وَعَمَّ كَلَامُهُ الْمُبْتَدَأَةَ وَالْمُعْتَادَةَ. وَمَنْ نَسِيَتْ عَادَتَهَا وَتُسَمَّى الْمُحَيَّرَةَ وَالْمُضَلَّةَ؛ وَإِضْلَالُهَا إمَّا بِعَدَدٍ أَوْ بِمَكَانٍ
ــ
[رد المحتار]
مَبْحَثٌ فِي مَسَائِلِ الْمُتَحَيِّرَةِ (قَوْلُهُ وَعَمَّ كَلَامُهُ الْمُبْتَدَأَةَ إلَخْ) قَالَ الْعَلَّامَةُ الْبِرْكَوِيُّ فِي رِسَالَتِهِ الْمُؤَلَّفَةِ فِي الْحَيْضِ: الْمُبْتَدَأَةُ مَنْ كَانَتْ فِي أَوَّلِ حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ. وَالْمُعْتَادَةُ: مَنْ سَبَقَ مِنْهَا دَمٌ وَطُهْرٌ صَحِيحَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا. وَالْمُضَلَّةُ وَتُسَمَّى الضَّالَّةُ وَالْمُتَحَيِّرَةُ: مَنْ نَسِيَتْ عَادَتَهَا، ثُمَّ قَالَ فِي الْفَصْلِ الرَّابِعِ فِي الِاسْتِمْرَارِ: إذَا وَقَعَ فِي الْمُبْتَدَأَةِ فَحَيْضُهَا مِنْ أَوَّلِ الِاسْتِمْرَارِ عَشْرَةٌ وَطُهْرُهَا عِشْرُونَ، ثُمَّ ذَلِكَ دَأْبُهَا وَنِفَاسُهَا أَرْبَعُونَ ثُمَّ عِشْرُونَ طُهْرُهَا إذْ لَا يَتَوَالَى نِفَاسٌ وَحَيْضٌ، ثُمَّ عَشْرَةٌ حَيْضُهَا ثُمَّ ذَلِكَ دَأْبُهَا، وَإِنْ وَقَعَ فِي الْمُعْتَادَةِ فَطُهْرُهَا وَحَيْضُهَا مَا اعْتَادَتْ فِي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ إنْ كَانَ طُهْرُهَا أَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، وَإِلَّا فَتُرَدُّ إلَى سِتَّةِ أَشْهُرٍ إلَّا سَاعَةً وَحَيْضُهَا بِحَالِهِ، وَإِنْ رَأَتْ مُبْتَدَأَةٌ دَمًا وَطُهْرًا صَحِيحَيْنِ ثُمَّ اسْتَمَرَّ الدَّمُ تَكُونُ مُعْتَادَةً وَعَلِمْت حُكْمَهَا. مِثَالُهُ: مُرَاهِقَةٌ رَأَتْ خَمْسَةً دَمًا وَأَرْبَعِينَ طُهْرًا ثُمَّ اسْتَمَرَّ الدَّمُ خَمْسَةً مِنْ أَوَّلِ الِاسْتِمْرَارِ حَيْضٌ لَا تُصَلِّي وَلَا تَصُومُ وَلَا تُوطَأُ وَكَذَا سَائِرُ أَحْكَامِ الْحَيْضِ، ثُمَّ الْأَرْبَعُونَ طُهْرُهَا، تَفْعَلُ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ وَغَيْرَهَا مِنْ أَحْكَامِ الطَّهَارَاتِ. ثُمَّ قَالَ فِي فَصْلِ الْمُتَحَيِّرَةِ: وَلَا يُقَدَّرُ طُهْرُهَا وَحَيْضُهَا إلَّا فِي حَقِّ الْعِدَّةِ فِي الطَّلَاقِ، فَيُقَدَّرُ حَيْضُهَا بِعَشْرَةٍ وَطُهْرُهَا بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ إلَّا سَاعَةً، فَتَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِتِسْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا وَعَشْرَةِ أَيَّامٍ غَيْرِ أَرْبَعِ سَاعَاتٍ. اهـ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُبْتَدَأَةَ إذَا اسْتَمَرَّ دَمُهَا فَحَيْضُهَا فِي كُلِّ شَهْرٍ عَشْرَةٌ وَطُهْرُهَا عِشْرُونَ كَمَا فِي عَامَّةِ الْكُتُبِ، بَلْ نَقَلَ نُوحٌ أَفَنْدِي الِاتِّفَاقَ عَلَيْهِ، خِلَافًا لِمَا فِي الْإِمْدَادِ مِنْ أَنَّ طُهْرَهَا خَمْسَةَ عَشَرَ، وَالْمُعْتَادَةُ تُرَدُّ إلَى عَادَتِهَا فِي الطُّهْرِ مَا لَمْ يَكُنْ سِتَّةَ أَشْهُرٍ فَإِنَّهَا تُرَدُّ إلَى سِتَّةِ أَشْهُرٍ غَيْرَ سَاعَةٍ كَالْمُتَحَيِّرَةِ فِي حَقِّ الْعِدَّةِ فَقَطْ، وَهَذَا عَلَى قَوْلِ الْمَيْدَانِيِّ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَكْثَرُ كَمَا قَدَّمْنَاهُ. وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ الْحَاكِمِ الشَّهِيدِ فَتُرَدُّ إلَى شَهْرَيْنِ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ. وَظَهَرَ أَنَّ التَّقْدِيرَ بِالشَّهْرَيْنِ أَوْ بِالسِّتَّةِ أَشْهُرٍ إلَّا سَاعَةً خَاصٌّ بِالْمُتَحَيِّرَةِ وَالْمُعْتَادَةِ الَّتِي طُهْرُهَا سِتَّةُ أَشْهُرٍ. أَمَّا الْمُبْتَدَأَةُ وَالْمُعْتَادَةُ الَّتِي طُهْرُهَا دُونَ ذَلِكَ فَلَيْسَا كَذَلِكَ. وَأَنَّ تَقْدِيرَ الطُّهْرِ فِي الْمُتَحَيِّرَةِ لِأَجْلِ الْعِدَّةِ فَقَطْ. وَأَمَّا غَيْرُهَا فَلَمْ يُقَيِّدُوا طُهْرَهَا بِكَوْنِهِ لِلْعِدَّةِ، بَلْ الْمُصَرَّحُ بِهِ فِي الْمُعْتَادَةِ أَنَّ طُهْرَهَا عَامٌّ فِي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ كَمَا مَرَّ، وَهَذَا خِلَافُ مَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الشَّارِحِ فَافْهَمْ.
[تَتِمَّةٌ] لَمْ أَرَ مَا لَوْ رَأَتْ الْمُتَحَيِّرَةُ فِي الْعِدَدِ وَالْمَكَانِ أَقَلَّ الطُّهْرِ ثُمَّ اسْتَمَرَّ بِهَا الدَّمُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ حُكْمَهَا فِي الِاسْتِمْرَارِ حُكْمُ الْمُبْتَدَأَةِ (قَوْلُهُ إمَّا بِعِدَدٍ) أَيْ عِدَدِ أَيَّامِهَا فِي الْحَيْضِ مَعَ عِلْمِهَا بِمَكَانِهَا مِنْ الشَّهْرِ أَنَّهَا فِي أَوَّلِهِ أَوْ آخِرِهِ مَثَلًا. قَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة: وَإِنْ عَلِمْت أَنَّهَا تَطْهُرُ فِي آخِرِ الشَّهْرِ وَلَمْ تَدْرِ عَدَدَ أَيَّامِهَا تَوَضَّأَتْ لِوَقْتِ كُلِّ صَلَاةٍ إلَى الْعِشْرِينَ؛ لِأَنَّهَا تَتَيَقَّنُ الطُّهْرَ فِيهَا ثُمَّ فِي سَبْعَةٍ بَعْدَهَا تَتَوَضَّأُ كَذَلِكَ لِلشَّكِّ فِي الْحَيْضِ وَالطُّهْرِ، وَتَتْرُكُ الصَّلَاةَ فِي الثَّلَاثَةِ الْأَخِيرَةِ لِتَيَقُّنِهَا بِالْحَيْضِ فِيهَا ثُمَّ تَغْتَسِلُ فِي آخِرِ الشَّهْرِ لِعِلْمِهَا بِالْخُرُوجِ مِنْ الْحَيْضِ فِيهِ، وَإِنْ عَلِمْت أَنَّهَا تَرَى الدَّمَ إذَا جَاوَزَ الْعِشْرِينَ وَلَمْ تَدْرِ كَمْ كَانَتْ أَيَّامُهَا تَدَعُ الصَّلَاةَ ثَلَاثَةً بَعْدَ الْعِشْرِينَ ثُمَّ تُصَلِّي بِالْغُسْلِ إلَى آخِرِ الشَّهْرِ.
اهـ وَمِثْلُهُ فِي رِسَالَةِ الْبِرْكَوِيِّ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ أَوْ بِمَكَانٍ) أَيْ عَلِمَتْ عَدَدَ أَيَّامِ حَيْضِهَا وَنَسِيَتْ مَكَانَهَا عَلَى التَّعْيِينِ، وَالْأَصْلُ أَنَّهَا إذَا أَضَلَّتْ أَيَّامَهَا فِي ضِعْفِهَا أَوْ أَكْثَرَ فَلَا تَيَقُّنَ فِي يَوْمٍ مِنْهَا بِحَيْضٍ، بِخِلَافِ مَا إذَا أَضَلَّتْ فِي أَقَلَّ مِنْ الضِّعْفِ؛ مَثَلًا إذَا أَضَلَّتْ ثَلَاثَةً فِي خَمْسَةٍ تَتَيَقَّنُ بِالْحَيْضِ فِي الثَّالِثِ فَإِنَّهُ أَوَّلُ الْحَيْضِ أَوْ آخِرُهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute