للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَيَبْطُلُ بَيْعُهُ ابْنُ كَمَالٍ (وَ) إنْ (جَازَ الِانْتِفَاعُ بِهِ) لِضَرُورَةِ الْخَرْزِ؛ حَتَّى لَوْ لَمْ يُوجَدْ بِلَا ثَمَنٍ جَازَ الشِّرَاءُ لِلضَّرُورَةِ وَكُرِهَ الْبَيْعُ فَلَا يَطِيبُ ثَمَنُهُ وَيُفْسِدُ الْمَاءَ عَلَى الصَّحِيحِ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ، قِيلَ هَذَا فِي الْمَنْتُوفِ، أَمَّا الْمَجْزُوزُ فَطَاهِرٌ عِنَايَةٌ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ يُكْرَهُ الْخَرْزُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ نَجِسٌ، وَلِذَا لَمْ يَلْبَسْ السَّلَفُ مِثْلَ هَذَا الْخُفِّ ذَكَرَهُ الْقُهُسْتَانِيُّ

ــ

[رد المحتار]

فِي الْفَتْحِ عَلَى هَذَا التَّعْلِيلِ بَيْعَ السِّرْقِينِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ لِلِانْتِفَاعِ بِهِ مَعَ أَنَّهُ نَجِسُ الْعَيْنِ اهـ. قَالَ فِي النَّهْرِ: بَلْ الصَّحِيحُ عَنْ الْإِمَامِ أَنَّ الِانْتِفَاعَ بِالْعَذِرَةِ الْخَالِصَةِ جَائِزٌ كَمَا سَيَأْتِي - إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْكَرَاهِيَةِ. اهـ أَيْ مَعَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا خَالِصَةً كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ فَيَبْطُلُ بَيْعُهُ) نَقَلَهُ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ أَيْضًا عَنْ الْبُرْهَانِ، وَفِيهِ تَوَرُّكٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ حَيْثُ عَدَّهُ فِي الْفَاسِدِ، لَكِنْ قَدْ يُقَالُ: إنَّهُ مَالٌ فِي الْجُمْلَةِ حَتَّى قَالَ مُحَمَّدٌ بِطَهَارَتِهِ لِضَرُورَةِ الْخَرْزِ بِهِ لِلنِّعَالِ وَالْأَخْفَافِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ لِضَرُورَةِ الْخَرْزِ) فَإِنَّ فِي مَبْدَإِ شَعْرِهِ صَلَابَةً قَدْرَ أُصْبُعٍ وَبَعْدَهُ لِينٌ يَصْلُحُ لِوَصْلِ الْخَيْطِ بِهِ قُهُسْتَانِيٌّ ط (قَوْلُهُ وَكَرِهَ الْبَيْعَ) ؛ لِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ لِلْبَائِعِ زَيْلَعِيٌّ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْبَيْعَ صَحِيحٌ. وَفِيهِ أَنَّ جَوَازَ إقْدَامِ الْمُشْتَرِي عَلَى الشِّرَاءِ لِلضَّرُورَةِ لَا يُفِيدُ صِحَّةَ الْبَيْعِ، كَمَا لَوْ اُضْطُرَّ إلَى دَفْعِ مَرْشُوَّةٍ لِإِحْيَاءِ حَقِّهِ جَازَ لَهُ الدَّفْعُ وَحَرُمَ عَلَى الْقَابِضِ، وَكَذَا لَوْ اُضْطُرَّ إلَى شِرَاءِ مَالِهِ مِنْ غَاصِبٍ مُتَغَلِّبٍ لَا يُفِيدُ ذَلِكَ صِحَّةَ الْبَيْعِ حَتَّى لَا يَمْلِكَ الْبَائِعُ الثَّمَنَ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ فَلَا يَطِيبُ ثَمَنُهُ) مُقْتَضَى مَا بَحَثْنَاهُ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ (قَوْلُهُ عَلَى الصَّحِيحِ) أَيْ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الضَّرُورَةِ لَا يَتَعَدَّاهَا وَهِيَ فِي الْخَرْزِ فَتَكُونُ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ فَقَطْ كَذَلِكَ، وَمَا ذُكِرَ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ مِنْ جَوَازِ صَلَاةِ الْخَرَّازِينَ مَعَ شَعْرِ الْخِنْزِيرِ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ يَنْبَغِي أَنْ يُخَرَّجَ عَلَى الْقَوْلِ بِطَهَارَتِهِ فِي حَقِّهِمْ. أَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ فَلَا وَهُوَ الْوَجْهُ فَإِنَّ الضَّرُورَةَ لَمْ تَدْعُهُمْ إلَى أَنْ يَعْلَقَ بِهِمْ بِحَيْثُ لَا يَقْدِرُونَ عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنْهُ وَيَجْتَمِعَ فِي ثِيَابِهِمْ هَذَا الْمِقْدَارُ فَتْحٌ.

(قَوْلُهُ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ) رَاجِعٌ إلَى قَوْلِهِ وَيَفْسُدُ الْمَاءُ أَيْ فَإِنَّهُ لَا يَفْسُدُ عِنْدَهُ. قَالَ الزَّيْلَعِيُّ؛ لِأَنَّ إطْلَاقَ الِانْتِفَاعِ بِهِ دَلِيلُ طَهَارَتِهِ اهـ وَهَذَا يُفِيدُ عَدَمَ تَقْيِيدِ حِلِّ الِانْتِفَاعِ بِهِ بِالضَّرُورَةِ وَيُفِيدُ جَوَازَ بَيْعِهِ؛ وَلِذَا قَالَ فِي النَّهْرِ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَطِيبَ لِلْبَائِعِ الثَّمَنُ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ (قَوْلُهُ قِيلَ هَذَا) أَيْ الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ فِي نَجَاسَتِهِ وَطَهَارَتِهِ وَأَشَارَ بِقِيلِ إلَى ضَعْفِهِ إذْ الْمَنْتُوفُ يُفْسِدُ الْمَاءَ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ الْخِنْزِيرِ لِاتِّصَالِ اللَّحْمِ النَّجِسِ بِمَحَلِّ النَّتْفِ مِنْهُ، وَلَوْ قِيلَ إنَّ الْخِلَافَ فِي الْمَجْزُوزِ، أَمَّا الْمَنْتُوفُ فَغَيْرُ طَاهِرٍ لَكَانَ لَهُ وَجْهٌ (قَوْلُهُ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ إلَخْ) مُقَابِلُ قَوْلِ الْمَتْنِ وَجَازَ الِانْتِفَاعُ بِهِ. قَالَ الزَّيْلَعِيُّ: وَالْأَوَّلُ هُوَ الظَّاهِرُ؛ لِأَنَّ الضَّرُورَةَ تُبِيحُ لَحْمَهُ فَالشَّعْرُ أَوْلَى اهـ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ نَجِسٌ) فِيهِ أَنَّ النَّجَاسَةَ لَا تُنَافِي حِلَّ الِانْتِفَاعِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ كَمَا عَلِمْت، لَكِنْ عَلَّلَ الزَّيْلَعِيُّ لِلْكَرَاهَةِ بِأَنَّ الْخَرْزَ يَتَأَتَّى بِغَيْرِهِ، وَمِثْلُهُ فِي الْفَتْحِ؛ وَحَيْثُ تَأَتَّى بِغَيْرِهِ فَلَا ضَرُورَةَ فَلَا يَحِلُّ الِانْتِفَاعُ بِالنَّجِسِ. قَالَ فِي الْفَتْحِ: إلَّا أَنْ يُقَالَ ذَلِكَ فَرْدٌ تَحَمَّلَ مَشَقَّةً فِي خَاصَّةِ نَفْسِهِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُلْزِمَ الْعُمُومُ حَرَجًا مِثْلَهُ اهـ.

وَحَاصِلُهُ أَنَّ تَأَتِّي الْخَرْزِ بِغَيْرِهِ مِنْ شَخْصٍ حَمَّلَ نَفْسَهُ مَشَقَّةً فِي ذَلِكَ لَا تَزُولُ بِهِ ضَرُورَةَ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهِ مِنْ عَامَّةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>