للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَظَاهِرُ الْبَحْرِ تَرْجِيحُ الصِّحَّةِ (كَشَرْطِ أَنْ لَا يَبِيعَ) عَبَّرَ ابْنُ الْكَمَالِ بِيَرْكَبَ (الدَّابَّةَ الْمَبِيعَةَ) فَإِنَّهَا لَيْسَتْ بِأَهْلٍ لِلنَّفْعِ (أَوْ لَا يَقْتَضِيهِ لَكِنْ) يُلَائِمُهُ كَشَرْطِ رَهْنٍ مَعْلُومٍ وَكَفِيلٍ حَاضِرٍ ابْنُ مَلَكٍ، أَوْ (جَرَى الْعُرْفُ بِهِ كَبَيْعِ نَعْلٍ) أَيْ صَرْمٍ سَمَّاهُ بِاسْمِ مَا يَئُولُ عَيْنِيٌّ (عَلَى أَنْ يَحْذُوَهُ) الْبَائِعُ (وَيُشَرِّكَهُ) أَيْ يَضَعَ عَلَيْهِ الشِّرَاكَ وَهُوَ السَّيْرُ وَمِثْلُهُ تَسْمِيرُ الْقَبْقَابِ

ــ

[رد المحتار]

مَسْجِدًا أَوْ طَعَامًا عَلَى أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ فَاسِدٌ. اهـ.

وَمُفَادُهُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْأَجْنَبِيُّ مُعَيَّنًا، وَتَأَمَّلْهُ مَعَ مَا قَدَّمْنَاهُ آنِفًا عَنْ الْخُلَاصَةِ، إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الْمَسْجِدَ وَالصَّدَقَةَ يُرَادُ بِهِمَا التَّقَرُّبُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى وَحْدَهُ، وَإِنْ كَانَتْ الْمَنْفَعَةُ فِيهِمَا لِعِبَادِهِ، فَصَارَ الْمَشْرُوطُ لَهُ مُعَيَّنًا بِهَذَا الِاعْتِبَارِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَظَاهِرُ الْبَحْرِ تَرْجِيحُ الصِّحَّةِ) حَيْثُ قَالَ: وَخَرَجَ أَيْضًا مَا إذَا شَرَطَ مَنْفَعَةً لِأَجْنَبِيٍّ كَأَنْ يُقْرِضَ الْبَائِعُ أَجْنَبِيًّا فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ عَنْ الصَّدْرِ الشَّهِيدِ. وَفِيهَا: وَذَكَرَ الْقُدُورِيُّ أَنَّهُ يَفْسُدُ كَأَنْ يَقُولَ اشْتَرَيْتُ مِنْك هَذَا عَلَى أَنْ تُقْرِضَنِي أَوْ تُقْرِضَ فُلَانًا اهـ. وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ عَنْ الِاخْتِيَارِ جَوَازُ الْبَيْعِ وَبُطْلَانُ الشَّرْطِ. وَفِي الْمِنَحِ: وَاخْتَارَ صَاحِبُ الْوُقَايَةِ تَبَعًا لِصَاحِبِ الْهِدَايَةِ عَدَمَ الْفَسَادِ اهـ. وَبِهِ جَزَمَ فِي الْخَانِيَّةِ. قُلْت: لَكِنْ قَدْ عَلِمْت أَنَّ مَا نَقَلَهُ الشَّارِحُ عَنْ ابْنِ مَلَكٍ مِنْ التَّعْمِيمِ لِلْأَجْنَبِيِّ صَرَّحَ بِهِ الزَّيْلَعِيُّ، وَبِهِ جَزَمَ فِي الْفَتْحِ وَكَذَلِكَ فِي الْخُلَاصَةِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ آنِفًا.

وَالْحَاصِلُ أَنَّهُمَا قَوْلَانِ فِي الْمَذْهَبِ (قَوْلُهُ عَبَّرَ ابْنُ الْكَمَالِ بِيَرْكَبُ الدَّابَّةَ) وَهُوَ أَحْسَنُ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ وَلَا نَفْعَ فِيهِ لِأَحَدٍ أَيْ مِنْ أَهْلِ الِاسْتِحْقَاقِ، فَالتَّقْيِيدُ بِأَهْلِ الِاسْتِحْقَاقِ لِلِاحْتِرَازِ عَمَّا فِيهِ نَفْعٌ لِغَيْرِهِمْ كَالدَّابَّةِ فِي بَيْعِهَا بِشَرْطِ أَنْ لَا يَرْكَبَهَا فَإِنَّهُ غَيْرُ مُفْسِدٍ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِأَهْلٍ لِاسْتِحْقَاقِ النَّفْعِ. وَأَمَّا اشْتِرَاطُ أَنْ لَا يَبِيعَهَا فَإِنَّهُ لَيْسَ فِيهِ نَفْعٌ لَهَا عَادَةً وَلَا لِغَيْرِهَا، وَذَلِكَ لَيْسَ مَحَلَّ التَّوَهُّمِ لِيَحْتَرِزَ عَنْهُ، بِخِلَافِ مَا فِيهِ نَفْعُهَا (قَوْلُهُ لَكِنْ يُلَائِمُهُ) عَبَّرَ بَدَلَهُ فِي الْفَتْحِ بِمَا يَتَضَمَّنُ التَّوَثُّقَ بِالثَّمَنِ، وَهُوَ قَرِيبٌ مِمَّا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الذَّخِيرَةِ مِنْ تَفْسِيرِ الْمُلَائِمِ بِمَا يُؤَكِّدُ مُوجِبَ الْعَقْدِ فَإِنَّ الثَّمَنَ مِنْ مُوجِبَاتِ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ كَشَرْطِ رَهْنٍ مَعْلُومٍ) أَيْ بِالْإِشَارَةِ أَوْ التَّسْمِيَةِ، فَلَوْ لَمْ يَكُنْ مَعْلُومًا بِذَلِكَ لَمْ يَجُزْ إلَّا إذَا تَرَاضَيَا عَلَى تَعْيِينِهِ فِي الْمَجْلِسِ وَدَفَعَهُ إلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقَا أَوْ يُعَجِّلَ الثَّمَنَ وَيُبْطِلَانِ الرَّهْنَ، وَإِذَا كَانَ مُسَمًّى فَامْتَنَعَ عَنْ تَسْلِيمِهِ لَمْ يُجْبَرْ، وَإِنَّمَا يُؤْمَرُ بِدَفْعِ الثَّمَنِ، فَإِنْ لَمْ يَدْفَعْهُمَا خُيِّرَ الْبَائِعُ فِي الْفَسْخِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ وَكَفِيلٍ حَاضِرٍ) أَيْ وَقَبِلَ الْكَفَالَةَ.

وَكَذَا لَوْ غَائِبًا فَحَضَرَ وَقَبِلَهَا قَبْلَ التَّفَرُّقِ، فَلَوْ بَعْدَهُ أَوْ كَانَ حَاضِرًا فَلَمْ يَقْبَلْ لَمْ يَجُزْ، وَاشْتِرَاطُ الْحَوَالَةِ كَالْكَفَالَةِ بَحْرٌ. قُلْت: فِي الْخَانِيَّةِ: وَلَوْ بَاعَ عَلَى أَنْ يُحِيلَ الْبَائِعُ رَجُلًا بِالثَّمَنِ عَلَى الْمُشْتَرِي فَسَدَ الْبَيْعُ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا؛ وَلَوْ بَاعَ عَلَى أَنْ يُحِيلَ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ عَلَى غَيْرِهِ بِالثَّمَنِ فَسَدَ قِيَاسًا وَجَازَ اسْتِحْسَانًا. اهـ (قَوْلُهُ أَيْ صَرْمٍ) بِفَتْحِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ: وَهُوَ الْأَدِيمُ أَيْ الْجِلْدُ (قَوْلُهُ سَمَّاهُ بِاسْمِ مَا يَئُولُ) أَيْ كَتَسْمِيَةِ الْعَصِيرِ خَمْرًا، وَذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُ عَلَى أَنْ يَحْذُوَهُ: أَيْ يَقْطَعَهُ لَا يُنَاسِبُ النَّعْلَ، وَإِنَّمَا يُنَاسِبُ الْجِلْدَ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ ثُمَّ يَصِيرُ نَعْلًا. وَجَوَّزَ فِي الْفَتْحِ أَنْ يَكُونَ حَقِيقَةً: أَيْ اشْتَرَى نَعْلَ رِجْلٍ وَاحِدَةٍ عَلَى أَنْ يَحْذُوَهَا أَيْ يَجْعَلَ مَعَهَا مِثَالًا آخَرَ لِيَتِمَّ نَعْلَا الرِّجْلَيْنِ، وَمِنْهُ: حَذَوْتُ النَّعْلَ بِالنَّعْلِ قَدَّرْته بِمِثَالٍ قَطَّعْته.

قَالَ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ أَوْ يُشَرِّكَهُ فَجَعَلَهُ مُقَابِلًا لِقَوْلِهِ نَعْلًا، وَلَا مَعْنَى لَأَنْ يَشْتَرِيَ أَدِيمًا عَلَى أَنْ يَجْعَلَ لَهُ شِرَاكًا فَلَا بُدَّ أَنْ يُرَادَ حَقِيقَةُ النَّعْلِ اهـ. وَأَجَابَ فِي النَّهْرِ بِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِالنَّعْلِ الصَّرْمُ، وَضَمِيرُ يُشَرِّكَهُ لِلنَّعْلِ بِالْمَعْنَى الْحَقِيقِيِّ عَلَى طَرِيقِ الِاسْتِخْدَامِ اهـ. قُلْت: إرَادَةُ الْحَقِيقَةِ أَظْهَرُ فِي عِبَارَةِ الْهِدَايَةِ حَيْثُ قَالَ عَلَى أَنْ يَحْذُوَهَا أَوْ يُشَرِّكَهَا بِضَمِيرِ التَّأْنِيثِ؛ لِأَنَّ النَّعْلَ مُؤَنَّثَةٌ، أَمَّا عَلَى عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ كَالْكَنْزِ مِنْ تَذْكِيرِ الضَّمِيرِ فَالْأَظْهَرُ إرَادَةُ الْمَجَازِ وَهُوَ الْجِلْدُ (قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ تَسْمِيرُ الْقَبْقَابِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>