(لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ وَلَا يُلَائِمُهُ وَفِيهِ نَفْعٌ لِأَحَدِهِمَا أَوْ) فِيهِ نَفْعٌ (لِمَبِيعٍ) هُوَ (مِنْ أَهْلِ الِاسْتِحْقَاقِ) لِلنَّفْعِ بِأَنْ يَكُونَ آدَمِيًّا، فَلَوْ لَمْ يَكُنْ كَشَرْطِ أَنْ لَا يَرْكَبَ الدَّابَّةَ الْمَبِيعَةَ لَمْ يَكُنْ مُفْسِدًا كَمَا سَيَجِيءُ (وَلَمْ يَجْرِ الْعُرْفُ بِهِ وَ) لَمْ (يَرِدْ الشَّرْعُ بِجَوَازِهِ) أَمَّا لَوْ جَرَى الْعُرْفُ بِهِ كَبَيْعِ نَعْلٍ مَعَ شَرْطِ تَشْرِيكِهِ، أَوْ وَرَدَ الشَّرْعُ بِهِ كَخِيَارِ شَرْطٍ فَلَا فَسَادَ (كَشَرْطِ أَنْ يَقْطَعَهُ) الْبَائِعُ (وَيَخِيطَهُ قَبَاءً) مِثَالٌ لِمَا لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ وَفِيهِ نَفْعٌ لِلْمُشْتَرِي (أَوْ يَسْتَخْدِمَهُ) مِثَالٌ لِمَا فِيهِ نَفْعٌ لِلْبَائِعِ، وَإِنَّمَا قَالَ (شَهْرًا)
ــ
[رد المحتار]
قُلْت: وَفِي كُلٍّ مِنْ التَّوْجِيهَيْنِ خَفَاءٌ وَكَانَ الْأَوْضَحُ أَنْ يَزِيدَ الشَّارِحُ لَفْظَةَ " مَا " قَبْلَ قَوْلِهِ لَا يَقْتَضِيهِ فَتَكُونُ هِيَ الْخَبَرُ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ قَوْلَهُ بِسَبَبٍ مُتَعَلِّقٌ بِفَسَادٍ وَهَذَا يُنَافِي كَوْنَهُ خَبَرًا عَنْ الْأَصْلِ؛ وَلِأَنَّ مُرَادَهُ أَنْ يَصِيرَ قَوْلُهُ لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ إلَخْ أَصْلًا وَضَابِطًا وَلَا يَتِمُّ ذَلِكَ إلَّا بِمَا قُلْنَا، نَعَمْ يُحْتَمَلُ كَوْنُ الْخَبَرِ بَيْعٌ بِشَرْطٍ دَلَّ عَلَيْهِ مَا قَبْلَهُ، وَلَا يَصِحُّ كَوْنُ مَا قَبْلَهُ هُوَ الْخَبَرُ لِاقْتِرَانِهِ بِالْوَاوِ الْعَاطِفَةِ (قَوْلُهُ لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ وَلَا يُلَائِمُهُ) قَالَ فِي الْبَحْرِ. مَعْنَى كَوْنِ الشَّرْطِ يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ أَنْ يَجِبَ بِالْعَقْدِ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ، وَمَعْنَى كَوْنِهِ مُلَائِمًا أَنْ يُؤَكِّدَ مُوجِبَ الْعَقْدِ، وَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَفِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ: أَنْ يَكُونَ رَاجِعًا إلَى صِفَةِ الثَّمَنِ أَوْ الْمَبِيعِ كَاشْتِرَاطِ الْخُبْزِ وَالطَّبْخِ وَالْكِتَابَةِ. اهـ مَا فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ وَفِيهِ نَفْعٌ لِأَحَدِهِمَا) الْأَوْلَى قَوْلُ الزَّيْلَعِيِّ وَفِيهِ نَفْعٌ لِأَهْلِ الِاسْتِحْقَاقِ، فَإِنَّهُ أَشْمَلُ وَأَخْصَرُ لِشُمُولِهِ مَا فِيهِ نَفْعٌ لِأَجْنَبِيٍّ، فَيُوَافِقُ قَوْلَهُ الْآتِي وَلَا نَفْعَ فِيهِ لِأَحَدٍ وَلِاسْتِغْنَائِهِ عَنْ قَوْلِهِ أَوْ لِمَبِيعٍ.
[تَنْبِيهٌ] الْمُرَادُ بِالنَّفْعِ مَا شُرِطَ مِنْ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ عَلَى الْآخَرِ، فَلَوْ عَلَى أَجْنَبِيٍّ لَا يَفْسُدُ وَيَبْطُلُ الشَّرْطُ، لِمَا فِي الْفَتْحِ عَنْ الْوَلْوَالِجيَّةِ: بِعْتُك الدَّارَ بِأَلْفٍ عَلَى أَنْ يُقْرِضَنِي فُلَانٌ الْأَجْنَبِيُّ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فَقَبِلَ الْمُشْتَرِي لَا يَفْسُدُ الْبَيْعُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْأَجْنَبِيَّ وَلَا خِيَارَ لِلْبَائِعِ اهـ مُلَخَّصًا. وَفِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُلْتَقَى قَالَ مُحَمَّدٌ: كُلُّ شَيْءٍ يَشْتَرِطُهُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ يَفْسُدُ بِهِ الْبَيْعُ فَإِذَا شَرَطَهُ عَلَى أَجْنَبِيٍّ فَهُوَ بَاطِلٌ؛ كَمَا إذَا اشْتَرَى دَابَّةً عَلَى أَنْ يَهَبَهُ فُلَانٌ لِأَجْنَبِيٍّ كَذَا، وَكُلُّ شَيْءٍ يَشْتَرِطُهُ عَلَى الْبَائِعِ لَا يَفْسُدُ بِهِ الْبَيْعُ، فَإِذَا شَرَطَهُ عَلَى أَجْنَبِيٍّ فَهُوَ جَائِزٌ وَهُوَ بِالْخِيَارِ، كَمَا إذَا اشْتَرَى عَلَى أَنْ يَحُطَّ عَنْهُ فُلَانٌ الْأَجْنَبِيُّ كَذَا جَازَ الْبَيْعُ، فَإِنْ شَاءَ أَخَذَهُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ أَوْ تَرَكَ. اهـ.
(قَوْلُهُ مِنْ أَهْلِ الِاسْتِحْقَاقِ) أَيْ مِمَّنْ يَسْتَحِقُّ حَقًّا عَلَى الْغَيْرِ، وَهُوَ الْآدَمِيُّ بَحْرٌ (قَوْلُهُ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ إلَخْ) صَرَّحَ بِمُحْتَرَزِ هَذَا الْقَيْدِ وَاَلَّذِي بَعْدَهُ، وَإِنْ كَانَ يَأْتِي لِزِيَادَةِ الْبَيَانِ (قَوْلُهُ كَشَرْطِ أَنْ يَقْطَعَهُ) أَيْ يَقْطَعَ الْمَبِيعَ مِنْ حَيْثُ هُوَ الصَّادِقُ عَلَى الثَّوْبِ أَوْ الْعَبْدِ أَوْ غَيْرِهِمَا وَبِهَذَا سَاغَ عَوْدُ الضَّمِيرِ عَلَيْهِ فِي قَوْلِهِ أَوْ يُعْتِقَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ مِثَالٌ لِمَا لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ) أَيْ وَلَا يُلَائِمُهُ، وَلَمْ يَذْكُرْ مِثَالَ مَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ وَلَا يُلَائِمُهُ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَخَرَجَ عَنْ الْمُلَائِمِ لِلْعَقْدِ مَا لَوْ اشْتَرَى أَمَةً بِشَرْطِ أَنْ يَطَأَهَا أَوْ لَا يَطَأَهَا فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّ الْمُلَائِمَ لِلْعَقْدِ الْإِطْلَاقُ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ: يَجُوزُ فِي الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ مُلَائِمٌ. وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَجُوزُ فِيهِمَا؛ لِأَنَّ الثَّانِيَ إنْ لَمْ يَقْتَضِهِ الْعَقْدُ لَا نَفْعَ فِيهِ لِأَحَدٍ فَهُوَ شَرْطٌ لَا طَالِبَ لَهُ. اهـ.
(قَوْلُهُ وَفِيهِ نَفْعٌ لِلْمُشْتَرِي) وَمِنْهُ مَا لَوْ شَرَطَ عَلَى الْبَائِعِ طَحْنَ الْحِنْطَةِ أَوْ قَطْعَ الثَّمَرَةِ وَكَذَا مَا اشْتَرَاهُ عَلَى أَنْ يَدْفَعَهُ الْبَائِعُ إلَيْهِ قَبْلَ دَفْعِ الثَّمَنِ، أَوْ عَلَى أَنْ يَدْفَعَ الثَّمَنَ فِي بَلَدٍ آخَرَ، أَوْ عَلَى أَنْ يَهَبَ الْبَائِعُ مِنْهُ كَذَا، بِخِلَافِ عَلَى أَنْ يَحُطَّ مِنْ ثَمَنِهِ كَذَا؛ لِأَنَّ الْحَطَّ مُلْحَقٌ بِمَا قَبْلَ الْعَقْدِ وَيَكُونُ الْبَيْعُ بِمَا وَرَاءَ الْمَحْطُوطِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ مِثَالٌ لِمَا فِيهِ نَفْعٌ لِلْبَائِعِ) وَمِنْهُ مَا لَوْ شَرَطَ الْبَائِعُ أَنْ يَهَبَهُ الْمُشْتَرِي شَيْئًا أَوْ يُقْرِضَهُ أَوْ يَسْكُنَ الدَّارَ شَهْرًا أَوْ أَنْ يَدْفَعَ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ إلَى غَرِيمِ الْبَائِعِ، لِسُقُوطِ مُؤْنَةِ الْقَضَاءِ عَنْهُ وَلِأَنَّ النَّاسَ يَتَفَاوَتُونَ فِي الِاسْتِيفَاءِ، فَمِنْهُمْ مَنْ يُسَامِحُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute