وَمَا فِي الْأَشْبَاهِ تَحْرِيفٌ نَهْرٌ (إلَّا مِمَّنْ يَزْعُمُ أَنَّهُ) أَيْ الْآبِقَ (عِنْدَهُ) فَحِينَئِذٍ يَجُوزُ لِعَدَمِ الْمَانِعِ وَهَلْ يَصِيرُ قَابِضًا إنْ قَبَضَهُ لِنَفْسِهِ أَوْ قَبَضَهُ وَلَمْ يُشْهِدْ؟ نَعَمْ وَإِنْ أَشْهَدَ لَا؛ لِأَنَّهُ قَبْضُ أَمَانَةٍ فَلَا يَنُوبُ عَنْ قَبْضِ الضَّمَانِ؛ لِأَنَّهُ أَقْوَى عِنَايَةٌ،
ــ
[رد المحتار]
وَهَذَا قَبْضٌ لَيْسَ بِإِزَائِهِ مَالٌ مِنْ الْوَلَدِ فَكَفَتْ تِلْكَ الْيَدُ لَهُ نَظَرًا لِلصَّغِيرِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ عَادَ عَادَ إلَى مِلْكِ الصَّغِيرِ هَكَذَا فِي الْفَتْحِ وَالتَّبْيِينِ بَحْرٌ.
وَفِيهِ عَنْ الذَّخِيرَةِ تَقْيِيدُ صِحَّةِ الْهِبَةِ بِمَا دَامَ الْعَبْدُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ (قَوْلُهُ وَمَا فِي الْأَشْبَاهِ تَحْرِيفٌ نَهْرٌ) اُعْتُرِضَ مِنْ وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ: أَنَّ مَا فِي الْأَشْبَاهِ مُوَافِقٌ لِمَا هُنَا، وَهَذَا نَصُّهُ: بَيْعُ الْآبِقِ لَا يَجُوزُ إلَّا لِمَنْ يَزْعُمُ أَنَّهُ عِنْدَهُ وَلَوْ لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ. الثَّانِي: أَنَّهُ فِي النَّهْرِ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْأَشْبَاهِ، بَلْ حَكَمَ بِالتَّحْرِيفِ عَلَى مَا فِي بَعْضِ نُسَخِ الْخَانِيَّةِ الْمَنْقُولُ فِي الْبَحْرِ وَهُوَ جَوَازُ بَيْعِ الْآبِقِ لِطِفْلِهِ لَا هِبَتُهُ لَهُ وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ النُّسَخُ الْأُخْرَى. قُلْت: الَّذِي رَأَيْته فِي الْأَشْبَاهِ وَلِوَلَدٍ بِدُونِ لَوْ وَعَلَيْهَا كَتَبَ الْحَمَوِيُّ. وَاعْتَرَضَهَا بِمَا مَرَّ عَنْ الْفَتْحِ وَالتَّبْيِينِ وَلَمَّا كَانَ مَا فِي الْأَشْبَاهِ مَعْزِيًّا إلَى الْخَانِيَّةِ وَرَدَ عَلَيْهَا مَا وَرَدَ عَلَى الْخَانِيَّةِ فَسَاغَ ذِكْرُهَا بَدَلَ الْخَانِيَّةِ؛ لِأَنَّهَا أَكْثَرُ تَدَاوُلًا فِي أَيْدِي الطَّلَبَةِ مِنْ الْخَانِيَّةِ فَافْهَمْ. ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ فِي عِبَارَةِ الْبَحْرِ هُنَا تَنَاقُضًا فَإِنَّهُ ذَكَرَ نُسْخَةَ الْخَانِيَّةِ الْمُحَرَّفَةَ وَقَالَ: إنَّهُ عَكْسُ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُونَ. ثُمَّ قَالَ: إنَّ الْحَقَّ مَا ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ، لِمَا فِي الْمِعْرَاجِ: لَوْ بَاعَهُ لِطِفْلِهِ لَا يَجُوزُ، وَلَوْ وَهَبَهُ لَهُ جَازَ إلَخْ.
وَالصَّوَابُ أَنْ يَقُولَ: وَالْحَقُّ خِلَافُ مَا ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ فَتَنَبَّهْ (قَوْلُهُ إلَّا مِمَّنْ يَزْعُمُ أَنَّهُ عَبْدُهُ) مُفَادُهُ أَنَّ النَّظَرَ لِزَعْمِ الْمُشْتَرِي أَنَّ الْآبِقَ عِنْدَهُ؛ لِأَنَّهُ يَزْعُمُ أَنَّ التَّسْلِيمَ حَاصِلُ فَانْتَفَى الْمَانِعُ وَهُوَ عَدَمُ قُدْرَةِ الْبَائِعِ عَلَى التَّسْلِيمِ عَقِبَ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ عِنْدَهُ) شَامِلٌ لِمَا إذَا كَانَ فِي مَنْزِلِهِ، أَوْ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِهِ مِمَّنْ هُوَ عِنْدَهُ، فَإِنْ كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْأَخْذِ إلَّا بِخُصُومَةٍ عِنْدَ الْحَاكِمِ لَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ كَمَا فِي السِّرَاجِ نَهْرٌ، وَهَذَا مُخَالِفٌ لِمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ النَّهْرِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ بَاعَهُ مِمَّنْ يَزْعُمُ أَنَّهُ عِنْدَ غَيْرِهِ فَهُوَ فَاسِدٌ اتِّفَاقًا. وَأَجَابَ بِحَمْلِ مَا تَقَدَّمَ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى أَخْذِهِ إلَّا بِخُصُومَةٍ اهـ. قُلْت: رَاجَعْت عِبَارَةَ السِّرَاجِ فَلَمْ أَرَ فِيهَا قَوْلَهُ مِمَّنْ هُوَ عِنْدَهُ، وَمِثْلُهُ فِي الْجَوْهَرَةِ، وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُهُ أَوْ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِهِ أَيْ فِي حَالِ إبَاقِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْخُذْهُ أَحَدٌ، أَمَّا إذَا أَخَذَهُ أَحَدٌ فَلَا يَجُوزُ لِمَا عَلِمْته مِنْ تَعْلِيلِ الْفَتْحِ السَّابِقِ وَقَدْ صَوَّرَ الْمَسْأَلَةَ فِي الْفَتْحِ بِمَا إذَا كَانَ ذَلِكَ الْأَخْذُ لَهُ مُعْتَرَفًا بِأَخْذِهِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَهَلْ يَصِيرُ قَابِضًا إلَخْ) أَيْ لَوْ اشْتَرَاهُ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ عِنْدَهُ هَلْ يَصِيرُ قَابِضًا فِي الْحَالِ، حَتَّى لَوْ رَجَعَ فَوَجَدَهُ هَلَكَ بَعْدَ وَقْتِ الْبَيْعِ يَتِمُّ الْقَبْضُ وَالْبَيْعُ أَمْ لَا (قَوْلُهُ إنْ قَبَضَهُ) أَيْ قَبَضَ الْآبِقَ حِينَ وَجَدَهُ لِنَفْسِهِ لَا لِيَرُدَّهُ عَلَى سَيِّدِهِ، وَهَذَا يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ أَوْ قَبَضَهُ وَلَمْ يَشْهَدْ: أَيْ عَلَى أَنَّهُ قَبَضَهُ لِسَيِّدِهِ (قَوْلُهُ نَعَمْ) أَيْ يَصِيرُ قَابِضًا؛ لِأَنَّ قَبْضَهُ هَذَا قَبْضُ غَصْبٍ وَهُوَ قَبْضُ ضَمَانٍ كَقَبْضِ الْبَيْعِ كَمَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ وَإِنْ أَشْهَدَ لَا إلَخْ) أَيْ لَا يَصِيرُ قَابِضًا؛ لِأَنَّ قَبْضَهُ هَذَا قَبْضُ أَمَانَةٍ، حَتَّى لَوْ هَلَكَ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إلَى سَيِّدِهِ لَا يَضْمَنُهُ فَتْحٌ (قَوْلُهُ فَلَا يَنُوبُ عَنْ قَبْضِ الضَّمَانِ) أَيْ عَنْ قَبْضِ الْبَيْعِ فَإِنَّهُ مَضْمُونٌ بِالثَّمَنِ قَالَ فِي الْفَتْحِ: فَإِنْ هَلَكَ قَبْلَ أَنْ يَرْجِعَ إلَيْهِ انْفَسَخَ الْبَيْعُ وَرَجَعَ بِالثَّمَنِ اهـ.
وَأَشَارَ بِهَذَا إلَى مَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الذَّخِيرَةِ إذَا اشْتَرَى مَا هُوَ أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ مِنْ وَدِيعَةٍ أَوْ عَارِيَّةٍ لَا يَكُونُ قَابِضًا إلَّا إذَا ذَهَبَ إلَى الْعَيْنِ إلَى مَكَان يَتَمَكَّنُ مِنْ قَبْضِهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute