بِأَنْ قَبَضَهُ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ بِحَضْرَتِهِ (فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ) وَبِهِ خَرَجَ الْبَاطِلُ وَتَقَدَّمَ مَعَ حُكْمِهِ وَحِينَئِذٍ فَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِ الْهِدَايَةِ وَالْعِنَايَةِ: وَكُلٌّ مِنْ عِوَضَيْهِ مَالٌ كَمَا أَفَادَهُ ابْنُ الْكَمَالِ، لَكِنْ أَجَابَ سَعْدِيٌّ بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْفَاسِدُ يَعُمُّ الْبَاطِلَ مَجَازًا كَمَا مَرَّ حَقَّقَ إخْرَاجَهُ بِذَلِكَ فَتَنَبَّهْ.
(وَلَمْ يَنْهَهُ) الْبَائِعُ عَنْهُ وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ خِيَارُ شَرْطٍ (مَلَكَهُ) إلَّا فِي ثَلَاثٍ فِي بَيْعِ الْهَازِلِ وَفِي شِرَاءِ الْأَبِ مِنْ مَالِهِ لِطِفْلِهِ أَوْ بَيْعِهِ لَهُ كَذَلِكَ فَاسِدًا لَا يَمْلِكُهُ حَتَّى يَسْتَعْمِلَهُ
ــ
[رد المحتار]
قَوْلُهُ بِأَنْ يَأْمُرَهُ بِالْقَبْضِ) أَيْ وَقَبْضِهِ بِحَضْرَتِهِ أَوْ غَيْبَتِهِ ط عَنْ الْأَتْقَانِيِّ (قَوْلُهُ بِأَنْ قَبَضَهُ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ بِحَضْرَتِهِ) تَصْوِيرٌ لِلْإِذْنِ دَلَالَةً، أَمَّا بَعْدَ الْمَجْلِسِ فَلَا بُدَّ مِنْ صَرِيحِ الْإِذْنِ إلَّا إذَا قَبَضَ الْبَائِعُ الثَّمَنَ وَهُوَ مِمَّا يُمْلَكُ بِهِ فَإِنَّهُ يَكُونُ إذْنًا بِالْقَبْضِ دَلَالَةً اهـ ح عَنْ النَّهْرِ، فَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُمْلَكُ بِالْقَبْضِ كَالْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ، فَلَا بُدَّ مِنْ صَرِيحِ الْإِذْنِ كَمَا أَفَادَهُ الزَّيْلَعِيُّ (قَوْلُهُ وَتَقَدَّمَ مَعَ حُكْمِهِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ، وَالْبَيْعُ الْبَاطِلُ حُكْمُهُ عَدَمُ مِلْكِ الْمُشْتَرِي إيَّاهُ إذَا قَبَضَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ وَحِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ إذْ خَرَجَ الْبَاطِلُ بِقَيْدِ الْفَاسِدِ (قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي أَوَّلِ الْبَابِ فِي قَوْلِهِ وَالْمُرَادُ بِالْفَاسِدِ إلَخْ الْمَمْنُوعُ مَجَازًا عُرْفِيًّا فَيَعُمُّ الْبَاطِلَ وَالْمَكْرُوهَ (قَوْلُهُ حَقَّقَ إخْرَاجَهُ) أَيْ إخْرَاجَ الْبَاطِلِ بِذَلِكَ: أَيْ بِقَوْلِهِ وَكُلٌّ مِنْ عِوَضَيْهِ مَالٌ. وَتَعَقَّبَهُ الْحَمَوِيُّ بِأَنَّ مِنْ أَفْرَادِ الْبَاطِلِ مَا لَا يَخْرُجُ بِهَذَا الْقَيْدِ وَهُوَ بَيْعُ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ بِالدَّرَاهِمِ فَإِنَّهُ بَاطِلٌ مَعَ أَنَّ كُلًّا مِنْ عِوَضَيْهِ مَالٌ، وَعَلَى هَذَا فَلَا بُدَّ مِنْ حَذْفِ هَذَا الْقَيْدِ لِاقْتِضَائِهِ أَنَّ هَذَا الْفَرْدَ مِنْ الْبَاطِلِ يَكُونُ فَاسِدًا يُمْلَكُ بِالْقَبْضِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ ط. قُلْت: الْمُرَادُ الْمَالُ الْمُتَقَوِّمُ كَمَا قَيَّدَهُ بِهِ فِي النَّهْرِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الْخَمْرَ وَنَحْوَهُ غَيْرُ مُتَقَوِّمٍ، وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا أَنَّهُ فِي أَوَّلِ الْبَابِ قَالَ وَبَطَلَ بَيْعُ مَا لَيْسَ بِمَالٍ وَالْبَيْعُ بِهِ، فَإِنَّ الْمُرَادَ بِهِ مَا لَيْسَ بِمَالٍ فِي سَائِرِ الْأَدْيَانِ، وَالْخَمْرُ وَالْخِنْزِيرُ مَالٌ عِنْدَ أَهْلِ الذِّمَّةِ، وَلِذَا قَالَ بَعْدَهُ وَبَطَلَ بَيْعُ مَالٍ غَيْرِ مُتَقَوِّمٍ كَخَمْرٍ وَخِنْزِيرٍ، فَعُلِمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَالِ هُنَا الْمُتَقَوِّمَ وَهُوَ الْمَالُ فِي سَائِرِ الْأَدْيَانِ فَلَا يَدْخُلُ فِيهِ الْخَمْرُ وَنَحْوُهُ فَافْهَمْ.
(قَوْلُهُ وَلَمْ يَنْهَهُ) قَيْدٌ لِقَوْلِهِ أَوْ دَلَالَةً كَمَا هُوَ صَرِيحُ الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا أَيْ أَنَّ الرِّضَا بِالْقَبْضِ دَلَالَةً كَمَا مَرَّ تَصْوِيرُهُ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَنْهَهُ عَنْ الْقَبْضِ؛ لِأَنَّ الدَّلَالَةَ تَلْغُو مَعَ النَّهْيِ الصَّرِيحِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ خِيَارُ شَرْطٍ) يُوَضِّحُهُ قَوْلُ الْخَانِيَّةِ: وَيَثْبُتُ خِيَارُ الشَّرْطِ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ كَمَا يَثْبُتُ فِي الْبَيْعِ الْجَائِزِ حَتَّى لَوْ بَاعَ عَبْدًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَرِطْلِ خَمْرٍ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَقَبَضَ الْمُشْتَرِي الْعَبْدَ وَأَعْتَقَهُ فِي الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ لَا يَنْفُذُ إعْتَاقُهُ، وَلَوْلَا خِيَارُ الشَّرْطِ لِلْبَائِعِ نَفَذَ إعْتَاقُ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الْقَبْضِ. اهـ سَائِحَانِيٌّ. وَمُفَادُهُ صِحَّةُ إعْتَاقِهِ بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ لِزَوَالِ الْخِيَارِ وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ مَلَكَهُ) أَيْ مِلْكًا خَبِيثًا حَرَامًا فَلَا يَحِلُّ أَكْلُهُ وَلَا لُبْسُهُ إلَخْ قُهُسْتَانِيٌّ. وَأَفَادَهُ أَنَّهُ يَمْلِكُ عَيْنَهُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ الْمُخْتَارُ خِلَافًا لِقَوْلِ الْعِرَاقِيِّينَ إنَّهُ يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فِيهِ دُونَ الْعَيْنِ، وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ إلَّا ثَلَاثٌ) قُلْت: يُزَادُ مِثْلُهَا، وَهِيَ بَيْعُ الْمُكَاتَبِ وَالْمُدَبَّرِ وَأُمِّ الْوَلَدِ عَلَى الْقَوْلِ بِفَسَادِهِ كَمَا مَرَّ الْخِلَافُ فِيهِ (قَوْلُهُ فِي بَيْعِ الْهَازِلِ) أَيْ عَلَى مَا صَرَّحَ بِهِ الْبَزْدَوِيُّ وَصَاحِبُ الْمَنَارِ مِنْ أَنَّهُ فَاسِدٌ وَذَكَرَ فِي الْقُنْيَةِ أَنَّهُ بَاطِلٌ فَلَا اسْتِثْنَاءَ كَمَا فِي الْبَحْرِ، وَقَدْ بَسَطْنَا الْكَلَامَ عَلَيْهِ أَوَّلَ الْبُيُوعِ، وَحَقَّقْنَا أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ قَوْلِ الْخَانِيَّةِ وَالْقُنْيَةِ إنَّهُ بَاطِلٌ، أَيْ فَاسِدٌ، بِدَلِيلِ أَنَّهُمَا لَوْ أَجَازَاهُ جَازَ وَالْبَاطِلُ لَا تَلْحَقُهُ الْإِجَازَةُ، وَأَنَّهُ مُنْعَقِدٌ بِأَصْلِهِ؛ لِأَنَّهُ مُبَادَلَةُ مَالٍ بِمَالٍ لَا بِوَصْفِهِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَفِي شِرَاءِ الْأَبِ مِنْ مَالِهِ لِطِفْلِهِ إلَخْ) وَقَعَتْ هَذِهِ الْعِبَارَةُ كَذَلِكَ فِي الْبَحْرِ وَالْأَشْبَاهِ عَنْ الْمُحِيطِ، وَصَوَابُهَا: وَفِي شِرَاءِ الْأَبِ مِنْ مَالِ طِفْلِهِ لِنَفْسِهِ فَاسِدًا أَوْ بَيْعِهِ مِنْ مَالِهِ لِطِفْلِهِ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ عِبَارَةَ الْمُحِيطِ عَلَى مَا فِي الْفَتْحِ وَالنَّهْرِ هَكَذَا بَاعَ عَبْدًا مِنْ ابْنِهِ الصَّغِيرِ فَاسِدًا أَوْ اشْتَرَى عَبْدَهُ لِنَفْسِهِ فَاسِدًا لَا يَثْبُتُ الْمِلْكُ حَتَّى يَقْبِضَهُ وَيَسْتَعْمِلَهُ. اهـ وَبِهِ انْدَفَعَ تَوَقُّفُ الْمُحَشِّيِّ (قَوْلُهُ حَتَّى يَسْتَعْمِلَهُ) ؛ لِأَنَّ قَبْضَ الْأَبِ حَاصِلٌ فَلَا بُدَّ مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute