وَالْمَقْبُوضُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي أَمَانَةٌ لَا يَمْلِكُهُ بِهِ. وَإِذَا مَلَكَهُ تَثْبُتُ كُلُّ أَحْكَامِ الْمِلْكِ إلَّا خَمْسَةً: لَا يَحِلُّ لَهُ أَكْلُهُ، وَلَا لُبْسُهُ، وَلَا وَطْؤُهَا، وَلَا أَنْ يَتَزَوَّجَهَا مِنْهُ الْبَائِعُ، وَلَا شُفْعَةَ لِجَارِهِ لَوْ عَقَارًا أَشْبَاهٌ. وَفِي الْجَوْهَرَةِ وَشَرْحِ الْمَجْمَعُ: وَلَا شُفْعَةَ بِهَا فَهِيَ سَادِسَةٌ (بِمِثْلِهِ إنْ مِثْلِيًّا وَإِلَّا فَبِقِيمَتِهِ) يَعْنِي إنْ بَعْدَ هَلَاكِهِ أَوْ تَعَذُّرِ رَدِّهِ (يَوْمَ قَبَضَهُ) ؛ لِأَنَّ بِهِ يَدْخُلُ فِي ضَمَانِهِ فَلَا تُعْتَبَرُ زِيَادَةُ قِيمَتِهِ كَالْمَغْصُوبِ.
(وَالْقَوْلُ فِيهَا لِلْمُشْتَرِي) لِإِنْكَارِهِ الزِّيَادَةَ (وَ) يَجِبُ (عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا
ــ
[رد المحتار]
الِاسْتِعْمَالِ حَتَّى يَتَحَقَّقَ قَبْضٌ حَادِثٌ، وَلِذَا جَمَعَ فِي الْمُحِيطِ بَيْنَ الْقَبْضِ وَالِاسْتِعْمَالِ، وَعَلَى هَذَا فَلَا يَلْزَمُ فِي صُورَةِ الشِّرَاءِ لِطِفْلِهِ أَنْ يَكُونَ الِاسْتِعْمَالُ فِي حَاجَةِ طِفْلِهِ فَافْهَمْ.
(قَوْلُهُ لَا يَمْلِكُهُ بِهِ) أَيْ بِالْقَبْضِ. وَفِي الْفَتْحِ عَنْ جَمْعِ التَّفَارِيقِ: لَوْ كَانَ وَدِيعَةً عِنْدَهُ وَهِيَ حَاضِرَةٌ مَلَكَهَا. قَالَ فِي النَّهْرِ: أَقُولُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مُخْرَجًا عَلَى أَنَّ التَّخْلِيَةَ قَبْضٌ، وَلِذَا قَيَّدَهُ بِكَوْنِهَا حَاضِرَةً، وَإِلَّا فَقَدْ مَرَّ أَنَّ قَبْضَ الْأَمَانَةِ لَا يَنُوبُ عَنْ قَبْضِ الْمَبِيعِ. اهـ أَيْ؛ لِأَنَّ قَبْضَ الْمَبِيعِ مَضْمُونٌ بِالثَّمَنِ أَوْ بِالْقِيمَةِ لَوْ فَاسِدًا وَقَبْضَ الْأَمَانَةِ غَيْرُ مَضْمُونٍ، وَهُوَ أَضْعَفُ مِنْ الْمَضْمُونِ فَلَا يَنُوبُ عَنْهُ، وَقَدَّمْنَا قَرِيبًا اخْتِلَافَ التَّصْحِيحِ فِي كَوْنِ التَّخْلِيَةِ قَبْضًا فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ (قَوْلُهُ وَإِذَا مَلَكَهُ) مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ مَلَكَهُ ط (قَوْلُهُ تَثْبُتُ كُلُّ أَحْكَامِ الْمِلْكِ) فَيَكُونُ الْمُشْتَرِي خَصْمًا لِمَنْ يَدَّعِيهِ؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ رَقَبَتَهُ نَصَّ عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَلَوْ بَاعَهُ كَانَ الثَّمَنُ لَهُ، وَلَوْ أَعْتَقَهُ صَحَّ وَالْوَلَاءُ لَهُ وَلَوْ أَعْتَقَهُ الْبَائِعُ لَمْ يَعْتِقْ، وَلَوْ بِيعَتْ دَارٌ إلَى جَنْبِهَا فَالشُّفْعَةُ لِلْمُشْتَرِي، وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ وَلَا وَطْؤُهَا) ذَكَرَ الْعِمَادِيُّ فِي فُصُولِهِ خِلَافًا فِي حُرْمَةِ وَطْئِهَا؛ فَقِيلَ يُكْرَهُ وَلَا يَحْرُمُ، وَقِيلَ يَحْرُمُ بَحْرٌ: أَيْ؛ لِأَنَّ فِيهِ إعْرَاضًا عَنْ الرَّدِّ الْوَاجِبِ. وَفِي حَاشِيَةِ الْحَمَوِيِّ: قِيلَ، وَهَلْ إذَا زَوَّجَهَا يَحِلُّ لِلزَّوْجِ وَطْؤُهَا؟ الظَّاهِرُ نَعَمْ، وَهَلْ يَطِيبُ الْمَهْرُ لِلْمُشْتَرِي أَمْ لَا؟ مَحَلُّ نَظَرٍ (قَوْلُهُ وَلَا أَنْ يَتَزَوَّجَهَا مِنْهُ الْبَائِعُ) الْمُرَادُ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهَا بِصَدَدِ أَنْ تَعُودَ إلَى الْبَائِعِ نَظَرًا إلَى وُجُوبِ الْفَسْخِ فَيَصِيرُ نَاكِحًا أَمَتَهُ حَمَوِيٌّ (قَوْلُهُ وَلَا شُفْعَةَ لِجَارِهِ لَوْ عَقَارًا) أَيْ لَوْ اشْتَرَى دَارًا شِرَاءً فَاسِدًا وَقَبَضَهَا لَا يَثْبُتُ لِلْجَارِ حَقُّ الشُّفْعَةِ قَالَ ط عَنْ حَاشِيَةِ الْأَشْبَاهِ لِلسَّيِّدِ أَبِي السُّعُودِ: وَلَا لِخَلِيطِهِ فِي نَفْسِ الْمَبِيعِ وَشَرِيكِهِ فِي حَقِّ الْمَبِيعِ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْبَائِعِ لَمْ يَنْقَطِعْ؛ لِأَنَّهُ عَلَى شَرَفِ الْفَسْخِ وَالِاسْتِرْدَادِ نَفْيًا لِلْفَسَادِ، حَتَّى إذَا سَقَطَ حَقُّ الْفَسْخِ بِأَنْ بَنَى الْمُشْتَرِي فِيهَا يَثْبُتُ حَقُّ الشُّفْعَةِ. اهـ (قَوْلُهُ وَلَا شُفْعَةَ بِهَا) هَذَا سَبْقُ نَظَرٍ؛ لِأَنَّ الَّذِي فِي الْجَوْهَرَةِ هَكَذَا وَإِذَا كَانَ الْمُشْتَرَى دَارًا فَبِيعَتْ دَارٌ إلَى جَنْبِهَا ثَبَتَتْ الشُّفْعَةُ لِلْمُشْتَرِي. اهـ ثُمَّ ذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ الْمَارَّةَ فَقَالَ وَلَا تَجِبُ فِيهَا شُفْعَةٌ لِلشَّفِيعِ اهـ. وَفِي الزَّيْلَعِيِّ وَالْبَحْرِ وَجَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: لَوْ اشْتَرَى دَارًا شِرَاءً فَاسِدًا فَبِيعَتْ بِجَنْبِهَا دَارٌ أَخَذَهَا الْمُشْتَرِي بِالشُّفْعَةِ اهـ. نَعَمْ فِي الشَّرْحِ الْمَجْمَعِ: لَوْ اشْتَرَى دَارًا لَا تَجُوزُ الشُّفْعَةُ بِهَا اهـ. وَيَجِبُ أَنْ تَكُونَ الْبَاءُ بِمَعْنَى فِي لِيُوَافِقَ كَلَامَ غَيْرِهِ، وَلَا يُمْكِنُ تَأْوِيلُ كَلَامِ الشَّارِحِ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ عَيْنَ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا.
(قَوْلُهُ بِمِثْلِهِ إنْ مِثْلِيًّا) وَإِنْ انْقَطَعَ الْمِثْلُ فَبِقِيمَتِهِ يَوْمَ الْخُصُومَةِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الرَّمْلِيُّ وَعَلَيْهِ الْمُتُونُ فِي كِتَابِ الْغَصْبِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَبِقِيمَتِهِ) يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ الْعَبْدُ الْمَبِيعُ بِشَرْطِ أَنْ يُعْتِقَهُ الْمُشْتَرِي، فَإِنَّهُ إذَا أَعْتَقَهُ بَعْدَ الْقَبْضِ يَلْزَمُهُ الثَّمَنُ كَمَا قَدَّمَهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ يَعْنِي إنْ بَعْدَ هَلَاكِهِ إلَخْ) تَقْيِيدٌ لِضَمَانِهِ بِالْمِثْلِ أَوْ بِالْقِيمَةِ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ قَائِمًا بِحَالِهِ كَانَ الْوَاجِبُ رَدَّ عَيْنِهِ (قَوْلُهُ أَوْ تَعَذُّرَ رَدِّهِ) عَطْفُ عَامٍّ عَلَى خَاصٍّ؛ لِأَنَّ تَعَذُّرَ الرَّدِّ يَكُونُ بِالْهَلَاكِ وَبِتَصَرُّفٍ قَوْلِيٍّ أَوْ حِسِّيٍّ مِمَّا يَأْتِي (قَوْلُهُ يَوْمَ قَبَضَهُ) مُتَعَلِّقٌ بِقِيمَتِهِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ قِيمَتُهُ يَوْمَ أَتْلَفَهُ؛ لِأَنَّهُ بِالْإِتْلَافِ يَتَقَرَّرُ بَحْرٌ عَنْ الْكَافِي (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ بِهِ) أَيْ بِالْقَبْضِ، وَالْأَوْلَى لِأَنَّهُ ط (قَوْلُهُ فَلَا تُعْتَبَرُ إلَخْ) تَفْرِيعٌ عَلَى اعْتِبَارِ قِيمَتِهِ يَوْمَ الْقَبْضِ لَا يَوْمَ الْإِتْلَافِ: أَيْ لَوْ زَادَتْ قِيمَتُهُ فِي يَدِهِ فَأَتْلَفَهُ لَمْ تُعْتَبَرْ الزِّيَادَةُ كَالْغَصْبِ (قَوْلُهُ وَالْقَوْلُ فِيهَا) أَيْ فِي الْقِيمَةِ مِنَحٌ. وَفِي الْبَحْرِ وَالْجَوْهَرَةِ فِيهِمَا بِضَمِيرِ التَّثْنِيَةِ: أَيْ فِي الْمِثْلِ وَالْقِيمَةِ (قَوْلُهُ لِلْمُشْتَرِي) أَيْ مَعَ يَمِينِهِ وَالْبَيِّنَةُ لِلْبَائِعِ بَحْرٌ.
(قَوْلُهُ لِإِنْكَارِهِ الزِّيَادَةَ) أَيْ الزِّيَادَةَ فِي الْمِثْلِ أَوْ الْقِيمَةِ الَّتِي يَدَّعِيهَا الْبَائِعُ (قَوْلُهُ وَيَجِبُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ إلَخْ) عَدَلَ عَنْ قَوْلِ الْكَنْزِ وَالْهِدَايَةِ وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا فَسْخُهُ؛ لِأَنَّ اللَّامَ تُفِيدُ التَّخْيِيرَ مَعَ أَنَّ الْفَسْخَ وَاجِبٌ وَإِنْ أُجِيبَ بِأَنَّ اللَّامَ مِثْلُهَا فِي - {وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا} [الإسراء: ٧]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute