الْكَافُ عَظْمَهَا وَشَعْرَهَا وَرِيشَهَا وَمِنْقَارَهَا وَظِلْفَهَا وَحَافِرَهَا فَإِنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ طَاهِرَةٌ لَا تَحُلُّهَا الْحَيَاةُ فَلَا يَحُلُّهَا الْمَوْتُ، وَيَجُوزُ بَيْعُ عَظْمِ الْفِيلِ وَالِانْتِفَاعُ بِهِ فِي الْحَمْلِ وَالرُّكُوبِ وَالْمُقَاتَلَةِ مِنَحٌ مُلَخَّصًا ط.

(قَوْلُهُ وَفَسَدَ شِرَاءُ مَا بَاعَ إلَخْ) أَيْ لَوْ بَاعَ شَيْئًا وَقَبَضَهُ الْمُشْتَرِي وَلَمْ يَقْبِضْ الْبَائِعُ الثَّمَنَ فَاشْتَرَاهُ بِأَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ لَا يَجُوزُ زَيْلَعِيٌّ: أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الثَّمَنُ الْأَوَّلُ حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا هِدَايَةٌ، وَقَيَّدَ بِقَوْلِهِ وَقَبَضَهُ؛ لِأَنَّ بَيْعَ الْمَنْقُولِ قَبْلَ قَبْضِهِ لَا يَجُوزُ وَلَوْ مِنْ بَائِعِهِ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ، وَالْمَقْصُودُ بَيَانُ الْفَسَادِ بِالشِّرَاءِ بِالْأَقَلِّ مِنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ قَالَ فِي الْبَحْرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>