للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِلَّا إذَا أَبَقَ مِنْ الْغَاصِبِ فَبَاعَهُ الْمَالِكُ مِنْهُ فَإِنَّهُ يَصِحُّ لِعَدَمِ لُزُومِ التَّسْلِيمِ ذَخِيرَةٌ (وَلَوْ بَاعَهُ ثُمَّ عَادَ) وَسَلَّمَهُ (يَتِمُّ الْبَيْعُ) عَلَى الْقَوْلِ بِفَسَادِهِ، وَرَجَّحَهُ الْكَمَالُ (وَقِيلَ لَا) يَتِمُّ (عَلَى) الْقَوْلِ بِبُطْلَانِهِ وَهُوَ (الْأَظْهَرُ) مِنْ الرِّوَايَةِ وَاخْتَارَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا، وَبِهِ كَانَ يُفْتِي الْبَلْخِيّ وَغَيْرُهُ بَحْرٌ وَابْنُ كَمَالٍ

. (وَلَبَنِ امْرَأَةٍ) وَلَوْ (فِي وِعَاءٍ وَلَوْ أَمَةً) عَلَى الْأَظْهَرِ؛ لِأَنَّهُ جُزْءُ آدَمِيٍّ وَالرِّقُّ مُخْتَصٌّ بِالْحَيِّ وَلَا حَيَاةَ فِي اللَّبَنِ فَلَا يُحِلُّهُ الرِّقُّ

(وَشَعْرِ الْخِنْزِيرِ) لِنَجَاسَةِ عَيْنِهِ

ــ

[رد المحتار]

فَيَصِيرُ الْآنَ قَابِضًا بِالتَّخْلِيَةِ، فَإِذَا هَلَكَ بَعْدَهُ هَلَكَ مِنْ مَالِهِ وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ حَبْسُ الْعَيْنِ بِالثَّمَنِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ رَاضِيًا بِقَبْضِ الْمُشْتَرِي دَلَالَةً اهـ مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ وَإِلَّا إذَا أَبَقَ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ إلَّا مِمَّنْ يَزْعُمُ أَنَّهُ عِنْدَهُ (قَوْلُهُ ذَخِيرَةٌ) قَالَ فِيهَا: وَالْأَصْلُ أَنَّ الْإِبَاقَ إنَّمَا يَمْنَعُ جَوَازَ الْبَيْعِ إذَا كَانَ التَّسْلِيمُ مُحْتَاجًا إلَيْهِ بِأَنْ أَبَقَ مِنْ يَدِ الْمَالِكِ ثُمَّ بَاعَهُ الْمَالِكُ، فَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ مُحْتَاجًا إلَيْهِ كَمَا فِي مَسْأَلَتِنَا يَجُوزُ الْبَيْعُ.

اهـ (قَوْلُهُ يَتِمُّ الْبَيْعُ) هُوَ رِوَايَةُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ لِقِيَامِ الْمِلْكِ وَالْمَالِيَّةِ فِي الْآبِقِ، وَلِذَا صَحَّ عِتْقُهُ وَبِهِ أَخَذَ الْكَرْخِيُّ وَجَمَاعَةٌ مِنْ الْمَشَايِخِ حَتَّى أُجْبِرَ الْبَائِعُ عَلَى تَسْلِيمِهِ؛ لِأَنَّ صِحَّةَ الْبَيْعِ كَانَتْ مَوْقُوفَةً عَلَى الْقُدْرَةِ عَلَى التَّسْلِيمِ وَقَدْ وُجِدَتْ قَبْلَ الْفَسْخِ، بِخِلَافِ مَا إذَا رَجَعَ بَعْدَ أَنْ فَسَخَ الْقَاضِي الْبَيْعَ أَوْ تَخَاصَمَا فَلَا يَعُودُ صَحِيحًا اتِّفَاقًا فَتْحٌ (قَوْلُهُ عَلَى الْقَوْلِ بِفَسَادِهِ) قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَالْحَقُّ أَنَّ الِاخْتِلَافَ فِيهِ بِنَاءٌ عَلَى الِاخْتِلَافِ فِي أَنَّهُ بَاطِلٌ أَوْ فَاسِدٌ وَأَنَّكَ عَلِمْتَ أَنَّ ارْتِفَاعَ الْمُفْسِدِ فِي الْفَاسِدِ يَرُدُّهُ صَحِيحًا؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ قَائِمٌ مَعَ الْفَسَادِ وَمَعَ الْبُطْلَانِ لَمْ يَكُنْ قَائِمًا بِصِفَةِ الْبُطْلَانِ بَلْ مَعْدُومًا، فَوَجْهُ الْبُطْلَانِ عَدَمُ قُدْرَةِ التَّسْلِيمِ، وَوَجْهُ الْفَسَادِ قِيَامُ الْمَالِيَّةِ وَالْمِلْكِ (قَوْلُهُ وَرَجَّحَهُ الْكَمَالُ) حَيْثُ قَالَ وَالْوَجْهُ عِنْدِي أَنَّ عَدَمَ الْقُدْرَةِ عَلَى التَّسْلِيمِ مُفْسِدٌ لَا مُبْطِلٌ وَأَطَالَ فِي تَحْقِيقِهِ (قَوْلُهُ وَهُوَ الْأَظْهَرُ مِنْ الرِّوَايَةِ) قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَأَوَّلُوا تِلْكَ الرِّوَايَةَ بِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْهَا انْعِقَادُ الْبَيْعِ بِالتَّعَاطِي الْآنَ اهـ. قُلْت: وَهَذَا يُنَافِي مَا تَقَدَّمَ أَوَّلَ الْبُيُوعِ مِنْ أَنَّ الْبَيْعَ لَا يَنْعَقِدُ بَعْدَ بَيْعٍ بَاطِلٍ أَوْ فَاسِدٍ إلَّا بَعْدَ مُتَارَكَةِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ وَبِهِ كَانَ يُفْتِي الْبَلْخِيّ) الَّذِي فِي الْفَتْحِ وَهُوَ مُخْتَارُ مَشَايِخِ بَلْخٍ وَالثَّلْجِيُّ بِالثَّاءِ وَالْجِيمِ ط.

قُلْت: وَالْأَوَّلُ هُوَ أَبُو مُطِيعٍ الْبَلْخِيّ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ تُوُفِّيَ سَنَةَ " ١٩٧ " وَالثَّانِي هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ شُجَاعٍ الثَّلْجِيُّ مِنْ أَصْحَابِ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ تُوُفِّيَ وَهُوَ سَاجِدٌ سَنَةَ " ٢٣٦ ".

(قَوْلُهُ وَلَوْ فِي وِعَاءٍ) أَتَى بِلَوْ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ غَيْرُ قَيْدٍ، وَمَا فِي الْبَحْرِ مِنْ أَنَّ الْأَوْلَى تَقْيِيدُهُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ حُكْمَ اللَّبَنِ فِي الضَّرْعِ تَقَدَّمَ دَفْعُهُ فِي النَّهْرِ بِأَنَّ الضَّرْعَ خَاصٌّ بِذَوَاتِ الْأَرْبَعِ كَالثَّدْيِ لِلْمَرْأَةِ، فَالْأَوْلَى عَدَمُ التَّقْيِيدِ لِيَعُمَّ مَا قَبْلَ الِانْفِصَالِ وَمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ عَلَى الْأَظْهَرِ) أَيْ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ جَوَازُ بَيْعِ لَبَنِ الْأَمَةِ لِجَوَازِ إيرَادِ الْبَيْعِ عَلَى نَفْسِهَا فَكَذَا عَلَى جُزْئِهَا قُلْنَا: الرِّقُّ حِلُّ نَفْسِهَا فَأَمَّا اللَّبَنُ فَلَا رِقَّ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ يَخْتَصُّ بِمَحَلٍّ تَتَحَقَّقُ فِيهِ الْقُوَّةُ الَّتِي هِيَ ضِدُّهُ وَهُوَ الْحَيُّ، وَلَا حَيَاةَ فِي اللَّبَنِ فَلَا يَكُونُ مَحَلًّا لِلْعِتْقِ، وَلَا لِلرِّقِّ فَكَذَا الْبَيْعُ. وَأَشَارَ إلَى أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ مُتْلِفُهُ لِكَوْنِهِ لَيْسَ بِمَالٍ، وَإِلَى أَنَّهُ لَا يَحِلُّ التَّدَاوِي بِهِ فِي الْعَيْنِ الرَّمْدَاءِ. وَفِيهِ قَوْلَانِ: قِيلَ بِالْمَنْعِ، وَقِيلَ بِالْجَوَازِ إذَا عُلِمَ فِيهِ الشِّفَاءُ كَمَا فِي الْفَتْحِ هُنَا.

مَطْلَبٌ فِي التَّدَاوِي بِلَبَنِ الْبِنْتِ لِلرَّمَدِ قَوْلَانِ وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: إنَّ أَهْلَ الطِّبِّ يُثْبِتُونَ نَفْعًا لِلَبَنِ الْبِنْتِ لِلْعَيْنِ وَهِيَ مِنْ أَفْرَادِ مَسْأَلَةِ الِانْتِفَاعِ بِالْمُحَرَّمِ لِلتَّدَاوِي كَالْخَمْرِ، وَاخْتَارَ فِي النِّهَايَةِ وَالْخَانِيَّةِ الْجَوَازَ إذَا عُلِمَ فِيهِ الشِّفَاءُ وَلَمْ يَجِدْ دَوَاءً غَيْرَهُ بَحْرٌ، وَسَيَأْتِي - إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى - تَمَامُهُ فِي مُتَفَرِّقَاتِ الْبُيُوعِ، وَكَذَا فِي الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ.

(قَوْلُهُ لِنَجَاسَةِ عَيْنِهِ) أَيْ عَيْنِ الْخِنْزِيرِ أَيْ بِجَمِيعِ أَجْزَائِهِ. وَأَوْرَدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>